امرأة الشعر .. من ثلج ونار

ازدواجية التعبير والتشبيه في قصيدة عصمت شاهين دوسكي حيث ورقات العمر والسنين والخريف وورقة الشاعر الوصفية بالسرد والشعر.

ميدل ايست أونلاين

بقلم: وليد مصطفى دوسكي

أنت بركان يحرق كل وقار

• امرأة من ثلج ونار

أنت يا امرأة من ثلج ونار

كلاهما في جسدك ثورة بلا قرار

عاصفة تدور حول مداراتي بلا إنذار

طوفان يدخل ليلي ويرمي الأقمار

أنت بركان يحرق كل وقار

****

غطيني في سريرك

لأشعر بأنفاسك المحترقة

لا تنامي لم يبق عمر وورقة

دعيني في حضنك نسمة باردة

أذوب، طفل فمه حلمة صادقة

***

دعيني في شعرك خصلة تائهة

المع في عينيك، دمعة مغتربة

أرسو على خديك وردة حالمة

أذوي في شفتيك قبلة ثائرة

****

دعيني في جيدك قلادة مطلة

بين دوائر هضابك روح محلة

على خصرك المرمري مسامة ثابتة

بين رؤى ساقيك خطوة راحلة

***

دعيني في كأسك قطرة، قطرة

ارتوي من غربتي كل مرة

أكون في أعماقك حلما خالدا

ولا أكون في الدنيا قطرة مُرًة

***

دعيني لعلي أجد فيك مسافاتي

أرى لجة جنوني ومعاناتي

أعود فيك كما كنت طينا وماء

أرسمك امرأة بلا قيد في حياتي

الدخول إلى نص الشاعر المخضرم عصمت شاهين دوسكي، والإشارة بقوة وثقة “أنت يا امرأة” واضعا حواء بين قوسين والإشارة على إنها ثلج ونار بين تقلبات العواطف الحياتية مخاطبا بلسان آدم وإعطاء التشويق في السرد وجذب القارئ إلى دهاليز الأسطر حيث السطر الثاني واصفا الثلج والنار بثورة عواطف داخل الجسد لا تنتهي ولا قرار لها حيث الأزلية.

وشكلت تلك الثورة عاصفة تدور حول آدم في المدار الحياتي بدون سابق إنذار وطوفان المشاعر هام به في الليالي حتى تأججت تلك الثورة والعاصفة الوصفية في أطر الهيام إلى حمم بركانية المشاعر حرقت الوقار فخرجت من جوف البركان حمم المشاعر حيث لم يعد يستطيع السيطرة على مشاعره الوقورة، وعاد طالبا أن تغطيه حواء في السرير والمخادع لأنه من باب الثقة كما وصف أولا متأكد انه سيشعر بالأنفاس المحترقة من حمم البركان والمشاعر الفياضة، وأنه سيطيل السهر لأنه لم يتبق من العمر إلا القليل وورقة.

وهنا ازدواجية التعبير والتشبيه حيث ورقات العمر والسنين والخريف وورقة الشاعر الوصفية بالسرد والشعر، وان تدعه في أحضانها بعد السهر وخمود الحمم نسمة باردة (دعيني في حضنك نسمة باردة / أذوب، طفل فمه حلمة صادقة) يذوب وثغره حلمة صادقة، حسب التعبير الوصفي والوفاء والثقة. ويعود للوصف والغزل بأن تجعله خصلة تائهة في شعرها وأن يكون قريبا وأن يرى نفسه في عينيها لامعا ودموعا مغتربة يسيل على خدود المحب وأسيلها كالورود والحلم الزهري مقبلا الشفاه قبلة ثائرة مكملا السرد والتعزيز من ثورة آدم والبركان الفياض المشاعر.

ويكمل الوصف الغزلي بالتقرب، وأن تجعله قلادة معلقة ومطلة على جمال حواء الجغرافية الجسدية لجمالها حيث الخصر المرمري والهضاب رافعا الوصف الخيالي والتشبيه إلى صورة أكثر جمالا بين الخطى والرؤى وخطوة راحلة. ويكمل طالبا أن تجعله كقطرة قطرة في كاس، وان يرتشف ويرتوي من غربته المرة والبعد وان يكون حلما خالدا في كل مرة. راجيا إياها لعله يجد مسافاته التي استغرقها في الوصول لحواء وان كان قد وصل ليرى سبب جنونه ومعاناته حيث العافية برؤية المعشوق حيث أخذه الهيام بها إلى اللانهاية، وان يكون برؤيتها سعيدا كباقي البشر من طين وماء (أعود فيك كما كنت طين وماء / أرسمك امرأة بلا قيد في حياتي) حيث إنه رغم كل شيء ما زال بوعيه يرسم حواء بلا قيود في حياة آدم.

منحنى حركي جميل لا أخطاء، شلال من المشاعر، الإلهام مطابق للفكرة والسرد في التشبيه الخيالي والوصف عالي الدقة ومطابق للمشاعر الدراما والهيكلة الموضوعية متقنة وحنكة كلامية التشبيه والوصف الخيالي، لوحة أدبية وتوظيف عالٍ للأفعال والجمل والمقتنيات الكلامية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.