شخصيات من بلدي
الشخصية التاسعة عشرة
الأستاذ هشام الناشف
.
نشأته و أسرته و دراسته :

فتح عينيه للنور عام 1930 في ( باب الجابية ) وهو حي شعبي من أحياء دمشق القديمة ، . فُجِعَ بوفاة والده ، وهو طفل صغير في عمر الورود ، فَأَولى أُمَّه مَحَبَّتَه ، وأَخْلَصَ لها الوداد . وكان رضاها مُلازِماً له طوالَ حياته ، يُسدِّدُ خطواته ، ويمدّه بالإرادة والعزم والأمل . ووجد من الواجب عليه أن ينخرط في سلك العمل ليقوم بواجبه تجاه أمه ؛ فأخذ يعمل في ( قاعة النشاء ) قرب بيته ، لِيُتِمَّ مسيرة والده الذي عمل في المصنع نفسه .

وكان لديه مَطمَحٌ أنْ يَعُبَّ من ينابيع العلم والمعرفة ، واستطاع العصاميّ أن يحصل على الشهادة الثانوية عام 1949 من ثانوية ( التجهيز الثانية ) ، على الرغم من الظروف القاسية المحيطة به ، فقارَعَ كلَّ خَطْب ، وصبر على كل صَعْب ، وتخَطّى العقبات بقوة وجرأة ، وعَزَمَ على دراسة الهندسة المدنية في ( جامعة السوربون ) في فرنسا .. لكنه لبّى رغبة أمه في العودة إلى الوطن بعد عامين من الدراسة ، فعاد إلى حُضنها الدافئ وصدرها الحنون .. كما يعود الطائر إلى عشه ، لينهل من حبها ويرتع تَحْت قدميها في روضة من رياض الجنة .

وانتسب إلى كلية العلوم قسم ( ر – ف – ك ) في الجامعة السورية ( دمشق ) ، ليتم دراسته إلى جانب عمله كعامل في معمل الإسمنت بدمر ، الذي باشر عمله فيه ليتسنى له رعاية أسرته ومصاريف دراسته ؛ ولم يَثْنِه الإرهاقُ المتواصل عن مواكبته مسيرة العلم ، فحصل على الإجازة في العلوم عام 1955 ، ثم دبلوم التربية بَعْدَ عام واحد .

في سلك التدريس : وآن للنَّبْع أَنْ يَفيض لِيَسْقي العِطاش ، وبَدَأَتْ مسيرتَه التربوية خلال ما يقرب من نصف قَرْنٍ من الزمان خُطاً ثابتةً وعَمَلاً دائباً لا يعرف الكلل والملل والراحة .. لقد نَذَرَ نفسه لحمل أقدسِ رسالة حيث قام بالتدريس في ثانويات عديدة ومعاهد مختلفة رسمية وخاصّة ، منها أسعد عبد الله ، ابن خلدون ، الثقفي ، جودة الهاشمي ، ابن العميد . فانتقل من غصنٍ إلى غصنٍ ، وترك أثراً خالداً لا يمحى في نفوس طلابه .. نَثَر أزهارَه في دور العلم ، في مرابعَ خِصْبةٍ ، فغدت تؤتي أُكُلَها كُلَّ حينٍ بإذنِ رَبِّها .

ولم يَكْتَفِ بسَقْي الغِراسِ الواعِدَة ، بل لبَّى حاجَةً مُلِحَّةً في نفسه الظَّمأى للتزوُّدِ من نور العِلم ، فَطَوَّرَ تَحْصيله ، ونَمّى معرفتَه بالاطِّلاع على الكثير من المراجع العلمية باللغتين العربية والفرنسية ، كما ألَّفَ بَعْضَ الكتب في الكيمياء والفيزياء ومَسائِلِها .

في ثانوية السعادة : وحَطَّت به الرحال في ثانوية السعادة عام 1970 هذا الصرح الشامخ الذي تعود جذوره إلى عام 1953 ، حيث أنشأته الجمعية الغراء ثم انتقل عام 1962إلى علَّامة الشام الشيخ عبد الغني الدقر – رحمه الله وطيب ثراه ، واستلم المرَّبي الكبير الأستاذ هشام إدارة المدرسة عام 1973 ، فكان مُديراً مُخْلِصاً ، أدّى الرسالة على أكمل وَجْه وأجمل صورة مدة ثلث قرن من الزمن .

