• يحيى الدريبي.. لقطة احترافية في ألبوم التصوير
    الأقصى .. بكاميرا فوتوغرافي سعوديالرياض/ وليد الحارثي

    * الإنسان هدفُ كل صورة إبداعيةٍ ألتقطها

    * لا توجد هُوية رسمية للمصور كي يمارس هوايته بدون مضايقات

    * أستطيع باستخدام أدواتي أن أوقف الزمن عند اللحظة الجميلة

    * أنشأنا جماعة “Elites ” بعد أن هضم قسم التصوير الضوئي حقوقنا المادية والفنية
    “أتمنّى أن أصوّر المسجدَ الأقصى” هذا ما يطمح إليه المبدع “الدريبي”، بكاميرته الشخصية، ومن باحة الأقصى الشريف، لا بكاميرات القنوات الإخبارية، وعبر المعارض، وصور الحائط في بيوت المهتمين بقضية الأقصى.

    تلك هي رسالة المصور يحيى بن محمد الدريبي، التصوير الرساليّ المتنوّر, لا البحث عن المتعة المحضة في التقاط الأشياء من زوايا معينة. حين ينسلخ مفهوم الفنّ للفنّ، ليبقى مفهوم الفنّ للرؤية والرسالة والهمّ والفنّ أيضًا.

    مارسه حسابًا خمس سنوات ربما، ومئات اللقطات المحفوظة، وآلاف اللقطات الممزقة، لكنها مشبّعة بعيدًا عن رصد الأرقام، بالعشق. والعشق حين يكون في شيء يجعل منه أصالة تندر، خصوصًا حين يكون الشيء هذا نادرًا أصلاً، وأقصد به فن التصوير الفوتوغرافي، إذ للتوّ نشهد قليل اهتمام به، في دوائر الثقافة الرسمية، وفي البلدان العربية خصوصًا، عكس معارض كبرى في عواصم العالم الغربيّ والشرقيّ المتحضرة، من أجل التصوير والمصوّرين، وعكس مزادات باهظة الثمن والتكلفة، مقابل صورة واحدة لمصوّر محترف.

    وبما أنّه لا اهتمامَ بهذا الفنّ، كان هذا الحوار، “لقطة” في ألبوم كامل من مسيرة تتعثّر للتوّ في عالم الصورة، وومضة فلاش في فتح الباب للعاشقين والمتابعين، للفنّ اللقطة واللحظة، تاركين أسئلتنا منسابةً، تبحث بين العدسات عن إجابة، وبين الكلمات عن صورة.
    من هو الفوتوغرافي يحيى الدريبي؟ وكيف بدأ التصوير؟

    اسمي يحيى بن محمد الدريبي. أعشقُ التصوير الفوتوغرافي، وقد بدأتُ بممارسته قبل خمس سنوات في عام 1425 هـ بكاميرات صغيرة الحجم تعلمت من خلالها أساسيات هذا الفن، ثم استطعت الحصول على كاميرا رقمية احترافية في موسم الحج عام 1427 هـ، لتكون مرحلة جديدة في حياتي مع العدسة والضوء لا زلت أواصل مسيرتها حتى الآن.

    هل ترى أنك وصلت للإبداع الذي يجعلك فنانًا؟

    لا أقيّم نفسي وأترك هذا الأمر للناس. وأرغب في استعمال كلمة “مبدع” عوضًا عن كلمة “فنان”. المبدع هو ذلك الشخص الذي يفعل ما يحب بعشق ورغبة وإبداع يتجرد فيه من قيود الفنّ كعلم. لا يهم أن أكون مبدعًا فوتوغرافيًا أو فنانًا فوتوغرافيًا، فالتصوير من الفنون الفريدة التي لا يسهل على أي شخص ممارستها ما لم يتعلم أساسياته، وما لم يتعرف على أعمال الفنانين الكبار لتغذية بصيرته.

