«العويس» تستضيف 7 فوتوغرافـيات إمـاراتيات

الوطن بعيون بنـاته.. في 70 صورة

التاريخ::
المصدر:

  • محمد عبدالمقصود – دبي
  {  {

كيف ينطبع الوطن على كل ما هو لافت وأخاذ، ومثير للتأمل في مخيلة إماراتيات مبدعات في فن التصوير الضوئي، سواء تولدت هذه الرغبة عبر صورة شديدة الخصوصية باتكائها على محتوى يجسد موروثاً أصيلاً، أو كانت الصورة حداثية جداً ايضاً ليس فقط من حيث الأطر الفنية، بل أيضاً باعتبار طبيعة اللقطة الفوتوغرافية، سؤال يجيب عنه معرض «بعيون إماراتية»، الذي افتتحته، أول من أمس، مؤسسة العويس الثقافية، جامعة 70 عملاً تم عرض كل منها وفق تقاليد اللوحة التشكيلية، خصوصاً في ما يتعلق بأحجامها الكبيرة، لسبع موهوبات إماراتيات.

المعرض الذي حرص على حضوره عدد من الفعاليات المهتمة بالثقافة والفنون في الدولة، منهم الأديب عبدالغفار حسين الذي قام بشراء مجموعة من الأعمال أثناء الجولة الافتتاحية، تم الاحتفاء به بشكل لافت من مؤسسة العويس، للغرض الجوهري ذاته، وهو تشجيع تلك المواهب الشابة من اجل مواصلة الإبداع، حسب أمين عام مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، عبدالحميد أحمد، الذي قال لـ«الإمارات اليوم»: «لا نسعى في فعالياتنا المتنوعة إلى تحفيز الجمهور على التواصل مع المشهد الثقافي، بل ايضاً تحفيز المبدع الحقيقي، وهو أمر يبقى الشباب عموماً بحاجة ماسة إليه»، معقّباً أن تخصيص المعرض لإبداعات إماراتيات، تحديداً، ليس رسالة سلبية بشأن تقييم أعمال المصورين الإماراتيين في هذا الصدد، بل هو احتفاء باهتمام الفتاة والمرأة الإماراتية بهذا الفن البصري الذي يخاطب مخيلات متلقيه، في الوقت ذاته الذي يتواصل فيه مع أبصارهم، مضيفاً «جولة مقتضبة في المعرض سيتضح معها لصاحبها أن هذه الأعمال، بكل ما تحتويه من خصوصية اللقطة ومهارة التعامل مع اساليب التصوير الحديثة وأدواتها، جديرة بالاهتمام، لذلك فإن هناك اتجاهاً قوياً لأن تستوعب المؤسسة معارض في فن التصوير الضوئي بشكل دوري».

شيخة المصورين

مثل إصرار أقدم مصورة إماراتية، وهي شيخة مبارك السويدي الملقبة بـ«شيخة المصورين»، على حضور المعرض على كرسيها المتحرك، التفاتة رائعة من السويدي التي أبدت إعجابها بقدرات المصورات المشاركات، مضيفة «أسعد كثيراً حينما أراهنّ يبدعن بحرية، بناتي الموهوبات قادرات على الذهاب بعيداً بالفعل في هذا المجال، وأنتظر منهن المزيد».

الإبحار في المعرض يمثل إبحاراً في فضاءات شديدة التنوع، ولابد أن يسجل المشاهد ملحوظة قبل ذلك بأن شخصية الأعمال المصورة تقترب إلى حد كبير من شخصية اللوحة التشكيلية، ليس فقط بسبب طباعة كليهما على القماش، أو الإطار المستطيل الذي يجمع بينهما، أو حتى نمط تموضعها وحجمها، بل أيضاً من حيث دقة التعامل مع المشهد الذي يبدو بأنه ليس مجرد التقاطة صادف صاحبها تقاطع زمان ومكان خاصين، بقدر ما أن المصورة الفوتوغرافية ظلت تبحث عن مشهد واقعي يحاكي آخر راسخاً في مخيلتها.

