ياسمين النعيزي

منال ديب تشرح القضية الفلسطينية بالفن

الجمال الذي نراه مرسومًا أو مكتوبًا أو منحوتًا أو مؤلفًا, ينسج على نول التضحية والدأب, كرسوماتها التي تعبر عن امتداد الوطن الذي رحلت عنه ” لأجله ” فوق روحها, فقد وشحت رسوماتها بهويتها الفلسطينية, ونذرت ريشتها لخدمة قضيتها العادلة, فأبدعت في الرسم والفن الرقمي وفنون الخط, ومن خلالها دمجت بين الواقع الفلسطيني والتجريد.

هي الفنانة منال ديب, ولدت في مدينة رام الله وعاشت فيها حتى حصولها على شهادة الثانوية العامة, ثم انتقلت إلى مدينة شيكاغو لدراسة الفن التشكيلي, ثم علم النفس وعلاقته بالفن, والعلاج النفسي عن طريق الفن, وبعد ذلك كرست كل ما احترفته لأجل التعريف بالقضية الفلسطينية واستقطاب الرأي العام الغربي والعالم لها, وقد نجحت في تغيير اتجاه رأي الكثيرين ضد الاحتلال الإسرائيلي.

اكتشاف الشغف
تحكي منال ديب عن الوقت الذي اكتشفت فيه شغفها بالفن “منذ الصغر وأنا أقوم بالتعبير عن نفسي بالرسم، ولكنه لم يأخذ منحنى تعليميا وعمليا درسته في أمريكا, وقتها بدأت اهتماماتي بالفن تتبلور وتتضح أكثر”.

لم يقف أحد من أسرتها عائقًا أمام طموحها بالفن, مع ذلك حصلت منال على بعض الانتقادات كونها فتاة فلسطينية مسلمة تدرس الفن بشتى تكويناته وكيفية استخدامه للتعبير بحرية قد لا تلائم الثقافة أو ما تسمى التربية العامة وحدودها.

الأدب الملهم
تقول منال: ” لوحاتي معظمها أستلهمها بعد قراءتي لقصيدة أو نص أدبي أو كلمات منمقة معينة, سرعان ما أتأثر بها وأحولها إلى لوحة تشكيلية, حتى تصبح تلك القصيدة شارحة ومفسرة للوحتي مما يجعلها خالية من التعقيد للمتابعين البسطاء الذين لا يستوعبون تداخل الفن, والذي لا يفهمه إلا المتعمقون بالفن”.

تقوم منال بدمج الخط العربي بلوحاتها لإبراز هويتها العربية, وعن ذلك تقول “في معظم لوحاتي التشكيلية يكون الخط العربي غير مقروء أو مفهوم , وإضافة الخط العربي تعطي المتلقي إضافة جمالية للعمل الفني، وهذا كان واضحا عندما أرى شخصا لا يقرأ اللغة العربية ولكن العمل يجذبه للتأمل وللنقاش”.

فنانة مجازفة
لا تنتمي أعمال منال ديب إلى مدرسة فنية معينة فهي تدمج ما بين التشكيلي والخط والرقمي وفي بعض الأحيان أدوات أخرى كلحاء الشجر أو قطعة قماش وما شابهها, وتذكر منال أن نقادًا فنيين نقدوا أعمالها تحت بند ” مجازفات فنية ” وهي لا تمانع ذلك النقد فكما تقول: ” كل عمل لدي له قصة وتعابير مجازية, لا يمكن إسقاطها على مدرسة فنية بعينها”.

معارض فنية
بدأت منال في إقامة المعارض الخاصة في داخل الولايات المتحدة وخارجها, كالمعرض الذي أقيم في مقر الأمم المتحدة عام 2012 والذي ضم 30 لوحة تشكيلية تحت عنوان “فلسطين” لمدة 3 أشهر وهي كما تقول منال أطول مدة عرض لفنان فلسطيني في تاريخ الأمم المتحدة.

تقول منال: ” لدي الكثير من المعارض الفنية في أمريكا وأوروبا, لكنها للأسف قليلة جدًا في العالم العربي, حيث إن الاهتمام في الغرب ينبع من الاهتمام بالفن الذي يحمل رسائل اجتماعية، وسياسية ودينية “, تتابع: “على عكس الاهتمام في الوطن العربي والذي يكون اهتماما تجاريا بحتا في أغلب الأحيان”.

انتقادات لاذعة
تحصل منال على بعض الانتقادات التي تشكل أكبر التحديات لها في مشوارها الفني, تحكي عنها ” واجهت غضبا من جماعات لكوني أمثل فلسطين في محافل فنية، وواجهت كلمات لاذعة واتهامات بهذا الخصوص، ولكن كل هذا زادني إصرارا للاستمرار لأنني على يقين بأن أعمالي وصلت الهدف ولهذا هم يحاربونني”.

الفن بالوراثة
أورثت منال جيناتها الفنية لبناتها ” فرح وصبا “, الأولى وهي الكبرى درست وتعمل في التصاميم ولديها العديد من الأشخاص المهتمين بفنها, وتعتبرها أمها مصدرا مهما للكثير من أفكارها الفنية.

أما صبا صاحبة الثمانية أعوام فهي تحمل شغفًا كبيرًا بالفن لا يقل عن شغف أمها, ولكن بأسلوبها الخاص, وهي تلازم أمها بكل معارضها .

رسالة خاصة
ترسل منال رسالة لمحبي أعمالها وتقول لهم: ” أنتم الشعلة التي تضيء طريقي الفني، كل الأمل أن ألقاكم أو تلقاكم لوحاتي التي هي أنا بتفاصيلي كلها”.

وقد خصصت منال رسالة “للأنثى” فحواها ” كوني خلاّقة ولا تحدي من قدراتك, كوني حرة في تفكيرك, أطلقي خيالك لما وراء كل حقيقة, تقبلي الآخر, جازفي, كوني إنسانة بمعنى الكلمة, لا تتوقفي”. وفقا لما نشر بصحيفة فلسطين أونلاين.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.