عصمت دوسكي : ستبقى المرأة هي القصيدة التي لم تكتب بعد !

وحينما اكتب عن الفرح يتسلل الحزن فيه .

لا يرد دوسكي على النقد السلبي، ويهمه العوالم الإيجابية :

حوار أجراه: خالد ديريك

بدأ بكتابة الشعر في الثامنة عشر من العمر، وفي نفس العام نشرت قصائده في الصحف والمجلات العراقية والعربية. يوصف بشاعر الحب، الفقراء، الإنسانية، فهو يستحق الألقاب الثلاثة فالمرأة بالنسبة له كائن مثير ولغز عجيب، وهي بمثابة الوطن! ولا يبخل بقلمه تجاه الفقراء والمقهورين الذين يعانون البؤس والحرمان سواء أكانوا في ظل الحروب أو حكم الطغاة أو الحكومات الفاسدة وما ينتج عنها من المآسي والمظالم، زد على ذلك، قلمه يتجاوز حدود الوطن ليلامس آلام الناس في مختلف بقاع العالم، فهو شاعر إنساني يود أن تصل رسالته للعالم أجمع رغم ذلك يشعر بالمرارة والتهميش فلم ينصفه أحد، فلا يمكنه اجتياز الحدود لتردي وضعه المعيشي، رغم هذا الانعزال غير الطوعي يكتب بغزارة للحب للفقراء للوطن للإنسانية، والحزن والوجع يجتاح كتاباته فهو مقتنع بأن بالكلمة وحدها يمكن أن ترقى بالأمم. أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل، وحصل على شهادة المعهد التقني، قسم المحاسبة –الموصل وهو عضو في اتحاد الأدباء والكتاب العراق، ومستشار الأمين العام لشبكة الإخاء للسلام وحقوق الإنسان للشؤون الثقافية. شارك في مهرجانات شعرية وأدبية عديدة في العراق حصل على دروع وشهادات تقديرية للتميز والإبداع من مؤسسات أدبية مختلفة. وحصيلة جهده الأدبي المطبوع والمخطوط 18 ثمانية عشر كتابًا بين الشعر والنقد الأدبي. عصمت شاهين دوسكي من مواليد 1963 م من محلة شيخ محمد التي تقع وسط مدينة دُهُوك في إقليم كُردستان ـ العراق.

حول الإصدار الجديد ” القلم وبناء فكر الإنسان ” رؤية أدبية عن قصائد الشاعر عصمت شاهين دوسكي للأديب أحمد لفتة علي ومواضيع أخرى أجرينا هذا الحوار معه

نص الحوار ….