كان من اليسير أن نكتشف في أعمال موزة الفلاسي صلة قوية بالشعر من جهة، وبالرسم من جهة أخرى، قبل أن تفصح بأنها ابنة الشاعر الراحل المعروف محمد بن صبيح، وأنها كانت تقوم منذ صغرها بكتابة دواوين والدها، على نحو جعلها أقرب في تأملاتها من تأملات الشاعر الذي يبحث عن صور شعرية في المعنى، لكن موزة راحت تبحث عن تلك الصور في الواقع عموماً، وفي الصحراء خصوصاً.

وبعدستها راحت الفلاسي تلتقط صوراً مبهرة لظباء أكدت أنها خارج نطاق المحميات الطبيعية المعروفة، وفي إحداهن تقف ثلاثة منهن خلف ساتر رملي، بحيث لا يظهر منها سوى رؤوسها، وفي التقاطة أخرى يبدو أحدها بحالة القفز كأنه طائر يحلق في السماء.

الجمل كان محوراً آخر للقطات متعددة للفلاسي، وباختلاف الأبعاد وتوقيت التصوير تتبدل الأجواء النفسية للصورة، وعلاقة ملتقطها بالصحراء، ففي أحدها يبدو مستوعباً لمكانه، في حين يظهر رغم ضخامة حجمه، كائناً صغيراً قياساً بأفقها الممتد، مع استيعاب الصورة لآفاق تبدو بلا نهاية كوّنتها تشكيلات رملية.

لقطات مريم غريبان عكست اهتماماً وشغفاً واضحاً بالموروث بشكل مباشر، كما عكست أيضاً شغفها بفن الرسم، وهو ما تؤكده بقولها: «معظم تلك الصور لم ألتقطها إلا لتكون بداية مرحلة مختلفة من الإبداع عبر الفرشاة، لأنني في معظم الأحيان لا أملك الوقت الكافي لممارسة الرسم، فألجأ الى التقاط صورة تعينني على رسم المشهد في أوقات أخرى».

التراث أيضاً يتبدى في أعمال مريم الجلاف، لكن من منظور آخر، وهو خصوصية المشاهد الداخلية لتصاميم البناء المعماري، خصوصاً الأعمدة والدرج، ونحو ذلك، في حين ركزت سومية محمد على فكرة النوافذ غير التقليدية التي تشرع على مشاهد متنوعة، فمن خلال فتحات في جدار أو مبنى تنفذ عدسة سومية إلى مشهد القلاع التراثية تارة، والنخيل الناضج بثماره تارة أخرى.

ورغم أنها المرة الأولى التي تشارك فيها بمعرض فني، في حين أن تخصصها المهني هو الصيدلة، إلا أن عدسة منى الملا عكست تنوعاً لافتاً، وجاءت اعمالها بمثابة صيغة متباينة مع سائر مقتنيات المعرض، خصوصاً من حيث استعانتها بالوان صريحة، مثل الأحمر والأزرق، ومن خلال تصويرها أوزة استثنائية القامة وطاووس أزرق على خلفية زرقاء، وقطرة ندى تعانق ورقة زهرة حمراء، بحثت الملا عن حوار بين مفردات للطبيعة، اتسعت لتشمل أيضاً خريفاً بدا واضحاً عبر ذبول أوراق متساقطة في لوحة أخرى.

الوجه الواحد متعدد الانفعالات كان اختيار علا اللوز التي التقطت خمس صور لامرأة سمراء البشرة، في قرية التراث، من خلف البرقع الإماراتي الذي استبدلته في واحدة منها ببرقع آخر، وما بين انطباعات الطيبة الفطرية، والجدية الصارمة، والغضب، ثم الرفض، سعت اللوز للتأكيد أن السياقين المكاني والزماني هما من يحملان الشخص ذاته على اتخاذ مواقف متبدلة.

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.