147141_2013_09_23_12_08_49

“مروان مسلماني”.. أربعة ملايين صورة حول العالم

سمر وعر

 

من أعلام التصوير الضوئي في القرن العشرين، وشيخ كار المصورين السوريين وأول نقيب لهم، مصور وباحث أثري خلد المكتشفات السورية بعدسته وكتبه، إنه الفنان الراحل “مروان مسلماني”.

“مدونة وطن eSyria” التقت بتاريخ 18/9/2013 المصورة الفوتوغرافية “ثناء أرناؤوط” من أصدقاء “مسلماني” التي رافقته لسنين فاقت العشرين وبدأت حديثها: «الكبار لا يرحلون لأن كبرهم ليس بأعمارهم ولا بأشخاصهم بل بما تركوه لنا من مخلفات يعجز الدهر عن نسيانها أو التفريط بها، الدكتور “مروان مسلماني” من أهل الشام البسيطين الطيبين، أحب الشام وسورية، هو رابع أخواته وقد اتجه فضوله منذ الصغر للتصوير ودفعه شغفه غير العادي بالصور لقصها من المجلات والكتب التي كانت

 

تكبير الصورة
مسلماني بمديرية المتاحف.

تقع تحت يديه وكانت كلها بالأبيض والأسود إلى أن اقتنى علبة تصوير وأخذ بتصوير ما تقع عيناه عليه، وفي الثانية عشرة من عمره تمكن من شراء أول آلة تصوير مستعملة وأنجز في تلك الآلة بواكير صوره الرائعة التي نشرها وكانت جواز السفر لدخوله عالم فن التصوير الضوئي، كانت حارات دمشق وأزقتها ومعالمها وغوطتها وبساتينها نقطة الانطلاق له باتجاه عالم الشهرة الفنية، سافر عام 1957 إلى باريس وبقي فيها ستة أشهر جمع خلالها المئات من اللقطات الفنية الباهرة التي احتفل بها عند عودته إلى دمشق حيث أقام معرضه الضوئي الأول 1958 في صالة “المتحف الوطني” بدمشق تحت عنوان “مشاهداتي في باريس” حيث ذُهل الحضور بما قدم، وبناء على ذلك قام الدكتور “سليم عبد الحق” المدير العام للآثار والمتاحف وقتها باستدعائه ليتم تسليمه رئيساً لقسم التصوير والأرشيف الأثري في المديرية، ومنذ تلك اللحظة بدأت حياته المهنية التي استمرت حتى عام 1996».

وتتابع عن مسيرته الفنية والمهنية: «رافق تلك الفترة العديد من البعثات الأثرية فساهم “مسلماني” بتصوير مكتشفاتها، وعمل مع العديد من علماء الآثار الوطنيين والعالميين منهم “نسيب صليبي”، والفرنسي “كلود شيفر” والإيطالي “باولو ماتييه” وغيرهم، وقد ساهم مع الجميع من خلال لوحاته بإصدار مؤلفاتهم عن الحضارات والآثار السورية، ومع بدايات بث التلفزيون العربي السوري لبرامجه قدم برنامجاً أسبوعياً تعليمياً حول فن التصوير، كما كلف عام 1960 مديراً للدعاية والأنباء السورية، ولم يقتصر عمله على علم التصوير الضوئي بل أسهم في فنون الرسم والنحت

وصب التماثيل بطريقة مميزة وقام بنسخ الكثير من القطع الأثرية بطريقة فنية لا تسمح بالمقارنة بين الأصلية منها والمنسوخة عنها، كما قام بأرشفة وتصوير جميع المكتشفات الأثرية التي وجدت في سورية منذ أكثر من أربعين عاماً، إضافة لالتقاطه اللوحات الفنية المعبرة بأسلوب جميل وبالأبيض والأسود، وأسس في عام 1982 نادي “فن التصوير الضوئي” وتم انتخابه كأول نقيب للفنانين الضوئيين السوريين، ودّرس مادة التصوير الضوئي في كلية الآداب قسم الصحافة وتم اختياره محكماً للدورة الثامنة لجائزة الصحافة العربية لعام 2008 في دبي، وخلال فترة عمله هذه تميز بخلقه الرفيع وجلده الكبير على العمل والإخلاص التام لمبادئ المهنة».