* كرس وقته كله للمدرسة ، فكان المدير والمربي والناصح والأب لجميع طلابه ، واعتمد على خيرة المدرسين الذين واكبوا مسيرته ، ولم يَضنّوا بالعطاء المنقطع النظير . وكان يرعى الدماء الجدية الشابة ويرعى الشباب الذين قاموا بالتدريس في الثانوية ، كان يتعهدهم بالرعاية والسقاية والتوجيه ، ولم يَبْخَلْ عليهم بالنصح والمشورة ، حتى صَلُبَ عودُهُم ، ورسَخَتْ أقدامُهم ، وأعانوه في مَهَمَّته . وغَدَتِ ( السعادة ) بإيمانه وإخلاصه – منارةً مُشِعّةً خَرّجَتْ كُلَّ عام مِئاتِ المتفوّقين بأعلى الدَّرَجات .

* ومن الجدير بالذكر أن دوامه كان يبدأ من الصباح الباكر قبل الطلاب والمستخدمين ، وينتهي في المساء مَعَ آخرِ طالبٍ يغادر المدرسة ، وهذا أمرٌ يعرفه القاصي والداني ، وتشهد له جامعاتُ الوطن والخّريجون والطّلاب المنتشرون في أنحاء القطر والعالم وعلى جميع الصُّعُد والشرائح والمستويات العلمية .

وفي صباح السادس عشر من نيسان عام 2003 ، وفي آخر يوم لدوام الطلاب في العام الدراسي كفَّ الطائِرُ الغِرّيد عن تحليقه في الأرض ، وصَعِدَت روحُهُ إلى بارئِها في السماء لِيشْمَلَهُ قولُ الله تعالى : ( مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ .. ) ولتبقى ذِكراه خالدة في النفوس ، ويبقى ذِكْرهُ على كل لسان ، ومغروساً في كل جَنانٍ .

* كان أبو عمار رمزَ الجهادِ والصِّدق والوفاءِ والتّضحية والإيثارِ والعَطاء . وكان من ثَمَرَةِ ذلِكَ أَنْ فاضَتِ القلوبُ بإجلال هذا المربيّ والاقتداء به لما جَمَع من جَلال الخِصال وعظيم الفِعال ، ممّا قَرَّبَ إليه النفوس ، وَحَبَّبَهُ إلى القلوب .. وكان – ولا نُزَكّي على اللهِ أَحَداً – أَبَرَّ الناس عملاً وأوفاهم عَهْداً ، وغدا رَمْزاً للعطاء المُتجدِّد وينبوع المكرمات المتولِّد . فلنرفع أكفنا بالدعاء له وفاءً منَّا واعترافاً بالجميل .

المراجع صفحات النت

ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏
لا يتوفر وصف للصورة.
    • Haitham Khouli رحمه الله ..كنت في ثانوية السعادة وعاصرت هذه الهامة الفذة …رحمه الله …أحد عشر عاما مرت على وفاته وكأنها بالأمس
  • Mahmoud Hashem Al-Obaji رحمه الله وجازاه الفردوس
    لقد أضفى على الأجيال صبغته
  • Yasser Al Sabbagh ونعم الاستاذ اعطى قيمة للعلم والتعليم
  • Khaled Sabbagh كان من أفضل الأساتذة لمادة الرياضيات….رحمه الله وغفر له
    • Bassam Daker كان استاذا”فاضلا” ذو ضمير حي و وجدان عال .لم يتتلمذ أحد عنده إلا وكان من المتفوقين أو الحد الأدنى أنه نجح في مادته التي كان يدرسها . كان مثلا” يحتذى بالأخلاق والسيرة الحسنة كان يحاول ان يضع كل امكانياته وبدون كلل اوملل كي يفهم درسه لجميع طلابه .رجمه الله لقد أصبح قطعا” نادرا” هذه الأيام .
  • Adnan Roumi البوست لم يورد ذكرا لعناده كسياسي ذي رؤية..
    • Ayman Alakram اللهم ارحمه كان نعم الأستاذ والمعلم …. اللهم تغمده برحمتك
    • Bassam Daker مسألته في السياسة لاعلاقة لنا بها فهي من خصوصياته وليس لدي اية معلومات عن ذلك . وأنا تكلمت عما يعني الشريحة التي درسها هذا الرجل النبيل .رحمه الله .
  • Toufiq Kashlan رحمه الله و جعل روحه في الجنة
  • Tammam Dabbas الله يرحمه
  • Nabil Al-Achraf رحمه الله وأوسعه فسيح جناته
    كان استاذي وممن زرع في قلبي حب العلم والوطن ولعلي انشاء الله أتمثل أخلاقه وقيمه
    وهو يستحق بجدارة لقب المعلم
    • سليم تكريتي رحمه الله كان رجل علم مطلق وكان استاذي في المرحلة الاعدادية وكان الفضل له ولاستاذي جمال عطفه بحبي لمادة الرياضيات واسلوبهما الشيق بالتعليم
  • Mota Kh الله يرحمو ،،، ترك صدقة جارية ،،، العلم ،، جعلها الله في ميزان حسناته.
    • Tamim Mamoun Mardam Bey رحمك الله يا استاذ هشام رحمة واسعة كنت استاذي في ثانوية دمشق الاميركية التي اصبحت عربية كان لطيفا مهذبا ذا اسلوب رائع في التفهيم والشرح هو واستاذ صالح الأخرس وزياد الطرزي ويوسف وهبة ومدحت عكاش وفايز الدالي وغيرهم كثير رحمهم الله جميعاً
  • Anwar Al-Hamwi رحمكم الله جزاء ما قدمت لأبناء بلدك أفضل العطاء لقد كنت هامة من هامات التربية في زمانك لقد كنت أخا ومربيا فاضلا ومثلا يحتذى في كل جانب من جوانب حياتك وفخر انني كنت من تلاميذك في دار المعلمين بدمشق في الستينات رحمك الله تعالى وجمعنا بكم في جنان الخلد
  • Jamal Nabulsi رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وجعله في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا ” وجمعنا الله بهم تحت لواء سيد المرسلين في الفردوس الأعلى من الجنة
    جزاه الله خيرا”فله فضل مباشر علي في الدراسة وأسلوبه المميز المبني علی التفكر والاستنتاج المنطقي
    رحمه الله فعلا” كان نعم المربي ونعم المعلم ونعم الموجه
    وهذا النموذج الذي نرجو أن يتحتذي به الأساتذة والمعلمين
  • Hytham Beck

