الأربعاء، 27 يوليو، 2016

حكاية التصوير الشمسي

 

صورنا يازمن …..

بطريقة بدائية، استطاع جوزيف نيبس سنة 1826 أن يتوصّل لآلية تصوير فوتوغرافية.. ولكنّه توفيّ سنة 1833 دون أن يحقّق ما أراد …

وقام: لويس داغير بتطوير ما توصّل إليه نيبس ونجح في سنة 1839 باختراع آلة التصوير (الدّاغيروتايب) نسبة إليه، وتنتج الآلة صورة واحدة فريدة على صفيحة فضّية أو نحاسية مطليّة بالفضّة، (نيكاتيف) ويمكن نقلها بواسطة الحفر لإنتاج صورة واحدة لا غير..

وكان هذا هو أسلوب التصوير الفوتوغراي بين سنة (1840 – 1850) وانتشرت الكثير من الصّور المحفورة بواسطة الداغيروتايب.

قرر عالم البصريات الفرنسي لوروبور إخراج كتاب مصوّر لأبرز معالم مدن العالم الشهيرة، فزوّد مجموعة من الفنّانين والكتّاب بآلة الداغيروتايب التي كان ينتجها، وتوجّهت منها اثنتان إلى منطقة الشرق الأوسط.

كانت البعثة الأولى بقيادة لوتبينيير.

والبعثة الثانية: الفنان فيرنيه، وبروتون، والفنّان المصوّر فيسكه، وتوجّهوا لمصر بحراً، وبقي لوتبينيير في مصر يصور الحضارة الفرعونية، في حين توجّه فيرنيه ورفيقاه براً إلى سورية فدخلوا غزة 1839 والتقط فيسكه الصور الأولى لغزة والقدس ودمشق وبعلبك وبيروت.

يقول فيسكه: “في 13 من كانون الثاني 1840 حوالي الساعة 3,30 بعد الظهر شاهدت دمشق لأول مرّة من على قمّة تلّة، إنّها الجنّة.. حدائق غنّاء مليئة بالجداول الرقراقة، والمآذن الكثيرة البيضاء التي تشرئبّ بروعتها تخلب اللّب وسط طبيعة شتائية كئيبة”..

أمضى فيسكه ورفيقاه في دمشق ما بين 11 – 24 كانون الثاني، وأقاموا في دير الآباء الكبوشيين في باب توما.. والتقط فيسكه أول صورة لدمشق بآلة الداغيروتايب الساعة 3,20 من بعد ظهر 19 كانون الثاني …

أمّا لوتبينيير، فبعد أن أنهى جولته بمصر، توجّه نحو سورية وسجّل انطباعاته ومشاهداته ونشرها في مذكراته [يوميات رحلة (1839 – 1840)].

يقول لوتبينيير: “كنت متلهّفاً للوصول إلى دمشق المدينة العظيمة المقدّسة، وما عرفت مدينة يطول انتظار رؤيتها مثل دمشق…

وأخيراً بدت وكنت قرأت عنها، إلاّ أنّ ما رأيت كان أجمل بكثير مما قرأت.. هي السّحر، امتدّت وسط سهل كبير وأدغال، والماء يجري في كلّ مكان.

وحين وصولي إلى دير رهبان الفرنسيسكان حيث حططت رحلي، كان الناس يتحدّثون عن الجريمة التي اقترفها اليهود بإقدامهم على ذبح الراهب الفرنسيسكاني الأب توما الذي كان أمضى أكثر من سبع وثلاثين سنة يساعد المرضى، ويعطي اللقاحات لأكثر من خمسة عشر ألف طفل”….

ويسرد لوتبينيير تفاصيل الجريمة ووثائقها التي أقدم عليها الحاخام موسى أبو العافية …

بعد زيارة القنصل الفرنسي، التقى الوالي شريف باشا وطلب منه الأذن وتأمين الحماية له لزيارة تدمر، ولكنّ الوالي نصحه بعدم الذهاب وهو لا يستطيع حمايته. ويصف لوتبنيير أثاث غرفة الوالي البسيطة الرّثّة.. كما يصف اندلاع وباء الطاعون أثناء إقامته حيث غادر بسرعة قبل الحجر عليه صحّياً …

وابتداء من العام 1840 وخلال السنتين التاليتين نشرت الصور بشكل تدريجي وصدرت الطبعة الأولى من كتاب (Excursions Daguerriennes) في مجلّدين ضمّا 111 صورة اختيرت من أصل ما يقارب 1200 داغيروتايب.

مرسلة بواسطة Ahmad Al Mufti

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.