سينما “الشباب”.. جرأة بعيداً عن الاحترافية

النص سيد المشهد بلا منازع

 كمال شاهين

الأربعاء 19 شباط 2014

اللاذقية

سينما “الشباب” أو “الهواة” ـ كما تسمى ـ منطلق هام من منطلقات صناعة سينمائية وطنية واعدة، تقوم على مشاريع العمل الجماعي الطموح بأفكار جديدة…

تكبير الصورة

تعود جذور سينما الشباب في “سورية” إلى بداية تأسيس صناعة السينما مطلع القرن الماضي، فأول فيلم سوري هو فيلم “المتهم البريء” أنتج عام 1928، قام بكتابته وتمثيله ومونتاجه وإخراجه شباب هواة، رأوا في السينما وسيلة تعبير مستحدثة يمكن استخدامها في تقديم رؤى إبداعية مختلفة، وحتى ظهور “المؤسسة العامة للسينما” عام 1963؛ تتالت الأفلام التي صُنعت كلها بأيدي شباب سوريين، ولكنها لم ترق إلى مستوى القول بنشوء صناعة سينمائية سورية حقيقية، ولكن هناك رغبة في وجود صناعة سينمائية حقيقية في “سورية”، بعيداً عن كل ما هو سائد وتجاري وسريع وبلا قيمة، وإذا كانت غالبية ما نشاهده على مستوى سينما الشباب، تنحصر في إطار مبادرات فردية، ثنائية أو جماعية، لا تنظم وفق آلية مؤسساتية واضحة المعالم، فإن “المؤسسة العامة للسينما” كانت ومازالت حاضناً لعدد كبير من الشباب المغرمين بالسينما والفاقدين لأدواتها.

وتبدو التظاهرات الفنية المرتبطة بدعم سينما الشباب واقعاً يحقق أحلام جيل من هذا الشباب، وعلى رأسها العرض في المهرجانات المحلية والدولية، ويتحدث المخرج الشاب “طارق سلوم” من “حلب”؛ والقادم للمشاركة في مهرجان “خطوات” بنسخته الثانية بفيلم حمل عنوان “عفواً”، عن أحلامه السينمائية فيقول في حديث لمدونة وطن “eSyria” بتاريخ 8 شباط 2014: «تخرجت هذا العام في كلية الجيولوجيا، ولكن شغفي بالسينما قديم، ولكن هذه المرة ورغم الظروف التي نعيشها في “حلب” قمت ومجموعة من الأصدقاء محبي السينما بإنتاج هذا الفيلم عن قصة كتبها زميل لنا وشارك في صناعة الفيلم معنا، وهو مشروعنا الأول ونحلم بأن نقدم مشاريع أخرى».

ويتابع: «علاقتنا مع السينما تطورت إلى درجة

تكبير الصورة
الناقد سامر إسماعيل والمخرج بشار عباس

العشق، نحلم بتقديم سينما مختلفة لها حضورها الإبداعي وهذا لن يتم إلا عبر أشواط من التعب، نحتاج إلى الدعم بالتأكيد، ربما في العام القادم نشارك في مشروع دعم سينما الشباب الذي تقدمه المؤسسة».

وإن كان هناك اختلاف في تحديد المفهوم، إلا أن الجميع يتفق على نقطة رئيسية هامة، هي أن هذه المحاولات السينمائية هي المنطلق الحقيقي لأي مخرج يريد تقديم مشروع سينمائي، في الاختلاف على المفهوم يورد الناقد السينمائي والإعلامي “سامر محمد إسماعيل” في حديث مع “مدونة وطن” قوله: «إن الاسم لا يطلق على شريحة عمرية معنية، بل هو تعبير نقدي، يطلق على كل أنواع الأفلام التي تحمل روح الشباب في نصها وإخراجها بعيداً عن الروح التقليدية في صناعة السينما، فكل مخرج أو كاتب نص يحمل أفكاراً جديدة هو مخرج أو كاتب شاب، من هنا إشكالية التعريف والحاجة دوماً إلى الانتباه إلى هذه النقطة».

