للشاعر : هيثم ديبان…ديوان (( مواعيد الندى ))
– مع قصائد من الديوان -( أغنية الصعود – أنثى الينابيع – ضيعتك و عرفت الدرب إليك – مسافات – استيطان ).. للشاعر السوري هيثم ديبان .. مع حياة الشاعر الحمصي (( هيثم ديبان )) الراحل قبل أوانه …؟!
– تقديم : فريد ظفور ..
http://www.almooftah.com/wp-admin/post.php…


ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
لا يتوفر وصف للصورة.
ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
الشاعر الحمصي (( هيثم ديبان )) الراحل قبل أوانه – تقديم: فريد ظفور

الشاعر الحمصي (( هيثم ديبان )) الراحل قبل أوانه …؟!
تقديم : فريد ظفور
سيرة ذاتية للراحل : هيثم ديبان (رحمه الله)

الاسم الثلاثي: هيثم آصف ديبان
مكان وتاريخ الميلاد: فطيم العرنوق 8\8\1954
مكان وتاريخ الوفاة: حمص 12\3\1998
تنقّل مع والده آصف حسين الديبان، الفارس في الشرطة، بين مناطق عديدة في سورياً، إنطلاقاً من الجزيرة، وانتهاءً بقلعة الحصن، المحطة الأخيرة في حياة والده، الذي توفي شاباً في 10\3\1970. فانتقل مع باقي أسرته للعيش في مدينة حمص، ولم يتمّ بعد مرحلة الدراسة الثانوية، التي كان يتابعها في ثانوية المزينة، ليصبح بمثابة الأب والراعي والمرشد لأخوته الستة، الذين يصغرونه سناً، تعينه بذلك أخته سهام، التي تكبره بثلاث سنوات. وليغدوان الأب والأم لهؤلاء الأطفال الستة بعد سنة تقريباً لوفاة والدتهما فاطمة العرّوق في 17\6\1971.
كان متفوقاً ومميزاً بذكائه وفطنته وسرعة بديهيته، مما شجّع والده لإرساله إلى المدرسة، (مستمعاً)، في الخامسة من عمره، فأدهش الطاقم التعليمي في المدرسة لتفوقه على جميع تلاميذ الصف الأول، مما دفع إدارة مدرسته، وبعد إجراء اختبار له في نهاية العام الدراسي، لاستصدار قرار من مديرية التربية بقبوله في الصف الثاني الابتدائي.
رغم إصابته منذ صغره بمرض “الضمور العضلي”، ورغم حجم مصيبة فقد الوالدين في سنٍ مبكرٍ، ورغم حجم الأعباء والمسؤولية الملقاة على عاتقه، ظل مصراً على متابعة دراسته الثانوية ليحصل على شهادة الدراسة الثانوية العامة، الفرع الأدبي، في العام 72-1973. وقد كان متميّزاً، بشكلٍ خاص، بالرياضيات وباللغة العربية، ولم يكن اختياره للفرع الأدبي هرباً من المواد العلمية، فقد كان يهواها كثيراً، ولكن لعدم وجود فرعٍ علمي في ثانوية المزينة حينها.
حاول جاهداً متابعة الدراسة في الجامعة، ولكن لم يلق أي دعم من أقربائه المعنيين، بحجتين هما: وضعه الصحي والوضع المادي السيئ جداً. لكنه عوّض ذلك، ولو جزئياً، بدفع وتشجيع إخوته على متابعة الدراسة، ودعمهم بكل السبل المتاحة، فكان له ذلك. فأصبح معلم الجميع وبجميع المواد العلمية والأدبية، بما فيها اللغة الإنكليزية. وانكب على المطالعة المعمقة، وبخاصة الأدبية والفلسفية.
ظهرت لديه موهبة الكتابة، منذ بداية شبابه، متوجهاً إلى كتابة القصة القصيرة والشعر الحديث. فاشترك بأول قصة قصيرة له، في مطلع الثمانينات، بمسابقة إتحاد الكتاب العرب، وحصل على الجائزة الثانية، فكانت المرة الأولى ولم تكن الأخيرة. ألّف العديد من القصص القصيرة وعشرات القصائد، وقد نشر معظمها في الصحف والمجلات المحلية. صدر له ديوان شعري واحد “مواعيد الندى، ولكن بعد وفاته، من إصدار دار التوحيدي للنشر. كان له صدى جميلاً عند المهتمين والمحبين، كتبت عنه عدة مقالات نقدية في بعض الصحف المحلية والعربية، كان آخرها مقالة للدكتور عبد الله العسّاف في صحيفة الوطن السعودية

بعنوان: “مواعيد الندى”

للشاعر :هيثم ديبان… ورحيل النورس الجميل.



