فتح مبين

في مقام ما تمّ إنجازه من قبل المُؤسسة العربية للصورة في عاصمة النور العربية بيروت أود أن أعرج على مواضيع فتحناها سابقاً وأجد أن المقام بات يليق بها أو بالتذكير بها لنفتح من خلالها حوارا عساه يكون بداية لرسم خارطة طريق لنا في هذا العالم العربي وتحديداً في ميادين الثقافة والفنون

أضع بين أيديكم الآن مقالاً كتبته ولم أنشره وهذا آوانه (والفضل كل الفضل في نبشه من ذاكرتي ودفعي إلى نشره يعود لإنجاز المُؤسسة العربية للصورة Arabimagefoundation Aif ولأاخي وزميلي الفاضل سعد الهاشمي Saad M. Al Hashmi:

المقال:

التصوير والمحتوى الرقمي العربي
عندما أطلقت هذه الصفحة (حوارات فوتوغرافية) وتابعت ردود أفعال المتابعين والمهتمين الذين وجدوا فيها كما وجدت متنفساً بعيداً عن كل شيء ما خلا الفوتوغرافيا العربية بين واقع معاش ومُستقبل مأمول، بين الانطلاقة والتسارع وصولاً إلى الاستقرار والنضج.
ووجدت من الواجب على كل منا ألا يتأخر في طرح ما عنده عسى يكون في مجموع الأفكار والطروحات الفكرية والعملية، التكتيكية منها والاستراتيجية وسيلة لرسم مسار أو خارطة طريق للوصول بهذه الصنعة إلى حيث يجب أن تكون؛ على رأس هرم التغذية البصرية والفكرية، وأرشيفاً يحفظ تراث الشعوب وسلوكها.
أبدأ تناولي للموضوع من نقطة بعيدة بعض الشيء ولكنني أرى من واقع عملي في وضع الاستراتيجيات وخطط العمل أن النظر من بعيد يُساعد في رسم المسار بشكل أوضح وأدق، والنقطة البعيدة هنا مسألة المُحتوى الرقمي العربي.
معلومة قد لا تكون بعيدة عن أي منا وهي: “تُشير العديد من الدراسات والتقارير إلى أن المحتوى العربي على الإنترنت بدأ بالتراجع بشكل ملحوظ، وقبل أيام أشارت دراسة على موسوعة موضوع العربية الإلكترونية عن تدهور حال المحتوى العربي على الإنترنت وأن عدد صفحات المحتوى العربي على الإنترنت بلغ قرابة 660 مليون صفحة فقط منذ إنشاء شبكة الإنترنت أي ما يعادل نسبة 0.89 من محتوى شبكة الإنترنت والتي يبلغ متوسط مجموعها ما يقارب 74.5 مليار صفحة .”
نعم هذا حال المحتوى الرقمي العربي، فلماذا تُشير إليه؟ وقبل أن أجيب أود أن أضع معلومة تقنية أخرى بين يديكم واعذروني على الإطالة ولكننني تعلمت أن أبدأ أي عمل بعد وضع التعاريف للمصطلحات والكلمات المفتاحية التي سيدور حولها التقرير أو المقال.
المعلومة الثانية هي: “النسبة الكبيرة من محتوى الويب الذي يطلق عليه اسم المحتوى العميق، أو المحتوى المخفي Hidden Content أو Deep Content وهو محتوى غير مرئي بالنسبة لمحركات البحث مما يُصعّب قياس حجم المحتوى بدقة عالية.”
المعلومة الثالثة والأخيرة هي: “مواقعنا ومطبوعاتنا ومدوناتنا الناطقة بالعربية يكاد يكون المحتوى في جله إن لم نقل كله في بعض الحالات مترجماً أو منسوخاً أو مسروقاً (مستعاراً من دون إذن)، والكثير من المطبوعات الشهيرة التي سعدنا بصدورها بلغة الضاد -ولن أسميها هنا لأن الغاية هي مناقشة المسألة وليس دراسة حالات بعينها- كانت لديها آمال وطموحات بأن يتحول محتواها من المترجم والمنقول إلى الوطني / العربي/ الإقليمي ولكن ما الذي حال بينها وبين ذلك الهدف؟
المسألة باختصار هي عدم وجود محتوى رقمي عربي ومحتوى عربي بشكل عام، ولكن أين التصوير من هذا كله؟
التصوير يا سادتي هو جزء من المحتوى الرقمي وجزء أساسي في وقتنا هذا، والتصوير يا سادتي هو المادة التي لا تحتاج إلى ترجمة، التصوير يا سادتي جعل لنفسه لغة خاصة به ولا أدل على ذلك مما نراه على الإنستغرام الذي تفوق على جميع المنصات الاجتماعية الأخرى وآخر خبر بلغنا منذ ساعات هو تفوق خاصية القصص في الإنستغرام (Stories) على السناب تشات (snapchat).
التصوير يا سادتي هو وسيلتنا لتغطية جزء كبير من قصور المحتوى الرقمي العربي ولكن هل يكون هذا بإلقاء الصور بعد التقاطها دون خطة أو معيار؟ هل المسألة في الكم أم أنها في النوع؟ هل بلغ التصوير مقام الصنعة لدينا أم أنه يتراوح ما بين المتعة والهواية والترف؟ هل لدينا مراكز الأبحاث المختصة التي تقود العمل المهني التوثيقي؟ هل نصور للمسابقات أم لأسر الجمال أم لبناء الأبحاث أم للدعاية والإعلان أم لاستكمال بنية مقالات بعينها؟ أم أننا نصور لنكون جزءاً من صناعة الحقيقة / الخديعة؟ أم وأم وأم وتطول اللائحة.
التصوير يا سادتي وسيلتنا للوصول إلى المحتوى العميق أو المخفي الذي لم تصل إليه محركات البحث، ولم يدخل في تصنيف المحتوى الرقمي العربي.
نعم بداية أراها واسعة جداً ولكن هي لوضع الخطوط العريضة لما سيكون سلسلة من المقالات علنا نوفي هذه المسألة حقها نقاشاً على الأقل. فماذا تقولون؟

