المصور المبدع#نزار_غازي NIZAR GHAZI..مخرج وفنانٌ تشكيلي لرسوم الأطفال..

من رواد فن الأنميشن في سورية ..

بقلم المصور: فريد ظفور

  • إبداعاته المختلفة إمتداد القلب..خسرنا كل معاقل القلب وكل معارك الحب..ولم يبق لنا سوى الفن ندافع عنه من أجل أبنائنا..فالموت ينخر عظمنا ختى النهاية..ولكن لعينيك يرتشف الكون سكون الزهرة..نموت في طريق النحل وينبت العشب الفني الأخضر فوق دمشق ..وتتعانق متعربشة عرائش الياسمين في الحارات والأزقة العتيقة المعمدة بدم التاريخ ..لتكتب سفراً فنياً جديداً وأملاً مشرقاً جديداً للأطفال الذي رسم وكتب وأخرج لهم فناننا الضيف الأستاذ نزار غازي..
  • الحب سر وجودنا..والفنان التشكيلي نزار غازي..عاشق للجمال والتفاصيل الفنية وما يميز عينه هو هاجس الجمال النسبي..والمكان جزء أساسي من وحدة التكوين والتشكيل وبناء المشهد الدرامي ولا يحدث في الفراغ الحدث الدرامي ..لأن واجب الفنان وهاجسه توظيف طبيعة المكان لخدمة الحدث والفكرة ..ويذكرنا الفنان المخرج نزار غازي ..بإحتفائيته العالية بتفاصيل ومشهدية وتكوين أعماله..ساعياً عبر لغته البصرية الراقية والتشكيلية المميزة ووجهة نظره الإخراجية الخاصة إلى عملية إبداع وإنعاش للطفل العربي المتفرج..وتحريكه من متفرج حيادي إلى متفرج متفاعل مع الصورة والحدث معاً وهو يستحق أن يكون الأب الروحي للأنميشن في سورية..لأن الطفل عند الفنان نزار هو الوطن والتراب منه نخرج وإليه نعود..هو الوطن بجماله وبرائته وعذريته وكبريائه ووحدته وعطائه ومستقبله..إنه بإختصار رمز كل الأشياء الجميلة الثمينة في الحياة وهو يسعى لتكريس رمز الطفولة بأعماله بمنحه كل مايستحق من تربية وتوجيه وعناية ورعاية للمحافظة على توهجه الدائم وألقه الذي يحرك ويثير فينا إبداعنا الداخلي..والتشكيلي نزار غازي..مجرد.. ذكر إسمه يحشد في الذهن ظلالاً وإيحاءات مستمدة من سنواته وأعماله المدهشة في التصوير والرسوم المتحركة وفي الإخراج والتشكيل..محمل بتراث فني لامثيل له..فمنذ ثمانينات القرن الماضي تعارفنا في العاصمة السورية دمشق..أثناء عملي كمراسل لمجلة فن التصوير اللبنانية الورقية طيلة صدورها منذ عام 1982م وحتى عام 1987م..وكانت اللقاءات والمشاوير تجمعنا في لقاء صديق أو في معرض أو فاعلية ثقافية فنية..وتمر السنون متسارعة دون لقاء ..حتى يتثنى لي فرصة معاودة اللقاء عن طريق أحد الزملاء..وكم كانت فرحتي عامرة بالمسرة لمعاودة الوصال واللقاء فيما بيننا ..
  • لعل دور التواصل والإتصال الحضاري للعبقري الكسندر جراهام بيل مخترع الهاتف الذي ولد عام 1847م ..وبعدها كانت تجربة الإرسال التلفزيوني الأولى عام 1923م في نيويورك..فبعد المحاولات المضنية لظهور السينما عام 1895م..بدأت محاولات التلفزيون عندما نجح ماركوني في نقل الصوت عبر الأسلاك مما أدى لإختراع الراديو..وقد تنبأ الكاتب الأمريكي مارك توين بأنه يحلم بأن تنقل الصورة واللوحات بواسطة الضوء  المصاحب لكل الأشياء..وينسب للدكتور فلاديمير زوريكين إختراع ألة التصوير التلفزيوني ..وكان تاريخ اختراع الحاسوب من قِبَل عالم الرياضيّات البريطانيّ تشارلز بابيج ..ما بين عامي 1833م و1871م، أوّل جهاز حاسوب يُمثِّل أجهزة الحاسوب الحديثة؛ويعود الفضل في اختراع اللغة العالمية لأجهزة الحواسيب على شكل النظام الثنائي إلى الفيلسوف الألماني وعالم الرياضيات غوتفريد فيلهيلم لايبنتز…  في القرن ال17، بينما يعود الفضل في تجميع أول جهاز حاسوب إلى العالم البريطاني تشارلز بابيج في أوائل القرن ال19،وتلتقط آلة التّصوير  Camera.. صوراً للحظة مُعيّنة من الواقِع، ويتم تخزينها على هيئة فيلم، أو على هيئة ملفّ ثنائي يُحفَظ على الأجهزة الرّقميّة Digital device)،ويشمل ذلك أنواع التّخزين المُختلفة للأجهزة الرّقميّة، كالأقراص المُدمجة أو الأقراص الصّلبة، أو ذاكرة وميضيّة ..تستطيع آلات التّصوير الحديثة أن تلتقط مقاطع فيديو مرئيّة . ويتمّ تخزينها أيضاً على هيئة فيلم أو ملف ثُنائي، والمقاطع المرئيّة هي مجموعة من الصّور تُسمّى إطارات تُلتَقَط على فترات ثابتة من الزّمن، وتُقاس هذه الفترة بوحدة الإطارات لكُل ثانية ، وكُلّما زاد عدد الإطارات المُصوّرة في الثّانية الواحدة زادت جودة المَقطع والمساحة المطلوبة لتخزينه..
