انتشار ثقافة التصوير زاد من التنافس للفوز بأجمل لقطة

الجيل الحالي وثّق يومياته بعدسات احترافية تسابق عليها الصغار قبل الكبار

تاريخ التصوير.. من فزعة «الرحالة» إلى «كاميرا الجوال»!

إعداد: منصور العسّاف

وكانت هذه القُمرة عبارة عن صندوق خشبي في إحدى جدرانه ثقب تتوسطه عدسة يسقط عليها الضوء وينعكس على الجدار الخلفي للقُمرة، وكان هذا الاكتشاف متزامناً لاكتشافه وما نسميه الآن “السينما” حيث شاع بين عامة الناس بالبصرة أن ثمة بيت مهجور تسكنه الجن، وقد اهتم “ابن الهيثم” بأمر هذه الدار وطلب من صديقه زيارتها، وهناك اكتشف أن ظل المشاة ينعكس من بين الأنقاض على جدران المنزل فيظن الناس أن حركة ظلالهم عبارة عن أشباح تسكن الدار، وحينها اثبت “ابن الهيثم” حينها اكتشافه لنظرية الانعكاسات الضوئية، وأتمّ مع نظرية الغرفة المظلمة ما نسميه الآن “الكاميرا”، إلاّ أن هذه

البريطاني «شكسبير» التقط أول صورة للملك عبدالعزيز عام 1328ه في الكويت

الجهود ظلت بعد وفاة “ابن الهيثم” حبيسة الكتب ولم تُطور لتُظهر كرت الصورة، وربما لو كان ابن الهيثم كيميائياً لاختصر للبشرية تجارب ألف سنة لإظهار أول كرت مصور، كانت هذه الكاميرا إلى عهد قريب عبارة عن صندوق أو غرفة صغيرة ذات ثلاثة أرجل يضطر معها المصور أن يدخل تحت عباءة سوداء حتى يتم له إظهار صورة محكمة، وكانت هذه الأنواع من الكاميرات منتشرة في نهاية القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر الهجري، ولا أدل عليها إلاّ الكاميرا التي صُوّر من خلالها الشهيد “عمر المختار”، والكاميرا التي التقطت أول صورة للملك عبد العزيز -رحمه الله- أثناء زيارته للكويت بعدسة النقيب البريطاني “شكسبير”، وكل هذا الجهد دعا مؤرخ الصورة “وليام فيسي” أن يقول: “وهكذا فإن الأوروبيين لم يخترعوا آلة التصوير في حد ذاتها؛ ولكنهم اكتشفوا المعالجات الكيميائية التي مكنتهم من تثبيت الصورة”.


أول صورة التقطت في الجزيرة العربية عام 1277ه

ذاكرة الصورة

تبقى بعض الصور حاضرة في ذاكرة الشعوب لا تغيب عن أذهانهم، كما لا تغيب عن وسائل الإعلام التي مازالت تعرض لنا اللقطة الفريدة للشهيد محمد الدرة، وصورة الأسير العراقي الذي غُطيّ رأسه بكيس أسود خلف الأسلاك الشائكة وقد ضم طفله الصغير وحجب بيده أشعة الشمس الحارقة عن عينيه وهو مقيد بالأغلال، كما هي لقطة الطفلة الكولومبية “أوميرا” التي ظلت حبيسة الماء

صور «عيال اليوم» رقمية وتعدّل.. وآبائهم «أسود وأبيض» و«نيقتف» يحتاج تحميضاً

والوحل لمدة ثلاثة أيام، وما إن التقطتها عدسة المصور حتى فارقت الحياة في كارثة بركان عام 1985م بكولومبيا، إلى جانب لقطة الطفلة الفيتنامية الهاربة من القنابل التي ألقيت على بلدتها في الحرب الفيتنامية الأمريكية، وتشابه الصورة التي التقطها “كفن كارتر” لطفل المجاعة في السودان بعدما أنهكه الجوع والعطش وهوى إلى الأرض ومن خلفه يبرز نسر ضخم ينتظر وفاته، وليس ببعيد عن ذلك الطفل الأفريقي الذي ظل يسحب يد والدته ليلحق بأهالي القرية الفارين من المجاعة، وهو لا يعلم أن والدته قد فارقت الحياة منذ لحظات، كما هي صورة الأم الفلسطينية الجريحة التي حملها طفلها بعيداً عن مرمى الرصاص، وقد توفيت وهي تمسح دموعه التي انهمرت من حزنه عليها.