* صدر مؤخرًا كتاب ” القلم وبناء فكر الإنسان ” رؤية أدبية عن قصائد الشاعر عصمت شاهين دوسكي للأديب أحمد لفتة علي، عن المراحل التي مر بها الكتاب وفكرة ولادته، وما يحمل بين دفتيه، صرح دوسكي قائلًا: * كتاب ” القلم وبناء فكر الإنسان ” مر بمراحل عديدة وزمن طويل أكثر من سنتين، وكان الأديب والإعلامي الكبير أحمد لفتة علي يكتب بفكر عميق عن قصائدي وفي نفس الوقت بعفوية وصدق ودقة متناهية وبفكر ورؤية إنسانية معاصرة. الكتاب يعتبر مصدر فكري وثقافي مهم وموجز، سلط الضوء على الأفكار والمضامين والمعاني الإنسانية في طرح رؤية بناء الإنسان فكريا وأخلاقيا وتربويا. ولادة الكتاب أتت بعد جهد ذاتي من الأديب الكبير أحمد لفتة علي، علمًا لم أراه شخصيًا، تعارفنا مازال عبر الفيس بوك، وقد تحمل كلفة طبع الكتاب ونفذ غلاف الكتاب الفنان التشكيلي السبعيني نزار البزاز وكتب المقدمة الكاتب أنيس ميرو ويضم الكتاب قسمين ، القسم الأول نقد فكري وأدبي لبعض قصائدي والقسم الثاني شهادات أدبية وفكرية من أدباء من دول عديدة ومنهم ( الأديبة المحامية نجاح هوفاك من ” ألمانيا ” والدكتورة عدالة جرادات من ” فلسطين ” والأستاذة الإعلامية هندة العكرمي من ” تونس ” والأديب الصديق الأيسري من ” المغرب ” والفنان التشكيلي سالم كورد من ” السويد ” ). في الإصدار الجديد ” القلم وبناء فكر الإنسان ” أشار المؤلف بأن دوسكي يستطيع توظيف الجمال والعشق لخدمة قلمه، فماذا تعني المرأة بالنسبة للشاعر، وبماذا وصفها؟ وهل استطاع أن يصل إلى أعماقها وبالتالي إخراج لآلئ من بحر عظمتها وأنوثتها وإنسانيتها: المرأة كائن جميل ومثير ولغز عجيب، فهي مصدر الرقة والجمال والرحمة والحنان والدفء والعطاء وفي نفس الوقت مصدر الجرأة والتمرد والجنون، ومصدر التحمل والصبر والعناد، فهي وطن! فما أجمل المرأة حينما تكون وطنًا تلجأ إليه دائمًا، كتبت عنها الكثير، وعلى لسان حالها، فلها إحساس لا يوصف وجمال أخاذ يجبرك على الوصف، وتحمل من الجواهر واللآلئ الكثير والنفيس وليس من السهل التعمق والتبحر في أعماقها ! فأنوثتها أسوار لا يجرأ من التقرب إليها إلا من كان جديرًا وجريئًا ومتحملًا، فهي لا ترفع الراية البيضاء إلا لمن تراه قويا بأفكارها وروحها وإحساسها وكينونتها، وحتى حينما ترفع الراية البيضاء ترفعها بعنفوان وإرادة وتجسد شخصيتها ووجودها وتأثيرها في كل الحالات، ولو كتبت عنها آلاف القصائد لا تنتهي ستبقى هي القصيدة التي لم تكتب بعد. وهذا مقطع من قصيدة” أحكم الدنيا بكلماتك “.

(( أذوب خجلا من تقف على أبوابي لا تقف،

أقسمت روحي لك

لولا إني امرأة لطلبت من كل سجان أن يسجنك

لولا التاج على رأسي

لقلت لكل النساء أنا أميرتك

أنت تملك قلبي، فرحي، جنوني

وكل سعادتي من سعادتك

نعم يا شاعري المغترب شهد أنوثتي

يتسلل بحنان لخليتك

وأظافري تترك دماءً على كل بقعة من جسدك

أنا ملكة على عرش قصائدك

أتحدى كل نساء العالم إن كن مثلي يحملن عشقك

أنا دكتاتورية في الحب

ولا أحب أن يشاركني أحد في حبك

ولا في خيالك ولا في أحلامك

فأنا ملكة أحكم الدنيا بكلماتك

وأنا متوجة منذ ألف عام على عرشك

ولا أتنازل لحظة عن حبك …)).

* يقول مؤلف الكتاب : دوسكي بين نقاء الإنسانية ونبض الإبداع * واقع بين حروب وجوع ونزوح … إذن، هل دوسكي يشعر بالفقراء والمظلومين ويكتب قصائد جريئة بحق الطغاة والمفسدين؟ جاء رده على الشكل التالي :

الشاعر بإحساسه وفكره وخبرته وتجاربه يمهد لكل جمال وتألق وإبداع شعري، إنساني، حضاري، يترجم أدق الحوادث والأزمات وينفذ إلى دقائق النفوس والآهات والأنات والحرمان والفقر والبؤس في واقع مليء بالتناقضات والإرهاصات والمكابدات والمعاناة خاصة في هذه البقعة التي امتلأت بالحروب والخراب والدمار والويلات والنزوح والهجرة والتشرد، وما عانته الإنسانية من الظلم والقتل والإرهاب والنفي والإقصاء والاغتصاب بل وحتى بيع أعضاء البشر وغيرها من صور الكوارث التي محت من الضمير والرحمة والإنسانية بإحراق الأراضي الدونمات من الحنطة والشعير وتهجير العقول وإدخال المواد السامة والفاسدة والتجارة فيها وتوزيع المخدرات والحشيش وزراعتها علنًا أمام أعين الناس بلا رقابة وبلا حساب كل هذا أدى إلى الفساد وبسط الجهل وترويج ثقافة راكدة، فثقافتنا الآن تحتاج إلى ثقافة أخرى رائدة لتصقلها وتطهرها من الشذوذ والشوائب الكثيرة. وهذا مقطع من قصيدة ” ماذا تبيع يا ولدي …؟ ”