  • Mohammad Al Daou المقال السابق كان مدخلاً لتلمّس الطريق إلى نهضةٍ بالمحتوى الرقمي العربي من خلال بوابة الصورة (الثابتة والمتحركة)، وسنكمل هنا ما بدأناه، ومن باب التعريج على دور الصورة في عصرنا الحاضر نقول: إذا رجعنا إلى بداية بعض المطبوعات التي تجاوز عمرها القرن بقليل والتي اشتهرت منذ نشأتها بأنها تستخدم الصورة كجزء أساسي من المحتوى الذي تقدّمه، نجد أن كل صورة كانت تُرفق بثلاثين صفحة من النص المكتوب! أما إذا نظرنا إلى الأشباه المعاصرة لتلك المواضيع في المنشورات عينها لوجدنا أن كل فقرة نصية ترافقها ثلاثون صورة!

    نعم الصورة أصبحت لغة بحد ذاتها لا تحتاج إلى ترجمان، ومن هنا تأتي دعوتنا لتبنّيها وسيلة للنهوض بالمحتوى الرقمي العربي، فكيف نبدأ؟ سؤال كبير وإجابته موضوع حوار وجدل قد لا ينتهي! ونحن إذ نضع تصوّرنا للحل فإننا لا نعتبره الأوحد ولا الأجدى ولكنها مبادرة تحت مظلة الحلول.

    النهضة تبدأ من ثلاثة محاور:

    الصورة التوثيقية: للأحداث والفعاليات (إعلام وإعلان وعلاقات عامة) والبيئة ومخلوقاتها (علم الأرض) والبشر وسلوكياتهم وعاداتهم وملابسهم (السلوك البشري)، ولآثار الإنسان على الأرض (الحياة الصامتة والتصوير التجاري بشكل عام)، للماضي بحالته اليوم، للمُستقبل كما نراه اليوم.

    الصورة الجمالية: وقد تتقاطع في جميع مواضيعها مع الصورة التوثيقية ولكن تختلف عنها بالغاية من التقاطها، فالصورة الجمالية يكون وراءها تطلّعٌ إلى أسر جمال لحظةٍ بعينها، أو توثيق حالةٍ أو سلوك، ولكن ليس بطلبٍ من أحد. الصورة الجمالية صورة متحرّرة من القيود المهنية والتجارية وترقى بمحتواها إلى مراتب أسمى.