في عالم السياسة، لا زال الأرشيف “الفوتوغرافي” يتذكر صور اضطهاد الفلسطينيين على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1948م، كما يتذكر صورة الزعيم النازي “هتلر” أمام برج “إيفل” بباريس حين دخلتها القوات النازية، وصورة إسقاط قنبلتي “هيروشيما” و”ناغازاكي” من قبل القوات الأمريكية إبان الحرب العالمية الثانية، كما بقيت صورة حذاء رئيس الاتحاد السوفيتي الأسبق ” خروتشوف” الذي وضعه على طاولة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1960م حديث الساسة ووسائل الإعلام.

أما في عالم الرياضة، فتبقى صورة هدف اللاعب الدولي الأرجنتيني “مارادونا” في مرمى المنتخب الإنجليزي في كأس العالم لعام (1986م) حديث الشارع الرياضي، لاسيما أن الاتحاد الإنجليزي اشترى هذه اللقطه بمبالغ عالية على الرغم من علمه أن اتحاد “الفيفا” لا يُقر التحكيم إلى الصور في اعتماده لنتائج المباريات، أما في ملاعبنا المحلية، فقد ظل هدف “الثمنيات” للمحترف البرازيلي في صفوف فريق الهلال “ريفلينيو” عام 1399ه، وهدف “الناطحات” للاعب النصر ماجد عبد الله في نهائي كأس الملك عام (1407ه) أشهر لقطتين في ملاعب الكرة في المملكة.


صورة رجال الملك عبدالعزيز التي التقطها النقيب شكسبير

أول صورة

تذكر المراجع التاريخية أن أول صورة فوتوغرافية الُتقطت داخل أراضي المملكة كانت عام (1277ه)، وذلك عندما زار العقيد المصري “محمد صادق” المدينة المنورة لإجراء مسح عسكري لطريق الحاج بين مدينتي “الوجه” و”ينبع” ومنها إلى “المدينة المنورة”، وكان “العقيد محمد” يحمل معه آلة تصوير ضخمة تعمل بطريقة الألواح المبتلة، حدث ذلك بعد اكتشاف التصوير بالكاميرا في أوروبا بعشرين سنة تقريباً، كما أن “العقيد محمد صادق” عاد في عام (1298ه) إلى المشاعر المقدسة في مكة والمدينة والتقى ببعثة عسكرية تركية مكونة من ستة ضباط من بينهم الضابط “علي بك” وهو مصور بارع؛ لكن للأسف لم تصل صوره إلى أيادي المؤرخين، إلاّ أن العزاء في ذلك هو أن العقيد محمد صادق كان يهدف من زيارته هذه جمع سجل توثيقي لركن الحج وهو ما استطاع فعله.

بقيت معظم مناطق وأقاليم الجزيرة العربية في نهاية القرن الثالث عشر وبداية الرابع عشر الهجري بعيدة عن أعين وعدسات المصورين، وربما كانت عدسة “محمد صادق” وآخرين ممن عاصروه ولم تصل لنا صورهم، تكاد محاولاتهم بل صورهم أن تنفرد بالسبق التاريخي للتوثيق الفوتوغرافي لمنطقة الجزيرة العربية، وعليه فقد ظلت معظم أقاليم بلادنا بمعزل عن الصورة الفوتوغرافية؛ لأسباب انعدام الأمن حينها -لاسيما في بعض الأقاليم-، أو لصعوبة وقسوة الظروف المناخية والجغرافية لبلادنا -كما أوضح ذلك فيما بعد الجنرال شكسبير-، ناهيك عن الصراعات الإقليمية ونفور بعض الأهالي من الغرباء، وعدم السماح لغير المسلمين بدخول مكة المكرمة والمدينة المنورة، إلاّ أن هذا لم يمنع بعض المستشرقين الذين لم تخل نواياهم من خدمة مشروعات حكوماتهم والذين قطعوا معظم أقاليم الجزيرة العربية مثل “والين” في ستينيات القرن الثالث عشر و”بالغريف” و”غوارماني” و”بيلي” في سبعينات وثمانينات القرن نفسه، إضافة إلى “داوتي” و”بلنت” و”زوجته” و”هوبر” الذي زار المنطقة مرتين كانت الثانية برفقة “أيونتج” والبارون “فون نولدا”، إلاّ أن جميع هؤلاء كانوا يخدمون مشروعاتهم، كما أن منهم من جاء يبحث عن آثار المنطقة وللأسف لم يحمل أحداً من هؤلاء أي كاميرا رغم أن التصوير كان منتشراً حينها.


