اســـاليب الـتصـوير الـســـينمائـي…

20:54 – 2008/04/05م

المخرج روبيرت بيرسون : “السينما… هي مدرسة قلة الانتباه : فيها الناس يصغون دون ان يسمعوا, وينظرن دون ان يروا.”

————————————————–

الاساليب السينمائيه الفنيه يقوم بتحديدها وادخالها صناع الافلام بطرق عده للتأثير على الحضور حيث يتم التلاعـب بمراكز الاضواء وتحركات وتقنيات الكاميرا, لتستخدم كتسليه وكوسيله لايصال المعاني او لتعطي ملائمه بين الانتقال من لقطه الى اخرى. فمن خلال تحركات الكاميرا حول الممثل ومركز التصوير يمكن الحصول على رد فعل خاص من الحضور والتي في بعض الاحيان قد تغير مفهوم الفيلم.. فتفسير المشهد من الحضور قد يكون مختلفاً ولهذا اهم العوامل للتصوير السينمائي هو التركيز الدقيق على محتوى المشهد. كما استعـمال ومقـدار الاضاءه يؤدي دوراً مهماً ويؤثر بشكل كبير على منظور المشهد وانطـباعه ليعطي جوهراً بصرياً للمجـريات.. وتدخل الاضاءه في بعض الحركات الفنيه كمرور الاضواء بين الممثل لجمالية المشهد. وتطـبيق الموقع والذي بشكل عام يعني كل ما هو متواجد امام الكاميرا في بعض الاحـيان يكون ذو تأثير كبير ليوضح عدة معاني ويبعث افكاراً عن محتوى القصه وشخصياتها.

“التركيز العميق” : تستخدم للتركيز بالمشهد وخلفيته ايضاً, فيجعل المصور المسافه بين الكاميرا وخلفية المشهد الاساسي بعيده لكن تبقي على تركيز ليتابعها المشاهد. اشد مثال على هذه الحركه هي بفيلم “المواطن كاين” (1942) وفي الصور ادناه يمكن الملاحظه ان جميع الممثلين بالتركيز – ضمن الطفل الذي يظهر من الشباك.

“لقطة صندوق السياره” : عندما تكون زاويه الكاميرا موجهه من صندوق سياره الى الممثل اللذي يخرج شيئاً ما او يحتجز شخصاً. هذا الحركه مستخدمه كثيراً باعمال المخرج كوانتين ترانتينو وقد ظهرت بافلامه : “قتل بيل” (2003), “لب الخيال” (1994) و”مستودع الكلاب” (1992) كما ظهرت بفيلم مارتن سكورسيزي “رفقه طيبون” (1990).. مثال على هذه الحركه من فيلم “قتل بيل” :

“لقطه متعقبه” : عندما تكون الكاميرا مركبه على منصه مدولبه والتي تدفع على سكه حديديه بينما يتم تصوير المشهد, ومثال على هذه الحركه مشهد
حركة السير الممتد تقريباً سبعة دقائق من فيلم “نهاية الاسبوع” (1967). او عندما يتم تصوير المشهد بدون مسار تحرك ثابت لكن بشكل متتبع خالي من القطع لتصوير حركه معينه بارجاء المنطقه والتي تستمر لعدة دقائق, ومثال على هذه الحركه المشهد الحربي بفيلم “التكفير” (2007). وتشمل اللقطه المتعقبه تحركات للامام, للخلف او محاذيه لحدث معين. ويعرف انها قد استخدمت اول مره بفيلم “كابيريا” (1914) للمخرج جيوفاني بسترون.

زاوية الكاميرا تستخدم غالباً للتعبير عن مشاعر وتأثير الممثلين, فالزاويه المنخفضه قد تبعث رهبه عن الشخصيات وتوحي بالخطر القادم بعكس اللقطه المرتفعه. ومن
الاكثر استخداماً هي زاويه التصوير المستقيمه مع تبعيد او تقريب, ابرز المشاهد التي طبقت هذه الحركه هي بفيلم “البرتقاله الآليه” (1971) حيث افتتح الفيلم بتصوير
مستقيم ومبتعد عن وجه اليكس (مالكولم مكدويل) بعينيه الزرقاوتين يجلس بجانب افراد عصابته.. ليظن المشاهد انهم يتوعدون له !! والزاويه مستقيمه والمستقره تعطي “تساوي” اكثر بين الممثل والحضور. اما اسـتخدام الحركه المفاجئه لزاوية الكاميرا فهي التي تمـيز تصوير افلام الرعب, فتنحرف الكاميرا لاخافه الحضـور او تسـتخدم لعرض عدة شخصيات واغراض بشكل متسارع.

