بقلم باسل نيصافي

استغرب بأن لدى البعض منا استعداد مسبوق
لعدم تقبل بعض الأشياء أو محاولة فهمها
بسبب بعض الآراء الجاهزة و المعلبة عنها سلفا
وردني تساؤل عن مقالي السابق تأكيدات الصورة الفوتوغرافية الناجحة
والذي أشرت فيه إلى نسبية انيشتاين واطلاعي عليها
و أحببت أن أرد عليه لأنه استفزني للكتابة
والسؤال كان على النحو التالي
اطلعت على النسبية لأنيشتاين ولكن هل فهمتها؟
إنها غاية في التعقيد

وكان ردي لصاحب السؤال
هل قرأتها أنت فأجاب بالنفي
وتعليله كان في سؤاله نفسه الذي طرحة علي
لأنها بالغة التعقيد
فإلى من لديهم هذه الفكرة عن هذه النظرية
أقدم لهم هذا الشرح المبسط والعام عنها

في الكون الذي نعيشه لاوجود للزمان بمفرده ولا للمكان بمفرده
فالوجود بأكمله يشكل نسيجا متصلا من الزمان والمكان
نطلق عليه اسم ( الزمكان)
والزمكان مكون من أربع أبعاد هي
الطول العرض العمق
والبعد الجديد الذي اضافته النسبية ألا وهو البعد الزمني
فالمسافات الشاسعة التي تفصل الأجرام السماوية عن بعضها البعض
لاتقدر بالكيلومترات بل بالسنين الضوئية وهي
المسافه التي يقطعها الضوء خلال سنه من الزمن
وإذا علمت أن الضوء سرعته تقدر بنحو
300.000 كيلومترفي الثانية الواحدة
فتخيل المسافه الخرافيه التي يقطعهاالضوء
خلال سنه من الزمن
ووفق النظريه النسبية
فإن سرعه الضوء هي السرعه الحديه العظمى والمطلقة
فلا وجود لسرعات أعلى من سرعة الضوء أبدا
ولا يمكن لجسم مهما وظفت له من طاقة
أن يبلغ سرعات كبيرة جدا وقريبة أو مماثلة لسرعة الضوء
لأنه كلما ازدادت سرعه الجسم ازدادت عطالته ( مقاومته للتسارع )
وهذا يحول في النهايه الى عدم بلوغ الجسم سرعات عالية

وفي الكون الذي نعيشه أيضا لاوجود لما يدعى بالخط المستقيم
فالوجود والكون بأكمله محدب ومنحني
ويزداد تحدبه حول الأجرام السماويه الكبيرة السابحة فيه
بسبب قوه جاذبيتها الكبيرة
وبما أن الزمكان مكون من أربعة أبعاد
وبما أن الفضاء الكوني برمته محدبا
هذا يقتضي أن الأبعاد الأربعة المكونة للزمكان تنحني وتتحدب أيضا
وتختلف من مكان لآخر في النسيج الزمكاني
فالزمن يتباطأ بجوار الأجرام السماويه الكبيرة
لأنها تشوه الزمن وتثنيه
فالزمن يتباطأ بجوار الشمس كثيرا مقارنه مما هو عليه بجوار الأرض لأن
كتلة الشمس أكبر بكثير من كتله الأرض

افترض انيشتاين بوجود امكانيه لجسم ما بأن يسير بسرعة الضوء
وتسائل ماذا سيحدث لهذا الجسم عندها ؟
إن أبعاد هذا الجسم تتغير حسب سرعته
فأبعادهذا الجسم تبدأ بالقصر والتقلص مع اقتراب الجسم من سرعة الضوء
حتى اذا بلغ الجسم سرعة الضوء انعدمت أبعاده وتصبح مساويه للصفر
كذلك الزمن يبدأ بالتباطؤ مع اقتراب الجسم من سرعة الضوء
حتى اذا بلغ الجسم سرعة الضوء انعدم الزمن بالنسبة اليه وتوقف
فالجسم السائر بسرعة الضوء ينعدم لديه مفهومي
الزمن والابعاد
بشكل مطلق

الضوء يتعرض للجذب من قبل الكتل المختلفه الموجودة في الكون
والضوء في الفضاء المنحني المحدب ينحني أيضا ويتحدب
حتى يصل في نهايه المطاف الى النقطة التي صدر منها
فإذا انطلقنا من أيه نقطة في الكون وسرنا مستمرين بنفس الاتجاه
سنفاجأ بالنهاية بأن عدنا الى نقطة البداية التي انطلقنا منها
كذلك لو أتيح لنا النظر الى الكون
من خلال تلسكوب عملاق يرينا أعماق الكون
سنفاجأ أيضا بأننا سنرى في أعماق الكون أنفسنا
ونحن جالسين وراء هذا التلسكوب

استطاع انيشتاين بعبقريته الفذه توحيد ثنائيات
المكان والزمان بالنسيج الزمكاني
والكتله والطاقة بمعادلته الشهيرة
الطاقة = الكتلة × مربع سرعة الضوء
وهذه المعادلة هي التي أوجدت
تفاعلات الانشطار النووي والمفاعلات النووية
وأسوأ نتائجها الكارثية كان القنبلة الذرية
فإن كتلة صغيرة جدا من المادة المستخدمة كوقود نووي
قادرة على إطلاق
طاقة هائلة
لأنها مضروبة ب ( 000 000 000 90 مربع سرعة الضوء )

ولعل البعض الان يتسائل عن فكرة
هل من الممكن انعدام الزمان والمكان في نقطة ما من كوننا
والجواب بالطبع نعم
لعلكم سمعتم بالثقوب السوداء
ولنمضي الآن إلى اللاأين (اللامكان ) واللاآن ( اللازمان )
فضمن الثقب الأسود
يتوقف الزمان وينعدم
وينهار المكان ويتلاشى
وتنسحق المادة وتفنى
ويتوقع العلماء أن تكون الثقوب السوداء بمثابة
مسام وقنوات اتصال بين كوننا وأكوان أخرى مجهولة


وفي الختام


بالرغم من التداعي الذي أصاب أحد أركان النظرية النسبية
وهي فرضية أن سرعة الضوء هي السرعة الحدية العظمى في الكون
لاكتشاف جسيمات تسير بسرعة فوق ضوئية
إلا أن للنظرية النسبية فضل كبير في تفسير العديد من
المسائل الكسمولوجية في الكون
وستبقى خالدة هي ومبدعها
مابقي العلم
ومابقي الانسان
………………………………………

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.