المصور علي نفنوف ..

صيادٌ ضوئيٌ ماهر للنوارس و بوح حروفه العاشقة تكشفها أسرار البحر…

بقلم المصور: فريد ظفور

  •  شامخ ضمن ظروف الصقيع..يعتصر الظروف بيديه..ويغربلها بقلبه المحزون ..ليرسم الإبتسامة وينسج خيوط الأمل ..بالرغم من أن ألف شوق يحرقه..ففي بلدي كلنا جنود تحت الشمس..وبأشواقنا وحبنا نرفع راية النصر والتحدي..وأحاسيسنا الجمة تثبت صمودنا وإيماننا بأن غداً أفضل بشبابه وبأبنائه..والقادم أجمل مع شروق وغروب شمس المتوسط…لأننا محكومون بالأمل كما قال المسرحي الراحل سعد الله ونوس..ضيفنا يمتطي صهوة عشق النوارس وعشق البوح بحروف الكلمات وأبجدية العشق..صوت ديافراجم كاميرته يزمجر بالحنين ..لتمتد يد الإبداع لتلتقط غصن حب الياسمين الشامي التي أدماها الشوق للأحبة..بالرغم من أن عشاق فنه وبوحه الشعري الكثر يبقى فناننا ممتطياً سحابة البوح النثري ويداه تسابقان عيناه ليسجل لنا حلماً بمستقبل مشرق..فهلموا بنا في رحلة بحرية نصاحب النوارس والأمواج لنرحب بالفنان القادمة من برج صافيتا ..إنه الصحفي والكاتب والمصور والتشكيلي الأستاذ علي نفنوف..
  • حققت الصورة الفوتوغرافية في السنوات الماضية إنتشاراً واسعاً في سورية وفي الدول العربية والأجنبية بسبب سرعة الإنتشار والتواصل الإجتماعي وتوفر المعدات كالكاميرات الرقمية والأجهزة الذكية كالموبايل واللاب توب والتاب وغيرها..وتواجدها بين أيدي الصغار والكبار..إضافة للفنانين التشكيليين والمصورين الضوئيين والإعلاميين الذين سعوا لإنتشار الصورة وثقافتها ..حيث إحتلت وتبوأت مركزاً مرموقاً بين الفنون والوسائل الإعلامية والإعلانية..وبين الإيقاع الساكن والمغلق لتدرجات اللون الأحادي والإيقاع المضطرب والامتناهي للألوان ..نعيش حرية الجمال في أعمال الفنان علي نفنوف..
  • هل حقاً بأن الشعر رسم ناطق والتصوير والرسم شعر صامت..وهذا القول يضع الفنان علي نفنوف بين فكي كماشة الأدب والفن ..فقد كتب شعراً تشكيلياً ..باحت حروفه المعرفية البصرية العاشقة التي عزفها على سلم التدرجات الأحادية الرمادية وعلى سلم صولفيج ألوان الطيف السبعةبإقتدار وحرفية ومهنية عالية.. زاوج فيها بين عشقة للفن التشسكيل وغرامه للفن الضوئي وكتاباته الأدبية التي كتبها بمداد القلب سمفونية ضوئية بصرية وفنية أدبية…كانت أمواج بحر شاطيء طرطوس تكتشف كنه عشقه للفن الفوتوغرافي وللأبجدية الضوء واللون..فرسم بالكلمات صوراً ونوارس حلقت في سماء الفن والأدب السوري بإقتدار وتألق..فكانت قصائده النثرية العذبة المذاق والجميلة والمكثفة..متحرراً من الوزن والقافية ومعتمداً إيقاع اللغة وشعريتها البصرية وفنية الصورة الفوتوغرافية..فصائده مرسومة وتدهشنا منذ مطالعتنا الصفحات الأولى المرسومة بالشكل والخط واللون والرمز المتحدي لخيالنا..مما يفسح مجالاً واسعاً لوفرة التأويل الذي قد يتناقض مع المعنى الذي بثه الفنان علي في صوره وتكويناته الفنية وأشكالها وحروفها ورموزها وألوانها الزرقاء التي تدل على البحر المتوسط .. ولا ننسى غنائية الفكر عند الصحفي علي نفنوف ..فشعره وجداني..والغنائية في الشعر هي التغني بالذات المبدعة والعواطف والأحلام مع جنوحه نحو الخيال ليرسم لنا وللأجيال القادمة بسمة المستقبل الزاخر بالمجد والتفوق..وكذلك للفكر الفلسفي الضوئي غنائيته وذلك عندما إستطاع الفنان  والأديب علي نفنوف أن يفلسف الوجدان بالصور الواقعية والوثائقية التي أرشفة مآسي ومعاناة الشعب السوري طيلة ثماني سنوات من الأزمة والحرب الظالمة على الشعب والوطن السوري ..