(( ماذا تبيع يا ولدي …؟

الجبابرة باعوا كل شيء

حتى العشق باعوه بلا ماعون

ماذا تبيع يا ولدي في زاوية الدار …؟

فالفقر يجري فينا كمس مجنون

ماذا تبيع يا ولدي في (صينية) الزاد …؟

ألم يبقى طعام في البيت ليأكلون …؟

ماذا تبيع يا ولدي

لم يبقى شيء في البلاد لم يباع

حتى الضمير المكنون …؟ )).

* تناول مؤلف الكتاب قصائد عديدة للشاعر دوسكي منها قصيدة “عفرين” وأيضًا رواية ” الإرهاب ودمار الحدباء” عن هذا الجانب أجاب :

قصيدة عفرين كلمة ورسالة للإنسانية فعفرين كباقي المدن المجروحة التي ظلمت وخربت ودمرت مثل مدينة نينوى وغيرها وحينما لم يكن بيدك سلاح فأفضل سلاح فتاك هو الكلمة فمسؤولية الأديب أن يكشف للعالم ماذا يجري هنا وهناك وقد كتبت ( رواية الإرهاب ودمار الحدباء ) التي تعتبر وثيقة تاريخية عن بعض أحداث نينوى ولو صدرت في الخارج لاعتمدوها كوثيقة أدبية تاريخية وربما تجسدت في فلم سينمائي ، ما زالت قصيدة عفرين تناقلها القلوب والعقول ويتصلون بي لأرسلها لهم والأستاذة السورية ” أمينة عفرين ” أعدت ونفذت وأخرجت فيديو للقصيدة وهي في قناتي الخاصة على اليوتيوب فالقلم والبندقية فوهة واحدة وربما يكون تأثيرها أقوى وأشد.

قصيدة عن عفرين

(( أصبح للكلاب حقوق… وللقطط بيوت من لبلاب…

وللحمير جواز مرور… وللقرود عرس وسرور بين لألئ وموز وأطياب وما زال الإنسان…. يدمر، يشرد، يغتصب… يهجر الروح فوق السحاب

ما زال الإنسان يسلخ جلده…. تابعا بلا جلد… ويشعل ترابا فوق التراب … عفرين…. زيتك العفريني خلف خنادق وأسوار… غدروا، قطعوا، هجروا الشعاب

ما بال ” نبي هوري ” خالية… يبكي التراب على التراب … ؟

“ما بال ” عين دارة ” … أ حجار تواسي أحجار …. وتمسح غبار الأغراب  ؟

ما بال ” سمعان ” بلا عيون …. بلا بريق، بلا حبيب، بلا أحباب ؟

يا ضحية النهى …. يا وجع الفؤاد…. يا سيدة الزيتون…. لست أرض على الأرض…. بل آية الله، يطويها الضباب

عفرين عودي إلي لا تحزني…. يوم الزيتون آت…. والحب والجمال آت… وستفتح كل الأبواب…. وستفتح كل الأبواب  ))

نبي هوري، عين دارة، سمعان: مناطق أثرية سياحية // عفرين مدينة كوردية في سوريا

*سلط المؤلف الضوء على روائع دوسكي الإنسانية، فالشاعر عصمت لا يكتب عن فئة معينة وإنما عن الإنسانية جمعاء، فهل تصل رسالته إلى العالم؟ وهل أنصفته جهات معنية، حيث قال :

