“فتاة منصور”.. السعي إلى الغرابة وتحقيق الاختلاف

 لمى علي

الجمعة 12 تموز 2013

بين النحت على الفضة والرسم بالسكين أبدعت لوحات فنية عكست وحدتها في الغربة.. لتعود إلى بلدها سورية وتحمل معها حفنة أمل بغدٍ أجمل.

تكبير الصورة

إنها الفنانة “فتاة منصور” التي بحثت عن التميز وتسعى إلى الاستقرار.

مدونة وطن “eSyria” التقت مع الفنانة بتاريخ 20/5/2013 وكان الحوار التالي: 

* كيف كانت بداية تفتح الموهبة لديكِ مع العلم أنكِ بدأتِ الرسم بشكل فعلي في وقت متأخر إذا صح القول؟

** الموهبة كانت موجودة منذ الصغر إلا أنني لم أتقنها إلا بعد أن تزوجت وسافرت بعيداً عن بلدي حيث ظهرت مواهبي بشكل واضح من خلال عدد من الرسومات والأشغال اليدوية التي وضعتها في منزلي ما دفع أصدقائي وزوجي إلى تشجيعي للمشاركة في معارض فنية لعرض منتجاتي خارج حدود المنزل.

* ما المعارض التي شاركتِ بها والجوائز التي حصلتِ عليها؟

** أول معرض أقمته كان في لبنان وذلك منذ 16 سنة، وفي نفس العام أيضاً أقمت معرضاً في إسبانيا، وبعدها تتالت مشاركتي في الكثير من المعارض في دول الخليج وكانت تلك المعارض أغلبها فردية، وبعدها عدتُ إلى بلدي واستقريت في سورية، وشاركت في الكثير من المعارض الجماعية في أغلب المحافظات السورية ومنها (دمشق– تدمر– القامشلي– الحسكة– اللاذقية– طرطوس– حمص) وخلالها حصلت على العديد من الجوائز وشهادات التكريم في معرض “دمشق الدولي” وذلك بشكل سنوي، وفي مهرجان “مشتى الحلو”، ومهرجان “المرأة الريفية” في طرطوس، ومعرض “سيدات الأعمال” في كل من محافظتي حمص واللاذقية، وحصلت مرتين على الجائزة الفضية لمعرض “الباسل للإبداع والاختراع” الذي يقام كل أربع سنوات في دمشق (مع العلم أن الجائزة الذهبية تذهب للمخترعين)، كما كرمت في محافظة الحسكة في مهرجان “المرأة المبدعة” من بين ثلاث نساء على مستوى سورية. 

* ما الذي يميز الرسم بالسكين عن غيره من اللوحات الفنية؟

** الغرابة والصعوبة هي أكثر ما يميز هذا النوع من الرسم، وأنا أحببت الخوض في مجال غير مألوف لدى الكثير من الناس لأشعر بأنني مختلفة عن غيري فعدد الفنانين الذين يرسمون بالسكين والمتميزين في هذا المجال قليل جداً، أما الصعوبة فتكمن في قدرة الفنان

تكبير الصورة
من أعمال الفنانة

على إيصال فكرته من خلال هذا النوع من الرسم وبالنسبة لي أحياناً أضطر إلى استخدام أصابع يدي خلال الرسم.

* وماذا عن الرسم على الفضة؟

** هو عمل ممتع جداً إلا أنه أصعب من غيره لأن مراحله كثيرة ويحتاج إلى صبر وتأن ودقة وحذر في العمل أكثر من غيره لأن المادة التي أتعامل معها حساسة جداً، حيث يتم تصوير العمل في البداية ليأتي بعدها البدء بالحفر والنفر ومن ثم الحشي والتلبيس وإدخال الإكسسوارات وأخيراً التعتيق، وبالنسبة لي كانت البدايات في مجال الرسم على الفضة في الآيات القرآنية والخطوط والحروف العربية والزخارف الإسلامية، ومن ثم أحببت أن أتطور في هذا المجال فبدأت بالرسم التجريدي الذي يعتبر أصعب إلا أنه أجمل وأقدر على إيصال فكرة الفنان للجمهور بشكل رائع.

* ما المبادئ الأساسية التي يجب أن يمتلكها الفنان للحصول على أعمال مميزة؟

** أولاً القدرة على تحديد الفكرة وتحضيرها على الورق ليكون تنفيذها أسهل وأجمل، بالإضافة إلى ضرورة أن يعطي الفنان كل عمل حقه في كل شيء إلى أقصى درجة سواء من الوقت أو الشغل أو المواد والأدوات ليحصل في النهاية على عمل مميز، أما من الناحية الداخلية فيجب أن يكون الفنان نظيفاً من الداخل ليكون قادراً على تقديم إحساس صادق ومرهف بالإضافة إلى ضرورة تمتع الفنان بالصبر.

