الفنان الكبير يحيى

الفنان الكبير يحيى
الغائب الحاضر.. “الفخراني” شيخ عرب الفنانين
الأحد 28-05-2017م
الفنان الكبير يحيى الفخرانى
شادي أسعد
من داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون، مارس يحيى الفخرانى مهنة الطب لفترة وجيزة، قرر بعدها أن يستمر بالعمل داخل الإذاعة
والتليفزيون فى مجالاتها الفنية المختلفة بعيدًا عن مهنته الأساسية، ليتجه إلى طب النفوس والأرواح، التى تُعالج بالفن وقيمه
الإنسانية الراقية. تخرج يحيى الفخرانى عام 1971 فى كلية الطب بجامعة عين شمس، التى مارس التمثيل بمسرحها وضمن
فريقها، ليفتح له مجال عمله كطبيب داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون بابًا للتعارف على كبار المخرجين والفنانين، لتتحول حياته
من طبيب إلى فنان من كبار فنانى مصر والوطن العربى، فشارك عقب تخرجه بالتمثيل فى مسلسل «الرجل والدخان»، عام 1973.
لتبدأ الانطلاقة الفنية الحقيقية له عام ١٩٧٩، بعد أن قدمه الفنان عبدالمنعم مدبولى ضمن فريق أبنائه فى مسلسل «أبنائى الأعزاء.. شكرًا»، وهو العمل الذى حقق نجاحًا كبيرًا فى فترة عرضه، ما لفت الأنظار إلى وجود فنان وممثل يمتلك كاريزما طاغية، ويحمل بداخله الكثير من المشاعر التى تزخر بها ذاكرته الانفعالية، والتى تظهر جلية من خلال تعبيرات وجهه الصادقة ونبرات صوته الحانية، وتحكمه الهائل فى إمكاناته الجسدية للتعبير عن المعانى واللحظات الانسانية المختلفة، إلى جانب عينين تنطقان دون أن يفتح فمه، وفم إن نطق تقع نبراته على القلوب وقع الماء على النار.
قدم الفخرانى طوال تاريخه الفنى الممتد لأكثر من أربعة عقود ونصف، أكثر من مائة عمل فنى بين المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة حقق خلال معظمها نجاحات فنية كبيرة، جعلته ملك قلوب الجماهير وشيخ عرب الفنانين، فكان له بصمته الرمضانية الخاصة بدايةً من «سليم باشا البدرى» فى ليالى الحلمية بأجزائه المختلفة، ومرورًا بفوازير «ألف ليلة وليلة، على بابا والأربعين حرامى، فوازير المناسبات»، ووصولاً إلى «عبدالمتعال محجوب» الشخصية المظلومة فى مسلسل «لا»، وغراميات «ربيع» المحامى، فى «نصف ربيع الآخر»، ونزوات وصعلكة بشر عامر عبدالظاهر فى «زيزينيا» بجزءيها، وسيد أوبرا المحامى المحنك العاشق فى «أوبرا عايدة»، ووجوه العدالة التى كثرت مع جابر مأمون نصار فى مسلسل «للعدالة وجوه كثيرة»، إلى جانب مغامرات جحا وقسوة «رحيم المنشاوى» المغلفة بالعطف على أشقائه فى «الليل وآخره»، و«سكة الدكتور الهلالى» المليئة بالمطبات فى «سكة الهلالى»، وظلم لطفى الجنانينى فى أيام «عباس الأبيض»، وغيرها من الأعمال التى تركت بصمة فى وجدان المتفرج، ولن تنسى مثال «حمادة عزو، شرف فتح الباب، ابن الأرندلى» حتى وصل إلى آخر ملوك الصعيد «شيخ العرب همام»، ليصبح وعن جدارة شيخ عرب الممثلين الذى استراح عامين ليعود عام ٢٠١٢ بالخواجة عبدالقادر، مدمن الخمر الذى تحول إلى متصوف وصاحب كرامات، ليقنع جمهوره بمراحل الشخصية المختلفة بين السكر والانحراف والصوفية والتعبد.
أما دهشته التى قدمها فى مسلسل «دهشة»، المأخوذ عن قصة الملك لير للكاتب الإنجليزى وليم شكسبير، فقد كانت أكبر دليل على تحكم الفخرانى فى إمكاناته الفنية ليقدم الملك لير الإنجليزى بكل أبعاده النفسية والجسدية على المسرح، ويعود ليقدمها بشكل مختلف للتيمة نفسها، ولكن من خلال الباسل أحمد باشا المعجون بالتراب المصرى الخالص بعيدًا عن أبعاد إنجليزية، ليصل إلى أحدث أعماله فى رمضان الماضى التى قدم من خلاله الشيطان فى شكل جديد ومختلف عن كل سابقيه فى تجسيد هذه الشخصية المتخيلة فى مسلسل «ونوس». لم تتوقف محطات الفخرانى الفنية على بصمات الدراما الرمضانية فقط، فكانت له بصمات فنية على خشبة المسرح لن تُنسى، منها «راقصة قطاع عام، كيمو والفستان الأزرق، الملك لير، ليلة من ألف ليلة وليلة» وغيرها.
وفى السينما لن يترك الفخرانى المجال لفنه أن يقدم أى عمل دون أن يكون له تأثير وذكرى لدى الجمهور، فقدم «الكيف، إعدام ميت، مبروك وبلبل، خرج ولم يعد، الذل، الحب فى الثلاجة، حب فى الزنزانة» وغيرها، إلى جانب ريادته فى تقديم القصص الدينية فى الأعمال الكارتونية للأطفال مثال: «قصص الإنسان فى القرآن، قصص الحيوان فى القرآن، قصص النساء فى القرآن، عجائب القصص فى القرآن، قصص الآيات فى القرآن، قصص الأنبياء فى القرآن».
ويستمر نهر العطاء الفنى للفخرانى، وعلى الرغم من عدم مشاركته فى السباق الدرامى لشهر رمضان الحالى، إلا أنه يظل دائما الغائب الحاضر فى شهر رمضان حتى لو لم يقدم أعمالًا جديدة.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.