صالح

في ذكرى ميلاد ووفاة سعيد صالح

7 مشاهد من سيرة عادل إمام وسعيد صالح: صداقة انتهت بـ«كسر الضهر»

صالح

«مرسي الزناتي» و«بهجت الأباصيري»، ثنائي كوميدي لم يتكرر منذ أيام «مدرسة المشاغبين»، أحدهما يقول «الإيفيه» الكوميدي، يتلقاه الآخر بصدر رحب ثم يسدد ضربة كوميدية أخرى بخفة، فتنفجر ضحكات الجمهور من حولهم، هكذا كانت الكوميديا تدور في فلك الثنائي، عادل إمام وسعيد صالح لعدة سنوات.

في كتابه «المضحكون»، يقول الكاتب الراحل، ومتذوق الكوميديا، محمود السعدني، عن جيل عادل إمام وسعيد صلاح: «هذا هو آخر فوج من المضحكين، ولا نستطيع أن نتكهن بالمستقبل لهم، لأن المستقبل بالنسبة لهم مازال في علم الغيب، وقد تأتي الرياح بما يشتهي المضحكون، وقد تأتى الرياح بما يشتهى المضحكون، المضحكون الجدد هم شلة العيال».

وعن المقارنة بين عادل إمام وسعيد صالح، قال «السعدني»: «لاشك أن عادل إمام هو أبرزهم وأقدرهم وأشهرهم، هو شديد الانتشار، يحتل في السينما منصة عالية»، أما سعيد صالح «كان موهوبًا متشردًا هاربًا من الدراسة، شديد الضيق بها، هائمًا على وجهه يبحث عن نفسه، ولاشك أنه وجد نفسه فجأة في مسرح التليفزيون».

ويرصد «المصري لايت» 7 مشاهد من سيرة صداقة عادل إمام وسعيد صالح، وفقًا للقاءات النجمين سويًا أو اللقاءات المنفردة.

7.

نتيجة بحث الصور عن سعيد صالح+عادل إمام

في أواخر عام 1979، ظهر الفنان، سعيد صالح، في لقاء نادر أذيع على التليفزيون اللبناني، مبديًا فيه قدرا عاليا من خفة الدم وسرعة البديهة، كما تحدث عن بدايته وحبه للتمثيل برفقة صديقه المقرب، عادل إمام، الذى التقاه في المدرسة السعيدية، قائلاً: «أنا وعادل لو مكناش مثلنا، كان زمانا دلوقتي قاعدين في السجن»، نظرًا للشقاوة المعتادة للثنائي.

وأضاف: «إحنا كنا زملاء في المدرسة السعيدية، ومكنش حد يقدر يستحملنا في ثانوي، بس كانوا ساعات بيستحملونا عشان دمنا كان خفيف»، ومن بعد الثانوية، تفرق الصديقان، ولكنهما التقيا على خشبات مسرح الجامعة، حيث جمعتهما الموهبة الفنية المتفردة التى تمتع بها كل فرد منهم.

6.

صورة ذات صلة

كانت مسرحية «مدرسة المشاغبين»، عام 1973، بمثابة «وش الخير» على الثنائي عادل إمام وسعيد صالح، أو «بهجت الأباصيري» و«مرسي الزناتي»، حيث حظيا بقدر كبير من الشهرة وقت عرض المسرحية، ولعدة سنوات بعدها، وأصبح الجميع يعرف أن تلك «مدرسة المشاغبين» ستصب في النهاية لصالح مدرسة الكوميديا المصرية.

ولأن التفاهم بين سعيد صالح وعادل إمام في أعلى درجاته، روى الأخير قصة إيفيه كوميدي ابتدعه سعيد صالح، قائلاً: «سعيد صالح كان عندي في البيت، وسمع (مُنى) أختى بتقول وهي بتذاكر (ينكمش بالحرارة ويتبربر بالبرورة)، وبعدها اقترح إن إحنا ناخد الجملة دي في المسرحية».

