التكوين
هو احد اسرار وخبايا اي عمل فني .
لكن السؤال ماهو الهدف من التكوين هل هو مجرد ترتيب للعناصر ووضعها ضمن خطوط لتشكيل عمل فني مريح للعين . هل هو مجرد تقسيم للمساحات اللونية لاكساب عمل مرتب وخالي من الفوضى البصرية . هل يكفى ان نضع الموضوع باحد نقاط القوة (كما يقال) وترك المساحات بما يريح العين دون ان تكون هناك مدلولات فنية لاي مساحة او توزيع بصري . هل قاعدة التثليث هي اساس الكون بالتقسيم والتوزيع البصري لاي مشهد فني . ….. اين هي التكوينات الهرمية والحلزونية وغيرها ……

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 تعريف التكوين 

هو بناء شكل او تصميم المجموعة ومع ذلك فهو ليس صورة. فالتكوين قادر على التعبير عن شعور وكنه حالة الموضوع والمزاجية من خلال اللون والخط والكتلة والشكل لانه لا يروي الحكاية انه التكوين وليس الصورة”
إذن التكوين هو تكوين عند الثاني وهو عملية تجسيد المعنى عند الاول، ولكي نقترب من طروحات الاثنين نقول انهما يقتربان من معنى واحد وهو ان التكوين هو نتيجة ربط ومزاوجة كافة عناصر العمل الفني لكي نصل الى الشكل الذي نريده او نطمح بالوصول إليه لكي نعبر عن حالة ما لموضوع ما. ولكن هناك عدة عوامل او عناصر لابد من تواجدها لكي نحصل من خلال اندماجها وربطها معا على شكل التكوين ” والذي هو الترتيب المعقول للناس في مجموعة ما من خلال استعمال التأكيد، الثبات، التتابع والتوازن لتحقيق الوضوح والجمال الذي يروق للناس”
وبما ان التكوين ليس صورة كما في رأى الاكسندر دين ، وانما هو بناء شكل او أشكال من خلال التعرف بالمجموعة المتواجدة في عمل ما ، حيث يقوم الفنان ومن خلال هذه المجموعة بتكوين تكوينات معبرة عن روح العمل ، لتعطي بذلك شكل جمالي .
التكوين يدخل بكل شي فني ، والتكوين يقترب من الفن التشكيلي باعتبار اللوحة أيضا لها تكوين ، ولكن تكوين اللوحة ثابت وذو مساحة محددة ومأطرة بإطار واحد عكس التكوين على سبيل المثال في العرض المسرحي الذي يسير وفق متغيرات النص.
والتكوين ليس حكرا على خشبة المسرح فقط وانما حتى في السينما ايضا هناك تكوين من خلال (حصر) كادر العمل في لقطة معبرة عن حالة ما، وبذلك إبداع لغة تفاهم بين المتلقي وبين الفيلم ، وهذه اللغة هي التكوين.
والتكوين موجود حتى في النصب النحتي الذي يساعد على نطق النصب بلغته .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التكوين في التصوير الفوتوغرافي و تشكيل الكادر Image Composition

التكوين في التصوير الفوتوغرافي أو تشكيل الكادر هو أحد المهارات الأساسية للمصور و هو أحد الأعمدة الاساسية لنجاح الصورة مع الإضاءة الصحيحة ، و تطبيق قواعد التكوين تعطي نتائج مريحة و مبهجة لعين النظار رغم أنها لا تعتبر قانونا ملزما و أنما هي خطوط عريضة نحدد نوعا ما شروط نجاح الصورة.

