أحياء دمشق واسواقها – الليدي ايزابيل بورتون – 

عشاق دمشق3

ريتشارد وايزابيل بورتون 1870-1880

 

أحياء دمشق واسواقها – الليدي ايزابيل بورتون –

عشاق دمشق3



دمشق وافترض ان كل واحدمنا يعرف انها اكبر مدينة في سورية ، في الشكل تبدو كطائرة الاطفال الورقية ولها ذيل طويل جدا والذيل الطويل للطائرة هو الميدان اشد احياء دمشق فقرا , ولكنه غني بالمساجد المجددة والحمامات والبيوت التي تبدو للوهلة الأولى على قدر من الاضمحلال .



ولكن عندما عرفنا هذه البيوت جيداً رأينا الإيوانات الرخامية والغرف المطعمة , واسقف الارابيسك , كل هذا مختبىء خلف الطرقات الموحلة .

والمدينة بحد ذاتها تنقسم إلى ثلاثة قطاعات : اليهود في القسم الجنوبي , والمسلمون في الشمال والغرب , والمسيحيون في الشرق … الربع الإسلامي نظيف , الربع المسيحي وسخ , الربع اليهودي مجرد قذاره، وعندما أمر على فرسي أحبس انفاسي بمنديل , والقواسون يهرولون كما لو أن شياطين تتبعهم في كل مكان من دمشق وخصوصا في هذا الربع تتكدس المخلفات في الطرقات المتعرجة , تتحلق الكلاب البرية المتوحشة حول جيف الكلاب , ولكن علينا ألا نحكم على دمشق , من الظواهر ,

وكل البيوت لها نفس المفاهيم المتعمدة في المداخل (الدهليز) لتجنب النهب في الأوقات العصيبة , فتدخل من الباب الرئيسي في دهليز قذر طويل ومن ثم إلى قاعة ثانية وبعدها سيبهرك التحول الرائع . ستجد بيتا نظيفا ومعطراً , الليوان والبحرة من الرخام وفيها الأسماك الذهبية , أشجار النارنج والياسمين ،


الفرش من خشب الأبنوس المطعم بالذهب وأمهات اللؤلؤ ، والزجاج الملون للنوافذ , وفي الداخل , الأرضيات من الرخام , الله وحده يعلم أين ينامون واحدة من السيدات عروس جميلة جدا تزوجت منذ أسبوعين وكانت ترتدي الجود لي ,

وقد زينت عنقها ورأسها بأحجار كريمة وماسات لا تقل قيمتها عن 2000 جنيه إسترليني ولكن الأحجار كانت سيئة جدا , كانت تتجول بين الحضور بكل اناقة ..

لدمشق عظمة داخلية .

أعتقد أنني يجب أن أتطرق إلى الاسواق ، لأنها تشكل جزء لا يتجزأ من حياة دمشق .

وكثيرا منها كانت جميلة جدا, حيث يتجمع الجميع في متاهة تلك الشوارع التي تزخر بكل ما يمكن للمرء ان يحتاجه. كنت اذهب مع جارتي العربية الى سوق السروجية حيث يمكن للمرء ان يشتري زخارف رائعة للجياد العربية ومرفقات منقوشة بالذهب ، لجام من الحرير القرمزي مما يعطيك القدرة على قيادة الحصان بخيط واحد , أو لجام من الفضة والعاج . وهنالك سوق لصانعي الأحذية ولكنه مختلف عن تلك الاسواق في انكلترا . الأكشاك رائعة , نعال بلون الليمون ، أحذية حمراء فاقعة ، وأبواط قرمزية بعنق ورباطات مما يتناسب مع ألبسة البدو, وكان هناك سوق للذهب والفضة , كان هناك سوق الحدادين ، حيث نجد العديد من الأشياء الجميلة الفولاذية مطعمة بلآلئ لأخشاب منتقاة . وجولة صغيرة على الحدادين الذين يهوون بمطارقهم على سنادينهم . حيث يمكن للمرء أن يلتقط بعض الحلي البربرية والقديمة الجميلة .

كان هناك بازار آخر حيث بائعي العطور وزيت خشب الصندل ؛

وآخر حيث يمكن للمرء أان يشتري الحرير وأجمل الأشياء التي يمكن تفصيلها لتثير عنفوان الزوج ،
أو أن تشتري إزارا يمكنك من التجول في الأسواق دون أن يعرفك أحد هي في معظمها اشياء جميلة صنعت من الذهب .
هناك أيضا ديوان، حيث يمكن للمرء أن يشتري السجاد الفارسي وسجاجيد الصلاة لتأثيث المنزل . وكان هناك سوق واحد لشراء الحناء لتضميخ الأيدي والأرجل والأظافر وأخيرا ، و ليس آخرا ، كان هناك سوق الأراجيل ، الذي تعرض فيه النراجيل الجميلة في معظمها ، وأجزاؤها الرائعة الزجاج والانبوب والنربيش الطويل , وهي من اجمل مارأيت. وكلما علت رتبتك كلما ترتب عليك المبالغة في تقديم المجاملة لضيوفك ، فقد أوصيت على النراجيل الخاصة بي ان تكون قاتمة بلون الشوكولا وذهبية وطول أنبوبها ستة ياردات .

وكان لدي لا يقل عن اثني عشرة نرجيلة بشكل دائم واحدة منها احتفظت بها لتدخيني , ومبسم فضي أحمله في جيبي لاستخدامها عندما اقوم بزياراتي ولا تكفي عجالة لاعطاء اسواق دمشق حقها وروعتها ولكن في الختام هناك سوق الحلويات الانيقة التي تقدم مع القهوة والتي لم اتذوق في حياتي كلها كتلك الحلويات التي تصنع في دمشق

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.