النقيب وليام شكسبير

ويذكر المؤرخ “وليم فيسي” أن ظهور أول مصور أوروبي في الحجاز كان عام (1302ه)، وهو عالم الدراسات الإسلامية الهولندي الدكتور “هورغرونية”، وقال: “كان على آلة التصوير أن تنتظر حتى العقود الأولى من القرن الرابع عشر الهجري قبل أن تكشف النقاب عن الأجزاء الأخرى لما أصبح فيما بعد المملكة العربية السعودية، أي الجوف وساحل الخليج العربي، ولم يتم التقاط أولى الصورفي نجد حتى حلول عام (1331ه)، وكانت الأجزاء الجنوبية من المملكة آخر ما جرى تصويره، حيث بدأ تصوير وهاد تهامة منذ بداية الأربعينيات من القرن الهجري الماضي، أما هضاب عسير وأصقاع الربع الخالي النائية فكان عليها الانتظار حتى منتصف القرن الهجري الماضي، قبل أن تصلها أولى آلات التصوير والتي جاء بها “توماس” و”فيلبي” و”ثيسيغر”، كما كان الكاتب الأمريكي اللبناني الأصل “أمين الريحاني” من أبرز من التقطوا صوراً لمدينة الرياض في أربعينيات القرن الهجري المنصرم، وتلاه “محمد أسد” في حين كان “كارل رسوان” مختصاً بتصوير الأجزاء الشمالية من جزيرة العرب وصحراء النفود عام (1345ه).


العقيد محمد صادق صاحب أول صورة في الجزيرة العربية

ويذكر المؤرخون أن “هورغرونيه” نشر ملفين منفصلين لما صوّره بالحجاز، الأول حوى مناظر لمكة المكرمة وصوراً لأشخاص من وجهاء المنطقة وصوراً للحجاج، وقال المؤرخ “جيليان غرانت” في هذا الصدد: “إن (هورغورنيه) كان له تعليق وحيد على هذه الصور المنشورة في مقدمة النص، نسب فيها اثنتين من الصور إلى العقيد (محمد صادق) والبقية عزاها إلى كاميرته ولعربي آخر لم يذكر اسمه كان قد تعلم على يد (هورغورنيه) نفسه”.

وأوضح “غرانت” أن الملف الثاني فأغلب الظن أنه من أعمال المصور العربي المجهول الهوية الذي يشير إليه “هورغورنيه” بالطبيب العربي دون ذكر اسمه، وكانت بعض صوره قد حملت نفس توقيع “هورغورنيه” وهو “السيد عبد الغفار”.

انتشار التصوير

واستمرت تقنية التصوير بالتقدم، وقد أدى ظهور جيل من آلات التصوير صغيرة الحجم وسريعة المعالجة إلى انتشار الصحافة التصويرية، كما يقول “غرانت” الذي ذكر أنه في عام (1312ه) أُتيح لأحد الرواد في هذا المجال وهو “جول غيرفي كورتاليمونت” التقاط صور في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، وتم تحويلها لاحقاً إلى صور توضيحية لكتابه المسمى “رحلتي إلى مكة”، وكان قد صحبه في رحلته مرافق عربي، وقد وصل إلى جدة متقمصاً شخصية الطبيب عبدالله الذي يزور البلاد في مهمة علمية، حاملاً آلة تصوير من طراز “فوتوجونيل” وكانت دوافع رحلته هذه سياسيةٌ بحته.