    المحتوى المرافق للصورة: شرحاً وتوثيقاً وتعليقاً وترويجاً، وهو ما نعتبره جزءً من الصورة التي قد يغيب في المستقبل القريب عن الناظر إليها كثير من قيمتها ومعناها ما لم تكن ناطقة بحالها يوم أن وُلِدَت من رحم كاميرا أحد المبدعين.

    فلاش:
    الصورة وسيلة لا تعدلها وسيلة لإثراء المحتوى .. فهل أنت أهلٌ لها ولما أُعِدّت له؟

  • Khalil Hamra شكرًا جزيلا أستاذ ابو مصطفى على هذه ( اللفتة ) الهامة والتي فتح بابا واسعا من المسببات والمعوقات والمثبطات في عالم الصورة ( العربي ) ،
    مشاركا بوجهة نظر تخصني ، الاّ يجب ادراج الصورة تحت محتوى إقليمي او لغوي او ضمني يحد منها ويقوض انفتاحها ، فهي سواء عربية كانت ام غير ذالك تخضع لقراءة واحده ونقد واحد ، اما فيما يتعلق بأسباب التصوير فهي ليست نقطة تحتاج لتصنيف ، التصنيف يكون بوضع واقع التصوير العربي ضمن مقومات المهنة وتصويب الخطأ .. بدءاً من القائمين على كل ما يتعلق بالصورة الفوتوغرافية في الوطن العربي ، وصولا الى مصوغات اخلاقية ومهنية لديها الجرأه الكافية بالنقد للمصورين العرب وأعمالهم بشكل مهني وقيمي وأخلاقي يشكل رادع قوي لكل من يعتقد ان التصوير العربي بعيد عن العالمية والرقابة وانه هدف للقوت اليومي والحصول على المال دون الالتفات لادنى مباديء وقيم وأخلاقيات العمل المهني .
    اما ما يتعلق بالجهات القائمة على الصورة في الوطن العربي هي من تحدد ترتيب الصورة العربية ( بمصورها ) وحرصها على إهمال المحتوى العربي من جهة والمصور العربي من جهة اخرى وذلك بعدة امور ابسطها ان يكون العمل على اسم بإنجاز عظيم كأول مصور عربي يصور كذا .. وأول مصور مصري كذا او مصور ليبي ، وفِي عالم التصوير لا يخرج عن كونه مبتدئ في المجال ، الامر الذي يضع العرب أنفسهم به في قوقعة شهرة زائفة تفصله عن العالم اما للقدرة على فعل ذلك او لعدم القدرة على فرض المحتوى عالميا بالإنجاز المنافس الحقيقي ،
    ناهيك عن عقدة الخواجا وهي امر هام .. العالمية في الوطن العربي تكون باسم مؤسسة عربية ومحتوى غربي يشمل اسماء لامعة ناطقة بأي لغة غير العربية ، والسبب ليس عدم وجود مبدعين عرب بل لأسباب اخرى عدة ،
    ظهر مؤخرا مهرجان اثينا للتصوير الفوتوغرافي ، لدي اضطلاع على تأسيسه والعمل على إقامته وباعتباره فكرة ناشئة وفريدة في اليونان فقد اعتد اليونانيون بهوية المهرجان وكان يوناني بامتياز … القائمين والمنظمين والمشرفين وعدد يحترم من الضيوف بطريقة وضعت العاملين في مجال الصورة الفوتوغرافية من اليومان جنبا الى جنب مع الاسماء اللامعة المستضافة ، وبكل بساطة ما قيل ويقال انه من اضخم الاعمال التي انجزت في وقت قياسي وتتحدث عن الصورة الفوتوغرافية في العالم ، على شرف تكريم المصور ( اليوناني ) المتوفى قبل اشهر قليلة ، يانيس بيراكيس …
    اعتذر عن خروجي عن إطار الحديث المحدد بجانب لا يحيد عن الواقع ،
    التصوير الفوتوغرافي فن ، والفنان يحتاج للاكتشاف والتلميع والخروج للسطح .. هذا الامر لا يأتي من تلقاء نفسه .. ومن هنا تبدأ محركات البحث تعج بالاسماء العربية بمحتوى عربي وبأيد عربية .