قاعدة الثلث في تكوين الصورة

أساسيات التكوين في التصوير:

الهدف من تكوين الصورة هو تحديد كيفيه قيادة عين الناظر في داخل اطار الصورة ، وصولا إلى نقطة الهدف او ما يسمى بالفوكال بوينت أو السويت بوينت ، فعندما نقوم بتحديد التكوين نحن عمليا نحدد اين نريد للناظر ان ينظر و ماذا نريده أن يتجاهل من الإطار وصولا إلى موضوع الصورة. ذلك اشبه ذلك بأرض ترابيه و تم حفر فيها جواري مائية تصب في النهاية في قعر شجرة معينه. عمل التكوين مشابه جداً لهذه العملية. فعند اتباعك لأحد قوانين التكوين كقاعدة التثليث أو التأطير أو الخطوط القيادية تجد أن عينيك تتجول في الصورة حسب خطوط القاعدة المستعملة وصولا إلى هدف الصورة.

يشترط في تكوين الصورة أن تكون متوازنة ، التوازن ممكن أن يكون من حيث الألوان أو من حيث توزع العناصر حسب اسلوب الصورة.

ثلاث نقاط تعتبر مكونات التكوين:
1- نقطة الهدف ( الفوكال بوينت أو السويت بوينت).
2- خطوط النظر أو الخطوط القيادية (ليدينغ لاينز).
3- توازن الصورة.

هذه المكونات ليس بالضرورة أن تكون متوفرة في جميع الصور و إنما هي تساعد على حصول تكوين متكامل في حال توافرها. لتوضيح هذه المفاهيم سنقوم بتحليل بعض الصور:

هذه الصورة قمت بالتقاطها في مدينة الزهور في دبي.
مفاهيم التكوين

الأن بعد أن قمت بتأمل الصورة اعتقد انك قمت بملاحظة الاقواس التي تشكل خط في الأفق باتجاه المنزل في منتصف الصورة تقريباً. الأقواس هنا تشكل خط قيادة النظر نحو هدف الصورة و الذي هو الكوخ الصغير.
الفوكال بوينت و الخطوط القيادية

حتى تصبح الصورة متوازنة قمت بضبط الصورة بحيث تكون المنطقة الخضراء مساوية في الحجم تقريبا للمنطقة العلوية الزرقاء في الأعلى.
توازن الصورة

قواعد التكوين في التصوير الشائعة:

قاعدة التثليث:

قاعدة التثليث أو Rule of thirds تعتبر الأكثر شيوعا نظرا لامكانية تطبيقها بشكل سهل على معظم الصور. تعتمد هذه القاعدة على تقسيم الصورة إلى ثلاث اجزاء طوليا و عرضيا عن طريق خطين متوازيين طوليا و خطين متوازيين عرضيا يتقاطعان في اربع نقط. الخطوط تعتبر خطوط النظر و نقط التقاطع هي نقط الهدف من الصورة ، لذلك يتم وضع موضوع الصورة على احد نقط التقاطع الأربعة. و يتم وضع الخطوط القيادية على احد الخطوط.

قاعدة التثليث أو الثلث

في صورة الفراشة تم استعمال قاعدة التثليث عن طريق وضع غصن النبتة على الخط العلوي ليشكل خط قياده للنظر ثم تم وضع جسم الفراشة على الخط الأيمن ليشكل خط نظر أخر. أما هدف الصورة فهو رأس الفراشة تم وضعه على نقطة التقاطع العلوية اليمنى.

قاعدة التثليث الفراشة

لاحظ أيضا أن الصورة متوازنة و ذلك لأن المنطقة المشغولة تساوي نسبياً المنطقة الفارغة.

قاعدة التثليث مثال الفراشة مع توازن الصورة

في مثال القلعه أدناه تم وضع القلعة على الخط الأيمن و نجد أن القلعه تتواجد على نقطتي تقاطع في الاعلى و الاسفل لتشكل مركز الصورة. الأن و لتصبح الصورة متوازنة تم إضافة الكرسي في الجانب المعاكس للقلعة على نقطة التقاطع المعاكسة. فنستطيع أن نقول أن مقدمة الصورة متوازنة مع خلفيتها.

لاحظ أن عمليه التوازن هنا قد تمت عن طريق توزيع العناصر في الصورة. ولاحظ أيضا ان حجم العنصر غير مهم لتحقيق التوازن في الصورة.

