ربما تحتوي الصورة على: ‏‏‏٢‏ شخصان‏، و‏‏بما في ذلك ‏‎Mohamed Hamed Salama‎‏‏، و‏‏قبعة‏‏‏‏
ــــــــــــــــــــــــ
صلاح هاشم

      • شيخ العرب همام (آخر ملوك الصعيد)
      • 2010 – مسلسل
      • (ترزي ملابس عربية رجالية)
      • صلاح هاشم في “السينما العربية خارج الحدود” : أخلص لرؤيته النقدية ولم تغره الأسماء الكبيرة

        فيصل عبدالله |

        ثمة فروق لا يصعب اكتشافها بين النقد السينمائي والكتابة الصحافية. فالأول ينهل من أصول ومناهج وأساليب النقد الفني، موظفاً عدة معرفية واسعة في مقاربة النص السينمائي. في حين تقارب الثانية الشريط السينمائي من زاوية ما يتركه في النفس من انطباعات سريعة وحماسية وأحياناً عفوية. ولئن يساجل الأول ويجتهد في حل رموز ودلالات الصور المرئية، الرمزية منها والمباشرة، وتقديهما في سياق لغة تحليلية. فإن الثانية تكتفي بسرد انطباعات آنية أقرب الى حدثية الخبر الصحافي. فالزامات الصحافة اليومية، ومثلها وسائل الاعلام الآخرى، تعنى قبل كل شيء بتسجيل حضور، ونقل صورة تقريرية لحدث أو مناسبة ثقافية أو تظاهرة سينمائية تاركة الأحكام النهائية للقارئ.

        صحيح ان قسماً كبيراً من الصحافة اليومية أفرد صفحات أسبوعية خصصت للقراءات السينمائية، وكرست عبرها أسماء ذات شأن في هذا المضمار، إلا انها ظلت في مجملها وفية في مقارباتها النقدية للبساطة والمباشرة في تناول المنجز الفيلمي، إذ جُردت السينما، من كونها حمالة قيم جمالية وفنية وفكرية، وأختصرت باعتبارها رديفاً للترفيه والانشراح. فهي وجوه جميلة وقصص غرامية وفضائحية، ونميمة لا تنتهي بنهاية الشريط السينمائي، وانما يصبح هذا الأخير بداية لها.

        ضمن هذه المعادلة تصبح شروط الكتابة النقدية واضحة، فهي تستجيب لسرعة نقل الخبر الصحافي مع وضع لمسات أسلوبية هنا ومشاكسة هناك، وتلغي من اعتباراتها مسافة التأمل اللازم في قراءة المنجز الفني.

        في كتاب “السينما العربية خارج الحدود” لصلاح هاشم، والصادر حديثاً عن المركز القومي للسينما في وزارة الثقافة المصرية، ضمن سلسلة ملفات السينما، شيء من فضائل الأثنين. فهو يجمع مادة محاوره الأربعة، كتحصيل حاصل لما يشبه خلاصات وافية لحضور السينما العربية في مهرجانات وتظاهرات سينمائية عالمية ومحلية. صحيح ان هذه المقالات لا تجمعها فترة محددة، كونها كتبت على مدى سنوات طويلة نسبياً ونشرت في مطبوعات عربية في باريس ولندن والقاهرة، الا انها تلتقي عند نقطة من أحب السينما وساقته الى مغامرة متابعتها.

        في الكتاب عروض وافية لاشتغالات السينمائيين التونسيين والمغاربة والجزائريين والفلسطينيين واللبنانيين الى جنب أعمال رواد السينما المصرية. ونلمس، أيضاً، خروج الكاتب عن المألوف النقدي المجامل، أحياناً، إذ يغلب مشاهدته السينمائية وينتصر

        لقراءته الخاصة، من دون الالتفات الى ما قيل في هذا الفيلم او ذلك المخرج. ففي تناوله، مثلاً، لفيلم “المهاجر” ليوسف شاهين، وتجشمه عناء السفر الى مونبلييه لمشاهدته، ينتقد تلك الكتابات معتبراً اياها “تحقيقاً اعلامياً دعائياً يمهد لخروج أي فيلم ليضمن له النجاح والاقبال الجماهيري”. ويخلص الى القول “انه لم يعجبنا” ص254.

        كذلك يبدي رأيه بشجاعة ومن دون اسفاف في مقاربته شريط “المصير” في مقالته “ربوا التطرف بالغناء”، فهو أضافة الى موقفه الصريح كونه “لم يعجبنا”، يشرح في آخر الصفحة أسبابه اذ أنه “يقف في المنتصف تماماً بين الفيلم التاريخي ذي الطروحات الفكرية المهمة” و”الفيلم الكوميدي الموسيقي الرومانسي، وأحياناً يقدم بشكل فريد لا يتقنه إلا مخرجنا الكبير، سلاطة روسية من كل هذا، قد تبدو مغرية في البداية وفاتحة للشهية، وإذا حاولت ان تمد يدك الى الطبق، اذ بمخرج الفيلم يرفعه بسرعة من على المائدة ويضيع عليك فرصة تذوقه” ص426. ويسوق الحكم نفسه في تناوله شريط “باب الواد حومة” للجزائري مرزاق علواش “وبمنتهى الصراحة لم يعجبني” ص42.

        في حين يساجل بجرأة في حواره مع التونسي فريد بوغدير الموقف من الفيلم التجاري المصري، ومن اشتغالات جيل الشباب في السينما المصرية، ليخلص الى ان هذه السينما وعلى رغم أزمتها الراهنة قادرة على تجديد نفسها وتطعيم خطابها بلمسات فنية بحكم توافر البنية التحتية لأقدم صناعة سينمائية عربية. كما نتابع حواره مع المخرج هنري بركات، أحد رواد السينما المصرية الذي ارتبط أسم سيدة الشاشة المصرية فاتن حمامة به في عدد من الأفلام المهمة التي أنجزها، وموقفه من الأُفلام التجارية التي تروج للعنف وقوله “العنف موجود وانا لا أحبه ولا أعرف أن أعمله في السينما فأبتعد عنه”. ص 338.

        بينما يلخص “الأستاذ” صلاح أبو سيف في حوار مع الكــــاتب مسيرته الفنية بقوله “حاولت، ومن خلال كل الأفلام التي صـــنعـــتها، أن أؤكد على الفكرة التالية: ان الأفلام الجادة الجيدة تستطيع ان تكسب، وتحقق عائداً مادياً محترماً لمنتجيها، وقد حققت هذه المعادلة الصعبة فحرصت أولاً على اختيار الموضوع الذي يهم الناس، كل الناس، وهذا الأهم في البداية، ثم معالجة هذا الموضوع ثانياً، معالجة موضوعية، وبـــواقعية، لا تتعالى على الجمهور” ص346.

        ميزة كتاب “السينما العربية خارج الحدود”، انه يمزج بين مستويين أحدهما فني والآخر شخصي. فهو يقدم كشفاً سينمائياً لحضور السينما العربية بأسمائها وتجلياتها الفنية في التظاهرات السينمائية الدولية منذ منتصف الثمانينات، وفي الوقت نفسه يمثل سيرة شخصية لخيارت وحضور كاتب سرقته السينما منذ زمن مبكر وعاش فيها وخارج حدودها في آن.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.