حلم بأن يكون طياراً فسلك طريق النجوم..
سيريانديز تحاور المخرج الشاب المهند كلثومسيريانديز – اللاذقية – يسرى جنيدي
حينما كنت أغطي مهرجان خطوات 2 للأفلام القصيرة، لفت انتباهي مخرج شاب يتابع عرض الأفلام ، وقيل لي: إنه يشرف على هذه المواهب الفتية التي أخرجت هذه الأفلام.
وقد لا حظت أنه على الرَّغم من حداثة سنه إلا أنَّه مفعم بالنشاط الَّذي يفصح عن موهبة واضحة، وأنَّه كان مرهف الإحساس، فياض اللطف، لدرجة أن عيناه كانتا تدمعان تأثُّراً وفرحاً حينما تسلَّم الشَّباب جوائزهم. وقد صمَّمت أن أُجري لقاء معه، يمكنني من ترجمة ما شاهدته وتأثرت به خلال متابعتي للمهرجان.
إنَّه المهند كلثوم مخرج سينمائي خريج أوكرانيا, يحضر للدكتوراه حاليا” في الإخراج السينمائي. تقسم رحلته السينمائية إلى مرحلتين, مرحلة الاغتراب ومرحلة العودة الى الوطن سورية.
مرحبا بك أستاذ المهند معك يسرى جنيدي مراسلة سيريانديز للثقافة والفن.
ــــــ كيف اتجهت إلى الإخراج السينمائي؟
*كنت بعيدا “كل البعد عن الإخراج ,حلمي كان أن أصبح كوالدي طيارا” حربيا”, لكنني لم أتطفل على الإخراج, منذ طفولتي كانت لدي موهبة’ ’في مجال الفن . أما الآن الفن هو موهبتي وعملي هو الحياة .
ـــــ لماذا لا يحقق الفيلم القصير النجاح الذي يحققه الفيلم الطويل ؟
*يعاني الفيلم السينمائي القصير في سوريا من ثقافة الجمهور, والحقيقة أنه لا يوجد له جمهور . وأنا لست مخرجا ( بنظر البعض ) لأنني لم أخض تجربة إخراج الفيلم الروائي الطويل .
لقد نشأت السينما من الفيلم القصير , وفي بداية صناعة السينما ولمدة ثلاثين عاما كانت عبارة عن أفلام قصيرة صامتة أو روائية درامية.
في أوروبا صناعة الفيلم القصير أصعب بكثير من الفيلم الطويل , لأنه يحتاج كمَّا هائلاً من التكثيف السينمائي, وكمَّاً هائلا من تخزين المعلومات, فأنت تطرحين فكرة في وقت قصير , أما الفيلم الطويل فلديه كل الوقت. الفيلم القصير في وطننا مهضوم الحق , وعسى أن تكون التجارب الشبابية بادرة خير حتى يأخذ الفيلم القصير أو المتوسط حقه ويصبح له جمهور. حينها يجب إقامة مهرجانات سنوية او نصف سنوية في كل المحافظات السورية.

