الأربعاء، 3 أغسطس، 2016

التصوير الشمسي 5 – أحمد المفتي

التصوير الشمسي (5) ….

وصوّرنا يا زمن…

البعثات الآثارية توطئة للاستعمار والاحتلال

لعبت الصورة الفوتوغرافية دوراً كبيراً في توجّه الغرب لاحتلال الشرق مبطّنة بالبعثات الآثارية (الاحتلال السّلمي) ممهّدة للاحتلال العسكري. ولاقى النشاط الفوتوغرافي الفرنسي والإنكليزي تشجيعاً كبيراً من مختلف الأطراف في الإمبراطوريتين الفرنسية والإنكليزية. ورصدت الأموال الطائلة للبعثات التي بدأت نشاطها بإجراء المسوحات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية.. وخاصة في الأرض المقدّسة (فلسطين)…

وكان من أبرز المصورين الفرنسيين الذين نشطوا بدعم من الحكومة والتي استعانت بهم في أواخر خمسينيات القرن التاسع عشر ماكسيم دوكامب Maxime Du Camp (1822 – 1894)

 

، وأوغست سالزمان Auguste Salzmann (1824 – 1872)، ولويس دوكليرك Louis de Clercq (1834 – 1901)، وبدأ نشاطهم في التقاط صور الآثار والمعابد القديمة، خصوصاً المرحلة المتعلّقة بالحروب الصليبية.. الزّنكية والأيوبيّة والمملوكية. عمد دوكليرك بعد تطوّر الداغيروتايب والكالوتايب إلى استخدام أسلوب الكولوديون الرطب.. وفي هذه الفترة أوفدت وزارة التعليم العام الفرنسية بعثة آثارية إلى سورية وآسيا الصغرى ومعهم المؤرّخ عمّانوئيل غيوم راي (1834 – 1916) المتخصص بالقلاع الصليبية. واقترح المركيز جان دوفوغيه أن يرافق دوكليرك البعثة التي وصلت إلى ميناء اللاذقية في 11 أيلول 1859 وعملت في المنطقة حتى 5 كانون الأول والتقطت الصور الرائعة لسورية، وما يميّز دوكليرك عن غيره من المصورين التقاطه الصور البانورامية ذات البساطة والجمال الأخّاذ وبتقنية عالية.

كان هدف البعثة التقاط صور لبقايا الحضارات السورية القديمة وللقلاع الصليبية، والتقط دوكليرك 1859 مئات الصور، واختار منها 222 صورة ونشرها على نفقته الخاصة في طبعة محدودة (50 نسخة فقط) وظهرت في ستة مجلدات ضخمة بعنوان: “مدن وآثار ومناظر من سورية” ويضمّ المجلد الأول 49 صورة لأنطاكية واللاذقية وطرابلس وجبيل وبيروت وعكا وحيفا، ومشاهد من بعلبك والناصرة وسبعة مناظر من دمشق.

ويحتوي المجلّد الثاني على قلاع الفترة الصليبية في سورية وفيه 37 صورة. أمّا المجلّد الثالث فيضم مناظر من القدس والمناطق المجاورة لها في فلسطين، ويشتمل على 28 صورة للقدس وضواحيها. ويضم المجلّد الرابع محطات درب الجلجلة في القدس وفيه 16 صورة، وأمّا المجلّد الخامس فيضم آثار ومناظر مصوّرة في مصر وفيه 41 صورة، في حين يحتوي المجلّد السادس على 51 صورة من رحلة له في الأندلس، وتمّ عرض المجلّدات فور صدورها في الجمعية الفرنسية للفوتوغرافيا. وفي سنة 1861 – 1862  عرضت ثلاث صور في جامعة لندن ولاقت استحساناً كبيراً .. وخلال رحلاته، جمع دوكليرك 600 من القطع الأثرية بالإضافة للصور، وأهدت قسما  منها حفيدة الكونت هنري دوبوجلان لمتحف اللوفر.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.