“أكرم حمزة”.. لو لم يكن الفن قدري لكنت فاشلا

طلعت الحسين

الأحد 14 حزيران 2009

  • لأنه لايحب أن يرى الأشياء بلا شكل، ولأن الفن في داخله كان هاجسا منذ الطفولة، أصر على دراسته وأراد له أن يكون مكتملا بالمعرفة والأخلاق، فتراه يقول دائما عندما تلقتيه: «بأن الفن هو حالة أخلاقية ومعرفية بكل ماتعني الكلمة من معنى»، إنه الفنان “أكرم حمزة” عضو نقابة الفنانيين التشكليين في “سورية” وخريج كلية الفنون الجميلة “بدمشق” عام /1986/ وأحد المتفوقين الخمسة فيها eSuweda التقى الفنان وكان الحوار التالي:
تكبير الصورة

* لكل شيء بداية فمن أين بدأت؟

** عندما كنت طفلا كانت لدي هواية الرسم وكانت تترجم في البداية بالرسم على التراب أو الرمل وكنت اختار الأشكال الإنسانية والأسطورية، وخاصة ماكنت أتابعه كطفل في أفلام الكرتون، وبدأت هذه الحالة تتضح وتأخذ رونق أفضل في الصف الرابع الإبتدائي، حيث ساعدني مدرسي مادة الرسم على تنمية هذه الموهبة وأذكر منهم الأستاذ “حسين حمزة” الذي شجعني وعلمني حتى بت أسمى رسام الصف، وعلى إثر ذلك كان يتم تكليفي برسم موضوع على السبورة ليقوم الطلاب بنقله أو التعليم منه فيما بعد.

* فيما بعد كيفت تطورت الحالة لديك؟

** التطور كان مع بداية المرحلة الإعدادية، حيث كان للأستاذ المرحوم “منصور الغصيني” الفضل الأكبر في تنمية موهبتي لأنه تابع وراقب حالة الرسم عندي، وقدم لي مارسمت في المعرض الذي أقيم في المدرسة حينها، وكان الرسم عبارة عن “بورتريه” للأستاذ نفسه، ثم في المرحلة الثانوية كان للأستاذ “اسماعيل صفايا” عبر ملاحظاته دور كبير في إغناء لوحاتي والمواضيع المرسومة وكان أيضا للأستاذ “غسان قنديل” الذي نقلني للرسم بالألوان الزيتية دورا كبيرا أيضا، حيث رسمت وقتها لوحات متميزة منها لوحة الحرب “اللبنانية” وهي أرزة وجانبها جندي وفي الخلف تعبير عن مدينة “صيدا” واللوحة الثانية منظر “لبناني” وهي جبال “لبنان” وفي هذه الفترة انتسبت إلى مركزالفنون التشكيلية وكان للأستاذين “نبيه بلان” و”جمال العباس” دور كبير في فهمي لإستخدام الأدوات.

* دخولك لكلية الفنون هل كان خيارا أم قدراً؟

** دخولي لكلية الفنون كان خياري وقدري بنفس الوقت، وأنا أعتقد أنني محظوظ لأني ماكنت لإفلح في كلية أخرى، وهذا

تكبير الصورة
اكرم حمزه

مادفعني لترك الصف الخاص والذهاب إلى “دمشق” عام /1981/ للتقدم لفحص كلية الفنون، وكان للأستاذ “نجيب جمول” الذي استقبلني وطلب مني رسم موضوع لفحص المقابلة دوراً كبيراً، حيث كان الرسم بورتريه “لموليير” وبهذا الرسم حصلت على المرتبة التاسعة رغم علامتي المتدنية في شهادة الثانوية ورغم عدد المتقدمين الكثر الذين فاق عددهم /2000/ متقدم وهنا بدأت أشعر بالتفوق.

*هل لتفوقك علاقة بالموهبة أم كان للاجتهاد دور أيضا؟

** بإمكانك أن تقول أن الدور للإثنين معا، فلاتفوق للموهبة بدون اجتهاد، فأثناء دراستي في كلية الفنون كانت ساعات النوم لدي قليلة، وكان القلم والورقة رفيقان دائمان وهذا ماجعلني أتفوق في الرسم وأحصل على المراكز الأولى بالرسم بالرصاص وبالألوان الزيتية وكانت الموضوعات التي أرسمها في لوحاتي مختارة من البيئة اليومية ومن اليوميات التي أعيشها في مدينة “دمشق” فكنت أرسم المقاهي والحارات الدمشقية مثلا.