    i still remember how all the student taking albachaloria exam will gather the night before the exam in alsaada school to listen to his review
  • Mazen Karabala رحمه الله كان إنسان بكل معنى الكلمة
  • Mamoun Al Daker رحمك الله يا أستاذ هشام يا أباعمار
    فقد كنت جارنا وحبيبنا
    وكنت مربيا قبل ان تكون معلما
    جعلك الله في الفردوس اﻷعلى من الجنة
    وبارك بولدك البار عمار
  • Mohamad Nizar Daker رحمة الله عليك أستاذنا الكبير
  • Yasser Arafeh رحمة الله على أستاذي وأستاذ عدة أجيال ، ومهما قلنا عن تواضعه وأسلوبه الفذ في التدريس ولن تعطيه حقه سوى بالدعاء له أن يتغمده الله برحمته
  • Abdalhadi Mriden رحم الله الاستاذ هشام الناشف كان استاذي واستاذ ابني في ثانوية السعادة كان من المع وانجح الاستاذة الذين مرو في حياتي الدراسية تخمدة الله بواسع رحمته واسكنه فسيح جنانه.
  • Mazen Karabala صدقت … رحمه الله كان من خيرة المدرسين الأفاضل
  • Twfiq Azkoul رحمك الله يا استاذ هشام كنت شامخا رافع الرأس دوما مهما كانت الصعاب التي تعترض مسيرتك في التربية والدعوة إلى خير هذا البلد خدمت بأمانة ونلت شرف الإخلاص لبلدك وشعبه عرفتك أستاذا لي في ثانوية اسعد عبدالله كان لك محبة غرستها في نفس كل من التقيت معهم وعندما دخلت سلك التعليم كنت لي موجها وناصحا لا لن أنسى كلماتك التى تحمل الحب والاخلاص
    رحمك الله أيها الوفي رحمك الله أيها الانسان الذي أحبه مواطنيه جنة الخلد ارجو رب العالمين ان تكون من سكانها
  • Ahmad Alsheikh بارك الله له ببصماته وغفر له
  • بسام السابق رحمه الله وغفر لنا وله وأعظم الله احره
  • Zafer Nahas رجال للتاريخ …له اليد البيضاء في جيل التعليم ..
  • فاروق الطباع لثانوية السعادة قصة .
    تاسست عام1947م . اسستها الجمعية الغراء في المدرسة السميساطية ، جانب الباب الشمالي للجامع الاموي . الى جانب مدرسة سعادة الابناء الابتدائية . وادارها الاستاذ المرحوم الشيخ عبد الرزاق المهايني . وبعد ان اعادت الجمعية الغراء بناء مدرسة تنكز في شارع النصر . والتي احرقها الاستعمار الغرنسي في 29 ايار عتم 1945 م انتقامامن الجمعية الغراء . انتقلت مدرسة ثانوية السعادة الى الجانب الشرقي من مدرسة تنكز . وسلمت ادارتها الى المرحوم الاستاذ الشيخ عبد الغني الدقر . وفي عام 1959م اصدر عبد الحميد السراج والذي كان وزيرا للاوقاف قرارا باخذ مدرسة تنكز ليقبم فيها مدرسة شرعية باشراف وزارة الاوقاف واغلاق المدارس الشرعية التي تدبرها جمعيات خيرية . فاغلقت ثانوية السعادة ومعهد العلوم الشرعية التابعتان للجمعية الغراء . وسمحت الجمعية لمديرها الشيخ عبد الغني الدقر ان يفتحها وباسمه ولحسابه الخاص في اي مكان يراه . ومضت مدة ثلاث سنوات دون امكانية فتحها .