وعن معارضه تشير “أرناؤوط” إلى أنه ساهم في حفظ التراث من خلال المعارض المتخصصة التي أقامها والتي تجاوزت السبعين معرضاً منها؛ معرض “المرأة في الآثار السورية” الذي عرض أثناء انعقاد مؤتمر المرأة العالمي في “كوبنهاغن”، ومعرض “الآثار الإسلامية” عرض في “إسبانيا” و”اليمن”، ومعرض “الحضارات السورية القديمة” عرض في جامعة “وست هول” الأميركية و”ألمانيا” و”دمشق”، ومعرض “سورية أرض الحضارات الإنسانية” عرض في “لندن”، وقد ترك أربعة ملايين صورة صغيرة ومكبرة سافرت لعواصم العالم شرقاً وغرباً.

وفي مجالات أخرى توضح “أرناؤوط” أن “مسلماني” كان له إنتاجه في مجال التأليف فكتب ثمانية كتب متخصصة في الآثار أهمها “البيوت الدمشقية”، “تدمر فن وعمارة”، “الجامع الأموي الكبير”، “الكنائس والأديرة التاريخية في سورية”، “بصرى المدينة الكاملة”، ونشر تلك الكتب بعدة لغات (العربية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية والإسبانية والألمانية واليابانية).

أما عن تكريمه

تكبير الصورة
وسام الإستحقاق منح له

فتقول: «لم يدخل كلية ولم يحمل شهادة أكاديمية حاله كحال الفنانين الكبار الذين لم يحملوا سوى إبداعاتهم وتأثيرهم الخالد في الحياة والناس، والمطلع على أعماله يدرك كيف استحق الألقاب والشهادات التي منحت له منها “وسام الاستحقاق السوري” الذي منحه إياه الرئيس الراحل “حافظ الأسد” تقديراً لأعماله في مجال الآثار، كما منحته “الجمعية الوطنية الكيميائية” بباريس شهادة الدكتوراه الفخرية في علم التصوير الضوئي، كما كرمه فريق “جوالة الأرض” بإقامة معرض تصوير فوتوغرافي تحية له بعنوان “حضارة وطين” عام 2009».

وعن صفاته الشخصية تقول: «تميز بالتواضع والكرم، هو غني جداً من الداخل رغم فقره، فمع كثرة أعماله العظيمة إلا أنه لم يجمع ثروة ولم يقتنِ بيتاً وعندما حصل على مكافأة قدرها تسعون ألف ليرة سورية من وزارة السياحة لقاء تصوير الآثار السورية قام بتوزيعها على الفقراء».

من جانبه “طالب قاضي أمين” رئيس المجلس الوطني للإعلام قال عن “مسلماني” بعد وفاته: «رغم سنوات خبرته وقامته الإبداعية التي تطاول السماء إلا أن تهذيبه وتواضعه لم أجد لهما مثيلاً، وما زالت ابتسامته ولطف حديثه وكرم أخلاقه صوراً يصعب أن تمحى من ذاكرة كل من عرفه وعمل معه، إبداعاته وأعماله تشهد بأن عظماء المبدعين لا يغادرون فهم حاضرون يعيشون في أعمالهم، وأرشيفه من الصور والأعمال الأخرى التي رسم بها سورية بألوان قوس قزح تحفظ لنا ما أبدعته أيادي السوريين منذ آلاف السنين في صور وتماثيل صاغتها عينيه المبدعة والمرهفة الإحساس بالجمال».

يشار إلى أن الفنان الدكتور “مروان

تكبير الصورة
أول لوحة تصويرية له.

مسلماني” من مواليد دمشق 21/3/1935، وتوفي في 21/2/2013.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.