* من المعروف أن تخصصت بالتصوير فهل لهذا علاقة بشيء تحبه؟

اخترت التصوير، لأني رأيت أنه الاختصاص الأقرب إلى نفسي، ولأنه يحتوي كل مجالات الفنون التي أحبها من اللون والكتلة والفراغ والزمن، وكان ذلك في السنة الثانية من الدراسة، أضف إلى ذلك أنه جعلني أستخدم مواد غير مألوفة في الرسم مثل الرسم بالقهوة والتراب المخلوط بالسكر وهذا كان يلقى إعجاب المدرسين في الكلية.

* يقال أنك متمرد في الرسم فأين يكمن هذا التمرد؟

** التمرد واضح وظاهر في أغلب المعارض التي أقمتها، وذلك لكوني أحب الخروج عن المألوف، وأنا لدي معارض جماعية كثيرة ومعرضان فرديان، والمعارض الجماعية منها ماهو داخل القطر ومنها ماهو خارجه في دول عربية وأوربية فمن الدول العربية هناك “لبنان” و”الأردن” ومن الأوربية مثل “ألمانيا” وقد تميزت أعمالي التي شاركت بها بالتمرد على المألوف، أو دعنا نسميه البحث والحوار مع اللوحة.

* ما عدد الاعمال التي قدمتها في معارضك؟

** في المعارض الفردية كانت الأعمال تفوق الأربعين عملا، وتتميز بأنها تنتمي إلى طقس واحد، وغالبا هو البحث في الوجه الإنساني، والعلاقات مع السطح واللون، وكان أول معرض فردي لي في “دمشق” عام /1982/ بعنوان أبطال معاصرون غيروا وجه التاريخ، وقد جمعت فيه بين التصوير والإعلان، والمعرض الثاني في عام /1999/ في المركز الثقافي بمدينة “صلخد” واحتوى أيضا /40/ عمل فني، وهي أيضا أعمال ترصد حالات إنسانية وتقنيات مختلفة ومحورها الإنسان وتجالياته، أما بالنسبة للمعارض الجماعية، فكنت أختار عدة أعمال وأشارك بها وأبرزها معرض فنانو “السويداء” ومعرض تحية للمقاومة ومعرض البناء للمحبة في “اللاذقية” عام /1996/ ومعرض فناني القطر عام /2002/.

* هل صحيح أنك ضد حالة الإنتقاء بالنسبة للأدوات والمواد في الرسم؟

** بالنسبة لي ليس هناك مواد وأدوات افضل من أخرى، فكل الأدوات والمواد جائزة للعمل إذا خدمت التوجه التقني قبل التوجه الفكري، فالورق والقماش ونشارة الخشب والتراب والفحم والأحبار كلها مواد أستخدمتها في لوحاتي عندما كنت أرى أنها تخدم الموضوع المرسوم».

– بعد كل هذا التطور التقني في المدارس الفنية هل ترى الفن بحالة أفضل اليوم من السابق؟

«لاشك أن هناك تجارب فنية مهمة قد ظهرت على الصعيد المحلي والعالمي، وخاصة مع تطور المدارس الفنية وتقدم اختصاصاتها، ولكن المشكلة اليوم تكمن في نظرة الناس للوحةالفنية، فهناك فرق بين الفن في السابق والفن اليوم، فاللوحات في هذه الإيام باتت تخدم الأخرين أكثر مما تخدم الفنان، فالبعض يرى اللوحة اليوم تكملة لقطع الإثاث وألوان المحيط ولايعتبرها بحث تقني أو نافذة لرؤية عالم آخر.

* يقال أن الفنان شخص لايأمن بالمألوف فهل من الصحة أن يخرج عن عادات المجتمع؟

** الفنان يخرج عن المألوف في إطار فنه فقط، ولكن بالنسبة للصفات الأخلاقية فباعتقادي أن المرء ليكون فنانا يجب أن يكون إنسانا من الدرجة الأولى وذلك بكل ماتحمله كلمة إنسان من دلالات معرفة وأخلاقية سواء بالجو المحيط أو طريقة التصرفات والأداء.

يذكر أن الفنان “حمزة” من مواليد محافظة “السويداء” عام /1963/ وهو مدرس لمادة الرسم المعماري ومتزوج ولديه طفلة.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.