"نتفلكس" والسينما مجدّداً: إنتاج تلفزيوني للمهرجانات

من “أرواحنا ليلاً” لريتش باترا (فيسبوك) 

“نتفلكس” والسينما مجدّداً: إنتاج تلفزيوني للمهرجانات

11 سبتمبر 2017

مرة جديدة، يُثار موضوع مشاركة “نتفلكس” في مهرجان سينمائيّ دوليّ. فالمنصّة، التي تدخل الإنتاج السينمائيّ بقوّة منذ أعوام قليلة، إنتاجاً وحقوق عرض، تحتل مكانة بارزة في المشهد البصري الدولي، وتمتلك حضوراً كبيراً لدى المشاهدين في مختلف أنحاء العالم، إذْ بات لديها 104 ملايين مشترك، عام 2017.

في الدورة الـ 70 (17 ـ 28 مايو/أيار 2017) لمهرجان “كانّ” السينمائيّ، تمّت مناقشة المسألة، انطلاقاً من أمرين اثنين: شبكة تلفزيونية تُشارك في مهرجان سينمائي بفيلمين متنافسين في المسابقة الرسمية على جوائز المهرجان الدولي الأول؛ وتتشدّد “نتفلكس” في عدم السماح بأي عرض تجاري في الصالات السينمائية لفيلميها هذين. ولأن النقاش جدّي وقاسٍ، أعلن المدير الفني لـ “كانّ”، تييري فريمو، عدم اختيار أفلام للدورة المقبلة “تكون ممنوعة من العروض التجارية في الصالات الفرنسية”.

في الدورة الـ 74 (30 أغسطس/آب ـ 9 سبتمبر/أيلول 2017) لـ “مهرجان البندقية السينمائي الدولي”، برز اسم “نتفلكس” مجدّداً، وإنْ في ظلّ نقاش أخفّ وطأة، خصوصاً أنها غير مُشارِكة في المسابقة الرسمية. مع هذا، لن يمرّ الأمر بشكلٍ عاديّ، فالتمدّد الإنتاجي والتوزيعي، والمساحة الكبيرة جداً للمُشاهدة، أمورٌ ستظلّ تثير نقاشاً حول العلاقة القائمة بينها وبين السينما، كما حول النوعية الفنية والدرامية والإنتاجية، المُقدَّمة من قِبلها، علماً أن فيلمي “كانّ” غير جديرين بمسابقة رسمية في مهرجانٍ دولي، بينما بعض مشاريعها المقبلة ستكون مرتبطة بأعمال لوودي آلن ومارتن سكورسيزي وروبرت ريدفورد وبراد بيت وغيرهم.

فيلما “كانّ” هما “أوكجا” للكوري الجنوبي جوون ـ هو بونغ، و”حكايات مايروفيتز” للأميركي نواه بومباخ. الأول تجاري بحت، يصلح لأن يكون فيلماً تلفزيونياً في أفضل حالاته. الثاني تلفزيوني أيضاً، لكنه يمتلك خصوصية السرد المتوغّل في شؤون أفرادٍ ينتمون إلى عائلة واحدة، ويطرحون أسئلة العلاقات والحبّ والذاكرة والمعلّق والمخفيّ، بلغة تمزج حساسية السينما بمزاجية التلفزيون. لذا، يُعلن نقاد وصحافيون عديدون استياءهم مع بداية عرض كلّ واحد منهما في الحفلتين الصحافيتين لـ “كانّ”.

في البندقية، يمرّ الفيلمان ببساطة: “أرواحنا ليلاً” للهندي ريتش باترا، مع الثنائيّ الأميركي روبرت ريدفورد وجاين فوندا؛ و”وورموود” للأميركي إيرول موريس. الأول عاطفي انفعالي، يروي حكاية عجوزين يُقيمان في بلدة صغيرة، ويُقرّران التواصل الاجتماعي بينهما لتمضية الوقت، قبل أن يُغرم أحدهما بالآخر. الثاني سياسي استخباراتي اجتماعي، يستعيد أحد فصول الحرب الباردة في خمسينيات القرن الـ20، من خلال قصّة رجل يبحث في ماضي عائلته كي يعثر على حقيقة “الموت الغامض”، في تلك الفترة، لوالده، العالِم العسكريّ الـ “متورّط” في برنامج حرب بيولوجية، قبل أن يجد الابن نفسه في مواجهة أشباح كثيرة.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.