كاريكاتير “إبراهيم جزاع”.. الشمولية والنقد الهادف

ليث دوشي

الاثنين 28 تشرين الثاني 2011

يعتبر فن الرسم “الكاريكاتيري” من الفنون التي تتصدر صفحات الجرائد والمجلات لتعبر بشكل هزلي عن هموم يومية في مجالات كافة.

تكبير الصورة

موقع eHasakeh ولتسليط الضوء أكثر على هذا الفن التقى الرسام الكاريكاتيري “إبراهيم جزاع” وكان لنا معه الحوار الآتي:

* كيف يمكن أن نعرّف رسم “الكاريكاتير” والمناحي التي يعرج عليها؟

** رسم “الكاريكاتير” هو رسم تعبيري لتوصيل فكرة بأقل كلام ممكن، وبنفس الوقت هو الأداة التي ترسم بها لتقدم موضوعاً معيناً يغني عن قراءة مقال يطول ويطول يعني أننا نوصل الفكرة بشكل أسرع وجوانبه متعددة بين السلبي والايجابي ويهتم بكل القضايا على كل الصعد من سياسي ورياضي وثقافي وأي مجال آخر وقد أعتيد عليه كجانب ناقد لأنه يسلط الضوء بشكل مباشر وأسهل وبطريقة ساخرة وممتعة أكثر للمتلقي فهناك الكثير من الناس لا تستهويهم قراءة المواضيع فنستطيع من خلال رسم “كاريكاتيري” أن نوصل له الفكرة المتوخاة بشكل بسيط وسريع.

* الألوان التي تستخدمها في الرسم “الكاريكاتيري” وعلاقتها بالتكنولوجيا في رسم “الكاريكاتيري”.

** اعتمد دوماً على لوني الأبيض والأسود والألوان المتعددة وحصراً من الأقلام الخشبية لأنني من الرسامين الذين ما زالوا يعملون بطريقة الورقة والقلم بعيداً عن التكنولوجيا فأنا ضد التكنولوجيا لأنها تفتقد المتعة والحس الفني فبإمكان أي شخص يتقن العمل على احد برامج التصميم على جهاز الحاسوب إذا ما زودناه بفكرة “كاريكاتيرية” أن يعطينا لوحة لكنها ليست عملاً فنيا ولا صاحبها بفنان لأنها تفتقد أهم عوامل الفن ألا وهو الإحساس، فالفنان الحقيقي هو من يصب إحساسه على لوحته بقلمه ويده والألوان تلعب دوراً في كل لوحة “فالكاريكاتير” نشأ باللونين الأبيض والأسود في أول جريدة اعتمدت هذا الفن وهي جريدة “وصل الزمان المصرية” فضلاً عن أن هذين اللونين يريحان العين بشكل كبير وأحياناً نلجأ للرسم بالألوان المتعددة وذلك تناغماً مع الصفحة التي يوضع فيها الرسم حين تكون ملونة لكي لا تظهر اللوحة بشكل مزعج للنظر فنضطر للألوان

تكبير الصورة
الصورة تتكلم

المتعددة وهذا لا يضر بالفكرة العامة للوحة فالعامل الأهم في الفكرة هي الخطوط التي تبنى عليها اللوحة وهي الأساس أما الألوان فهي تكمل عملية إيصال الفكرة.

* تقبّل الناس للفن “الكاريكاتيري” ماذا عنه؟

** الناس تتقبل هذا الفن بشكل سهل وممتع جداً لأنه يغني عن الوقت والجهد الكبيرين مما يحتاجه الشخص للوصول إلى الفكرة كما أنه يقيم محاكاة عقلية بسيطة بأسلوب مريح تسمح للمتلقي على اختلاف مداركه العقلية استيعاب المعنى بسلاسة مطلقة.

* بداية الفن “الكاريكاتيري” ونشأته؟

** الفن “الكاريكاتيري” هو فن شرقي بامتياز نشأ منذ أيام “الفراعنة” حين كانوا يقومون برسم مراحل حياتية بشكل تعبيري على لوحات جدارية وهو أثبتته المكتشفات الأثرية في آثار الفراعنة “كالأهرامات” وغيرها وتطور من الصيغة التعبيرية إلى الصيغة “الكاريكاتيرية” الناقدة الساخرة التي نراها اليوم.

* الفن “الكاريكاتيري” بين اليوم والأمس كيف يراه “إبراهيم جزاع”؟

** يمر الفن اليوم بمرحلة تطور هائلة جداً وهذا الأمر يرتكز على الأفكار الخلاقة التي تنتج عن شخص يمتلك موسوعة ثقافية فمع التطور الكبير في كافة المجالات الذي نشهده اليوم ونحن في الألفية الثالثة نرى إقبال الكثير من الناس على هذا الفن للاحتراف وليس كمهنة فقط الأمر الذي يتطلب من أي فنان يسعى نحو الإبداع أن يمتلك مخزوناً ثقافياً ضخماً يكون معيناً له في تطوير ذاته الفنية المبدعة.