وبعد مسرحية «مدرسة المشاغبين»، اشترك الثنائي في عدة أعمال حققت نجاحًا واسعًا مثل«الهلفوت»، «أنا اللى قتلت الحنش»، «على باب الوزير»، «سلام يا صاحبي»، «المشبوه»، الأعمال التى ساعدت على انتشار ونجاح الثنائي، ولكن عادل إمام سبق سعيد صالح بعدة خطوات، بينما تخلف الأخير لأسباب كان يبررها هو قائلاً في عدة لقاءات تلفزيونية: «أنا ماحبتش السينما والتليفزيون، لقيت نفسي في المسرح أكتر».

5.

نتيجة بحث الصور عن سعيد صالح+عادل إمام

وفي الثمانينيات، سجن الفنان، سعيد صالح، ودافع عنه صديقه ورفيق عمره، عادل إمام، واصفًا محاكمته بأنها محاكمة للفكر المصري.

كما قام الفنان الراحل، يونس شلبي، بالدفاع عن سعيد صالح قائلاً: «فنان مبدع يستلهم فنه من خلال حواره مع الجمهور ولا يجوز تقييد موهبته بل يجب أن يعيش الدور بكامل حريته ولا يحاسب على لفظ خارج على النص وإلا ما اعتبر هذا فناً»، لم يتأثر القاضي بكلمات المدافعين عن سعيد صالح، وأنهى الجلسة بحكم صارم تمامًا، وهو استمرار حبس سعيد صالح.

4.

صورة ذات صلة

رغم قصر المدة التي سجن خلالها سعيد صالح، وخروجه من المحنة، لكنه ظل يتعثر في «مطبات» فنية وحياتية، وانتشرت الشائعات أن هناك خلافات فنية بينه وعادل إمام، والتى كان يتم نفيها دائمًا من الجانبين، فعندما سأل عادل إمام عن موهبة صديقه في أحد اللقاءات التليفزيونية، أسند رأسه للوراء ثم قال: «سعيد صالح ده صاحبي من زمان، ورفيق سلاح زي ما بيقولوا، وممثل موهوب من الدرجة الأولى ونادر، قليل لما يطلع ناس زيه، عملة صعبة، الحاجة النادرة دايمًا بتبقى غالية. إحنا الاتنين يمكن طبيعة واحدة، نختلف في الشكل، ولكن إحنا واحد».

كان عادل إمام أيضًا، وفقًا لرواية بلال فضل في سلسلة «الموهوبون في الأرض»، بمثابة الصديق الوفي الذى لم يترك صديقه يسقط وحيدًا، فكان يحاول لفت انتباهه بين كل حين وآخر، مثلما حدث في إحدى المرات: «في مطلع التسعينيات، وعند بدء انتشار الفضائيات، عادل إمام، كان بيقلب وشاف فيلم مسمعش عنه، ولا عرف إن سعيد صالح شارك فيه، كان من نوعية أفلام المقاولات، فلما عادل إمام كلم سعيد صالح قاله (إيه يا سعيد الفيلم ده؟)، فرد ضاحكًا: (هو أنتوا لسه شوفتوا حاجة، الفترة الجاية هاهريكم أفلام من دي، هو اللى بتعملوه ده سينما؟).

وعلى عكس النجوم الذين أبدوا استياءهم من بعض الأفلام التى قاموا بها، لم يندم سعيد صالح على شىء وكان غير مكترث بأي شىء، ويقول: «كل الحكاية إني مانبسطتش في السينما زي ما انبسطت في المسرح، ولو ينفع يا ريت كنت اشتغلت سينما بس، وبلاش مسرح خالص».

3.

حاول البعض إشعال الخلاف عدة مرات بين سعيد صالح وعادل إمام، ولكن سعيد كان يصر على نفي ذلك، ففي لقائه عبر برنامج «بدون رقابة»، قال: «أنا وعادل إمام مش منافسين، ومفيش مقارنة، إحنا إخوات وأصحاب، وأنا بقالي 20 سنة مابشتغلش في المسرح والسينما، آخر حرفة ليا هي المزيكا، ودي اللى أنا هاشتغل بيها».