الكاميرا قديماً كانت مجهدة في طريقتها وحملها بعكس الوقت الحالي

في أعوام 1321- 1322- 1326ه قام اللواء المصري “إبراهيم رفعت” بتصوير مناسك الحج والتقط عبر آلات التصوير التي كان يحملها عدداً من الصور للمدينتين المقدستين وطريق الحاج من مصر، كما وثق كل ذلك في كتابه “مرآة الحرمين” نشر من خلاله مجموعة من الصور التي التقطها مصورون مصريون مثل “محمد علي سعودي” و”خليل أفندي” و”أحمد صابر”، إضافة إلى الصور التي التقطها هو بنفسه، وفي نفس الفترة كان ثمة شركة هندية تدعى “أتش أيه ميرزا وأولاده (دلهي)” استطاعت إنتاج نسخاً مصورة وجيدة لمواقع مناسك الحج، وفي عام (1326ه) عاد “كورتاليمونت” مرة أخرى ولكن بدعوة من “السلطان عبد الحميد” لتصوير افتتاح خط سكة حديد الحجاز، كما حضر مصورون آخرون لتغطية هذه المناسبة ك”الأرمني” و”هالاجيان” الذي عاد للاستديو الخاص به في فلسطين بكم وافر من الصور التي التقطها لمدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وقال “وليام فيسي” في هذه المناسبة:”تيسر السبيل إلى الحجاز كثيراً بافتتاح سكة حديد الحجاز في عام 1326ه، وبدأ الرحالة مصحوبين بآلات التصوير تحدوهم دوافع شتى يعبرون تباعاً إلى الأجزاء الشمالية من شبه الجزيرة العربية، بدءً من (فوردار) في عام 1319ه ثم (بتلار) و(آيلمار) وعالما الآثار الفرنسيان الوفدان من القدس (جاوسين) و(سافيناك) في عام 1325ه، والمكتشف وعالم الطبيعة (دوغلاس كاروثيرز) عام 1327ه، وعالم الإنسانيات النمساوي (ألويس موسيل) عام 1326ه، ثم كانت رحلة حائل ما بين عامي 1326 – 1333ه الرحلة البريطانية “غير ترودبيل”.. وعلى الرغم من أن الرحلة كانت لأسباب شخصية، فقد كانت معلوماتها جليلة النفع للاستخبارات البريطانية، وتمثل صورها الفوتوغرافية عن حائل أول سجل تفصيلي مصور لبلدة في وسط الجزيرة”.

أول صورة للمؤسس

وقد تزامنت رحلة “غيرترودبيل” إلى حائل مع زيارة النقيب البريطاني “شكسبير” إلى المغفور له الملك عبدالعزيز بالرياض، وكان الاثنان متحمسان وحريصان كل الحرص على توثيق ما يشاهدونه حتى إن “غيرترودبيل” رجعت مسيرة يوم كامل حتى تصور طللاً رأته في اليوم السابق، وكان “شكسبير” الذين توفي في معركة جراب ينقل معاناته وصعوبة نقل الأفلام التي كانت بحوزته في الأجواء الحارة والجافة ووسط رمال الصحراء؛ مما يبطل مفعول المواد اللزجة، ناهيك عن حرارة وملوحة الماء الذي يستخدمه في عملية التظهير واختلاطه بذرات الرمال، مع ما يعانيه من حمل كاميرته الضخمة بقوائمها الثلاثية وكسائها الأسود، وإن كانت “غيرترود بيل” قد حصلت على سبق أول توثيق فوتوغرافي لمدينة وسط الجزيرة العربية ممثلة بمدينة حائل الجميلة، فإن “شكسبير” كان له سبق أول صورة للملك عبدالعزيز -رحمه الله- حين صوّره أثناء زيارته للكويت عام 1328ه، وكل هذه الجهود والصور وثقتها “دارة الملك عبدالعزيز” في إصداراتها ووثائقها التي تهتم وتُعنى بتاريخ وإرث بلادنا وكافة أقاليم الجزيرة العربية، حتى استمر التصوير في التطور وأصبح وميض الفلاش متسقاً ومتزامناً مع سرعة الغالق، وعُرفت بعدها مصطلحات “البُعد البؤري” وحساسية الأفلام وسرعتها من بطئها، كما تعددت عدسات “الزوم” واستمر علماء التصوير ومحترفو الصورة في تطوير أساليبهم ومعداتهم أولاً بأول.