قاغدة التثليث مثال القلعة

الخطوط القيادية:

الخطوط القيادية هي عبارة عن مجموعة من الاشياء المتكررة في الصورة تشكل طريقا نظريا يقود عين النظار في الصورة. في معظم الأحيان تكون الخطوط القيادية تقود إلى هدف الصورة. من الممكن أن تكون الخطوط القيادية عبارة عن طريق أو سياج أو أي مجموعة متكررة من الأشياء.

في هذا المثال لصورة قمت بالتقاطها من مدينة الزهور في دبي الخط القيادي هو مجموعة السيارات و كذلك الطريق المرصوف ، هذان الخطان يشيران في النهاية إلى المنزل في نهاية الصورة.
الخطوط القيادية

التأطير:

يعتمد هذا المبداء على وضع هدف الصورة ضمن إطار معين ،قد يكون هذا الإطار أي شيء كصخور أو مجموعة من الأشجار أو مجموعه من الناس تشكل إطارا يحيط بشيء معين و الذي هو موضوع الصورة كبناء أو شخص أو اي شيء اخر .

في الصورة التاليه التي قمت بأخذها من مسجد الشيخ زايد قمت باظهار احد القباب من خلال أحد البوابات. فالإطار هنا هو قوس المدخل و هدف الصورة هو القبة.
التأطير

في الصورة التالية لأبنتي و التي استخدمت فيها التاطير، قمت باستعمال شجيرتين لإحداث إطار للصورة ، رغم أن الشجيرتين متباعدتان و واحدة في الخلف و الأخرى في الأمام قمت بتغيير زاوية التصوير بحيث تظهر الفتاه في المنتصف.

تأطير الصورة

ملئ الاطار:

يعتبر هذا المبداء من ابسط المبادئ و يشترط القص الصحيح للصورة ، و هو قائم على ملىء الصورة بكامل الهدف بدون إظهار الخلفية تقريباً ، يستخدم هذا المبداء بكثرة في تصوير الوجوه و الأزهار.

في الصورة التالية للزهرة نجد أن الزهرة تملىء الصورة بشكل كامل
مبداء ملىء الإطار

في هذه الصورة قمت باستعمال مبداء ملئ الإطار لتصوير وجه ابني عمر لإظار الوجه فقط ، مع مراعاة عملية القص بشكل جيد ، لاحظ أيضا تطبيق قاعدة التأطير في الصورة عن طريق استخدام الوشاح ، كما أنه تم تطبيق قاعدة العين الوسطى التي سأتحدث عنها لاحقاً.
ملىء الإطار في تصوير الوجوه

مبدأ الفراغ:

في حال تصويرك لجسم متحرك كطفل يمشي أو لشخص ينظر إلى إتجاه معين في الصورة فيجب عليك أن تترك أمامه مسافة ليبدوا و كأن هذا الشخص يتحرك أو ينظر ليملاء المكان الذي أمامه و ذلك لجعل الصورة متوازنه و منطقية.

في الصورة التالية لراكب الدراجة تم ترك فراغ أمامه ليعطي الناظر شعور بأن راكب الدراجة يتحرك ليملىء المكان الذي أمامه. لاحظ أيضا أنه في هذه الصورة تم استخدام قاعدة التثليث لأن الراكب يقع على نقطة التقاطع العلوية اليمنى مما يجعله هدف الصورة.
مبداء ملئ الفراغ للأجسام المتحركة

في الصورة التالية لأحد الأصدقاء قمت بترك مسافة أمامه ليبدوا أنه ينظر من خلال النافذة ، يتم تطبيق هذه الطريقة دوماً في حال النظر خارج الإطار ، تعتبر هذه الصورة متوازنة لأن المنطقة المشغولة تساوي تقريبا المنطقة الفارغة من الصورة.

