الأبعاد الفنية للصورة الفوتوغرافية

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الفنان (( حسام الدين مصطفى )) من مصر
حينما تتأثر عين المتلقي بالصورة فإن تلك النظرة تأخذ الملتقي من مكانه الى عالم آخر يحدده مكان اللقطة وزمنها والمعنى المرسل منها، وتستحضر ذكرياته وتثير أحاسيسه المتوافقة معها، ويعيش فيها لحظات خاطفة قبل ان يعود للواقع. هذه اللحظات تبني قصة بداخله ويتكون رأيٌ وتعبيرٌ بناءً على ما تلقاه من اللقطة المصورة، ويبنى بها نجاح اللقطة من عدمه. والنجاح الكامل يستوجب توافق العمل مع كل عناصره معنًا وفنًا وتكوينًا. لهذا فان كل لقطة فوتوغرافية لها أبعاد مختلفة معنوية وقياسية وحسية. وفيما يلي نستعرض بعض هذه الأبعاد لبناء صورة متكاملة عما يدور داخل المتلقي خلال هذه اللحظات الخاطفة
.
البعد الأول والثاني

الطول والعرض
هما بعدان قياسيان نتنبه لهما بديهيًا لكثرة احتكاكنا بهما في حياتنا اليومية ، فبعدي الطول والعرض يشكلا كادرًا مسطحًا تنتقل خلالهما العين لتكون صورة للاشكال والابعاد المسطحة كالدوائر والمربعات والخطوط وحتى البعد بين نقطتين، فكل نقطة ومسافة داخل الكادر تخضع لهذا البعد البديهي في عين المتلقي . و عين المتلقي مدربة على كشف العيوب في الأبعاد تدريبًا متفاوتًا من شخص لآخر يعتمد على تعامله اليومي مع هذه الابعاد. فعين المشتغل في بيع الأقمشة والأراضي والمساحات والمعمار الهندسي تستطيع التميز القياسي أكثر من غيرها ، ولكن حينما تحصر مشهدك الفوتوغرافي في هذين البعدين فقط فالعمل الناتج يكون مجمله فاقد للحياة والروح ؛لأنك في هذه الحالة تحتاج لأبعاد اخرى لتبعث في اللقطة الاحساس
.
البعد الثالث: العمق

حينما تضيف إلى اللقطة بعد العمق وتسمح للمتلقي بالتعمق والتجول داخل الكادر وإعطاؤه بعدًا بصريًا قياسًا آخر فأنت تفتح نافذة من البراح والواقعية ، وتظهر الظلال والنسب المختلفة ، ويصبح المشهد ثلاثي الأبعاد و يعبر عن واقع الحياة اليومي الذي يعيش فيه المتلقي ، ويظهر العمق الميداني في المشهد الفوتوغرافي وتزاد اللقطة واقعية
.
البعد الرابع. الزمن

البعد الزمني من أهم وأدق الأبعاد في اللقطة الفوتوغرافية، فتحديده في اللقطة واعتماده لدى المتلقي يرجع الى اعتماد المصور على عوامل طبيعية وعناصر تكوينية. فنحن لا نتحدث عن الساعة المحددة إلا إذا كانت موجودة في المشهد كساعة بالفعل ، أو إن كانت غروبًا او شروقًا ظاهرًا في المشهد ، ونستطيع تحديد فصول السنة الأربعة وجمال الطقس ربيعه خريفه صيفه أو شتائه وقساوة الطقس والعواصف ؛ من إظهار التأثير الجوي والمناخي في اللقطة وتفاعل العناصر البشرية الموجودة في اللقطة أو الكائنات الحية. ويمكننا أيضا ان نأخذ المتلقي في حقبة زمنية معينه من خلال عناصر التكوين في المشهد :كالمباني والملابس والأدوات والتاريخ إن ظهر في المشهد. لهذا فإن التسجيل الزمني في المشهد يجب أن يتضمن التجانس التام بين كل عناصره، فلا يحتوي المشهد القديم مثلًا على عناصر مستحدثة تتسبب في خروج المتلقي عن السياق الزمني التي تريد ان ترسله له . ويستثني من ذلك المشاهد التي ذات معنى المقارنة الزمنية بين القديم والحديث ؛ فالزمن يضيف على اللقطة بعدا نستشعر معه الماضي واللحظة
.
البعد الخامس المعنوي والحسي

هل استشعرت الحر والبرودة من خلال لقطة ؟ هل لمست جمال الانسان ؟ هل عشت البراءة الملتقطة داخل كادر للطفولة ؟ هل دمعت عيناك من خلال مشهد فوتوغرافي ؟ هل استشعرت الحنان.. الامومة.. الفرح.. الحزن.. القسوة.. العطاء.. التعب والكد.. والعمل.؟ هل حاولت مسح دمعه عين في صورة ؟ هل نظرت الى صورة و تأثرت بحدثتها ؟
الصورة هي روح الانسان خلال لحظة من عمره تجسد معنى و ذكرى ، تحمل مشاعر إنسانية. إن أضفت هذا البعد إلى المشهد الفوتوغرافي فأنت بالفعل لقطت صورة حية نقلت فيها المعاني بمنتهى النقاء الي المتلقي. والبعد المعنوي بعدًا شاملًا عميقًا ، يعتمد إما على التعبير الصريح للمعني في المشهد أو التعبير المجازي المجرد والمفاهيمي اوالترميز بالعناصرو الأدوات . وتختلف درجة التعبير وعمقها من مصور لآخر، ومن متلقي يستشعر كل ذلك أو بعض منه اعتمادًا على مخزونه الذهني وتذوقه الفني وحسه وتفاعلاته وذكرياته.
خمسة ابعاد ترسمهم بالضوء في عملك الفني وتقدمه الى المتلقي ، التوافق والتناغم بينهم هو ما يمررالمشهد بلطف وهدوء من عين الى قلب المتلقي وتثير احاسيسه اتجاه المشهد ؛ فينسج خياله قصصًا حوله و يعيشها .
المشهد الفوتوغرافي يحتوي على عناصر متكامله ، بعضها أساسي للموضوع والآخر ثانوي ليخدمه ويؤكد على البطل ( العنصر الاساسي) .كل عنصر في الصور له دور يفهمه المصور يجب ان يؤثر بايجابية على المتلقي وإلا أصبح عنصرًا مشتتًا للمعنى يجب استبعاده ومن الخطأ وجوده في الكادر.
فالأدوات تعبر عن الحرفة .
والملابس تعبر عن الشخصية .
والمكان يعبر عن البيئة .
وكلهم يعبرون عن الزمن إن أستطعنا الدمج بينهم بتجانس ناعم غير منفر ولا مباغت.
والزاوية تعبر عن معنى مصدره البطل.
ومستوى الكاميرا يعبر عن معني مصدره المصور.
والوضعيه تعبر عن حالة وفعل لحظة الاقتناص ، ربما في صالحك وربما فوّتها ..
فالصورة لحظة ميلاد .. أمها الطبيعة وأبوها المصور ومصيرها رزق ..

1 2 3 4 5

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.