قصف جبهة فيلم باسنجرز قطعة حلوى طعمها سيء

للتوضيح، انقطعت عن الكتابة لانشغالي في اعمال اخرى لا تتعلق بالدراسة او الامتحانات او حتى العمل وانما للتدريب على كتابة المراجعات بحدة اقل !! بالتأكيد لم يفتقدني احد باستثناء “ جينيفر لورانس “ وادارة الموقع وبعض الاشخاص الذين تشرفت بمتابعتهم على شبكات التواصل الاجتماعي “ مع اني لست نشط “ بالاضافة الى العدد الكبير من الرسائل والتعليقات التي تشرفت بالرد عليها، حيث قمت بتسجيل بعض النقاط والاقتراحات التي سأعمل على الاخذ بها مستقبلا.

 

 الفترة الماضية كانت مليئة بالاحداث والمناسبات “ جولدن جلوب، أوسكار، جوائز النقاد، اختيار الجمهور، كأس امم افريقيا، كأس ملك اسبانيا …. “ والقائمة تطول، وذلك الامر اجبرني على ان اتأخر في بعض المراجعات واغفل بعض الافلام حيث ان الجمع بين توفير محتوى سينمائي عن الافلام والمسلسلات للموقع والعمل على بعض المقالات يجعل حياتك صعبة لكي تشاهد او تكتب عن فيلم لذلك سابذل ما في وسعي لتغطية الافلام الكبيرة والمنتظرة فقط ومن الواضح اننا سنفتقد للافلام الجيدة كثير نظرا للانحدار المتواصل لـ صناعة السينما في هوليوود.

 كما عودتكم بصراحتي المفرطة سابقا “ اعترفت سابقا بكرهي لفئة أفلام الخيال العلمي وتم قصفي حرفيا، هذه المرة اعتراف اخر باني لست من جمهور الفيزياء والرياضيات وامل الا يتم شنقي! “ بامكانكم اعتباري غائب ” لم اكن حاضر عقليا ” في الحصص المدرسية لهذه المواضيع ولكن نصفي الفضولي يبحث عن الاشياء التي كنت افكر فيها انذاك؟ كيف نجحت؟ صدقا لا اعرف ولكنه يجعلني اشعر باني يجب ان اراجع دفاتري وكتبي اثناء الدراسة ربما كان لدي مهارة في الرسم او الكتابة او اي شيء اخر عدى عن كوني جالس في الصف فقط لاستهلاك الاكسجين !

السبب في وقوفي على اطلال الدراسة ان الفيلم مليء بالمشاهد التي تتعارض منطقيا مع الفيزياء على الرغم من عدم فهمي للفيزياء ذاتها لذلك ساحاول جاهدا ان يكون كلامي مفهوم او منطقي، مراجعة فيلم له علاقة بالفيزياء وايضا ” خيال علمي ” اشبه بتحولي الى شخصية رانجو في مشهد الحانة… يكفي مقدمات، حان الوقت لبعض العنف …

ظهرت العديد من المشاكل في فيلم Passengers، ولكن ربما كان أبرزها في فريق العمل، بالطبع لا توجد مشكلة في كل من جينيفر لورانس أو كريس برات كممثلين بل لديهم الكاريزما القوية والشخصية المؤثرة، وبوجه عام هم محبوبون فيما قدموه من أعمال حتى الآن، وبوجه خاص ستراهم مقنعين في فيلم المسافرون، وهنا تكمن المشكلة- حيث أن العديد من أفكار الفيلم وعناصر الحبكة الدرامية كانت قوية جدا على أن ينتهي الحال بأن برات ولورانس يبيعوا لنا السمك في الماء، يمكنك طحن الزجاج كالسكر ولكن بالتأكيد لن ترغب بوضعه في كوب الشاي وتقوم بشربه.

في فيلم الركاب كان بإمكانك أن تشاهد فيلم من أفلام التحدي بداخله، هذا قبل أن تعيد هوليوود كتابته من جديد (وأنا افترض أن هناك بعضا من التدخل القوي من جانب المنتجين وهذا واضح في اتجاهات القصة من البداية الى النهاية).

أما عن السيناريو والذي كتبه جون سبيتس فقد ظل معلقا لأعوام وغالبا قد تم تنفيذه من قبل أكثر من مرة، وجاء محور الفيلم غاية في البساطة والرقي- فكرة لإثارة أي إدارة تسويقية وسيطة بهوليوود، جيم بريستون (برات) هو مهندس قرر التخلي عن حياته على الأرض ليعيش بمستعمرة على كوكب يبعد عن الأرض مسافة تقدر بالعديد من السنين الضوئية، ولسوء الحظ تواجه مركبة الفضاء التي يسافر بها عاصفة تتسبب في إحداث بعض الأعطال في مركبته، أهمها تعطيل حجرة الوقود بالمركبة في وقت مبكر جدا ليواجه حقيقة أنه من المرجح جدا أن يموت من كبر السن قبل أن تصل المركبة إلى وجهتها، وأصبح بريستون متيما بواحدة من ركاب السفينة الـ 5000 وهي أورورا (جينيفر لورانس)، وتتطور الأحداث سريعا فيتقرب كلا منهما للآخر حيث تبدأ الرومانسية … في الفضاء، لم نكتفي بزرع البطاطا على المريخ سابقا !!