ـــــ هل يمكن لمخرج الفيلم السينمائي القصير أن يكون كاتباً ناجحاً له؟
*السينما لا تختلف إذا كان الفيلم طويلاً أم قصيراً، ولكل فن صُنَّاعُه. وهناك كاتب سيناريو هناك مصمم أزياء هناك مدير إضاءة وتصوير, والفيلم قائم بكل توازناته وأعمدته وهو عمل متكامل . وأنا لا أحبذ أن يكون مخرج الفيلم القصير هو كاتبه أيضاً وإلا وقعنا في مطب السينما الوطنية , التي هي سينما المؤلف . ويجب أن يكون هناك تشاركية بالأعمال ,فيأخذ السيناريو حقه على كامل وجه.
ـــــ لماذا إذاً يلجأ بعض المخرجين إلى كتابة النص ؟
*أنا أقع دائماً في جدال مع زملائي الصحفيين والكتاب، وعندما أقول أن هناك أزمة نص سينمائي ينتقدونني, لكن لا يوجد لدينا خريجين سيناريو سينمائي, إنهم معدودون على الأصابع , مع بعض حالات الإبداع الفردي الذي لا نستطيع تجاهله.
لكن إن أردنا الاهتمام بسينما الفيلم القصير, يجب تأهيل كتاب السيناريو وكاست سينمائي كامل وصولاً إلى الممثلين , هناك ممثلين دراما وممثلين مسرح وهم يختلفون عن ممثلي السينما. علينا تأسيس كادر سينمائي محترف وتأسيس مفهوم خاص للسينما السورية.
إن الذين يدرسون فن السينما أكاديمياً هما اثنان المخرج ومدير الإضاءة والتصوير , أما الباقي نستعين به من خبراتنا الوطنية التي لها باع طويل بالدراما السورية، إن فن السينما يجب أن يكون كياناً مستقلاً بحد ذاته أيضاً, لأنه الفن السابع المكمل لكل الفنون , مستقل بكل جمالياته بكل عناصره بكل صناعه.
ـــــ ما الرؤية الإنسانية لأفلامك؟
*الأنسان يجب أن يعمل على مشروع أو هدف في حياته او خط يمشي عليه. كمخرج يجب أن يكون لك هوية بنفس الوقت يجب أن يكون لك خط عمل، ان الخط الإنساني هو الخط الذي اتخذته دائماً بكل أفلامي أطرح موضوع حقوق الإنسان وهمومه ومشاكله, ضمن سياق اجتماعي سواء فيلم وثائقي أو تسجيلي أو روائي قصير . دائما” البطل كان يطرح حقوق الأنسان وواجباته , وهمومه وأحزانه. ودائماً كنت أتوجه بسؤال للجمهور من خلال أفلامي بطرح قضية ما لأن السينما ليست بفن عبثي إذا لم توجد رسالة توصل صوت الناس على الشاشة الكبيرة , لا أعتبر نفسي مخرجاً سينمائيَّاً . إن الفيلم هو عملية عكس الواقع على الشاشة الكبيرة توصل الصوت للعالم كله وليس فقط لسوريا.
ـــــ هل من الممكن أن يصل الفيلم المحلي إلى العالمية؟
*قبل أن نصل إلى العالمية يجب أن نكسب ثقة الجمهور , ونصنع أفلاماً تلامس واقع الناس , من أكبر الأخطاء التوجه للعالمية ونسيان هموم ومشاكل الشعب. وأن ننسى أنه لدينا جمهور محلي يحب السينما يحب أن يصنع السينما يحب أن يجلس على مقاعد السينما. وقبل العالمية يجب إعادة كسب ثقة الجمهور بصالاته وأفلامه الوطنية التي تحكي همومه ومشاكله . قبل أن نطرح العالمية يجب علينا تأسيس منزلنا الداخلي , وبعد ذلك سيطلب الغرب افلامنا ومشاركاتنا.
ــــ هل ارتفاع تكلفة الفيلم القصير يؤهله للوصول إلى العالمية؟
*هناك أفلام بلا ميزانية وبلا إنتاج ضخم وصلت للعالمية, أحياناً فكرة الفيلم رغم رداءة الصوت ورداءة الصورة, لكنها توصل قضية إنسانيةً وفكرةً سينمائيةً تثير انتباه العالم حتى السينما العالمية.
ــــ هل من الممكن أن ينجح مخرج الفلم القصير كمخرج فلم سينمائي طويل؟
*إن المخرج الذي نجح بإدارة الفيلم القصير يستطيع أن ينجح بإدارة الفلم الطويل. وإن عدة من المخرجين السينمائيين العالميين ابتدأوا بالفيلم الطويل واشتهروا به، وفي ختام مسيرتهم ختموا بأفلام قصيرة.
نحن نقدم فلما” سينمائياً، فناً سابعاً، شريطاً سينمائياً، سواء كان الفلم قصيرا” أو طويلا”، المهم أن تحقق الرسالة المرجوة منها.
ـــــ ما هي آخر أعمالك الفنية؟
*حاليا” أنا مهتم بأطفال سوريا في زمن الحرب، وأعمل الآن على هذا المحور، وهناك فكرتان أولهما أطفال سوريا في زمن الحرب، والثاني عمل فني روائي قصير عن الأطفال في الأزمة، الأول كيف نحب الحياة؟ الثاني كيف نستمر؟ هما فكرتان قريبتان من بعضهما ولهما جمهور معين.
تفرغت هذا العام للطفل السوري لأنني أحسست أنه يجب إيصال صوته، أولاً لنا كسوريين وثانياً للمجتمع الدولي.
انظروا كيف فعلت الحرب بأطفال سورية الذين هم بناة الغد و شباب المستقبل. مأساة رهيبة يصنعها العالم كله، في الخارج والداخل.

 

 

syriandays

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.