  • وينسب الفضل لاختراع الإنترنت إلى عالِمي الحاسوب فينتون سيرف، وبوب خان اللذين اخترعا بروتوكولات الاتصال بالإنترنت وهي مجموعةٌ معقّدة من البروتوكولات والقواعد ويُشار إلى هذين العالمين باسم آباء الإنترنت  fathers of the Internet.ثم وضَع سيرف وخان مجموعةً من المَبادئ التوجيهية لنقل البيانات باستخدام طريقة تبديل الرزم في عام 1980م، وأطلقوا عليها اسم بروتوكول التحكّم في الإرسال (TCP)، وبروتوكول الإنترنت (IP)، ويعتبر بروتوكول التحكّم في الإرسال المسؤول عن تعبئة البيانات قبل أن تتحرّك عبر الشبكة، وتفريغها عند وصولها، ويعمل بروتوكول الإنترنت كمنسّق لهذه المرحلة، التي سميت بالإنترنت  Internet..ثم قام المخترعان سيرجي برين من الاتحاد السوفيتي، ولاري بايج من أمريكا باختراع محرك البحث جوجل في عام 1998م..بحيث أصبح العالم قرية صغيرة..
  • ويعرفنا الفنان نزار غازي بأفلام الرسوم المتحركة.. أو كما تُعرف بأفلام الأنميشن أو الكرتون، هي الأفلام التي تعرُض ببساطة صوراً متحركة، و الأنميشن هي عملية صنع خيال الحركة والتغيّر وذلك عن طريق عرض مجموعة من الإطارات أو الصور المختلفة بسرعة كافية لإظهارها كسلسلة متحركة. فعند الحديث عن الرسوم المتحركة التقليدية لدينا وسائل مثل الـ Stop Motion التي تعتمد على مبدأ إيقاف الكامير وإعادة تشغيلها بعد تغيير موضع الصورة أو الرسمة أو الجسم المصور .ولكن يعود تاريخ الرسوم المتحركة إلى ما قبل عصر الأفلام وشهد أول اللقطات المُسجلة عبر وسائل بدائية جداً مثل تدوير حلقة تحتوي على صور مختلفة بسرعة كافية لتظهر بشكل حركيّ،وحديثاً اعتمدت على مبدأ الصناعة التقنيّة تماماً، عبر برامج الكومبيوتر وغيرها وكان فيلم بيكسار Toy Story عام 1995 أول فيلم طويل يتم صنعه بها.واصبحت صناعة افلام رسوم متحركة ناجحة جداً خاصة في القرن الـ 21 .يمكن أيضاً إضافة أفلام الأنمي اليابانية على الرسوم المتحركة، فهي اخذت الأسلوبو تسميتها حتى من كلمة أنميشين في اليابانية، وهي من أكثر الأعمال الإبداعيّة في عالم السينما، لما تتطلبه من رسومات فائقة الروعة، وهذه الأفلام لم تكن فقط للأطفال، بل هي أفلام يستمتع بها الجميع.وقد تميّز عام 2015م بأفلام الرسوم المتحركة .ولكن كيف كانت  البداية الحقيقية..تم تسجيل أول محاولة لفيلم رسوم متحركة، وهو الرسم المسحور عام 1900م، وأخرجه ج. ستيوارت بلاكتون، ثم أتبعه بأول فيلم كارتون كامل أطوار فكاهية لوجوه طريفة عام 1906م، وبذلك إعتبر الأب المؤسس للرسوم المتحركة الأمريكية، أما في أوروبا فكان الفرنسي إميل كول بعمل أول فيلم كارتون هناك والذي عُرف بـFantasmagorie عام 1908م، وكان هذا النوع من الأفلام الأولية يظهر بخلفية سوداء نتيجة رسم كل إطار ثم وضعه على شريط النيجاتيف السينمائي.بعد ذلك قام رسام الكاريكاتير والصحفي وينسور مكاي بتجميع فريق من الرسامين لعمل رسومات أكثر حيوية تتمتع بخلفيات وتفاصيل أكثر من تجارب السابقين، ونجح في إخراج ثلاثة أفلام كارتون ناجحة وهم نيمو الصغير عام 1911م، والديناصور جريتي عام 1914م، وغرق وستيانا عام 1918م.