لكل شاعر إنساني رسالة يحب أن يوصلها للعالم، للإنسانية بلا حدود وقيود، ولكن ضنك العيش وعدم وجود إمكانية للسفر وإقامة أمسيات ومحاضرات فكرية خارج كوردستان والعراق رغم أن الدعوات تأتيني من تونس ومصر والمغرب وغير الدول، ولكنني لا أملك ثمن تذكرة السفر للذهاب والإياب كوني أولًا بلا عمل منذ أكثر من خمسة سنوات بسبب أوضاع الموصل، وبعد لجوئي إلى دهوك استمر الحال رغم الوعود الكثيرة من المسؤولين والشخصيات لإيجاد عمل لي، وبعد مرور الزمن اكتشفت إنها مجرد وعود وكلمات. لم ينصفه أحد: لا أحد أنصفني حتى اتحاد أدباء دهوك يرفض إعطاء هوية الانتماء له لأني أكتب بالعربية، هذه أبسط الأمور رغم أنني منذ الثمانينات حاصل على هوية اتحاد الأدباء والكتاب العام في العراق. نحن ما بيننا لا نرحم بعضنا فكيف سيرحمنا الآخرون …؟ نزح من مدينة الموصل إلى مدينة دهُوك بكردستان العراق، لكنه لم يظفر إلا بالقليل من الفرص الأدبية والثقافية هناك، ووضعه المعيشي لا يزال سيئًا، وترجع الذاكرة به إلى الخلف، فيقول: مدينة دهوك هي مهد أمي وأبي وما زلت أتذكر كيف كنا نحيا في أزقتها البسيطة النقية في الستينات وكنا نلعب في الحارة مع أطفال المسيحين واليزيدين وباقي الأطياف الأخرى ولم نكن نهتم هذا من أي طائفة بل كنا نحيا بنقاء وتعايش وأمان وسلام ،والنفوس والرحمة والكرم كانت في ذروة التواصل الإنساني رغم إني لم أفارقها أبدا حيث كنا نزور الأقارب والأهل والأصدقاء بين حين وآخر رغم وجودنا وانتقالنا لمدينة نينوى منذ نهاية الستينات وحتى حصولي على دبلوم محاسبة في مدارسها ولكن بعد دمار بيتي وسيارتي ومكتبتي وأرشيفي في حوادث الإرهاب رجعنا إلى دهوك وأقمنا فيها ولكن شتان بين أعوام الستينات والسبعينات وبين حاضرها الآن حيث تجلى بنيان العمارات والمظاهر العصرية وفي نفس الوقت تدنى البنيان الإنساني بصورة كبيرة حيث الكذب والحقد والغيرة والأنانية وأقرب الناس يغتصب ورثك وأرضك وأفكارك ولا أشمل الجميع فلو خُليت قُلبت، وأشكر الأستاذ المهندس المدني سربست ديوالي أغا الذي وقف في جانبي وكذلك الدكتور حميد بافي وبدل رفو واحمد لفتة علي وأنيس ميرو وعلي سنجاري وسالم كورد ونزار البزاز وغيرهم من الطيبين. من الناحية الثقافية نعم استفدت ولكن قليلًا ليس بمستوى الحلم الذي أريده، أما المعيشية ليس لي وارد مالي أعيل به عائلتي فما زلت بلا عمل رغم الوعود الكثيرة، لكنها وعود كلمات وليست وعود أفعال. مخطوطات مكدسة تحتاج إلى الطبع: أنا الوحيد ربما الذي كتب نقدًا أدبيًا لأكثر من (150) شخصية كوردية أدبية شعرية وفنية وقصصية وتشكيلية كلاسيكية ومعاصرة ومنهم موجودين في مدينة دهوك ولكن مع الأسف يطبقون المثل القائل (أنا والطوفان بعدي). لست نادمًا لكني أتألم لما وصلنا إليه. هناك كتب حاضرة للطبع عن الأدب الكلاسيكي الكُردي وعن المرأة الكُردية بين الأدب والفن التشكيلي حينما تعرضها على مؤسسة ثقافية من أجل الطبع يقولون ” أزمة مالية ” وهذا تناقض مؤلم حيث الطبع لا يكلف سوى 600 دولار أو أقل مقابل الحفلات والليالي الساهرة التي تكلف 5000 ألاف دولار أو أكثر، ما أعنيه إن التوجه للفكر والثقافة شبه ميت أو موت سريري روتيني إلا ما ندر.