* كيف تجدين حركة الفن التشكيلي في محافظة طرطوس؟

** لدينا الكثير من الفنانين الرائعين وأعمالهم مميزة وجميلة ولكن المشكلة أنهم غير فاعلين بشكل كبير في الساحة الفنية التشكيلية، وهذا يعود إلى دور الإعلام الذي لم يساهم في إظهارهم بالشكل اللازم وتعريف الجمهور بهم بشكل أكبر من جهة، وإلى كسل هؤلاء الفنانين وعدم قدرتهم على فرض أنفسهم على الساحة الفنية من جهة أخرى، ويكون ذلك من خلال مشاركتهم في المعارض الجماعية المحلية والخارجية من أجل تحقيق تمازج وتبادل آراء بينهم وبين غيرهم من الفنانين، وبالنهاية هم موجودون ورائعون ولكن بحاجة إلى احتضان أكثر.

تكبير الصورة
لوحات رسم بالسكين


* هل هناك اتجاه سائد لنوع فني محدد في طرطوس يعكس البيئة الساحلية؟

** في طرطوس يوجد تنوع من حيث الاتجاه الفني، فمن الفنانين من أثرت البيئة الساحلية على أعمالهم الفنية من خلال الاتجاه لرسم الطبيعة، ومنهم من يعتمد على توثيق المدن القديمة بأسلوب معين، وغيرهم ركز على الأسلوب الواقعي فقط.

* ما الانعكاس الذي فعلته الغربة في لوحاتك؟

** أعترف أنني لم أتأثر بالطبيعة الساحلية ولا يوجد في أعمالي ما يدل على البحر وذلك على اعتبار أنني قضيت أكثر من 25 سنة خارج بلدي، وبالتالي تركت الغربة في داخلي الكثير مما أثر على لوحاتي وأعمالي الفنية واعتمدت في الكثير منها على تصوير المرأة بكل حالاتها، وكان التركيز الأكثر على الوحدة بالإضافة إلى الأمومة والعطاء والعزلة وغيرها. 

* كيف تجدين أعمالك الفنية في عيون الجمهور؟

** بالنسبة للرسم على الفضة أعتبر أنه نوع فني خاص له جمهور محدد وله ذائقته الفنية الخاصة ومزاجه المميز، والكثير من الأعمال التي أقوم بها في هذا المجال تكون توصية من قبل الجمهور وقد بعت الكثير منها، أما الرسم بالسكين فهو يختلف في عيون الجمهور ولا يمكن أن أقيم ذلك.

* هل حققتِ طموحاتكِ الفنية؟ وإلى ماذا بعد تطمحين؟

** بشكل عام أنا راضية عن نفسي كثيراً وحققت ما أريد من خلال السفر والتعرف على العالم وإقامة المعارض، والعمل الفني، وبالنسبة لي ليس مكسباً مادياً وإنما الوصول إلى حب الجمهور لأعمالي، والحمد لله أنني أصبحت اليوم قادرة على إقامة معرض في أي مكان ولو كان ذلك على حسابي الشخصي، أما طموحي فأفكر حالياً بمشروع إنشاء مشغل خاص بي لأعمل فيه بشكل دائم ويومي وأصنع من الفضة كل ما يخطر على بالي وأن يكون في نفس الوقت معرضاً لمنتجاتي الفنية وخاصةً أنني لم أعد أرغب كثيراً بالسفر وأسعى إلى الاستقرار.

في النهاية أريد أن أقول إن بلدنا سورية أجمل لوحة في العالم إلا أنني

تكبير الصورة
أعمال رسم على الفضة

أتخيلها تحفة فنية رائعة وهناك من يمزقها بالسكاكين وعلى الرغم من أنها تشوهت إلا أننا يجب أن نسعى لإعادتها لوحة في غاية الجمال.

وفي لقاء مع السيدة “نظمية اسماعيل” متخصصة في مجال الأشغال اليدوية وعضو اتحاد الحرفيين بمحافظة طرطوس قالت: «”فتاة منصور” اختارت طريقها الفني بتميز حيث إن مجال الرسم على الفضة من الفنون القليلة الانتشار في محافظة طرطوس إلى حدٍ ما، وهي شاركت في العديد من المعارض الجماعية التي تضم أنواعاً مختلفة من الفنون وكانت أعمال الفنانة “فتاة” مميزة ولافتة للانتباه وتضيف: “الإبداع الفني لديها لا يقتصر على لوحتها وأعمالها الفنية وإنما اللمسة الإبداعية تكمن في كل تفاصيل حياتها اليومية».

يشار إلى أن الفنانة “فتاة منصور” من مواليد عام 1964 متزوجة ولديها 3 أولاد وتقيم في محافظة طرطوس مع عائلتها.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.