و بالعشرة أعوام الأولى من القرن العشرين أصبحت صناعة أفلام الرسوم المتحركة والتي عرفت وقتها بالـ”كارتون” صناعة في حد ذاتها، وكثر إنتاج الأفلام القصيرة منها وكان أكثر المنتجين هو جون راندولف براي و بالتعاون مع الرسام إيرل هرد نُنسبت إليهم صناعة أفلام الكارتون الكلاسيكية.وفي عام 1920م ابتكر أوتو ميسمر من استديوهات بات سوليفان شخصية القط فيلكس وتم توزيع أفلامها بشكل ضخم،وهو أول كارتون يتم توزيعه تجارياً، وفي ألمانيا عمل رسوم متحركة والتر رتمان ولكن الرقابة النازية أوقفت تطور هذا الفن بعد 1933م.ثم قام والت ديزني Walt_disney ..في عام 1923م بقتح استديو جديد في لوس أنجيلوس، وأول المشاريع لديزني كانت سلسلة كارتون كوميديا أليس، وتتمحور حول فتاة حقيقية تتفاعل مع شخصيات رسوم متحركة، ولكن انطلاقة ديزني الحقيقية كانت بإنتاج أول فيلم كارتون يحتوي على صوت ليؤسس بذلك عصر جديد من أفلام الكارتون وكان هذا الفيلم باسم Steamboat Willie عام 1928 وهو الفيلم الثالث لشخصية ميكي ماوس الشهيرة.وفي عام 1930 تأسست ورنر بروذرز وتعاملت ورنر بذكاء مع منافسها والت ديزني ففي الوقت الذي عرف فيه الجميع أن أفلام ديزني تخضع لتدقيق شديد من والت ديزني شخصياً في رسمها أتاحت ورنر بروذرز سقف أكبر من الحرية لفريق الرسامين لديها في إبداع الشخصيات الكارتونية وأخرجت للعالم سلسلة لوني تونز.وقد تم إنتاج أول فيلم رسوم متحركة ملون في عام 1932م  ، وكان من إنتاج ديزني أيضاً، وهو فيلم أزهار وأشجار والذي فاز بالأوسكار، ومن ثم أصبحت في وقت قصير صناعة الأفلام الملونة هي الأساس، ولحقت ورنر بروذر بمنافستها في عام 1934 بأول فيلم ملون لها وهو فندق شهر العسل، على الجانب الأخر أدرك والت ديزني أنه آن الأوان أن يتم فصل الرساميين عن كتابة قصص الأفلام للتركيز على القصة أكثر وجعلها تحتوي على جرعة قيمة من المشاعر المختلفة والشخصيات المركبة أكثر، فقام بفصل الرسامين عن الكتاب بعمل قسم خاص للقصة، ونجح في ذلك بإنتاج أول فيلم كارتون بشخصيات مركبة وهو ثلاثة خنازير صغار، وتميزت ديزني بأنها أقرب للأطفال بمضمونها .واستمر ديزني بإنتاجه فيلم سنووايت والأقزام السبعة عام 1937م، وهو فيلم كارتون طويل بالإنجليزية، وبرغم أنه قد سبقه سبعة أفلام طويلة أخرى من دول مختلفة.ثم اقتحم التليفزيون الملون الحياة الأميركية في عام 1951م، وفي عام 1958م..و أطلقت شركة هانا بربرا أول برنامج كارتون تليفزيوني بمدة نصف ساعة للحلقة، وفي عام 1960م أطلقت نفس الشركة مسلسل عائلة فلينتستونز الشهير ليكون أول مسلسل كارتون يُعرض في وقت الذروة، وهكذا استطاع التليفزيون أن يجذب اهتمام الجمهور .واستمرت أفلام الرسوم المتحركة في التطور والازدهار وظهور شركات مختلفة ومنوعة تتنافس فيما بينها في القصة والأسلوب والرغبة في كسب رضاء أكبر عدد من الجماهير، حتى طرق الكمبيوتر أبواب هذه الصناعة كما فعل مع كل المجالات، لتدخل به حقبة جديدة عصر الكمبيوتر وهي الأفلام المصنوعة بطريقة CGI أو رسومات الكمبيوتر ، وأخرجت استديوهات شركة بيكسار أول فيلم كارتون طويل مصنوع بأكمله بالكمبيوتر وهو حكاية لعبة عام 1995، لتمتد هذه الحقبة حتى الآن …
