‏‎Abdul-Rasool Aljaberi‎‏ و‏‎Sahar Alzarei‎‏

فوتوغرافيا
ملاحظات بصرية
سحر الزارعي- الأمين العام المساعد للجائزة
@SaharAlzarei
أنهيت بعض الأعمال على جهاز الحاسوب في إحدى المراكز التجارية، ثم جاء وقت الراحة والتقاط الأنفاس قبل العودة لإنهاء أعمالٍ أخرى. في عطلة نهاية الأسبوع يجب أن نحصل على بعض الراحة والاسترخاء لكن أعباء العمل اعتادت مرافقتنا في حلنا وترحالنا وبالمقابل فقد اعتدنا على وجودها والترحيب بها مهما كانت الظروف. هنا عادت حاسة الملاحظة لنشاطها في رصد أهم المشاهد المحيطة بي خصوصاً تلك المواقف التي تحمل بعض المعاني الملهمة والأفكار التي تستحق أن نتوقف عندها.
رجل في الخمسينات من عمره يجلس وحيداً مع فنجان قهوته الذي أصبح بارداً لانشغاله عنه بهاتفه المحمول وبدا واضحاً أنه يطالع صوراً يلتقطها لنفسه “سيلفي” ويطيل التأمل فيها، ثم يصلح هندامه وتبدو عليه الجدية تماماً في تعديل وضع جلسته ثم التقاط صورٍ أخرى وإعادة التأمل فيها بكل تركيز، بعد ذلك قام بصوتٍ عالٍ لفت نظر كل رواد المكان باستدعاء أحد العاملين ليطلب منه “مرآة” ! أثار طلبه الاستغراب والدهشة لكن طلبه كان محل عناية من إدارة المكان إلى أن تمّ توفيرها له، فقام بالتأمل في قسمات وجهه ومرّر يده على بعض الخطوط التي حفرها الزمن عليه متذمّراً باحثاً عن أي مخرجٍ من هذا الشعور السلبي الذي عكسته الصور والمرآة على نفسيته.
عائلة إماراتية من حوالي عشرة أفراد جلست تتناول القهوة وبعض الحلويات، وخلال دقائق بدأت كل مجموعة منهم في التقاط الصور على اختلاف أنواعها، فمنهم من دعا من حوله لالتقاط “سيلفي” ومنهم من يقوم بتصوير بعض أفراد العائلة ومنهم من كان تركيزه على تصوير المائدة والقهوة والحلويات، أما أكبرهم عمراً فقد غادر مقعده وأخرج هاتفه المحمول ووقف بجانب الطاولة محاولاً إظهار نفسه مع كل أفراد العائلة في صورة واحدة، اقترب الجميع من خلفه ليظهروا في الصورة بكل حماس وإذا ببعض فناجين القهوة تنسكب ربما اعتراضاً على إهمالها ! وهنا صاحت إحدى السيدات بما معناه “إن كان هدفكم التقاط الصور فقط لماذا خرجتم من المنزل ! يبدو أنكم غير مهتمين بأي شئ آخر”، تمت السيطرة على الوضع وعاد الهدوء للجميع، لكن عدسات الكاميرات لم تتوقف عن العمل !
تذكرتُ خبراً قرأته منذ فترة عن ازدهار الجراحات التجميلية في إحدى دول أمريكا الجنوبية بسبب رواج “السيلفي”، نعم لقد أصبحت الصورة اليومية بمثابة تسجيل حضور لنا نقنع أنفسنا والآخرين من خلالها بحضورنا في مكانٍ معين بشكلٍ وطريقة محددة، مجرد زيارتنا لأي مكان تكاد تكون بلا قيمة إن لم “نخلّد” هذه الزيارة بعشرات الصور.
فلاش
يومٌ بلا صور ! قد يعتبرك البعض أنك لم تعشه من الأساس !

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.