الملك هو الملك.. سعد الله ونوس

الأحد 30 آذار 2008

أجمع المثقفون العرب على أن سعد الله ونوس، وفي أشد حالات مرضه، أعطى من المسرحيات أهم ما أعطاه منها طيلة حياته، وأكثرها عمقاً وقدرة على إثارة الهزات في الأوساط الثقافية والمسرحية العربية.

 

تكبير الصورة

فقد اكتشف مرضه (سرطان البلعوم الأنفي) عام 1992 وفي العام 1993 كتب مسرحيتي: منمنمات تاريخية ويوم من زماننا وفي العام 1994 كتب طقوس الإشارات والتحولات وأحلام شقية ثم كتب بعد ذلك ملحمة السراب، كل ذلك وهو يتعرض للعلاج الكيميائي.

ولد سعد الله ونوس عام 1941 في قرية حصين البحر بطرطوس، وحاز عام 1959 على الثانوية العامة، ثم أوفد إلى القاهرة لدراسة الصحافة، وتخرج منها عام 1963.

أصدر أول مجموعة مسرحية عام 1965 بعنوان “حكايات جوقة التماثيل”.

سنة 1966 أوفد إلى باريس لمتابعة الدراسات العليا، لكن هزيمة حزيران جعلته يقطع الدراسة ويعود محطماً إلى سورية، لكنه عوضاً عن الندب والبكاء كتب “حفلة سمر من أجل 5 حزيران” التي اعتبرها الدراسون مسرحية تجديدية.

أسس في العام 1969 مجلة “أسامة” ذائعة الصيت ورأس تحريرها لمدة

ست سنوات.

عمل مسؤولاً عن القسم الثقافي في جريدة السفير اللبنانية عام 1975، وحين عاد إلى دمشق أسس مع المخرج المسرحي فواز الساجر المسرح التجريبي.

ثم أسس مجلة “الحياة المسرحية” الذي رأس تحريرها، ونشر مسرحيته الشهيرة “الملك هو الملك”.

في غمرة نشاطه المسرحي وبحثه الدؤوب عن صيغة مسرحية عربية ألف كتاب “بيانات لمسرح عربي جديد” وأصدره عام 1988، ويعتبر النقاد أن هذا الكتاب أحدث ضجة كبيرة في الأوساط المسرحية العربية.

في العام 1994 قام اتحاد الكتاب العرب في سورية بفصل أدونيس من عضويته على خلفية اتهامه بالدعوة إلى التطبيع مع “اسرائيل”، وحيث أن ونوس لايقبل بمثل هرطقات الإتحاد هذه، قدم مع حنا مينة استقالته من الإتحاد احتجاجاً غلى فصل أدونيس منه.

وأكثر ما ساء المسرحي الكبير هو الهجوم الصاعق الذي

تكبير الصورة

تعرض له من كثير من الكتاب والمثقفين والمسرحيين عقب نشره مسرحية “الإغتصاب” عام 1989، إذ اتهم على إثرها التهم السورية الرائجة بأنه يدعو إلى التطبيع ويمجد الكيان الصهيوني رغم عدائه الشديد والمعلن لهذا الكيان، فشعر بعدها بحزن أثر على جزء كبير من حياته.

قدمت مسرحيات ونوس على مختلف مسارح الوطن العربي.

كرمه مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، ومهرجان قرطاج بتونس، كما تم منحه جائزة سلطان العويس في أول دورة لها عن المسرح عام 1990.

ولأهميته واشتداد لمعانه كلفه المعهد الدولي للمسرح بكتابة رسالة يوم المسرح العالمي، فألقاها من على خشبة مسرح الحمراء بدمشق، وفي الوقت ذاته ألقاها مسرحيون على خشبات المسارح في العالم كله، ولقد باتت معروفة أن العبارة التي يرددها المثقفون كثيراً هي العبارة التي اختتم فيها كلمته تلك، وهي عبارة “إننا محكومون بالأمل”.

سعد الله ونوس من أكثر الذين أثروا على المسرح العربي منذ أبي خليل القباني كما يرى بعض النقاد، ولايمكن أن تتم ذكر عبارة مسرح إلا ويكون اسم سعد الله ونوس مرادفاً.

آخر نص كتبه كان بعنوان “بلاد أضيق من الحب”.

توفي في أيار 1997 فودعه أهالي سورية ومثقفيها ومسرحييها بكثير من الوفاء.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.