غالبية الناس يرون أن “الانحراف” يأتي على بعد ميل- ولكن هل يعد انحرافا إذا ما حدث في أول نصف ساعة من الفيلم؟- ولكن مراعاة للإيجاز وللقراء، فأنا لا أريد الكشف عن هذا، ومع ذلك، فمن الأفضل القول بأن فيلم باسنجرز إذا اعتبرناه من أفلام الخيال العلمي فهو يعد متأخرا جدا، أستطيع أن أرى جمهور في عام 1986 قد تناول هذا الفيلم، أما في يومنا هذا فقلما تعد فكرة فيلم المسافرون مخيفة أو مريبة، المقدمة كانت رديئة جدا ومزعجة لدرجة تحسسك أن رائحتها قد فاحت.

حقا لم تكن رسالة هذا الفيلم مستساغة، فبينما يوجد العديد من الجماهير التي ستستمتع بـ الرومانسية الكاسحة للمسافرين فسيكون هناك البعض الآخر ممن سيطلقون عليها- تبرير مزعج لمحتواه، لجميع النوايا ولجميع المقاصد. يمكنك أن تشعر برعونة التحول الجوهري في الأحداث وكأنه قد اعيدت صياغته مرة أخرى، خاصة حين تبدأ الأحداث في الانكشاف قليلا، فلم استطع تصديق الكم الهائل من الثغرات في بعض المشاهد، حيث يقوم بريستون بالسير في الفضاء خارج السفينة، والتي من المفترض أنها تسير بسرعة تعادل نصف سرعة الضوء، ورغم أني “ غبي فيزيائيا “ إلا أني لا أعتقد أنه يمكنك تقييد نفسك بسفينة تسير بمثل هذه السرعة ولا تعاني من قوى الجاذبية المدمرة.

قام مورتن تيلدم بإخراج العديد من الأفلام الناجحة خلال السنوات السابقة، متجنبا الأفكار المبتذلة في كل مرة، وهو ما لم نستطع توصيف أعماله منذ ذلك الحين، فلعبة المحاكاة لها بعض المحاسن والآداء الشيق ولكن لا يمكنك تجنب السذاجة والثمالة فيها.  بعد الحملة الدعائية للفيلم احسست اني سأشاهد فيلم تايتانيك مرة اخرى ولكن في الفضاء وجاءت النتيجة عكسية تماما ! لاحظت ان شكل السفينة الفضائية ” فضائي ” معقد بشكل مبالغ فيه، من الصعب على عينيك الاعتياد على رؤيتها وتقبلها على عكس ما شاهدت مثلا في فيلم جرافيتي او Intersteller من الواضح اننا سنفتقد هكذا مخيلة ورؤية لوقت طويل.

يعتبر فيلم المسافرون غادر على نحو يمكّننا من القول بأن الفيلم يحاول تجميل الرسالة التي تحمل افكار فلسفية في لحظة وتتحول فجأة الى مغامرة، مثل قطعة من الحلوى مزينة بشكل جميل ولكن بطعم رديء، لا أستطيع إلقاء اللوم على كاتب السيناريو جون سبيتس كثيرا- فكما يبدو أن فيلم المسافرون قد تمت كتابته بواسطة لجنة، وقد تم بناء الفرضية الأساسية للفيلم على النهاية الأكثر منطقية، بدلا من ترك المجال للمفاجأة بالحبكة الدرامية، كان لابد لـ فيلم باسنجرز أن يكون جريئا ومثيرا بدلا من إجبار الجمهور على أن يحمل ذنبا فوق ذنبه، وكأنه يطلب من الجمهور التغاضي عنه من أجل قضاء وقت ممتع.

ربما يختلف معي البعض على ان الرسالة التي يقدمها فيلم Passengers مدهشة او غير مدهشة إلا أن الفيلم قد أخفق في العديد من الجوانب الأخرى التي كام من شأنها ان تجعله فيلم جيد على اقل تقدير. إذا أردت حقا أن تشاهد الرومانسية الجميلة فيمكنك مشاهدة فيلم La La  Land أو فيلم Moonlight، فعلى الأقل هي أفلام متقنة وتجبرك على التفكير والتساؤل ليس عن كيف او لماذا ومتى بل لانك فعلا تصبح جزء من العالم الذي يعيش فيه الفيلم، على عكس فيلم Passengers الذي كان كذبة منذ اللحظة الأولى الامر الذي يجعله اشبه بقطعة حلوى شكلها مغري جدا ” تصميم الانتاج، الممثلين، الموسيقى ” ولكن ذات طعم سيء ” على صعيد المحتوى والقصة ” وأنا لا أحب أن يتم خداعي.

شعوري بعد مشاهدة الفيلم : مزيج من الارتباك وعدم الارتياح مع شعور بالذنب في اهدار بعض المال على البوبكورن الذي امتنعت عن اكله بسبب ردائة الفيلم.

مقدار الرضى : ناااه… مع اغلاق العينين وتحريك الرأس لليمين ولليسار…

 الان دورك، هل شاهدت الفيلم؟ شاركني برأيك في خانة التعليقات اسفل المقال، وحتى طلعة جوية اخرى لا تنسى ان تتابعني على :

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.