    كنت قدرست في كلية الشربعة في جامعة دمشق وتخرجت عام 1961م . واثناء دراستي في الجامعة كنت ادرس في مدرسة ثانوية دار الفكر وساعدت في ادارتها ، وادارة الفسم المسائي فيها . وفي صيف عام 1962 م بحثت مع خالي المرحوم الاستاذ الشيخ عبد الغني الدقر امر ثانوية السعادة وعن امكانية اعادة فتحها . فاشتريت منه حق فتحها . وبالفعل استأجرت من المرحوم الدكتور صلاح عثمان دارا واسعة في حي القنوات كانت في الاصل لال الطباع ، وتقدمت بطلب ترخيص باسم ثانوية السعادة الخاصة للبنين . وبالفعل اعددت تلك الدار وجهزتها .واشتريت من الجمعية الغراء ادوات المخبر الخاصة بثانوبة السعادة ، وحصلت على الترخيص من مديرية التربية بموجب القرار رقم 202 في 10. 10 1962م. والحمد لله تم فتحها .واستعنت بنخبة من خيرة اساتذة دمشق وتعاونت معهم منهم الاساتذة صالح الاخرس وتيسبر العيتي وهشام الناشف ومصطفى حربل وزياد الطرزي وجمال عطفة وحسن عبيد وتيسير الرفاعي وغيرهم واتبعت نهج الجمعية الغراء التوجيهي مع الاهتمام بالمستوى العلمي بفضل هذه المجموعة الخيرة والمشهورة بتفوقها التعليمي والتربوي . وتم افتتاحها بقسميها الاعدادي والثانوي .
    في عام1967م صدر قرار باشراف وزارة التربية على جميع المدارس الخاصة . وتعيين مدبرين من قبلها لادارتها . مما اضطرني للتعاقد بالتدريس في عدد من ثانويات دمشق الى جانب الاشراف على المدرسة . وفي عام 1972م استعنت بالاستاذ هشام الناشف والاستاذ تبسير العيتي واشركتهم معي بالاشراف على المدرسة . حيث ان والدي المرحوم الشيخ محمد مراد الطباع التاجر كان بحاجة لمساعدتي معه في تسيير محله التجاري بعد ان ترك اخي الحاج عدنان المحل والذي توجه لعمل صناعي بتأسبس مصبغة للاقمشة والخيوط مع مجموعة من الشركاء .وفي عام 1974م طلب مني الاخ الاستاذ هشام الناشف شراء المدرسة عندما لمس مني رغبتي في الذهاب للعمل التجاري لمساعدة والدي . وبالفعل وقد لمست منه هذه الرغبة . و رأيت فيه الشخص الثقة والمؤهل للقيام بهذه المهمة واهليته للاشراف على تسيير هذه المدرسة وفي نفس النهج التربوي . بعت له موجودات المدرسة وتنازلت له عن حق الترخيص بروح اخوية . وانتقلت للعمل التجاري . ولم اترك هواية الاشراف على التربية والتعليم ، بل افرغتها بانضمامي الى الجمعية الغراء وعضوية مجلس ادارتها . واعادة افتتاح معهد العلوم الشرعية للجمعية الغراء . وتنشيط مدارس الجمعية الابتدائية ، وخصوصا مدرسة روضة الحياء . والتي كانت قريبة من محلي التجاري .
    قدمت لكم موجزا عن مسيرة ثانوية السعادة والتي قام بمتابعتها اخ عزيز وغال . ونهض بها لتكون نموذجا فريدا في نتاجها وسمعتها ، تغمده الله بواسع رحمته ،واسكنه فسيح جناته .

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.