هيثم ديبان الشاعر الحمصي الراحل
فتشت في مناجم الكلام ***
عن ماسة العشق التي لم تكتشف
عن نجمة قد أينعت
في غابة السماء
وعندما قطفتها**
غرقت في تدفق الضياء
رأيت في ضرامها ***
حمائم السلام
تشعّ في بياضها ***
ترفّ في الأنسام
من قصيدة أنثى الينابيع

لم يكن هيثم ديبان لشيء غير الشعر،ولذا لم يكن بحاجة إلى عمر طويل ليكتب الشعر،
فالطفولة وحدها تكتب الشعر… 
في ديوان مواعيد الندى، يدير هيثم ظهره لعالم الهشاشة العابر ، مثقلاً بأعراضه الطارئة المقيّدة ، ويطير بالشعر إلى أمداء كونية وما ورائية تطفح بالرؤى والأحلام والإنتظارية الجميلة…
ماتركه هيثم في مواعيد الندى جدير بالتأمل والقراءة والإنشاد…
ونختار من قصائده من ديوان مواعيد الندى
قصيدة مهداة إلى شهيد الكرامة والرفض سليمان خاطر:
شمس لاتغيب
لم تبدل نغمة الناي بأبواق الملوك 
لم تبع وجه بهية 
في مزادات الرياء 
كنت سيفاً من ضياء
حبن منها سلبوك
باسقاً كالنخل جاوزت المنية
دافقاً كالنيل في عمر الزمان 
تعبر الليل لتغتال الهوان
صرت حراً حين ظنوا
أنهم قد كبلوك 

لست ماشاؤوا من الذل الوديع 
أنت ماشئت وما شاء ذووك 
شمس صبح ..بيلسان وربيع
كبرياء الحقل والغيطان والأيدي السخية
لم تضيع صوتك العاري 
طنين الكلمات
لم تشرنقك أحابيل العواصم 
وإبتذال الأغنيات 
لم تبدل جوهر الطهر بزيف 
الأدعياء 
طلقة كنت وبرقاً 
لم يزل يومض فينا 
فضحوا أوهامهم إذ قتلوك 

كن سيد الغابات 
وأفقنا الطلقا
كن صوتنا الوعيد
ووجهنا الأنقى
ياحلمنا البعيد
وعشقنا الأكيد
كن غيمة … برقا 
كن صحونا المديد
موال أغنياتنا
يذيبنا حزناً، يميتنا عشقاً
كن ماتشاء 
عواصفاً… بحراً
مراكباً… فجراً
كن ماتكون
يامشعلاً في دربنا
يانجمة في ليلنا
ياصوتنا الحقا
ياسيفنا المسنون
ياعشقنا المجنون
كن ماتكون
في قلبنا تبقى

مواعيد الندى من ديوان الشاعر هيثم ديبان

مواعيد الندى
الإهداء

إلى كل المدافعين 
عن شرف الكلمة 
و شرف العمل ……..
إلى كل العاملين 
على صنع مستقبل 
إنساني أفضل …….
إلى أهلي و أصدقائي ….
أهدي هذه المجموعة 