    Khalil Hamraتم الرد بواسطة Khalil Hamra
  • حسين زكي الخباز في مجال التصوير كما في المجالات التخصصية الأخرى هناك عوامل عدة تتدخل في دعم تطور تلك الحرفة وذلك الفن

    واحد _ وجود محرّك اقتصادي، يشجع إنتاج ذلك النوع من المحتوى، ويعزز جودة المحتوى، ويساهم في بقاءه وتطوره باستمرار.

    اثنين _ المؤسسات التعليمية وإيلاء الفن ما يستحقه من اهتمام في المناهج المدرسية وفي التخصصات الأكاديمية

    ثلاثة _ المجموعات المستقلة الداعمة للفنون، والفنانين، والتي تساهم في تبادل الخبرات، في التعاون، وفي خلق بيئة وقيمة مجتمعية لذلك النوع من الفنون.

    أربعة_ الروّاد من الأفراد ممن ينتقلون ببعض المجالات من مرحلة لأخرى بعمق ما يقدمونه. وبوجود من يعرف قيمة ما قدموه ويساعدهم في نشره وأخذه مكانه الذي يستحقه.

  • Rami Sharrack شكراً لك صديقي الراقي على هذا الطرح وعلى هذه الإضاءة، الموضوع هام جداً، ولقد وضعت يدك على حل سريع لردم الهوة في المحتوى العربي. أتمنى عليك الإسراع في تقديم رؤيتك والمنهجية المثلى للبدء، وخاصة الاهتمام بالفئات العمرية الصغيرة، التي بدأت تنضج وتجيد استخدام لغة العصر الرقمي، لكنها لا تعي حجم المسؤولية التي تقع على عاتقهم في توثيق وإغناء المحتوى العربي، فنحن بحاجة لإعطائهم الوصفة كاملة وبطريقة بسيطة، نشرحها لهم وندربهم ونشجعهم عليها، بحيث يساعدونا في الوصول إلى الهدف.
  • Saeed Al Shamsi محتوى المقال و التسؤال، مهم كأهمية أي وسيلة حياتية أخرى ضمن المجتمع العربي.
    المجتمع العربي و دولة للأسف يصنف ضمن العالم الثالث و هو في طور التعمير و التجديد و في جميع النواحي.
    محتوى النشر الرقمي و الصورة جزء لا يتجزأ من الحالة العربية، قلة و ضعف و هزالة النشر العربي الرقمي له عدة أسباب، و السبب الرئيس في رأيي هو المجتمع نفسه، الذي يكون تغيره بطيئ، لبطئ الاستراتيجيات الرسمية للدول و عدم فاعليتها.
    لكل منتوج لابد ان يقابله طلب، اذا نظرنا الى احتياجات الإنسان الأساسية وفقاً لدراسة ( تنمية المقياس البشري )، الذي وضعها ماكس ، تعتبر ثابته لجميع الثقافات البشرية و عبر فترات زمنية تاريخية. و الذي يتغير على مر الزمن و بين الثقافات هي الاستراتيجيات التي من خلالها تتطور و تطور معها الإنسان و تشبع هذه الاحتياجات سواء معيشية او ثقافية.
    اذا المشكلة ليست في ضعف النشر و قلته، إنما ليس لدينا استراتيجية للوصول الى ذلك.هناك عدت عوامل منها التعليم و الثقافة لا بد من بناء جيل يعتمد على الذات و على بناء الارتباط العضوي للناس مع الطبيعة و التكنولوجيا، و الابتعاد عن الفكر المحلى الفردي الى نظره مستقبلية يشارك الإنسان العربي ، الإنسان الآخر في المجتمعات الأخرى .
    و لتخطي كل هذا يجب ان تكون هناك استراتيجية نحو ذلك بدعم رسمي، و وضع الإنسان المناسب في موقعه و العكس هو ما أوصل الدول العربية الى عوامل التخلف.
    نرى اليوم جل هم الإنسان العربي توفير قوت يومه، و عندما يكون هذا هو شغله الشاغل فلا نستغرب من تأخرنا في جميع المجالات و بالأخص النشر الإلكتروني.
    و أخيراً يستحضرني قصة أبو جعفر المنصور عندما سأل كبار بني أمية: ما كان سبب ذهاب امركم ( الدولة الأموية ) فقال أمور صغيرة ، أوليناها للكبار و أمور كبيرة أوليناها للصغار.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.