 

تطفو نبرة الحزن على معظم كتاباته بسبب ما تعانيه المجتمعات من المظالم: الحزن صوت تسمع أنينه الملائكة، صوت الفقراء والأتقياء والعظماء والأنبياء، عشنا وما زلنا نعيش على أرض عليها الأوجاع والآلام والمعاناة والأزمات والحروب والخراب والتشريد والتهجير والنزوح والفقر والحرمان إضافة إلى الجهل والفساد والركود الثقافي والاقتصادي وغيرها من التناقضات الإنسانية فكيف لا يأخذ الحزن مساحة طافية في كتاباتي حتى حينما اكتب عن الفرح يتسلل الحزن فيه، وكما يقول المثل ” كل إناء ينضح بما فيه “. فالوجع والحزن يجسد نفسه خلال كلمات فيها الإحساس والصدق مثلا قصيدة ” أنا بلا عمل ” التي تتحدث عن البطالة وهجرة الشباب للبحث عن عمل. أقول في مقطع منها.

(( أنا بلا عمل

في جعبتي الحب

والجمال والسلام في حروفي أجمل

في صدري ورودا وأزهارا

وفراشات تحمل رحيق العسل

في خاطري شلالات إبداع

ونساء وملكات حُلٍلْن بلا حُلَل

في وطني بسطاء بلا نفاق وشقاق ومنعزل

لا أركض وراء شهادة ورقية

أنا الشهادة، أنا الهوية، أنا الأجمل

فهل تبحث لي عن عمل

أم أحمل وطني وأرحل …؟ )).

* لا يرد على النقد السلبي، ويهمه العوالم الإيجابية :

ما بين التراكمات الزمنية والعولمة التي غيرت النفوس والعقول تجد النقد ” التسقيطي، التحطيمي ” غايته أن يحطم الجمال والمحبة والإبداع، ومن شدة كرهه وحسده وغيرته يتخبط حتى في نقده ومثل هؤلاء لا أرد عليهم فسمومهم تقتلهم، وهذا أيضا يمدني بطاقة متجددة لأكتب أكثر، وأنظر إلى العوالم الإيجابية الجمالية والإبداعية المشرقة المفعمة بحب الناس وعنفوان الوطن أكثر.

* لحظات انطلاق القصيدة لديه :

القصيدة تولد من الإحساس بالأشياء ربما رؤية وردة جميلة وسنبلة منحنية أو دموع طفل وامرأة واهنة ووطن جريح، مرات عديدة يسألونني كيف تأتيك أفكار القصيدة فأقول لهم: الأفكار موجودة بيننا وحولنا، في محيطنا، بيئتنا وعالمنا ولكننا مشغولون عنها، فالأفكار لا تتبعك بل أنت من تتبع وتبتكر وتجدد الأفكار، والإحساس عندي أهم شيء في القصيدة وبلا إحساس تكون القصيدة بلا روح بلا طاقة بلا تأثير.

* الفيديوهات الشعرية بالنسبة له هي النافذة التي توصل من خلالها رسالة الإنسانية إلى العالم :

حينما أجد نافذة توصل من خلالها رسالتي الإنسانية إلى العالم ألجأ إليها وبصراحة خبرتي قليلة في إعداد وتنفيذ الفيديو في البداية كانت ابنتي هيلين ولكنها تفرغت للدراسة وهناك أصدقاء من المغرب مثلا الأستاذة الإعلامية وفاء المرابط والدكتورة حنان والأديب المغربي الصديق الأيسري والأستاذة وفاء أحمد والصديق الفلسطيني خالد الأغا والصديق السوري المقيم في السعودية الأستاذ أكرم عز الدين والصديقة السورية أمينة عفرين جزيل الشكر لهم جميعا هم من نفذوا وينفذوا أشرطة الفيديو وأنا انزلها في قناتي اليوتيوب كنافذة إعلامية أدبية شعرية ولا أنسى صحيفة ” واحة الفكر Mêrga raman ” الغراء تنزل في صفحاتها أشرطة الفيديو الشعرية الخاصة بقصائدي شاكرًا لهم هذا الجهد الإنساني الكريم.