دعوة
قصائدي لم تكتمل
قصائدي نوافذ’’
فلتدخلوا
بشمسكم وريحكم
بغيم همكم .. غبار طلعكم
برعشة الأضواء في عيونكم
بغامض الأسرار و الأشواق / با نبهاركم
بعريكم و ظلكم
و لتكملوها بالعمل .
أغنية الصعود
لن اغني لمراثيك الجليلة
وعيون من رماد
لن أغني لأمانينا القتيلة
وزما ن لن يعود
سأغني لقناديل الطفولة
لعيون لم تعد مني خجولة
سأغني للبلاد الطالعة
من جحور الصمت و الدنيا الواسعة
لن أغني للنساء الخامدات
و الجباه الخانعة
سأغني لانبعاث الوهج من قلب الحبيبة
للنساء الشامخات
و الوجوه الساطعة
لن أغني لحماقات القبيلة
وعذاب الذكريات
سأغني لشموس الصاعدين
لذراهم
من عذاب الأسئلة
سأغني للحياة المقبلة .
ضيعتك و عرفت الدرب إليك
(1 )
أرقب كل ضجيج العالم
فأحن إليك
اتأمل عمق سكون الكون
فأرى وجهك يسكن في كل الأشياء
ارحل في كل الأنحاء
بحثا” عنك ..
بحثا” عني في عينيك .
(2 )
أبحر في ذاكرة الحلم
أحاول أن استجمع كل خيوط الصورة
أحلل كل الجزئيات
و ألملمها
أتفقد كل المرئيات /
و أركبها
أفقد بعض خيوط الصورة
أستنبطها /
من ذاكرة الخلق اللامرئي
و أفك رموز المعميات /
أستكشفها
و أعيد بناء التركيب .)
أرجع في ذاكرة الذكرى
تمتد جذوري في صدرك /
فيما خلف الصدر
أرضع من ثدييك حليب القهر المر
أترعرع في أعماق الفقر /
في ظل الأزمنة الجرداء
أتذوق طعم العرق المالح /
أتنسم منه زكي العطر
و أسافر في هوجاء الريح /
تحملني أمواج عاتية في بحر
أنبت أشواكا برية
أنمو في شجر الصبار
وفي الزهر
أكبر مثل الحزن و مثل القهر)
تكتمل الصورة في ذهني
يبدو وجهك مثل الشمس وضوحا
أمضي نحوك
يحملني كل جموح الرغبة
تتلاشى جعجعة الكلمات /
تتلاشى من سمعي الأصوات
يبقى صوتك /
يصرخ في أعماقي
يدعوني وجهك للحب
فأمد جسور الشوق إليك
يركض .. يركض نحوك دربي
يقرب .. يبعد .. /
لكن دوما نحوك يمضي
( 5 )
آت يا وجها لا يهرم /
آ ت يا حبا لا ينسى
آت من جزر منفية /
من تلك الحارات الطينية
آت من كل الأرجاء /
من تحت الأقبية الصفراء
آت فوق حصان الريح /
آت في غضبة إعصار
و سأهدم كل سدود الخوف
و سألغي كل دعاوى النقص الكامن فينا
و سأمحو الضعف .
( 6 )
آت للقائك يا محزنتي
فانتظريني
سأعانق وجهك ، ألثم ثغرك
فانتظريني
احمل سيف علي / وجه محمد
كبر و رقة إبن الورد
أحلم أن الرمل سيعشب
في قلب الصحراء العربية
أحلم أن الفجر سيبزغ /
أن الشمس ستشرق
في هذا الليل العربي
فانتظريني
أنت المرسومة في عيني و المحفورة في
ذاكراتي
و أنا القادم منك إليك /
أنأى ، أتغرب في عينيك
أبكي قهرا من شفتيك الراعشتين
و انا العاشق نار القبلة
و أنا الراقد في جفنيك
لا تنسيني
إليك .. لصدرك ضميني
و ضعيني في رحمك ثانية
و أعيدي بدء التكوين .
تموز 1979
مسافات
بين عينيك وبيني
جزر غرقي .. بحار
و مسافات طويلة .
بين عينيك وبيني
ألف ذكرى
ألف سر و سؤا ل
و أمان مستحيلة .
بين عينيك و بيني
أ لف لحن و نشيد
و جراحات خضيلة .
بين عينيك و عيني
طير شوق و حنين
و مواعيد بخيلة .
بيننا ألف جدار
من عذابات السنين
و انتشاءات قليلة
كم ربيع قد زرعنا
في صحارانا المحيلة
حين كان القلب يكوي بالهجير
كان يهفو للرقاد
تحت أهداب ظليلة .
و إذا ألفي الد فء فيك
فوق حضن من حنان
فوق صدر مورق مثل خميلة .
بيننا ما ليس يحصى
من حكايا و أحاديث تطول
و كلام قد نسينا أن نقوله .
بين عينيك وبيني
جزر غرقى .. بحار
و مسافات طويلة .
ألف ذكرى ..
ألف وعد ليس يأتي
أمنيات ،
قيل عنها مستحيلة .
/ 2 / 1980
استيطان
عششي في القلب عصفورا صغيرا
غلغلي عبر شراييني العطا ش
نبع ماء سلسبيل
جذر زيتون أصيل
و اشرئبي كالنخيل .
بدد ي برد الشتاء
وانزواءات المساء
وارشفي ، إن تظمئي ، خمر الدماء
و امكثي عمرا .. دهورا .
للشاعر: هيثم ديبان

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.