ويضيف: «إن سينما الهواة هي مختبر حقيقي لاختبار النظرية وتصديرها إلى الأكاديميين، هناك فسحة في هذه الأعمال أكثر حرية ودخولاً في التجربة على مستوى العناصر الفنية والطرح، فهي سينما يفترض بها أن تكون ذات جرأة وشجاعة على أن تقول ما لا تقوله السينما الاحترافية».

ولهذه السينما شروطها الإبداعية التي يجب أن تتقيد بها حتى تحقق تأثيرها في المجتمع والناس، وهذه الشروط يجملها الناقد والأستاذ الجامعي “بشار عباس” المدرس في جامعة “جنوب كاليفورنيا” بوجود “نص” سينمائي قبل أي شيء، ويضيف: «لا يكفي وجود كاميرا أو مونتاج جيد أو تصوير جيد لنقول إن هناك فيلماً، فالنص هو حجر الأساس الذي يبنى عليه

تكبير الصورة
من افتتاح مهرجان خطوات2

أي فيلم، وفي سينما الهواة تتعدد الأشكال الفنية للفيلم ولكن يبقى النص سيدها بلا منازع، وهذه النقطة يجب العمل عليها كما لو كنا نعمل على مستوى فيلم روائي، كما أن فكرة العمل الجماعي لإنتاج الأفلام الشبابية القصيرة بشكل خاص يجب أن تخضع لرؤية العمل الجماعي خاصة بالنسبة إلى أشخاص لا يمتلكون سوى حب السينما وشغفهم بها، وشوقهم للعمل وعدم امتلاكهم لأبجدياته».

وعن تقييمه العام للأفلام القصيرة التي شاركت في مهرجان “خطوات”، يعيد الناقد “إسماعيل” التأكيد على شجاعة هذه الخطوة، وضرورة تعميمها على باقي المحافظات للوصول إلى حالة سينمائية صحيحة، فهذه التظاهرة ترتقي في تحليلها السيسيولوجي إلى درجة فعل المقاومة، ويضيف: «يمكن لهذه السينما أن تدافع عن مجتمعاتنا بوجه الميديا العالمية التي تغزونا عبر القنوات التلفزيونية، في العالم اليوم تكاد تنقرض دور سينما عريقة أمام الغزو الهوليوودي، واليوم من يصنع سينما يقول “لا” لسيطرة هذه الميديا المجنونة بالعنف، إنها تحتفي بالإنسان وتغوص فيه، وتبتعد عن مقولة “شباك التذاكر”، المؤسسة العامة للسينما تقدم الدعم من خلال المنح، ويبقى على الهواة أن يهتموا بالنص والمضمون بشكل رئيسي».

وتلعب الورش السينمائية التي تحضر عادة في المهرجانات دوراً كبيراً في نقل خبرات الاحترافيين الشباب إلى الشباب الهواة الداخلين عالم السينما برغباتهم ويحتاجون إلى دليل على الطريق، من هذه الورشات “ورشة صناعة الفيلم القصير” مثلاً، التي شهدت في مهرجان “خطوات” حضوراً أكد الحاجة إلى هذا التواصل بين من سبق ومن يريد اللحاق بهذا الركب، ويقوّم المخرج الشاب “المهند كلثوم” تجربة هذه الورشة بقوله: «بعيداً عن التنظير، وبعيداً عن لغة الأكاديميات،

تكبير الصورة
من فيلم أعدته الورشة الفنية في المهرجان

تأتي هذه الورشات لتخلق تفاعلاً مطلوباً بيننا، كلنا نستفيد من خبرات بعضنا، حتى أولئك الذين قطعوا شوطاً في أعمالهم السينمائية كسينمائيين شباب، لكل منا تجربته التي تختلف على صعيد النص والفكرة واللغة البصرية وآلية العمل والكاميرا وغيرها، وهذا الاختلاف ثري جداً ويعمق هذه العلاقة الطيبة بيننا باتجاه التأسيس لثقافة الفيلم قبل التفكير بصناعة الفيلم».

يشار إلى أن الورشة التي نفذها المخرج “كلثوم” مع عدد من الشباب الهواة في مهرجان “خطوات” أنتجت فيلماً قصيرة حمل عنوان “خطوتنا”، مثله وأخرجه وكتب السيناريو له الشباب أنفسهم، ولقي تصفيقاً حاراً في ختام المهرجان.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.