* الإنترنت والصحف أيضًا صلة الوصل بينه وبين العالم :

صوتي يصل عبر الإنترنت والصحف الورقية المنتشرة في كندا وبلجيكا ودانمارك والسويد وغيرها إضافة إلى العربية والمحلية وبإمكانك أن تقول أنا معروف في الخارج أكثر من الداخل !

* أهمية الكلمة والكتاب لدى الأديب دوسكي :

ذات يوم سألني شخص قبل أن أبدأ أمسيتي الأدبية في دهوك قال : إن أي كتاب هو مجرد كلمات فلماذا تصدرون كتبكم. هي كلمات فقط ؟ فأجبته  بما قاله الحسين عليه السلام للوليد ممثل يزيد بن معاوية عن الكلمة وقيمة الكلمة، فقلت له: أتعرف ما معنى الكلمة …؟ مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو كلمة، الكلمة لو تعرف حرمة زاد مذكور، الكلمة نور وبعض الكلمات قبور، بعض الكلمات قلاع يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان ما بين نبي وبغي، بالكلمة تنكشف الغمة فالكلمة نور دليل تتبعه الأمة، عيسى ما كان سوى كلمة أضاء الدنيا بالكلمة، الكلمة زَلزَلت الظالم، الكلمة حصن الحرية إن الكلمة مسؤولية إن الرجل هو الكلمة، شرف الرجل هو الكلمة، شرف الله هو الكلمة.

سبل زرع حب الكتاب في النفوس :

نحتاج إلى القراءة كحاجتنا إلى الزاد والماء، فالطعام لبناء وديمومة الجسم أما القراءة لنمو وديمومة ووعي العقل والقلب، إرضاء جميع الأذواق صعب أما التشجيع على القراءة ليس صعبًا وهذا ما أوصي به دائما أولًا نفسي ثم الآخرين، أول كلمة نزلت على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ”  أقرأ .” وهذه رسالة وتوجيه وإرشاد سماوي إلهي، وفي الكتاب المقدس الإنجيل ” قرأوا في السفر ” ” وفسروا المعنى وافهموهم القراءة ” سفر نحميا 8: 8 ” كذلك ” تظلون إذ لا تعرفون ” إنجيل متي 22:29 فالقراءة والمعرفة والوعي مهم جدًا لكل فرد ومجتمع ، حينما فتح أول صالون أدبي مختص في دهوك ” صالون قوبهان الأدبي ” كنت أول ما كتب عنه ونشره في الصحف المختلفة وكتبت العديد من القصائد عن قيمة العلم والقراءة وقد ألقيت قصيدة ” نعمة العلم ” في حفل تخرج طالبات المعهد الصحي العالي – الموصل والمكان البديل – دهوك في قاعة شندوخا ، ومقطع منها أقول:

(( أنعم َعلمٌ إنعاماً حتى لمسَ فاها

تنطقُ الكلمةَ كالشهدِ، ما أحلاها

ينزلُ الإلهامُ، يُطاوعُ النُهى

ليناً مع الفكرِ دون مداها

عليمةٌ من تأملت الحاضر أملاً

وارتوت من الأملِ شوقاً أحياها

لا تدري هي من عشقت علما

أم العلم عشق كل ما هواها ؟)) .

