عبقري البزق “سعيد يوسف”: الموسيقا نشاط إنساني

جمعة خزيم – الأربعاء 13 نيسان 2011م

أول من أدخل آلة البزق إلى الجزيرة السورية، شكّل لنفسه أسلوباً خاصاً بالعزف، مستنداً إلى خليط موسيقي بين العربي والكردي والفارسي والتركي، ومنها صنع مدرسة تأثر بها أغلب فناني الجزيرة السورية، لقب بعبقري البزق مؤخراً من قبل المعهد العالي للموسيقا بدمشق.

تكبير الصورة

موقع eHasakeh بتاريخ 5/4/2011 التقى الموسيقار “سعيد يوسف” ودار معه الحوار التالي:

* ما الموسيقا في إطارها الإنساني؟

** وهل توجد الموسيقا في غير إطار النشاط الفني الإنساني، ولطالما سمينا زقزقة العصافير وقرقرة المياه وحفيف الشجر وصرير الرياح وجلجلة العاصفة موسيقا، إذن هي هنا موسيقا الطبيعة والموسيقا الصناعية نشاط فني بشري يأخذ الصوت في حالته الخاصة التي تسمى النغم ويأخذ الزمن في حالته المتميزة المسماة الإيقاع المتشكل من تجمع معين لأجزاء زمنية قابل للقياس في وحدات وقت مقيدةٍ كانت أم مرسلة.

* أين تكمن جمالية الموسيقا؟

** تكمن جمالية الموسيقا بإعطائنا الشعور بالراحة بعد التعب، وبالمصالحة مع أنفسنا بعد النزاع، وبالسكينة بعد التوتر، وبالاستقرار بعد التشتت، تأخذنا الموسيقا إلى حياة أخرى، تبقى فيها الأفكار والمشاعر والأحاسيس مستثارة لتقوم بما يشبه عملية التطهير، تطهير للروح والنفس من خلال التجربة الإنسانية المركزة التي هي العمل الموسيقي ذاته. إذاً، العمل الفني الموسيقي هو تجربة إنسانية مركزة توضع في شكل قالب موسيقي.

* ماذا عن آلة البزق وعن علاقتك بهذه الآلة؟

** طبعاً البزق خرج من عندنا ونحن الذين طوّرناه ومنحناه روح الشرق، لكنه بكل أسف لم يأخذ مكانه الحقيقي بين الآلات الشرقية كالعود والقانون، مع أن البزق سيد الآلات الوترية الرنانة، أما من حيث علاقتي به فأود الإشارة بداية إلى أنني أنتمي لعائلة طربية، الغناء يرافقنا في كل حركة نقوم بها وخاصة لجهة عائلة

تكبير الصورة
سعيد يوسف مع الفنان التونسي لطفي بوشناق

أمي، ومن هنا كان تأثري بهذه الآلة التي كنت أسمع بها عن طريق بعض العازفين الذين غادروا دنيانا الآن، كالملحن “محمد عبد الكريم” من سورية، و”محمد عارف” من العراق، و”محي الدين بعيون” من لبنان، وهذا الأخير كان اسماً لامعاً ويقال: إنه هو من أتى بالبزق قبل كل الآخرين، ومن هنا تملكتني أمنية اقتناء بزق يرافقني وأتعلم عليه لعليّ أحقق ذات يوم اسماً يليق بهؤلاء العمالقة.

* بعد هذه التجربة الكبيرة مع آلة البزق.. كيف ترى مستقبلها في المنطقة؟

** آلة البزق في طريقها إلى الاندثار، إن لم يتخذ المعنيون خطوات جدية لأجل الحفاظ عليها، ولا أنكر بأنه هناك القليل من الأشخاص درسوا هذه الآلة ولكن ليس كالمطلوب وأشبهها كمشية السلحفاة.

* دور البيئة في تعلمك ألوان عديدة من الموسيقا؟‏

** لو كنت في أي منطقة أخرى لما كان هذا التنوع لدي، فمنطقة الجزيرة كالموزاييك، فيها مزيج ثقافي أضاف الكثير إلى معلوماتي، وكون لدي ثقافة موسيقية دفعتني لأتعلم جميع أنواع الموسيقا الخاصة بكل فئة، كما أن موقع مدينة “القامشلي” على الحدود التركية جعلني أتقن العزف التركي أيضاً.‏

* هل هناك وجود نهاية للموسيقا؟

** الموسيقا هي إنتاج إنساني مستمر ما استمرت الحياة، لأنها تتمكن من نقل الإحساس والتجربة موسيقياً من إنسان إلى آخر ومن جيل إلى آخر في محاولة لحفظها، وذلك لتتمكن من الوجود حتى بعد غياب مبدعها، حينما تنتهي فترة إقامته

تكبير الصورة
مع الجالية السورية في دولة قطر

على وجه البسيطة.

* ماذا عن آخر مشاركاتك في المهرجانات؟

** شاركت ضمن فعاليات احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة العربية 2010، تحت شعار الثقافة العربية وطناً والدوحة عاصمة، وبدعوة من وزارة الثقافة والتراث في دولة قطر، حيث قدمت مقاطع موسيقية على آلة البزق على مسرح قطر الوطني لاقت صدىً إعلامياً وجماهيرياً كبيراً في الدوحة، وبمشاركة فنانين وموسيقيين من مختلف الدول العربية.

* ماذا عن حفلاتك الأخيرة في سورية؟

** أنا سعيد جداً بحفلاتي التي قدمتها هذا العام في مسارح سورية ولابد أن أشكر وزارة الثقافة وإدارة معهد صلحي الوادي الفنان الكبير “جوان قره جولي” وإدارة دار الأوبرا، حيث دعيت إلى إحياء حفلة افتتاح مسابقة العود الدولية قبل عام في المركز الثقافي في كفرسوسة، وإحياء حفلة “صولو” في دار الأوبرا منذ عدة أشهر، كما أحييت حفلة ضمن فعاليات مسابقة العود الدولية هذا العام في مسرح كلية الفنون الجميلة.

* تكتب الشعر إلى جانب الموسيقا حدثنا عن” سعيد يوسف “الشاعر؟

** لدي ثلاث مجموعات مطبوعة، وخمس مجموعات في الأدراج تنتظر الطباعة، وكل مجموعة من هذه تحمل اسماً من أسماء بناتي.

قال عنه أمير البزق الراحل “محمد عبد الكريم”: «لا تموت آلة البزق طالما هناك شخص في “القامشلي” يدعى “سعيد يوسف”، كما أوصى بأن تنتقل آلة البزق التي هي ملكي إليه بعد رحيلي، فهو مدرسة موسيقية بحد ذاتها، يملك أسلوباً خاصاً في العزف».

الفنان

تكبير الصورة
عبقري البزق الفنان سعيد يوسف

والموسيقار “جوان قره جولي” قال عنه: «”سعيد يوسف” من أهم عازفي البزق في المنطقة بلا منازع، وهو خير ممثل للموسيقا الشرقية عموماً، ويحق له أن يكون سفيراً للموسيقا السورية في دول العالم، وليحصل بجدارة على لقب عبقري البزق».

يذكر أن الفنان “سعيد يوسف” من مواليد 1947، سجلت له منظمة اليونسكو أسطوانة ذهبية أواسط السبعينيات.

لحن للعديد من المطربين العرب والأتراك والأكراد، كرّم ونال العديد من الجوائز العالمية، أهمها: طابع تذكاري عليه صورته من إحدى الجمعيات السويسرية، يشارك حالياً في لجنة التحكيم في برنامج “غني أغنيتك” لقناة TRT6 التركية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.