الأحد 27 نوفمبر 2016 م
“رسام الحرب” محمود شبر: الوطن حلم يراودني كل لحظة.. والفن رسالتي للعالم

 

حاوره: محمد الباسم

ابن بابل وولدها الذي رباه كتف الفرات، طفلها الذي لم يكف عن بناء دروع لحصنه الشاهق من فنٍ ينتظره، ولأن الحرب أرادت أن تسرق حقيبة ألوانه، سلك طريق الجبل، وصار ينظر من البعيد الى حرب حرمته بلاده ومدن أحبها. لكن بقي قريبا منها كقرب شريانه الابهر.

محمود شبر من بطون مدينة الحلة، ولد في 1965م. عن ملحمياته الصورية، ورسمه.. أجرت “عين العراق نيوز”، هذا الحوار معه:

* بداياتك مع الرسم، وهل تذكر المرة الأولى التي رسمت فيها ؟

_ بداياتي مع الفن مرتبطة مع بداياتي بالحياة حيث اني ولدت لفنان تشكيلي وعائلة تكاد تكون جميعها مهتمة بهذا الفن وبدايتي الحقيقية في هذا المجال في ثمانينات من القرن المنصرم، حيث تم قبولي في معهد الفنون الجميلة بغداد فرع الرسم بعام 1980، وبدأت ادرس الفن دراسة منهجية واكاديمية، وكان والدي “رحمه الله” حريصا على أن أكون متميزا في المعهد.

* هل تعتقد أنك فريد في رسمك، أم تسير على خطى غيرك ؟

_ اعتقد انني فنان معاصر، انتمي للزمان والمكان الذي يفرض إملاءاته على ذاكرتي التي أحاول من خلالها أن أكون قافز على ما متعارف عليه في الصياغات الجمالية، وبالتالي أرى أنني وضعت بصمة خاصة.. محمود شبر هو احد الفنانين الذين وثقوا للحرب وأوجاعها ونكباتها.

* لمّ توثق للحرب وأنت قادر على توثيق أشياء أخرى ؟

_ أنا من جيل وِلد ما بين الحروب ودخانها وأزيز مدافعها، لابد ان نكون صادقين مع انفسنا، انا اشبه نفسي.

* هل تأثرت بأحد منهم، ممن سبقوك بالرسم ؟

_ بالتأكيد هناك أسماء كبيرة كانت لها سطوة على الفن التشكيلي العراقي ونحن نفخر ان نكون امتداد لهم، ولكن هذا لا يعني ان نكون مجترين لتجاربهم التي كانت تحاكي فترة زمانية كانوا هم فرسانها.

* محيتَ أسماء المدن والأسهم الدالة على إتجاهاتها في يافطات الإشارة ؟

_ أنا لم ارسم المدن، إنما رسمت الحرب.. انعكاسات تلك الحرب كان واضح على تلك المدن التي أصبحت فاقدة لأهليتها لحجم الخراب والدمار الذي تعرضت له منذ الاحتلال وما تلاها من تفجيرات إجرامية قامت بها تنظيمات تريد انهاء التعايش السلمي وروح الإخاء والمحبة بالعراق، وصفحات إسقاط المدن على يد تنظيم داعش الإرهابي.. لقد استحالت المدن الى صفحات توثيق حقيقية لمآسي كبيرة، وقطع الدلالات المرورية التي تكون اغلب الأحيان حاضرة بأعمالي هي دلالات سيميائية تشمل كل تمظهرات الخراب الذي حصل بهذه المدن.

* أنت من بابل، لكنك في اللوحات أشرت الى بغداد أكثر ؟

_ أحيانا تكون كلمة بغداد حاضرة بتلك القطع وبالتالي هي تختزل كل مدن العراق لدلالتها الاعتبارية والاجتماعية والثقافية.

* رسمت سقوط الصنم في لوحات عدة، لِمَ تكرر هذه الصورة ؟

_ انا اول الفنانين الذين تناولوا موضوع الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، ومن اهم ملامح هذا الاحتلال هو إسقاط الصنم الذي كان توصيفه كرمز للدكتاتورية والشعارات التي رفعتها أمريكا المحتلة في تصدير الديمقراطية للعراق.. وأكرر رسم الصنم لأنه سقط ولكن الديمقراطية لا تزال حبيسة البيت الأبيض.

* هل حاولت تناسي العراق وأنت خارجه ؟

_ هاجسي الوحيد في غربتي هو الرسم، وكلما مسكت ريشتي وتفحصت ألواني تذكرت العراق.

* ترسم للعراق وعنه، أم تبكي مثل كل مشتاق ؟

_ البكاء رفيق درب المهاجرين عن اوطانهم.

* هل لك عمل أقرب الى نفسك أكثر من غيره ؟

_ كل لوحاتي هي قريبة من نفسي، لأنها خلاصة لمرحلة من التجلي والانقطاع والإحساس بالذات، ولكن معرضي الشخصي في بيروت 2015 (سريعا الى الامام) اعتقد انه اهم انجاز تم تحقيقه وذلك للصدى الكبير والتأثير المباشر في كثير من التجارب للكثيرين وهو قريب لذاتي ووجداني.

* هل إستخدمت الكمبيوتر في رسوماتك ؟

_ الكومبيوتر هو لغة العصر وثقافة الزمن الحالي، والفن هو ابن زمانه ومكانه، لا بأس من الاستفادة من كل تقنيات التكنلوجيا على ان لا يستهان بعقلية المتلقي في الكذب عليه واستغفاله، ومع هذا فأنا لم استخدم الكومبيوتر في اعمالي ولا اطمح لهذا الموضوع.

* هل تحلم بالعراق في منامك ؟

_ الوطن هو الحلم الذي لازال يراود خاطري كل لحظة.

* كلمة لمحبيك وقراء هذا الحوار ؟

_ أقول ان الفن هو موقف أخلاقي ويجب ان نعتقد به بشكل حقيقي، الفن رسالة صدق من الفنان الى العالم. شكري لكم ولمتابعتكم الحثيثة لما يحصل على الساحة الثقافية والفنية، والشكر موصول لكل من يتابعني بمحبة.. دمتم بألف خير.

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.