    وفيما يتعلق بالتقييم فأتركه للنقّاد في بلدي، وفي أي مكان عبر شبكة المعلومات “الإنترنت”.. وبالدرجة الأولى الجمهور الذي هو في آخر الأمر هدف كل عمل فني عمومًا وكل صورة إبداعية تحديدًا.

    من جذب الآخر: هل التصوير الضوئي هو الذي جذبك إليه أم أنت؟ وكيف كانت أولى لحظات ولعك بالتصوير؟

    متيقنٌ أن الضوء هو الذي يجذبني دائمًا.. قليلًا جدًا أجذبه أنا.. وأذكر أن أول ولعي به في صغري عندما كنت أقف كثيرًا عند الصورة! الصورة ذات الحسّ الرّاقي، أتأملها وأتفحصها، وأشعر أني أتخاطب معها عندما أراها، وأحمد الله أنني أمتلك عينًا تتذوق هذا الفن، وتفهم تفاصيله.

    وقد كنت في فترة من فترات حياتي بعد شغفي الكبير بالصورة أتابع بشكل كبير المواقع المهتمة بالتصوير، وأقرأ عن هذا الفن وكيفية التعامل معه, فهو فنّ يسحر الناظرين.

    هل يوجد هدف أو فكرة توصلها من خلال صورك؟ وما هي الأسس التي تقوم عليها صورتك؟

    لكل إنسان طريقته المختلفة في التفكير، وكذلك المصور.. يختلف مصوّر عن آخر في اختيار الفكرة، وفي طريقة التقاط الصورة، ويتّضح ذلك عند التقاط مجموعة من المصورين لهدفٍ واحد، كلّ مصور يخرج بنتيجة مختلفة.

    أما أنا فأشاهد الصورة بعيني قبل أن تلتقطها عدستي. الطبيعةُ هي أساس الجمال الكوني، وأستطيع باستخدام أدواتي أن أوقف الزمن عند هذه اللحظة الجميلة.

    تتشكل الصورة في ذهني قبل عدستي، من خلال منظر أراه، أو صورة أتخيلها في خاطري تبدو كفكرة في أول الأمر، وفي بعض الأحيان تقودني الفكرة الأولى إلى أخرى مختلفة تمامًا، لذا أترك نفسي تنساب في تلك اللحظة مع الصورة المناسبة.

    ومن خلال اطّلاعي ومتابعتي لكثير من المصوّرين الفوتوغرافيين أشعر بالإعجاب وأنا أشاهد صور فيصل المالكي، وكذلك المصور العالمي آنسل آدمز أعظم مصوري القرن العشرين.

    (الطائف) ..هل لهذه المدينة خصوصيّة عندك؟

    الطائف مدينة ترعرعت فيها، وفي جنباتها جمال يبهرُ كل من يأتي إليها، ولذا ليس غريبًا أن تحتلّ طبيعتها جزءًا من تصويري؛ لكون أول ولعي بالتصوير بها. وأعجبُ جدًا من سؤالك عن خصوصيتها لدي، ففيها ذكريات حياتي الأولى، والإنسان بطبعه يحب مواطن نشأته، ويحرص عليها أكثر من غيرها، إلا أنّ الطائف ما زالت تعاني كثيرًا من تقبل الناس لهذه الهواية الجميلة.

    وتفتقد إلى مصورين يحملون همّ الفن، وروح الإبداع الذي يعكس طبيعتها وسحرها، وهي التي أسموها: عروس المصايف.

    أفهم من كلامك السابق أنك تعاني أثناء ممارسة التصوير..!

    نعم؛ لأن الناس لا يعترفون بالمصور الهاوي، ويُتخيل لهم أن التصوير هو “صحافي” فقط، فلا يقبلون هذه الفكرة. عند تجولي بكاميراتي في الشارع أول سؤال يُطرح عليّ: (من أي جريدة؟ وليش هنا؟؟ ايش صاير؟؟؟). إلا أن النخبة المتعلمة من المجتمع -وهي كبيرة- لديها وعي بأهمية التصوير ورساليته.