ولعل تخصص الصحفي علي نفنوف في الكتابة والحس الشعري والرسم بالضوء والريشة تلك هي العناصر الكافية لتحقيق غنائية الفلسفة الضوئية التي تمنح النص عمقاً فلسفياً وجمالياً متفرداً وشفافية فنية بصرية وجدانية بنسب لايطغى فيها الفوتوغراف على القصيدة النثرية عنده..فكانت أعماله التي نافت عن الربع قرن من العطاء الفني والأدبي والصحفي حيث قدم لنا أعمالاً وتجارب رائعة للرسم بالكلمات ولتقديم تكوينات وتشكيلات بصرية فنية وضوئية مدهشة من الشعر التشكيلي الفوتوغرافي..فكانت حواس علي نفنوف تتبادل وظائفها والألوان تتناقض والتشابيه تكسر النمطية والرتابة ..ولوحاته التشكيلية وتكويناته الضوئية كانت تجسد القلق الوجودي للفنان وغنائية الفكر الفلسفي..فكانت كتاباته وصوره تعج بالزهور والثمار والدلالات المعبر عن الذات والآخر وعن حب الوطن والمواطن..
  • لامناص من الإعتراف بأنه ليس للتحديث دلالة مطلقة ..لأنه واقعة تاريخية تختلف بإختلاف المواقع وتتفاوت بتفاوت الأوضاع الراهنة..فالكثير منا يتحدث عن واقع الثقافة ويصدرون الأحكام المختلفة بصددها وكأنها واقع معروف تماماً لكن حالة إشتباك وتشابك العناصر المكونة للثقافة وتعرضها للكثير من أشكال التفاعل والتأثير المتبادل ..جعلنا نقف عند الكثير من الأحكام التي بحاجة للتمحيص والتدقيق..لذلك وجب أن تكون جهودنا خطوة في طريق التعرف على واقع ومآل الثقافة الراهنة بتغليب التحليل المنهجي على الأحكام المسبقة وذلك من خلال عناصر ..كتوصيف الواقع الراهن للثقافة ..لأن الثقافة هي أشكال الوعي الموروث والمنتج من التراث المادي واللامادي ..ومن شعر ورواية وقصة ومسرح وسينما وتشكيل وتصوير وعلوم إجتماعية وإنسانية..فمنها الآداب والفنون والتعبير الشفوي…ومنها العلوم الإجتماعية والإنسانية ومنها الثقافة الشعبية..ولكن مايخص الإنتاج فتلعب المؤسسات الرسمية وغيرها الدور الفاعل وكذلك البنية التحتية للثقافة كالمراكز الثقافية ودور العرض المسرحي والسينمائي..وأيضاً أشكال التواصل الثقافي والفكري بين العالم..ولا ننسى الوظائف الإجتماعية والفكرية للثقافة الوطنية..وكذلك دور الثقافة العربية والعالمية في عصر الهيمنة الإعلامية وعصر الفضائيات والأنترنت..آخذين بالإعتبار نشأة العلوم عند العرب وعند الغرب..وعلينا توضيح بعض العناصر..كالحداثة الأدبية والفنية وتفاوت نشأتها في الغرب..وكذلك التفاعل والتوظيف المتنبادل بين الحداثة والتراث..والمثاقفة كتبادل متكافيء مع الفكر العالمي..ولا ننسى تطبيع الثقافة العربية مع الكيان الصهيوني والغزو الثقافي الإمبريالي..ولكن أملنا بأن يوفق زملاؤنا الفنانين والأدباء إلى رصد كل مكونات الواقع الثقافي العربي والسوري وإلى تحليل علاقات الثقافة بالتحولات المختلفة التي عرفها المجتمع العربي الحديث وإبراز دورها في تحصين الوعي الوطني والعربي وتحديثة..وعلاقتها بالثقافات العالمية بمقاربات علمية ومنهجية سيما ما مرت به سورية من حرب كونية عليها..وهذا يتطلب جهودنا جميعاً منطلقين من رؤية نقدية ذاتية وغيرية في نفس الآن..دفعاً عن طريق البناء وإستمراراً على الطريق الديمقراطي..لأن تقدم الفن والأدب لاتحققه الكلمات العالية الرنين .بل الممارسة المباشرة والتي تدعم النهج وتقويه عبر المرحلة التاريخية الفاعلة والمرتكزة على ماقبلها..بحيث يتم الصراع بين الماضي والحاضر..القديم والحديث ..الشباب والخبرات..وحيث الجدل لا يتم إلا في الإنسان فهو الجدلي الوحيد..والمادة غير جدلية ..والإنسان عبارة عن وحدة نوعية من الذكاء والمادة..وبمعنى آخر يمكن إعتبار أن جدل الإنسان قانون حتمي..والجدل الإجتماعي هو حتمية التطور..