* أبدى رأيه بإسهاب عن أسباب قيام المظاهرات الأخيرة في العراق: العراق منذ أزمنة طويلة وهو من أزمة إلى أزمات من تراكم إلى تراكمات في الفكر والجهل والإدارة وكلما نهض قليلًا أتته أمواج صفراء هابه من الخارج طمعًا وحقدًا وحسدًا مرة باسم الدين ومرة باسم الحرية ومرة باسم الديمقراطية ومرة باسم الإنسانية تعددت المسميات والعناوين والهدف واحد تحطيم البنية التحتية العمرانية والإنسانية للسيطرة على ثرواته وأنهاره ومعادنه النفيسة ، فالمحتل يأخذ صور كثيرة ومنها أن يكون من أهل البلد محتلًا يبسط الفقر والجهل واللا مبالاة في فوضى الفكر والثقافة والاقتصاد والزراعة والصناعة والسياحة والتربية والعدل. وحينما نسأل عن سبب المظاهرات يظهر الحل حينما ترفع الأسباب التي أدت إلى قيام المظاهرات، ومنظمة هيومن رايتس ووتش ” منظمة حقوق الإنسان ” أجابت بصورة الأرقام عن سبب مظاهرات الشعب مفسرة حالة العراق خلال الأربعة عشر عامًا من الأعوام الماضية وهذه هي الإحصائية: ٣ ملايين و٤٠٠ ألف مهجر موزعين على ٦٤ دولة. ٤ ملايين 1٠0 ألف نازح داخل العراق. * ١ مليون و ٧٠٠ ألف يعيشون في مخيمات مختلفة. * ٥ ملايين و ٦٠٠ ألف يتيم (أعمارهم بين شهر – ١٧ عاماً). *(٢ مليون أرملة (أعمارهن بين ١٥- ٥٢ عاماً (. * ٦ ملايين عراقي لا يجيد القراءة والكتابة (البصرة وبغداد والنجف وواسط والأنبار في الصدارة (. * نسبة البطالة ٣١٪‏ (الأنبار والمثنى وديالى وبابل في الصدارة تليها بغداد وكربلاء ونينوى). * ٣٥٪‏ من العراقيين تحت خط الفقر (أقل من ٥ دولار (. * ٦٪‏ معدل تعاطي الحشيش والمواد المخدرة (بغداد في الصدارة تليها البصرة والنجف وديالى وبابل وواسط (. * ٩ ٪‏ نسبة عمالة الأطفال دون ١٥ عاماً. * انتشار ٣٩ مرض ووباء أبرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفايروسي وارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية. * توقف ١٣ ألف و٣٢٨ معملاً ومصنعاً ومؤسسة إنتاجية. * تراجع مساحة الأراضي المزروعة من ٤٨ مليون دونم إلى مليون دونم. * استيراد ٧٥٪‏ من المواد الغذائية و٩١ ٪‏ من المواد الأخرى. * التعليم الأساسي في أسوأ حالاته (١٤ ألف و٦٥٨ مدرسة تسعة آلاف منها متضررة و٨٠٠ طينية والحاجة إلى ١١ ألف مدرسة جديدة (. * الديون العراقية ١٢٤مليار دولار من ٢٩ دولة. * مبيعات النفط (٢٠٠٣-٢٠١٦) ألف مليار دولار لم تسهم في حل أي مشكلة من مشاكل العراقيين! المصدر: ‏Human Rights Watches Organization منظمة حقوق الإنسان “هيومان رايتس وتش”. هذه هي أسباب المظاهرات الشعبية الثائرة. ولو حلت لا تبقى مظاهرات.

* يختم الشاعر الأديب عصمت شاهين دوسكي حوارنا معه بالقول:

القول كثير ولكن أوجز القول : العدل والتسامح والتعايش السلمي والتربية الخلاقة وتقبل الآخر والتواضع من شيم وصفات الأنبياء والعظماء وعلينا التعلم الأثر ونبذ الحقد والأنانية والحسد والكره فكلنا أولاد آدم وحواء فحينما نسن فكرة جميلة وتصرف وأسلوب جميل فهذه السنن تتناقل بين أفراد حتى لو كانوا قلة من هذه القلة تنتشر وتأخذ دورها الريادي في فكر المجتمع، وعلى الدولة أن تهتم بعلمائها وأدباءها ومفكريها فهم يحملون نور الحضارة الإنسانية المعاصرة وتجديدها، فأي دولة لا تهتم بهم تعتبر واهنة ضعيفة الجوهر والوجود. شكرا جزيلا لجهودك الأدبية والإعلامية وتسليطك الضوء على المفكرين والأدباء والفنانين وغيرهم وهذا الجهد لا يقدر بثمن بكل المقاييس المادية فأنت تسجل تاريخًا مشرقًا للحاضر والمستقبل ولكل الأجيال.

 

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.