    هذا أيضًا يجعلني أتحدث عن عدم وجود هُوية رسمية معترف بها للمصور تخوله أن يمارس هوايته بدون مضايقات من الناس أو الجهات الرسمية المختلفة.. ما أعنيه طبعًا هو “ممارسة الهواية تحت شرف المهنة”.

    مؤخرًا برزت (جماعة Elites الفوتوغرافية) تضم مجموعة من المصورين، أنتَ من أبرز أعضائها.. حدثنا عنها؟

    جماعة Elites أو النخبة هي جماعة فوتوغرافية سعودية ناشئة، استطاعت في فترة وجيزة من إنشائها استقطاب مجموعة من المصورين العمالقة من داخل المملكة وخارجها، وكانت بدايتها الفعلية في ثاني أيام عيد الأضحى المبارك من عام 1430 هـ بمعرض جماعي قام أعضاء الجماعة بافتتاحه، وشارك فيها أعضاء الجماعة، وضم مشارَكتين دوليتين من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. وأقيم على هامشه استديو لتصوير الأطفال، يقوم بالتصوير فيه أعضاء المجموعة، وطباعة الصور للأطفال وتقديمها هدية لهم بمناسبة العيد.

    وقد لاقى قبولاً كبيرًا واستحسانًا من الناس ولله الحمد. وتم طباعة أكثر من 1200 صورة في 6 أيام. ونحن في هذه الجماعة نعمل على الارتقاء بالمستوى الفني، والارتقاء بثقافة التصوير الفوتوغرافي، والوصول إلى العالمية بإذن الله.

    إذن: ما السبب وراء إنشائكم لهذه الجماعة؟؟

    السبب كان نتيجة لتجاهل قسم التصوير الضوئي في جمعية الثقافة والفنون لنا كمصورين، وهضم كثير من حقوقنا المادية والفنية، فقررنا الخروج من هذا الحيز الضيق، وإعطاء بُعد جغرافي أكبر وانتشار محلي وعالمي، وعدم حصر أنفسنا بقسم التصوير الضوئي في الطائف؛ بل الانفتاح أكثر. وهذا ما استطعنا في فترة قصيرة تحقيقه ولله الحمد، بحيث تضم المجموعة مصورين من المنطقة الغربية، ومصورين من المنطقة الوسطى. كما تخطت حدود المملكة لينضم لها مصور من فرنسا، ومصورة من الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يعطيها بُعدًا عالميًا.

    شاركت في عدة مسابقات محلية لأفضل صورة، وحصلت على مراكز جيّدة في بعضها؟

    نعم, وما حدث هذا إلا بفضل الله سبحانه وتعالى، وهذه المراكز هي بمثابة الخطوة الأولى إلى العالمية إن شاء الله، وسأنتقل إلى المسابقات الدولية متى ما أحسست أنني أستطيع تحقيق مركز متميز فيها.

    هل تتمكن كل الصور التي تلتقطها أن تترجم أحاسيسك؟

    أحاول أن أترجم أحاسيسي بتصوير الحياة الصامتة داخل الاستديو، واستطعت أن أترجم بعض هذه الأحاسيس ببعض هذه الصور ولها قيمة كبيرة في نفسي.

    صورة لم تصورها، ولكنك تمنيت أن تكون مبدعها.. وصورة تألمت لأنك لم تلتقطها.. ما هما؟

    أنا مقتنع بما أقدمه وراضٍ عنه رغم إعجابي بالكثير من الصور الأخرى وجودتها، ولكن يبقى لكل مصور فكرته وطريقته في التقاط الصورة.

    أحيانًا عند خروجي من المنزل بدون اصطحاب الكاميرا أو عند السفر أجدُ منظرًا يشدني، ولكن لا أستطيع التقاطه لظروف الوقت، أو عدم وجود الكاميرا، وهذه تحصل كثيرًا.

    ولكن.. أتمنى أن ألتقط صورًا للمسجد المكي، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. وإن شاء الله أحقق هذه الأمنية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.