  • الفكر الفلسفي الضوئي عند علي نفنوف هو ممارسة وعمل وليس فلسفة محضة تخرج الواقع إلى التصور الفكري وعندما يصعد الفعل الفوتوغرافي إلى الفلسفة فتصبح فلسفة ممارسة ضوئية..لأن المنهج العلمي الفوتوغرافي واحد ولكن الوسائل والأدوات المنهجية الموصلة إلى العلم البصري تتعدد بتعدد نوعيات الدراسة والبحث..وهنا يجب أن ننوه إلى مسألة التاريخانية عند علي نفوف ..حيث الماضي والحاضر والمستقبل سلسلة متصلة إذا إنقطعت منها حلقة حصل شرخ فوتوغرافي أدبي وإن هو حصل  فلا يأخذ مكاناً بسبب ظروفه الموضوعية والذاتية التي تعكس الإتجاه العام للثقافة والفن والأدب..للمجتمعات البشرية وللأطر التاريخية التي صنعها الإنسان أصلاً وأساساً..وطرح المنهج الجدلي النقدي الضوئي لانبغي منه الزج في إطار الشمولية أو المادية..لأن المنهج الجدلي النقدي هو أسلوب من التفكير والبحث للدفع بحركة التطوير والتغيير الفوتوغرافي لبلوغ الأهداف المرجوة منها..لأن المشروع الحضاري الفوتوغرافي السوري والعربي مهمة عظيمة لن يستطيع تحقيقها فرد أو مجموعة أفراد ..لأن المسؤولية تقع على عاتق المجتمع بدون إستثناء..آخذين بعين الإعتبار النقد الواعي الهادف الذي يبني ولا يهدم ..لأن المصور هو قائد وربان سفينة التغيير وبدون المصورين المبدعين ووعي الجماهير بأهمية التصوير وبأن عصرنا عصر الصورة الرقمية..لن نخطو خطوة للأمام..بدون تضافر كل الجهود الفردية والمجتمعية والحكومية..
  • منذ عرفت الزميل علي نفنوف منذ مايقارب الربع قرن ..لا يمنع الخير عن أهله حين يكون في طاقته أن يفعل..فالصبر على الظروف الصعبة من الأمور العظيمة التي يتحلى  ويزين بها أهل العزيمة والإقدام ولا تهتز أقوالهم ولا أفعالهم بسبب الظروف المحيطة ببلدهم التي فرضت عليهم..فلم نكن دعاة عزلة أو نظرة ضيقة ..كنا دائماً مع كل مايقربنا ويوحدنا ويزيل كافة العقبات والفوارق والحدود الفاصلة بيننا ..ودائماً كنا في الأدب والفن والسياسة والصحافة وبالرغم من صدمة الغصة التي سببتها تجربة الحرب على السوريين وما تبعها من مواقف وجراح مازالت طرية وشكلت إمتحان للمبدأ وإختباراً لأصالة الموقف..فتجاوزنا ظرونا وإنتصرنا لأصالتنا..وهكذا فإن خطواتنا تتناغم ضمن إيقاع يوحد أهدافنا ورؤانا ..إيقاعاً فيه من الحنكة بقدر مافيه من الوضوح والثبات لتحقيق الهدف الذي يجمعنا مع الآخرين وهو المحبة والإبداع..فقد كانت لصداقتنا مع الفنان علي ومع كوكبة من الزملاء في الفن والأدب في محافظة طرطوس ..بمثابة ميثاق وعهد محبة وتعاون وتضافر الجهود..فتواجدنا في المعارض والرحلات التصويرية وفي المنتديات والأمسيات الشعرية والمحاضرات والسهرات وغيرها من أواصر الصداقة والمحبة ..فكنا نشكل فريقاً فنياً وأدبياً قلما يوجد مثيل له..بتنوعه وثرائه وغناه بالمواهب الشبابية والخبرات التي صقلتهاالأيام والسنون..
  • من هنا ندلف للوصول إلى مرفأ الأمان في محطتنا بالتعريف بفنان واديب متعدد المشارب والذي نذر نفسه قرباناً لحب الوطن والفن والأدب ..لذلك وجب علينا تسليط الضوء على تجربته الفنية والأدبية ..ووجب علينا تقديم كل الشكر والتقدير والإكبار لجهوده المبذوة لخدمة الفن الضوئي والفن التشكيلي والفن الأدبي من خاطرة وقصة وشعر..وكلنا أمل بأن ينال نصيبه من التكريم والتقدير من قبل الجهات الثقافية المختصة ..ليستمر في طريق العطاء وليبقى منارة هداية للأجيال القادمة..ومركز إشعاع معرفي بصري وجمالي فني وأدبي..

