هنا صوتك – “لم أترك زاوية ولا منظراً قدسي الجمال إلا والتقطت له ذكرى بجوالي”

اليمن: هواية التصوير توصل الشباب إلى العالمية

عدن: أنيس البارق- يحمل عمار خلف حقيبة الظهر المملوءة بمعدات التصوير لينطلق من أحد أحياء البريقة غرب مدينة عدن كبرى مدن جنوب اليمن، صوب بحيرات البجع الواقعة على الضفة الشرقية للطريق البحري الواصل بين شبه جزيرة عدن والساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية، وعندما يصل يبدأ في نصب المعدات تدشيناً لساعات طويلة تحت لهيب الشمس تنتهي بعد الحصول على بضع لقطات فقط لأنواع مختلفة من الطيور المهاجرة أو المستوطنة.

مثل عمار يفعل شباب آخرون في أحياء أخرى بحثاً عن لقطات نادرة أو لتكرار لقطات قديمة من زوايا مختلفة، وذلك بعد سنوات قليلة فقط من انتشار ثقافة التصوير وانتقالها من العشوائية إلى العمل المنظم.

في أحياء البلدة القديمة “كريتر” وغيرها، يمكن دائماً رؤية فتية أو فتيات يحملون آلات تصوير من طرازات شهيرة، تحمل عدسات ذات أحجام مختلفة يقفز أمامها أطفال للحصول على فرصة لالتقاط صورة مناسبة، وتطارد العدسات أزقة شعبية أو زوايا عتيقة أو لحظات عابرة لتجميدها زمنياً.

تأطير

خلال الأعوام الأخيرة شارك مصورون من مدينة عدن في مسابقات تصوير دولية وقاموا بتنظيم معارض اجتذبت عدداً كبيراً من الزوار والمهتمين، بعد أن تعززت ثقة الشباب بأنفسهم، يقول عمار بامطرف لـ”هنا صوتك” إن البداية الفعلية كانت بعدسة الجوال، مضيفاً: “لم أترك زاوية ولا منظراً قدسي الجمال إلا والتقطت له ذكرى بجوالي، بقيت على ذلك نحو عام”. ويؤكد زميله عمار خلف أن “معظمنا بدأ بعدسة الجوال، أنا أيضاً بدأت بها ثم تدرجت فاشتريت كاميرا رقمية صغيرة في عام 2008، وبعدها بعام اشتريت طرازاً آخراً أكثر احترافية”.

بامطرف وخلف هما اليوم عضوان مؤسسان في نادي عدن للتصوير، الذي شارك بقية أعضائه في تنظيم معارض محلية أو عابرة للحدود، وذلك “بعد كفاح جماعي لمجموعة من الشباب ضد العديد من العوامل العكسية”، كما يقول بامطرف، مضيفاً: “كانت البداية عند إنشائي لمجموعة المصورين العدنيين على فيسبوك بعد اقتراح أحد الزملاء ثم تعالت الدعوات من نفس الأشخاص الذين كانوا البذرة الأولى لهذه المجموعة لإنشاء النادي الأول في عدن والأول في الجمهورية رسمياً”.

في نوفمبر 2011، التقى مجموعة من المصورين للبدء في عمل مؤطر، فأقاموا معرضاً بعنوان: “عدن خلف العدسة”، استمر أسبوعاً، ودفع بأصحاب الفكرة لبلورة الجهود وانتخاب هيئة إدارة لأول نادي للتصوير في البلد في العاشر من يناير من العام التالي، أعقبه بأسبوعين إقامة المعرض الثاني بعنوان “روح الإنسانية”، وعانى منظموه لتوفير التمويل الكافي لإقامته.

خارج الحدود

بعد أشهر من إقامة المعرض الثالث بعنوان: “عدستي خير” والذي أقيم بالتزامن مع شهر رمضان، وذهب ريعه للفقراء والمحتاجين في مدينة عدن، أقيم المعرض الرابع بمائة صورة من مختلف أنحاء البلاد، عكست تنوع التراث الثقافي والتاريخي، واجتذبت أكثر من سبعة آلاف زائر في مدينة عدن لثمانية أيام، ثم طلبت جهات حكومية نقله إلى العاصمة اليمنية صنعاء، ومنها إلى تركيا ثم إلى مصر.

امتدت موهبة المصورين من الجنسين في النادي إلى دول أخرى عبر مسابقات ومعارض، وشارك عضو النادي محمد بن شهاب في مسابقة اتحاد المصورين العرب بدولة الإمارات العربية المتحدة، فيما شاركت سارة عبدالرشيد بمعرضين في جمهورية مصر العربية أحدهما في دار الكتاب المصري، والآخر في دار الأوبرا المصرية. وقال عمار خلف إنه شارك في معرض بتركيا عن حضارة الدول العربية، كما شارك في معرض مشترك بين اليمن و مصر، وفي مسابقات تصوير بينها World Photography Organization، وجائزة حمدان بن راشد.

انتشار ثقافة التصوير

عزز أعضاء النادي انتشار ثقافة التصوير وأهميتها، ونظموا دورات تدريبية للهواة والمبتدئين، وقاموا بتسيير رحلات إلى ضواحي عدن لالتقاط صور خاصة. ويؤمن بن شهاب أن “مواقع التواصل الاجتماعي ساعدت كثيراً في الربط بين هواة التصوير، وتعزيز هذه الثقافة وانتشارها”، وقفز أعضاء مجموعة النادي على موقع “فيسبوك” من خمسين شخصاً في 2010 إلى أكثر من ثمانية عشر ألف عضو هذا العام.

ويعتبر عمار خلف أن التصوير “يلهم كثيراً، ويغير مفهومك عن أشياء كثيرة، صرت أتفكر أكثر في مجريات الطبيعة وفي دورة الحياة اليومية وفي تفاصيل المناخ ومتابعة حركة سير النجوم، خلافاً لما كنت عليه في السابق”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.