المصور الضوئي الفنان أنس اسماعيل

أنس إسماعيل، الفنان والمصور الضوئي


متى شعر الفنان الفوتوغرافي أنس إسماعيل بأن عليه أن يلتقط الكمرا ويبدأ بالتصوير:


أنا لا أذكر متى بدأت بالتصوير، فولعي بالتقاط الصور كان قديما.
المشهد البصري الموجود في المنطقة التي عشت فيها هو مشهد شعبي، والمشهد الشعبي هو مشهد غني بتفاصيل ترسخ بالذاكرة.
في سنة 1969 أصبت بهوس التصوير نتيجة تمثيلي بطولة فلمين صامتين أحدهما اسمه نهاية اللصوص.. بداية السبعينات كانت فترة النضج بالنسبة لي كمصور، وأذكر أن أول صورة التقطتها كانت حول جامعة حلب لخيم الغجر وأولادهم وكانت بالأبيض والأسود، ومن هنا كانت بدايتي الجدية في التصوير.

هل كان لصورك هاجس أم قيمة جمالية؟
كان ولا زال الموضوع هو المهم لدي.


و آن للتصوير الضوئي أن يكتشف أساليباً جديدة. هذا ما قاله أنس إسماعيل عن ورشة مؤلفة من عدد من الأطفال والشباب الذين يملكون موهبة التصوير. وأضاف:
مع احترامي الشديد وتقديري لمشهد البحر والجبل والسهل والسماء آن للتصوير أن يكتشف أساليبه الجديدة ويكتشف أدوات وموضوعات عن ملامسة نبض اللحظة الراهنة. إذا بقي التصوير على منهج التوثيقي والتسجيلي فلن يقدم شيئا جديداً.


علاقتك بالمسرح والتصوير… كثير من الفنانين التشكيليين رسموا المسرح مثل ديكا، فهل أنس إسماعيل صور المسرح.؟


إذن لنتكلم عن البادية قبل الوصول إلى صور المسرح، 
بالتمثيل، اكتشفني في حيينا القديم في اللاذقية الأخوين “سبيعي” فمثلت في الفلمين الصامتين، في عام 1975 عملت كممثل في المسرح الجامعي مع الفنان جرجس جبارة، وأسسنا فيما سمي لاحقا “المسرح الجامعي” الذي عملت به كممثلا ومخرجا في عدة أعمال وكان ذلك على مسرح جامعة تشرين (الاتحاد الوطني لطلبة سوريا)
قدمت مسرحية الفرافير، إخراج المرحوم يوسف كركوتي، وكان معنا كما قلت سابقاً جرجس جبارة .. خضت في المسرح إلى عام 1980.
في الـ81 تزوجت وابتعدت قليلاً عن الحياة الفنية … إلى أن انقطعت عنها ككل حتى 1999 حيث عاد هاجس المسرح والتصوير لدي … وبرأيي أن الحياة الفنية والثقافية مهما أُغلقت عليها الأبواب فإنها يوما ما ستخرج إلى عالمها كما حدث لي فقدمت عدة أعمال مسرحية سيقوم المخرج الفنان نضال سيجري سيقوم بإخراجها. وأنا عندما صورت المسرح صورته باعتباره مشهدا بصريا وتشكيليا وما يؤثر عليه هو ذات ما يؤثر على اللوحة من إضاءة وديكور ….
أنا لم أصور المسرح والفنانين بطريقة توثيقية وإنما صورتهم بطريقة فنية من خلال فكرة درامية… في تصوير المسرح يجب أن يمتلك الفنان إحساسا بنبض اللحظة، فمثلا عندما التقاط الصورة أتخيل اللون إلى أين سيذهب والإضاءة إلى أين ستتشرب و من هناك تؤخذ اللحظة وتجرد من أصولها الواقعية الملموسة التي يراها المشاهد، فالإحساس هو الذي يعطي اللوحة الجمال. الكمرا هي ريشة … الألوان التي تكون في المسرح هي الألوان التي يستخدمها الرسام.. أنا أخترع من شيء افتراضي شيء واقعي في التصوير لأن خيالي هو الذي يوجه اللوحة الفوتوغرافية … ولحظة كبسة الزر هي اللحظة السحرية.
أنا عدت إلى التصوير في الفترة الأخيرة بشكل قوي، وأصررت على إقامة ورشات عمل تصوير ضوئي للأطفال وفي “ناي آرت كافيه” تم الإعلان عن ورشة عمل للتصوير الضوئي فتقدم إليها عدد كبير من الطلاب الجامعيين الذين يحبون التصوير وولكن لا يمتلكون الفكرة أو الخبرة فأقمنا الورشة ومن بعدها تم العرض. ثم أقمت ورشة عمل للتصوير بالموبايل، وكان الغاية منها أن نثبت للناس أن الكمرا ليست كل شيء: فالشخص حين يصبح مصورا ضؤئيا يجب أن ترى عينه الجمال وأن يكون لديه إحساس عالي بالمشهد البصري الجمالي وعقل يدير هذه العملية. الكمرا تأتي ثانياً رغم كل أهميتها والتصوير هو موهبة ولا يمكن للشخص أن يخترعها.
أقمنا مسابقة مع الـ jci اسمها: اللاذقية في صور، كنت فيها محاضراً ومداخلا وضمن لجنة التحكيم.
التجريب هو أعلى مراتب المعرفة .. والتجربة هي أعلى مراتب البحث، لذلك يجب بناء الفن على قواعد ليس للأخذ منها بل للتمرد عليها، لأن الفن لا يكون إلا بالتجديد والتجريب.
هناك أشخاص يعودون بثقافتهم إلى الأصولية القديمة، وهناك الأصولية الفوتوغرافية والأصولية التشكيلية وحتى النحتية.
كمرا الديجيتل أرقى بكثير من كمرا الفلم، تكنولوجيا وعلمياً وحتى فنياً. لأن الفلم حين تأخذه وعليه نترات الفضة فهو في حالة كيميائية، بينما الديجيتل تأخذه بحالة فيزيائية، وبالتالي هي وفرت الكثير من الوقت والجودة في التقنية. ومع ذلك لا يجب إغفال متعة المصور الفوتغرافي، فأنا أميل إلى اختيار الصورة التي أريد أن التقطها لا أن أختارها من بين مجموعة صور. وعندما أقمنا ورشات العمل كانت مدروسة على أساس محفزة للبحث، فتم اختيار مواضيع مثل: الأطراف، الماكرو، حشرات صغيرة .. وغاية التصوير ومتعته تكتمل بتخيل الصورة قبل أن تخرج. بعد صقل الموهبة الفوتغرافية تتحول العين إلى عدسة. الصور التي تكون “نت” والتي تكون ناتجة عن دمج عدة صور مع بعضها البعض، تكون صورا تصلح للإعلان باعتبار المشهد البصري الطبيعي لا يتقبلها…. فهناك الفوتغرافي الفني والموثق والمهني.. والفنان من يبتكر الصورة … يلتقط الحظة التي أنت نادرا ما تستطيع أن تثبت نظرك فيها.

