"ييهلافا" مهرجان الأفلام الوثائقية الأكبر في أوروبا

“ييهلافا” مهرجان الأفلام الوثائقية الأكبر في أوروبا

براغ ــ زينة قنواتي

31 أكتوبر 2017

تَستضيف مدينة ييهلافا التشيكيّة الصغيرة كُل عام، مَهرجان السينما الوثائقية المُسمى باسمها. والذي عَقد دورته الحادية والعشرين هذا العام، واستمرَ لخمسة أيّام، ابتداءاً من 24 حتى 29 أكتوبر/ تشرين الأوّل. عُقِد المهرجان للمرة الأولى في عام 1997، عندما جاء طلاب الثانوية في مدينة ييهلافا التشيكية باقتراح لمهرجان سينمائي يُنَظَم ُ في هذه المدينة الصغيرة، ويَهتمُ بالأفلام الوثائقية التشيكية. تطورَتِ الفكرة سريعاً لتَشمل أفلاماً أوربية وعالمية، وأصبحت مدينة ييهلافا الخالية تقريباً، مَقصَداً سنوياً للسياحة السينمائيةِ، حيثُ يقوم المهرجان في كُل عام، بحجز الفنادق وغرف الإيجار كاملةً في مدينة ييهلافا والقُرى المُجاورة لها، ليُقيم فيها ضيوف المهرجان، وزوارِه من أصقاع العالم. يُقدِم المهرجان مجموعةً من الجوائز التي تهتمُ بالأفلام الوثائقية الطويلة والقصيرة، التجريبية، وبرامج الواقع الحديثة، كما يهتم بالأفلام الوثائقية السياسية.
تقوم اللجنة المُختصة، بعملية اختيار الأفلام التي ستُشارك في المهرجان على مدار العام، كما تُقدِم فُرصاً للمخرجين والمنتجين الشباب من المبتدئين للمشاركة، فيتم عرض تجاربهم وأفلامهم في دار خاصة أثناء المهرجان، وتُقدم للأفلام الفائزة منها جائزة خاصة عن فئة المواهب الواعدة. تَتوزع دُور العرض في محيط ضيّقٍ حول مركز المدينة الصغيرة، فيسهل على المُتابع التنقل بين دُور العرض سيراً، ويتميز المهرجان بالتنظيم الاستثنائي، كما تُقدَم في كل عامٍ مجموعة من العروض الحصرية الأولى لأفلام وثائقية من كل أنحاء العالم، إلا أن الأفلام الوثائقية التشيكية تحتلُ المركز الأكبر بين العروض. وتتم استضافة معظم مخرجي الأفلام المشاركة من شتى أنحاء العالم.
إضافة إلى ذلك، يُقدم المهرجان مجموعة واسعة من الورشات والدروس الاختصاصية التي يقوم بإعطائها أهم الخبراء في مجال السينما الوثائقية.

“آخر الرجال في حلب” يحصد جائزة الشاهد السياسي
حَصدَ الفيلم السوري “آخر الرجال في حلب” لِمُخرجه فراس فياض، جائزة أفضلِ فيلم عن فئةِ الشاهد السياسي، حيثُ تَندرج ضِمن هذه الفئة أهم الأفلام الوثائقية المُهتمة بالسياسة والتي تُناقش الأوضاع الإنسانية الناجمة عن الأزمات السياسية، وتُوثِقُ تعقيدات الحياة اليومية ضمن الظروف السياسية المختلفة حول العالم.
تقول لجنة التحكيم عن الفيلم: “نحن نُقدِّرُ الشهادة الاستثنائية والحقيقية التي يَستحضِرها الفيلم، ليسَ فقط عن طريق تصويرِ المُعاناة الإنسانية عن قُرب، ولكن من خِلال الأسلوبِ المُعبّر للفيلم والذي يُقدِم بشكلٍ واضح رسالةً سياسية تَحكي عن هؤلاءِ الذين يَتربعون في أعلى الهرم، وأولئك الذين يَتخبطون في القاع”. وتندرج تحت فئة جوائز الشهادات، جائزة الشاهد على الطبيعة، والشاهد على المعرفة. وقد كان للأفلام التي تدور حول الحرب وآثارها الحصة الأكبر من الأفلام المعروضة في المهرجان. والذي يُميز مهرجان ييهلافا للأفلام الوثائقية، هو اهتمامه بالسينما الوثائقية التي تسلكُ منحىً حديثاً، وتَستخدِم أساليبَ جديدة في التوثيق، ومنها أفلام الخيال العلمي الوثائقية، الأفلام الوثائقية النفسية، والأفلام التجريبية التي تدمج الصور والموسيقا لإيصال رسائل مؤلف العمل بأسلوب غير مباشر.

الفيلم الروسي “الجدار” يحصد جائزة المهرجان الكُبرى
صَرحتْ لجنة التحكيم هذا العام عن وجودِ عددٍ كبير من الأفلام التي تَستحقُ الجائزة الكُبرى، ولمَّا كان الاختيارُ بَينها صعباً، قامَت اللجنةُ بِتعيينِ أحدِ أفرادِها لاختيارِ اسمٍ مُرشح بطريقة عشوائية، ليكون هو الرابح، وبناءً عليه تم سحبُ اسم فيلم “الجدار” من إنتاج روسي لينالَ جائزة المهرجان الكُبرى. يُراقب الفيلم بطريقة صامتة، عودة الثقافة الستالينية إلى روسيا، حيث يتجمع أنصار ستالين في 21 ديسمبر/ كانون الأوّل، مِن كل عام في الساحة الحمراء حَول مدفن القائد الشيوعي، ليضعوا الورود ولِيُخلدوا ذكراه أبداً. في بادرة تقديسية غريبة، تُمجد الرجل الذي كان مسؤولاً عن مقتل الملايين من المواطنين.

“أغنيات ورقصات عن الموت”
رغم أن الفيلم الأوكراني “أغنيات ورقصات عن الموت” لمْ يحصد جائزةً في المهرجان، إلا إنّه كان فيلماً مُمتعاً بِكُل المعايير، حيثُ تُناقش الكاتبة تاتيانا خوداكيفسكا، وهي أيضاً المخرجة، من خِلاله، فكرةَ الموت وما يَدورُ حولَها من طقوسٍ وعادات، تُرغِم الإنسان على تَقبُل الموت. تقول تاتيانا: “لمْ يكُن بإمكاني الحديثُ عن الموت من عالم الأموات، فلم يعُد أحدٌ من هناك ليخبرنا عن التجربة، كان عليّ أن أتكلمَ عن الموت من وجهة نظر الحياة، ولهذا استخدمت الكثير من مشاهد الطبيعة الحيّة، وأيضاً اللقطات القريبة لِعيون وأكُفِ الناس. كنتُ أبحث عن الموتِ بين الأحياء”. تَدور أحداث الفيلم في أوكرانيا، جورجيا، وإيطاليا. لِيُراقب تفاصيل الموت الصغيرة، ما قبله وما بعده، وأثناء حدوثه بطريقة غير مباشرة، تَتسِم بالشفافية والتركيز على التفاصيل الإنسانية البسيطة التي تَصنع في نهاية الأمر معنى الحياة. يقول أحد الأشخاص الذين تم تصويرهم في الفيلم: “لم يعُد أحدٌ من الموت، لا بُدّ أنه مكانٌ جيد”.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.