قصر الحصن

التطور التاريخي لقصر الحصن

الصورة ترجع لتاريخ 1949-1950

   منتصف القرن الثامن عشر: نشأة أمة
كان الشيخ ذياب بن عيسى المتوفى عام 1793، شيخ قبيلة بني ياس في واحة ليوا. وكانت القبيلة تتجه في رحلات منتظمة إلى البحر بهدف الصيد، وعندما اكتشفت مصادر المياه العذبة في جزيرة أبوظبي، رأى الشيخ ذياب مدى أهمية توفير الحماية لهذه المنطقة. لذلك قرر بناء برج مراقبة لحماية هذه المصادر من الدخلاء، وبدأ السكان بالحضور للإقامة في هذه المنطقة حول الحصن لدوره في توفير الأمان وإضفاء أجواء الاستقرار والطمأنينة. 
1795 – 1850: تحول البرج إلى حصن
تحول المبنى إلى الهيئة التي يبدو عليها اليوم خلال فترة حكم الشيخ شخبوط بن ذياب حاكم أبوظبي (1795م – 1816م) وقد شهد المبنى تشييد برجين آخرين بالإضافة إلى جدار يصل بينها ليتحول في النهاية إلى هذا البناء البارز. وفي هذه الفترة، نقل الشيخ شخبوط مقر الحكم من ليوا إلى جزيرة أبوظبي واستخدم الحصن ليكون مقر الحكومة والقيادة العسكرية ومكان الإقامة الخاص به. 
ووفقاً للمعلومات التاريخية المتناقلة شفهياً عبر الأجيال، فقد أجرى الشيخ سعيد بن طحنون حاكم أبوظبي (1845-1855) أعمال توسعة وتطوير إضافية داخل الحصن عام 1850. 
1855 – 1909: بداية نشأة المجتمع
كانت الفترة الطويلة التي أمضاها الشيخ زايد بن خليفة رحمه الله، والذي عرف أيضاً باسم زايد الأول أو زايد الكبير، فترة سلام واستقرار بالنسبة لأبوظبي. وخلال حكمه الذي استمر من 1855 إلى 1909, بدأت نشأة المجتمع الذي كان قصر الحصن مركزه الرئيس، والذي شهد استقطاب السكان وتطور المنطقة واتساعها. 
1928 – 1966: توسع الحصن
كانت حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين فترة عصيبة بالنسبة لأبوظبي نظرا للتدهور الذي لحق بتجارة اللؤلؤ، وأيضاً نظراً لتوابع الكساد العالمي في ذلك الحين. وفي عام 1939م اتفق الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان (1928م – 1966م) مع البريطانيين بشأن امتيازات التنقيب عن النفط، وتلقى 300,000 روبية كدفعة أولى، واستخدم تلك الأموال في بناء قصر أيقوني أحاط بالقلعة الأصلية.
1980 قصر الحصن بصورته الأخيرة
قام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس الدولة ورئيسها الأول، والذي استمرت فترة حكمه من 1966 إلى 2004، بتحويل المبنى إلى القصر بصورته التي نعرفها اليوم. وخلال فترة حكمه، تم تجديد عدة مبان داخل الحصن. فبعد أن تولى الشيخ زايد الحكم في إمارة أبوظبي في 1966، تم تحويل أحد المنازل ليصبح مكتبه الخاص، فيما استخدم منزل آخر كمقر لمركز الوثائق والبحوث الذي أُنشأ في 1968، والمعروف اليوم بالمركز الوطني للوثائق والبحوث.
وبعد اكتمال أعمال الترميم الأخيرة التي جرت خلال سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، شغل المركز الوطني للوثائق والبحوث كل الغرف والأقسام التي يتكون منها قصر الحصن. ولم يستمر استخدام المبنى بعد ذلك كمقر إقامة للحكام، بل تحول إلى متحف ومعرض لمجموعات أثرية مرتبطة بأبوظبي ومنطقة الخليج.
شهد هذا المقر انعقاد الاجتماعات التي ناقشت اتحاد الدولة عام 1971. 
الوقت الحالي: المحافظة على المبنى التاريخي الأثري
تبين خلال العقد الماضي أن الطبقة البيضاء التي تغطي جدران قصر الحصن تسبب احتباس الرطوبة على سطوح الأحجار المرجانية والبحرية الأصلية وتساهم في تآكلها وتلفها. لذلك يجري في الوقت الحالي تنفيذ مشروع ترميم هائل يسعى إلى الكشف عن الأحجار المرجانية وتعريضها للهواء من جديد. وستتوفر فرصة للاطلاع عن كثب على أعمال الترميم الجارية عندما تفتح أبواب الحصن أمام الزائرين خلال فعاليات مهرجان قصر الحصن، والذي يستمر لمدة عشرة أيام، ويقام احتفاءً بالثقافة والتقاليد في الإمارات. 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.