  • بالرغم من أن الفنان والمخرج نزار غازي قد جمع عدة مجالات فنية إبداعية إلا أن تواجده فيها بنفس القوة والتأثير..يجعله في مقدمة وطليعة أبناء جيله من الفنانين..بإسهاماته في مجال رسوم الأطفال في مجلة أسامة المختصة بالطفل..ومساهماته في أفلام الكرتون الأنميشن..وفي الأفلام التوثيقية والتي كان أكثرها شهرة فيلم عن الفنان العالمي بيكاسو..والفنان نزار غازي من فناني الجيل الثاني بالحركة التشكيلية ومن الأوائل في الأفلام المتحركة..ومن المصورين الذين عايشوا بعض الرواد ويتابعوا مع جيل الشباب في الفن الضوئي السوري..ذلك الجيل الذي يقع عليه عبء التواصل بين الرواد وجيل الحداثة الفنية عند الشباب والشابات..لذلك يعتبر النشاط التشكيلي والضوئي والمتحرك للمبدع نزار غازي..أحد الجسور والمعابر الهامة في تاريخ الحركة الضوئية والتشكيلية..وعلاوة عن إبداعاته المتعددة يقوم على إدارة قاعة لعرض الفنون والأعمال للفنانين داخل مرسم و في صالة بيكاسو..في دمشق ومن خلالها يفتح نوافذ المستقبل لمجموعة كبيرة من الفنانين الشباب بأن يعرض لهم أعمالهم أو بإتاحة الفرصة لهم لمشاهدة تجارب فنية لفنانين سوريين وفنانين من كل أرجاء المعمورة..
  • وكان من الطبيعي أن يتسم أسلوب الفنان نزار غازي بالأكاديمية نتيجة دراسته..إلا أنه يمتلك حساً فطرياً تلقائياً لم تفسده قواعد الأكاديمية الصارمة..بل إتخذ لنفسه منحاً وشخصية أخرى عكست توجهاته الفكرية والفلسفية والفنية الضوئية والبصرية التشكيلية..المنحازة إلى قضايا البساطة أسلوباً أشبه بالسهل الممتنع..بعد إختياره لخطوط لينة بل عفوية في أحيان كثيرة على طريقة رسوم الأطفال المحببة على القلب..وفي أحيان أخرى شحنت تلك الخطوط بدلالات وإشارات رمزية أوتعبيرية..إستمد أغلبها الفنان نزار غازي من تاريخ الحضارات وتاريخ سورية الموغل بالقدم..لذلك تعتبر أعماله الضوئية إمتداداً طبيعياً لشخصيته الفنية التشكيلية..ولأن شخصية المخرج نزار غازي تنطوي على جنوح خاص إلى الخيال ..لذلك إعتمد في الأغلب على نماذج من الأسطورة..وعلى الرغم من ذلك العالم الماورائي الغيبي إلا أن معالجته للوحاته إتسمت بالبساطة ووضوح الرؤية..فهو يتوحد مع روح وعالم الطفولة والمرأة المعجونة بروح الرمز المحلقة بأجنحة بيضاء تغسل وجوه الأظفال بنظراتها المشمسة المليئة بالحب والعطف والحنان ..
  • وندلف أخيراً للوصول إلى محطتنا الأخيرة في التعريف بالفنان المتعدد المشارب نزار غازي الذي قدم ويقدم الأعمال الفنية التشكيلية والصور الضوئية ورسوم الكارتون منذ ماينيف عن الربع قرن من العطاء والإبداع ..من هنا وجب علينا تسليط الضوء على تجربته الفنية البصرية الغنية بالخبرات واللوحات والأفلام البديعة..فكل الشكر والتقدير والإحترام للفنان المتألق والمخرج والمصور المبدع نزار غازي الذي سيظل منارة هداية ومشعل للمستقبل يستضيء به عشاق الفن الضوئي والفن التشكيلي وفن الأنميشن في سورية وبالوطن العربي وفي العالم..وما أحوجنا إلى التشبث بمبادئة وأفكاره والنهل من خصاله الفنية الرفيغة نحو غد واعد للطفولة يتآلف فيه الجميع لبناء صرح الوطن والحضارة الإنسانية..

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ ملحق مقالة الفنان نزار غازي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.