نوف الموسى (دبي)

الحديث عن تصوير الموجة إبان عودتها إلى المحيط. واستشعار الاحتفاء اللانهائي بتكوينات الظل على سطوح المروج الأفقية. والمرور برحلة التجربة الشخصية عبر دراسة جزيرة معزولة أو كهوف بعيدة. والالتزام بمواجهة الشمس، وممارسة الانتظار الطويل، دون الاحتكام إلى الصدف والحظوظ. وإغراق المشهد الشعوري بدراما من الرؤية الليلية للنجوم، جميعها؛ أوحت للمشاركين في ورشة عمل بعنوان «تصوير المناظر الطبيعية» التي نظمتها جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، بآلية تشكيل التجربة المعرفية لدى المصور الفوتوغرافي، متخذين من اتساع رقعة الإنتاج المعلوماتي الرهيب عبر الشبكة العنكبوتية، مرحلة عميقة من استكمال الفعل التعليمي في المجال. قدم حولها المصور الفوتوغرافي داني عيد أوجه التقارب الجمالي والتقني بين تصوير المناظر الطبيعية بموازاة المدن، مشيراً إلى نموذج تصوير مدينة دبي، بين أكناف الضباب والغيوم، وسردها لحوار الطبيعة تماهياً مع متغيرات الهندسة المعمارية، مبيناً الأدوار البديهية للتصوير في آيسلندا «نموذجاً»، وما تعكسه من تقديرنا للحظة التكامل الكوني، وسط حضور ضخم للعناصر الطبيعية، التي لن تتكرر أبداً في اللحظة الواحدة، ومنها تجلت دعوة داني عيد للمصورين نحو السفر إليها واكتشاف تحولات الطبيعة، ما سيؤدي إلى تعزيز حالة العشق بين المصور والمشهد الوجودي للحياة.

وقبل 4 سنوات، ذهب المصور الفوتوغرافي داني عيد إلى جزيرة سقطرى في اليمن، التي يعتبرها جنة على خريطة السياحة في العالم، خاصة أنها بعيدة وشبه معزولة، ولم يصل إليها تلوث المدن، وتركز اهتمامه فيها بتصوير الأشخاص وجغرافيا الأمكنة. وتوصل عبر بحثه حول تكوين أهل الجزيرة وقتها، إلى مسارين مهمين حددا توجهه في مشروع التصوير، أولهما: أن أهل الجزيرة غير معتادين على السواح أو التصوير عموماً، ممثلاً ذلك احترام الخصوصية. وثانيهما: اطلع داني على ما كتبه أحد المصورين الذين زاروا الجزيرة مسبقاً، وهو أن أطفال الجزيرة يفضلون الأقلام على الألعاب والشوكلاتة، وفعلياً حمل داني معه مجموعة من الأقلام لتأسيس حسّ  التواصل الاجتماعي مع الأطفال، ممهداً لإنتاج لحظة فوتوغرافية معهم.

وقال داني إن المناظر الطبيعية تعيش حالات من الاختلال والتغير بسبب التغير المناخي العالمي، ومن خلال التصوير الفوتوغرافي يمكننا الارتقاء بقيمة الطبيعة لدى المتلقي، في أهمية المحافظة عليها، خاصةً أن الصور الفوتوغرافية ناتجة عن فكر مصور يعشق الطبيعة وشهد تغير الأمكنة نفسها عبر سنوات، فمثلاً شعور رؤيتنا للثلج والتحامه مع البراكين السوداء، يستحيل أن نعيشه في أماكن عديدة، موضحاً أن التركيز على اقتناء الأدوات، أصبح يشكل اهتماماً كبيراً من قبل المصورين، إلا أنها لا تضاهي تجربة السفر لبلدان من مثل النرويج وأستراليا ونيوزيلاند، أو التعرف على مصورين محترفين أو الانظمام لورش عمل، كونها تقدم بُعداً مغايراً على مستوى المتخيل البصري، وتتيح استخدام تطبيقات حديثة، يمكن استثمارها في ميدان الصناعة الفوتوغرافية.  التصوير في مواجهة أو عكس الشمس، أحد التقنيات النوعية التي شارك بها المصور الفوتوغرافي داني المشاركين بالورشة، متحدثاً عن الإضاءة الذهبية الناتجة عن النزول المتدرج والخفيف للشمس، مشكلةً ما يطلق عليه ب «باك لايت»، في التصوير، والذي يمكن اعتباره من أفضل لحظات التصوير، كونه يجسد الظل ومنها يبدأ الاحتفاء بالتفاصيل على الأرض، سواء العشب أو الصخور أو الشجر. وفي سياق مفهوم كسر قواعد التصوير المعهودة، لفت المصور داني إلى تقنية صناعة الدراما في الفوتوغرافيا، والمساهمة في إخراج اللوحة الفوتوغرافية من ملامح «الملل»، والذي يتطلب انتظار المصور لفرصة سانحة تتحرك فيها الغيوم أو تثار عبرها العواصف أو تستكين من خلالها نسمات الريح.في محور دعم دولة الإمارات لبيئة صناعة التصوير الفوتوغرافي، أكد المصور داني عيد أهمية الوعي بالمشروع التسويقي والتجاري لأعمال المصورين الإماراتيين، التي لا تقل أهميتها عن المنجز العالمي، ويتحمل المصور الإماراتي مسؤولية اكتشاف مضامينها علمياً وعملياً.