وعندما سئل في مناسبة مختلفة في برنامج «بوضوح» عن عادل إمام، بصيغة «مش زعلان من عادل إمام عشان مبيسألش عليك؟»، فأجاب «ده حبيبي»، ثم كررها مرتين، وأكد أيضًا أن عادل إمام كان من أوائل الذين حرصوا على الاطمئنان عليه بعد الحريق الذي شب في شقته بحسب مجلة «لها»، وأضاف أن هذا ليس غريباً على عادل إمام بعد عشرة العمر الطويلة بينهما.

وأثناء ظهوره في البرنامج نفسه، قال سعيد صالح ضاحكًا: «أنا وعادل عملنا شغل حلو في أيامنا، ومن ساعة ما بطلت أشتغل معاه، بطل يعمل أفلام حلوة»، ثم أضاف: «يا عم أنا بهزر، عادل ذكي وشاطر والناس بتحبه».

وعندما سأله المذيع عن الأفلام التى أحبها سعيد صالح لعادل إمام بعد آخر فيلم شاركا فيه سويًا، «سلام يا صاحبي»، تجاهل السؤال بخفة وقال «إنت شكلك بتوقع بيني وبين عادل»، صمت قليلاً ثم أضاف «على فكرة أنا مرة سألت عادل (إنت ليه بطلت تجبني في أفلام معاك؟» وأجابه الأخير «مش إنت اللى أجيبك في أي دور يا سعيد»، وانتهت كلماته بـ«على فكرة لو طلبني بكرة، هروح».

2.

نتيجة بحث الصور عن سعيد صالح+عادل إمام

وفيما بعد، طلب عادل إمام من سعيد صالح أن يؤدي دورًا خلال أحداث فيلم «الجردل والكنكة»، 1997، حتى يخرج سعيد من دوامة الاكتئاب التى حاصرته، أو كما قال عادل إمام: «كان الأمر صعبا علي أن أجد فنانا مهمته إسعاد الناس قرر أن يحبس نفسه في قفص من الأحزان»، واستمرت مشاركات سعيد صالح في أفلام عادل إمام بعد ذلك.

وعندما كان الصحفيون والنقاد يجادلون سعيد صالح بشأن الأدوار الصغيرة التى يشارك بها في أفلام صديقه الذى أصبح «زعيمًا»، ويوجهون له سؤال: «لماذا وافقت على أداء دور صغير في فيلم لعادل إمام»، كان يقول: «عادل صاحبي ولو طلبني في أي دور هاروح»، وشارك بالفعل بعدها في عدة أفلام مثل مشاركته في فيلم «أمير الظلام»، حتى فيلم «زهايمر»، وكان عادل إمام يقول عنه، وفقًا لبلال فضل: «سعيد يعمل اللى هو عاوزه».

1.

صورة ذات صلة

وفي أواخر أيام مرض سعيد صالح، كان يتهم الكثيرون رفيق دربه، عادل إمام، بعدم مساعدة صديقه، الأمر الذى كان ينفيه سعيد صالح بشدة، فيما أكدت زوجته أيضًا، خلال الحوارات الصحفية، أن عادل إمام أراد مساعدة صديقه ماديًا، ولكن سعيد صالح كان يرفض دائمًا بكل عزة نفس.

وفي صباح يوم الجمعة الأول من أغسطس 2014، رحل عن عالمنا سعيد صالح، إثر أزمة قلبية حادة، ودفن في مسقط رأسه في المنوفية، ولكن حينها أيضًا، لم يسلم الثنائي من الشائعات، وقيل إن عادل إمام لم يحضر جنازة رفيقه لأنه كان في «المصيف»، الأمر الذى نفاه عادل إمام فيما بعد قائلاً: «سعيد جزء من حياتي ويعلم الله أنني لم أفارقه لحظة وكنت دائم السؤال عنه..وعندما أجد صعوبة في الوصول له كنت اتصل بابنته هند التي أحبها مثل ابنتي، وبكل أسف فإن الوفاة حدثت وأنا في زيارة لمدينة دبي، وكنت أتمنى أن أكون في وداعه، فقد كان صديقا مخلصا وفنانا موهوبا بمعنى الكلمة»، وأضاف: «إن رحيله كسر ظهري».

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.