ــــــــــــــــــــــــــــــــ  ملحق مقالة الصحفي والفنان والمصور والتشكيلي : علي نفنوف ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علي نفنوف

-ولد سنة ١٩٦٩ في قرية الجعفريات التابعة لمنطقة تلكلخ مقيم في مدينة صافيتا
–كاتب وصحفي عمل مراسلاً للعديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية
–فنان تشكيلي عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية
–فنان فوتوغراف عضو نادي فن التصوير الضوئي في سورية
–شارك في العديد من المعارض في كلاً من طرطوس اللاذقية دمشق والرقة ….الخ
–مشارك دائم في المعارض السنوية لنادي فن التصوير الضوئي بدمشق
–له مشاركات فاعلة في مجالات التصوير والتوثيق الضوئي في محافظة طرطوس
–نظم واشرف على معرض ضخم للتصوير في طرطوس بعنوان “بصمة جمال”
–اقام معرض فردي بثقافي ابو رمانة تحت عنوان “سورية رواية ضوء”
–اتجه في التصوير الضوئي نحو التخصص في التشريح الجمالي واعتماد الجزء لاظهار جمال الكل
–يعتبر التدخل في اعادة صيانة الصورة على البرامج هو بمثابة خيانة عظمى للصورة
–متطرف لاصطياد اللقطة الهاربة وليس لصناعة صورة
–يذهب الى اللقطة الصعبة التي لا تتكرر لانها تمنحه التمييز
–عرف عنه ولعه في تصوير النوارس وتوثيق تمردها
–له العديد من ورشات التصوير لمواقع واماكن تعرضت للارهاب حيث وثق اعمال القتل والتخريب للارهابيين في كلا من داريا حمص ريف حماة الشمالي …الخ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
له ديوانين شعر
أمرأه من خريفها تزهر
وأخر قيد الطبع
حروف عارية
وهنالك مؤلف بعنوان
عن ماذا تبحث أسئلتي..؟
وفيه سلسلة حوارات أجريتها
مع اهل الفن والفكر والثقافة..

 

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.