* الاعتماد على السخرية في هذا الفن وعدم توخي الدقة في رسم الشخصيات ألا يضر بالقيمة الجمالية والأدبية للفن ويسبب الإساءة للشخصيات؟

** بإمكانك أن تنتقد أي شخص في رسم “كاريكاتيري” لكن دون الوصول إلى اللذع أو الفظاعة فنحن لا ننتقد الأشخاص بجوانبهم الشخصية أو الجسدية بل الفن “الكاريكاتيري” ينتقد الأشخاص على أعمالهم السلبية وتصرفاتهم الخاطئة وممارساتهم غير المقبولة وبإمكاننا التلاعب بالوجوه وتضاريس الشخصية المختلفة لكن

تكبير الصورة
من معرضه وطن قهر المؤامرة

ضمن حدود الأدب وحيث إن أي شخص ينظر إلى اللوحة يعرف من هو المقصود من خلال الرسم فغاية الرسم “الكاريكاتيري” هو دقة إيصال الفكرة والخطوط التي تساعد على إيصال هذه الفكرة هي التي تكمل العملية الفنية فدقة الفكرة ودقة الخطوط أمران متلازمان وفي فننا لا يستغنى عنهما.

* الدافع الأقوى لرسم “الكاريكاتير”؟

** همومي وهموم المجتمع والوطن بشكل عام هي الدافع الأول لرسم “الكاريكاتير” فأنا أرسم هموم جميع والهم هو المحرض الأقوى الذي يدفعني نحو القلم والورقة وهذه صفة عامة في فن “الكاريكاتير”.

* هل نمتلك واقعاً خصباً للفن “الكاريكاتيري” في وطننا؟

** مطلقاً، فنحن نفتقر كثيراً إلى الاهتمام بهذا الفن رغم وجود الأرضية الخصبة وكثرة الهموم والمشاكل وكلنا حتى اليوم لم يسلط الضوء على هذا الفن بالشكل الملائم وهذا الأمر يتحمل مسؤوليته بشكل مباشر الإعلام فعلى العكس في الدول الغربية نرى المادة “الكاريكاتيرية” تتصدر وسائل الإعلام قبل أية مادة أخرى.

* معرضك الأخير “وطن قهر المؤامرة” ماذا تقول فيه؟

** احتوى المعرض على خمسين لوحة “كاريكاتيرية” هدفها إيصال رسالة واضحة لجميع الشباب السوري بكل ما يمر به وطنا ودعماً للإعلام السوري في التضليل الذي نتلقاه من الإعلام الخارجي وقد دار المعرض حتى الآن على ثماني محافظات سورية وفي نهاية هذا الشهر سيكون في مدينة اللاذقية والدافع في إقامته هو أن يكون دعماً للإعلام السوري فمن خلال اللوحات كافة جسدت كل خيوط المؤامرة وكشفها من قبلنا نحن السوريين.

* أهم مشاركاتك وجوائزك؟

** أقمت عدة معارض في معظم الدول العربية منها في “الكويت وعمان والبحرين والسعودية وقطر” كما أقمت معارض في “بريطانيا وروسيا” وحصلت على جائزة صحافة “الكاريكاتير” عام 2009 في “قطر” وأفضل رسام كاريكاتيري أعوام 2007 و2008 و2009 ووسام أفضل عمل “كاريكاتيري” في

تكبير الصورة
الفنان إبراهيم جزاع

“بريطانيا” وذلك خلال معرضي الذي أقمته في مدينة “لندن” عن الأزمة الاقتصادية العالمية وأفضل عمل “كاريكاتيري” على الفضائيات الذي أقيم تحت عنوان “نحو فضاء إعلامي مسؤول” عام 2008 في دولة “قطر”.

الفنان “مارسيلين إيليا” قال عن “جزاع”: «عرفته منذ طفولته شخصاً موهوباً يمتلك خيالاً خصباً قادراً على إيصال ما يجول في خاطره بلمسات سحرية يخطّها على لوحته مع تمتعه بثقافة عالية تغنيه في الكثير من الجوانب حيث يسخّر الألوان لخدمة لوحته “بديناميكية” مميزة أتوقع له مستقبلاً باهراً أكثر مما هو عليه الآن فهو إنسان طموح ويمتلك كل القدرات التي تؤهله لنجاح أكبر».

من الجدير بالذكر أن الفنان “إبراهيم جزاع” هو من مواليد 12 تشرين الأول عام 1979 من مدينة “الحسكة”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.