عكاسة الصورة

وانتشرت بعد ذلك كاميرات المراسلين والمصورين حتى عُرفت الكاميرا باسم “العكاسة” وهو الاسم العربي للكاميرا، وكان شائعاً على ألسنة العامة في بلادنا، كما كانت الصور تسمى عكوس لكونها تحبس الظل وتعكس الصورة، وكان ذلك مع بداية انتشار المصورين المحترفين الذين يعملون في الصحف المحلية والخارجية ويصورن المناسبات، لاسيما حين زيارتهم للملك أو ولي عهده آنذاك، كما بدأ الناس بتوثيق بعض رحلاتهم ومناسباتهم المدرسية والرياضية عبر كاميرا “الكوداك” و”البولورايد”، حين كانت الكاميرا تقوم بعمليات فورية لعملية الإظهار والتثبيت أو التحميض عبر مغلفات تظهر بعد التقاط الصورة وبلون أبيض يُلّوح أثناءها المصور بكرت الصورة للهواء حتى تظهر بشكلها الطبيعي سواءً كانت ملونة أو غير ملونة، وكان هذا النوع من الكاميرات على رغم من ضمان ظهور كافة الصور الملتقطة إلاّ أن صورته سوف تعاني مع الزمن من تغيرات قد تضعف دقتها وألوانها، كما أنه لا يمكن تكرارها بأي حال من الأحوال، وهو ما تلافته كاميرات الجيل اللاحق للكاميرات الفورية، وهي كاميرات التحميض التي انتشرت في الثمانينات الميلادية حيث يمكن بعد التحميض الاحتفاظ بالشريط الحساس (النيقاتيف)؛ لإظهار الصور مرة أخرى، إلا أن عيوب هذا الجيل من الكاميرات هو عدم ضمان ظهور جميع الصور التي تم التقاطها.

الجيل الرقمي

هذه الأجيال من الكاميرات تلاشت منتصف التسعينات، وظهر حينها جيل جديد من الصور الرقمية (ديجتيل)، حتى أصبح العالم في عصرنا الحالي، يعيش في بحر من الحزم الضوئية، وأصبحت عدسات الكاميرا تصاحبنا في هواتفنا المتنقلة والأماكن العامة التي لا تخلو من فلاشات الإعلام و كاميرات المراقبة المرورية وعدسات الهواة، حتى لم يعد وميض الفلاش حكراً على محترفي وهواة الصورة، بل لم تعد الكاميرا الآن بحاجة لعملية الإظهار والتثبيت التي لا تستغني عنها استوديوهات التصوير، إذ مضى عصر ما يسمى “تحميض الصور” إلى عصر الصور الرقمية وصور “الفوتوشوب”، واستطاعت الكاميرا التي كانت توصف أنها غرف تحمل على أعمدة ثلاثة وينؤ بحملها عصبة من الرجال، أصبحت الآن غاية في الصغر حتى إنها تصور أجزاء دقيقة من جسم الإنسان بل قد تزرع في سم الخياط وفي سن القلم، بل وتصورنا من الفضاء الخارجي عبر تقنيات الأقمار الصناعية، وأصبح نقل الصور عبر تقنيات الاتصال والهواتف المحمولة وشبكة “النت” لا يحتاج منا إلاّ إلى ضغطة على زر الإرسال، وكذلك استقبال أكثر من فيلم أو شريط مصور عبر التقنية ذاتها.

ومنذ أن ظهرت أول صورة ضوئية، وحتى زماننا هذا ما زالت الصورة تنقل لنا ما لم تنقله الكلمة والخبر بسبب أنها تعكس لك واقعٌ مشاهد قد تصبح أثناء مشاهدتك له جزءا من الحدث، بل قد تستمتع بحضورك وأنت القريب منه شعور البعيد عنه مكاناً.


كاميرا الجوال أصبحت تنافس بتقنيتها المتقدمة الكاميرات الاحترافية لتوثيق المناسبات

آباء وثقّوا حياة أبنائهم لحظة بلحظة بينما هم لم يوثقوا طفولتهم قديماً

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.