التصوير الضوئي يعاني من حواجز كبيرة في المجتمعات بشكل عام العربية منها خاصة بأعتبار ثقافة الصورة جديدة.

وهنا يتسائل ويجيب أنس إسماعيل..إلى أي درجة التقى المشهد البصري بالذاكرة الشعبية؟
فالمشهد البصري يرتبط بالذاكرة الشعبية ويتزامن معها فيجميع المراحل, والمسألة تعود إلى الثقافة البصرية تحت عنوان هل هناك أساس لقراءة الصورة أو اللوحة.
باستطاعتنا خلق لوحة تلامس نبض الناس وهمومهم بالإضافة لملامسة أحاسيسهم ومشاعرهم .
بصفتي متلقي وفنان لا يمكن تذوق لوحة لا تمتلك الأدوات والمفاتيح للوصول إلى عالمها ولكن هناك فرق مابين أن أعجب وانبهر ومابين أن أتذوق وأتشرب من الكتل والألوان والإضاءة الموجودة في اللوحة.

في المعارض الفنية التشكيلية أو معارض التصوير الضوئي نلاحظ ردود أفعال مختلفة للحضور فترى ردود فعل مبهمة وانطباعية ونقدية فنية وماهو مبني على الثقافة الفنية يفتح باب التذوق على مصراعيه.

يجب أن تحوي اللوحة على مفاتيح تساعد المتذوق دخولها. فاللوحة التوثيقية لاتمتلك حيزا جماليا كبيرا إلا إذا كانت تحوي أدوات الوهم الفني للمتلقي.

المشهد الجمالي لا يمكن إدراكه إلا بثقافة بصرية واللوحة تحتاج إلى تشكيل.

ناي آرت كافي … مشروع وحلم في رأسي من عدة سنوات وهو مقهى للفن يستوعب أغلب الفنون .. فهناك اللوحات الضوئية والتشكيلية بالإضافة للصحيفة والكتاب والموسيقى، قدمنا مئة وتسعين أمسية موسيقية خلال سنة وأربعة أشهر و واحد وعشرين معرضاً للفن التشكيلي تم عرضهم من تاريخ الافتتاح حتى اليوم بحيث أنه بمجرد دخول الشخص المثقف أو غير المثقف إلى هذا المكان يضاف إلى ذاكرته البصرية والسمعية مشهد جمالي أو سمعي.
هناك وجود شبابي كبير في الناي أرت كافي من المثقفين والجامعين الذين يطرحون الكثير من التساؤلات الثقافية والمواضيع والناقشات.
أسعى دائما لاستقطاب عروض من خارج المحافظة لإضافة مشاهد جمالية مختلفة لسكان المحافظة.
بالنسبة لتجارب الشباب الجديدة في المسرح والفن أنا مع هذه التجارب والمشاريع ولكنني أقلق من هكذا مشاريع في حال لم تكن مبنية على أساس أكاديمي وعلمي.
على الفن احترام عقول ومشاعر وذكاء الآخرين لأن الفن محترم باحترام الآخر والفنون تحمل مسؤولية أمام حاملها وتجاه مشروعها الثقافي .

اعداد تحريرثائر مسلاتي وتصوير نوح حمامي علما انه أثناء نشر المقالة في ُأطر اعلامية أخرى يرجى ذكر اسم المحرروالمصور والمورد

أثناء اللقاء
مع فريق العمل و الفنان شادي نصير
 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.