الرقيق الظريف والجبلي العنيد

نادين بكداش

نادين بكداشعارف الريّس، قبل كل شيء، حضور حبيب نشأتُ على صداقته. شارك والدي في مشاريع كانت تساهم في صناعة المجتمع اللبناني، في روح خلاقة، واندفع إلى جانب والدتي جانين ربيز في تأسيس “دار الفن والأدب” وتدعيمها بروح الجرأة والإبداع.
متجرد حر، يطارد الأفكار الجديدة ويغوص في الإحساس البشري حتى الرهافة. رقيق القلب، ظريف الكلمة، يجمع إلى هذه قوة الجبلي العنيد المثابر. كريم النفس، معطاء ومحب، رأيناه ينعطف على الإنسان في كل مواطن جماله، يحادث الصغير، يقدر جمال الأنوثة، يخدم الكبير فيكرس جمال أبيه الشيخ، يلاطفه ويعجب بقدسيته ثم يعود إلى طراوة الشباب وقلقه فيرافق ابنته ويزهو بحضورها.
يترك عارف الريس بصماته تحكي حضوره مهما غاب. تنقل في دول كثيرة ولم يغب عن لبنان الذي حمله في ألوانه وخطوطه. تعاطى القلم بلغات ثلاث، كما تعاطى الريشة بأشكال مختلفة ونجح في ترك بصماته المبدعة الأصيلة على الفن الذي يحتفي بالحياة.
سنفتقده كثيرا في جلساتنا، في عصف أفكارنا، في تحريك ضحكاتنا وتحدي إبداعاتنا.
ينضم في رحيله إلى شفيق عبود وسعيد أ. عقل، وآخرين، متحررا من تناقضات عالمنا، تاركا لنا مجموعة شاهدة لغنى تجاربنا الفنية اللبنانية، فهل نرفع التحدي وننحني للفن ونعرف كيف نحتضنه اليوم لنسلمه في أمانة إلى الأجيال القادمة؟
علّنا لو أقمنا لهؤلاء المبدعين الراحلين صرحاً يليق بإبداعاتهم نقدم إلى الفن مجالا ليساهم في صنع الحياة، ونكون أوفياء للأمانة التي تركوها لنا.

*****

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.