مبداء ملئ الفراغ النظر خارج الإطار

التناظر:

التناظر يعتمد على اظهار الصورة بشكل يكون القسم الايمن منها يماثل الجزء الأيسر ، كمثال صورة لبناء معين يحتوي على مظهر متناظر ، أو صورة لشخص يقف بشكل متناظر بحيث تكون وضعيه جسمه و يديه من القسم الأيمن مشابه للقسم الأيسر. عند ذهابك للمساجد و الكنائس ستلاحظ وجود الكثير من التناظر في تصميم الأبنية قم باستغلالها في تكوين الصورة.

صورة متناظرة لممر من مسجد الفاتح في البحرين.
صورة متناظر لأحد المداخل في مسجد الفاتح

صورة متناظرة لأحد الأسقف في مول ابن بطوطة في دبي
التناظر في سقف ابن بطوطة

قاعدة اللولب الذهبي:

تعتمد هذه القاعدة على تخيل شكل لولبي في الصورة – مقتبس من خوارزمية رياضية – بحيث يكون مركز اللولب هو هدف الصورة ، قد يكون اللولب عامودي أو افقي ، من اليمين أو من اليسار.

في هذا المثال تم وضع الأسد في مركز الشكل اللولبي.
قاعدة تكوين اللولب الذهبي

في هذا المثال تم وضع المجرة في مركز اللولب ، لاحظ ايضا تطبيق قاعدة التأطير لتظهر المجرة داخل الإطار و كيف تم موازنتها الصورة مع الإنعكاس في الاسفل.
قاعدة تكوين اللولب الذهبي

النمط و كسر النمط:

تعتبر الصورة التي تحتوي نمط معين من التكرار مريحه و جميلة للعين ، و لكن تعتبر استثنائية عندما يتم كسر هذا النمط بإضافة هدف الصورة بحيث يظهر مختلف عن البقية ، من الممكن أن يكون كسر النمط عن طريق لون مختلف أو حجم مختلف.

في الصورة التالية تم استخدام الليمون الأخضر كنمط متكرر ثم تم وضع التفاحة الحمراء لكسر النمط ، لاحظ كيف ان العين تتجه مباشرة نحو التفاحة الحمراء ، لاحظ ايضا أنه تم تطبيق قاعدة الثلث في هذه الصورة عن طريق وضع التفاحة على احد نقط التقاطع لقاعدة التثليث.

كسر النمط

في الصورة التالية يوجد نمط معين و هو الصخور التي تتميز بشكل معين متكرر و لونها الرمادي ، ثم قام المصور بكسر هذا النمط بوضع فتاه ترتدي اللون البرتقالي المتباين تماما عن اللون الرمادي ، مما يعطي عين الناظر اندفاع مباشر نحو الفتاة.

قاعدة كسر النمط

العين المركزية:

يتم إتباع هذا القانون في تصوير الوجوه عن طريق وضع أحد الأعين في منتصف الصورة. قد ذكرت سابقاً تطبيق هذه القاعدة في صورة الوجه لعمر. لاحظ ايضا كيف قمت بتطبيق هذه القانون في صورة الفتاة التالية.
العين المركزية

كلمة أخيرة:

هذه القواعد لا تعتبر ملزمة في التصوير و إنما هي عبارة عن خطوط عريضه تحدد نوعا ما اسباب نجاح الصورة ، يوجد قواعد أخرى لم اتطرق إليها يمكنك البحث عنها في الانترنت. مع الخبرة يصبح لديك إمكانية الإحساس بهذه القواعد بمجرد أن تقع عينك على بعض المشاهد. حاول أن تلاحظ كيفية تطبيق هذه القواعد في الصورة الاحترافية عن طريق تحليلها. لاحظ ايضا كيف انه في معظم الاحيان من الممكن ان يتم تطبيق اكثر من قاعدة في نفس الوقت. حاول أن ترى كيفية تطبيق هذه القوانين في الأفلام السينمائية أيضا.

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.