أول كتاب توثيقي للحركة المسرحية في “الحسكة”

عبد الغفور الملحم-الثلاثاء 02 شباط 2010م

ظهرت الحركة المسرحية في “الحسكة” في ثلاثينيات القرن العشرين المنصرم، عبر فرقتين الأولى كانت تابعة للكنيسة والثانية لشباب متحمس، وأول مسرحية كانت بعنوان: “مصرع الباغي الوخيم”، ثم تتالت الأعمال ونشطت وازدهرت الحركة المسرحية من خلال طاقات شابة مملوءة بالثقافة والحماس وحب المسرح.

تكبير الصورة

وقد رفدت “الحسكة” الحركة المسرحية السورية وحتى التلفزيون إبان نشأته بأسماء مهمة مثل: “سليم حانا” و”فؤاد الراشد” و”اسكندر عزيز” وغيرهم.. لكن رغم كل هذا التاريخ العريض لم يظهر كتاب توثيقي يرصد نشأة وتبدلات ومتغيرات الحركة المسرحية بـ”الحسكة”، حتى جاء منذ أيام معدودة كتاب “المسرح في محافظة الحسكة.. مسيرة تسعين عاماً” للمخرج “إسماعيل الخلف” ليسجل به السبق.

عن ذلك الكتاب، فكرته.. أهدافه.. موقع eSyria التقى المؤلف “إسماعيل خلف” الذي بدوره قال: «هنا على سطح هذه البناية المهجورة أجرينا أول بروفة، في هذه القرية قدمنا أول مسرحية، على هذه الخشبة عرفنا للمرة الأولى شيئاً اسمه الكواليس، وفي هذا الممر تلقينا أول كلمة نابية من متفرج، وفي الممر الآخر كان ثمة متفرج آخر يصفق لنا بحرارة، على هذا الحائط كتبنا أول مرة إعلاناً لمسرحية، وزينا أسماءنا بأحرف ملونة ونسينا اسم المؤلف المسكين، من هذه الحديقة سرقنا أول سبوت إضاءة، لفي هذا الكونترول انقطع التيار الكهربائي عن عرضنا المسرحي للمرة الأولى، وفي لوحة الإعلانات هذه كان ثمة من يمزق إعلاناً لأولى مسرحياتنا، وفي هذا المسرح مسرح “الحسكة” الخشبة صنعت نهراً صغيراً من قطرات عرقنا، هنا كانت الجوقة ترقص فرحاً لاستقبال الجمهور، هنا كانت قناديل الحب تفرش أضواءها لقدوم الأحبة، وهنا في لوحة الإعلانات ذاتها.. كان الجمهور يكتب لنا وهو خارج من العرض.. من القلب شكراً،

تكبير الصورة
مؤلف الكتاب المخرج إسماعيل خلف

وعندما كنا نسمع تصفيقه كانت ترقص لنا الستارة، وكانت تغني لنا الكواليس».

ثم تابع حديثه: «أمام الجهود المضنية لعشاق المسرح بـ”الحسكة” عبر ما يقارب القرن من الزمن، وأمام نتائجها المشرفة في المهرجانات، وأمام تلك الثقافة المسرحية والأدبية كان لابد من كتاب توثيقي في أبسط الأحوال يجمع بين دفتيه ووريقاته البيضاء أجندة كل ما عرض بـ”الحسكة” من أعمال مسرحية ليكون بمثابة وثيقة تاريخية فنية يرجع إليها الأجيال حينما يريد أحد التكلم عن المسرح بـ”الحسكة”.. فجاء كتابي المتواضع الذي حمل عنوان: “المسرح في محافظة الحسكة.. مسيرة تسعين عاماً” في /200/ صفحة من القطع الكبير، ضم عدة فصول كان أولها بداية نشوء الحركة المسرحية ثم المسرح بـ”الحسكة” في عقدي الخمسينيات الستينيات، ثم تلاه فصل المسرح في مدينة “الحسكة” في السبعينيات وبداية الثمانينيات ثم فصل المسرح في مدينة “الحسكة” في الثمانينيات، ثم المسرح في مدينة “الحسكة” في التسعينيات، المسرح في مدينة “الحسكة” على أعتاب الألفية الثالثة، ثم فصل المسرح في مناطق الحسكة، ثم فصل شهادات على لسان أشهر المسرحيين والأدباء السوريين، ثم فصل عن المهرجانات المسرحية المركزية التي استضافتها مدينة “الحسكة”، وأخيراً ملحق صور وبعض البروشورات لأعمال مسرحية قدمت عبر تلك العقود من الزمن. وآثرت بأن يكون غلاف الكتاب عبارة عن صورة لستارة خشبة مسرحية».

ثم أسهب “المؤلف” بالحديث: «الكمال لله، لكن هي بمطلق محاولة

تكبير الصورة
غلاف الكتاب

وأعتقد أنني استطعت بأن أجمع بجهدي وجهد أصدقائي قوامه عدة سنوات تاريخ المسرح بـ”الحسكة” الذي كان بالأمس متناثراً هنا وهناك رغم أهميته البالغة فنياً وتاريخياً وحتى اجتماعياً، حيث كانت الفرقة المسرحية تضم بين صفوفها عناصر من جميع أطياف وألوان مدينة “الحسكة”، هذا التعايش والألفة والمحبة ما ميزنا من غيرنا من المجتمعات عبر السنين».

ثم ختم المخرج “إسماعيل خلف” حديثه بالقول: «سألتني ما هو عملك، قلت… مسرحي، قالت مسكين.. من يعمل في المسرح عمره قصير، قلت نموت على الخشبة كما عشنا حياتنا عليها».

الدكتور “أحمد الدريس” مدير “الثقافة الحسكة” قال في شهادته على الكتاب: «من أقصى “آقور” إلى أقصاها كانت “الجزيرة” مسرحاً كبيراً وقف عليه صناع الحضارة ليقولوا لنا هكذا ينبغي أن يكون الزمن النظيف، زمن الحق والإبداع والجمال، وعلى ضفاف “الخابور” كان الشجر هو البطل الآخر والنهر هو الممثل الأول والمخرج الذي أخرج مسرحية الخصب دون أن يستخدم تقنيات اليوم.. فكانت صورة الحياة على صفحة الماء طاهرة مطهرة قبل أن يتحدث “أرسطو” عن وظيفة المسرح بآلاف السنين».

أما تقديم الكتاب فإن لمكتب الثقافة والإعداد المركزي باتحاد شبيبة الثورة حيث فقال: «المسرح ليس صورة عن الحياة وإنما هو الحياة المتحركة على مساحة ضيقة.. وهو ليس معلماً فحسب، وإنما هو التربية مكثفة، فالمسرح عالم حي نتعلم منه أن نكون وكيف نكون. ويأتي

تكبير الصورة
الفنان عبدالله الزاهد

الكتاب تتويجاً لجهود سنوات خلت صاغ فيها أولئك المبدعون ملامح مسرح كانت بصمته المتوهجة على ساحة المسرح السوري المعاصر، ولا يغرب عن البال أن منظمة “اتحاد شبيبة الثورة” كانت سباقة في احتضان الحركة المسرحية في محافظة “الحسكة” وكانت وراء إطلاق أسماء في رحاب الفن المسرحي في كافة المحافظات كانت لهم إشراقات محلية وفطرية وعربية ومهم على سبيل المثال لا الحصر: “زيناتي قدسية”- “جمال سليمان”- “حاتم علي”- أيمن زيدان”- “غسان مكانسي”- “غزوان بريجان”».

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.