الحركات الفنيه هي التي تفرق بين التصوير العادي والتصوير السينمائي – بالطبع دون الموضوعيه – فان التصوير والتحركات تلعب دوراً اساسياً لصورة الفيلم التي تمثل “لغته” ووجهة نظر الحضور, ومن ابرز الحركات هي وضع الكاميرا على منصه متحركه وهكذا لتصوير مشاهد المطاردات بالسيارات.. ومتداول ايضاً التصوير بكاميرا محموله بدل الكاميرا المخصصه للافلام. واحياناً يمكن التعبير عن اهتزازات الكاميرا بمدى واقعية الحدث, واروع مثال على هذا الامر هي المشاهد الحربيه لفيلم “انقاذ الجندي رايان” (1998) فتوحي اهتزازات الكاميرا الى ان المصور هو حقاً في تلك المعارك العنيفه يجري بين الجنود ! وايضاً سقوط الدماء على عدسة الكاميرا يوحي بان الاحداث حقيقيه بالفعل كمشهد قطع يد صوفي (جولي دريفاس) بفيلم”قتل بيل” (2003).

“لقطه الرافعه” : وهي عندما يتم تصوير المشهد من كاميرا على الرافعه وتستخدم غالباً للتنقل بين ارجاء منطقه التصوير والابتعاد عن الممثلين واظهار مراكزهم. معظم الرافعات تتسع للمصور والكاميرا ولكن في بعض الاحيان يتم التصوير من خلال جهاز تحكم, مثلاً لتصوير مطاردات سيارات. مثال على لقطة الرافعه اثناء تصوير احدى الافلام على الشاطىء :

“لقطه مقربه” : تقرب الكاميرا الى حركه الممثل او شيء, وغالباً على وجه الممثل للتعبير اكثر عن مشاعره, ومع ذلك فان هذه الحركه لن تظهر
موضع الممثلين او الاشياء التي لها علاقه بالمشهد.. ويجب التحكم باللقطه المقربه بمهاره مع انسياب الاحداث. في بعض الافلام استخدمت الحركه للتركيز على غرض معين لكي يظهر بوضوح مثلاً : محقق يمسك مسدساً للبحث عن دليل. كما استخدمت بشكل مغاير فتقرب اللقطه الى اعين الممثل.

“لقطه التلاشي” : هي انتقال اللقطه الى اخرى حيث يتداخل المشهدان في لقطه واحده بتدرج ويختفي المشهد الاول.. لتعطي تأثير ادق وارقى من “اللقطه القافزه” حيث تقطع اللقطه – يحذف القسم الاوسط – وتتابع من جديد, مثل مشهد رمي العظمه بفيلم “2001: اوديسي الفضاء” وفيها يتغير موقع الشيء بعد القطع. وتدخل هذه الحركه في الكثير من افلام الرعب لاخافة الحضور.

“التزويم المتحرك” : عندما تتحرك الكاميرا اقرب او ابعد من شيء وفي الوقت نفسه تعدل تقنيه التزويم (Zoom) فان قربت الكاميرا ستتغير الخلفيه ويشدد عليها وان ابتعدت الكاميرا ستشدد على الشيء, اشهر استخدام لهذه الحركه بفيلم “فيرتيجو” (1958) للمخرج الفريد هتشكوك.. ومثال عليها
من فيلم “رفقه طيبون” حيث تقرب الكاميرا على الممثلان راي ليوتا وروبيرت دي نيرو .. ولكن حجم الخلفيه يتغير :

تستخدم بكثره حركة Steadicam لمخترعها غاريت براون وهي وضـع الكاميرا على جهاز تثبيت فتفصل عفوياً بين تحركات الكاميرا وتحركات المصـور فهذه الحركه تزود سلاسه بالرغم من تحركات المصور السريعه لمتابعه الاحداث, ويعرف انها قد استخدمت لاول مره بفيلم “وثب للمجد” (1976) للمخرج هال اشبي واستخدم الكثير من المخرجين هـذه الحركه في افلامهم مثل ستيفين سبيلبيرغ ومارتـن سكورسيزي. مثال على هذه الحركه من فيلم “الضـي” (1980) للمخرج ستانلي كوبريك بمشهد الطفل داني يتجول في ارجاء الفندق. كما تصوير المشاهد من خلال الهليكوبتر رائج جداً ليلقي المشاهد نظره على المنطقه التي تدور بها الاحداث.. والحصول على منظور افضل للمتابعه.. ولكن يجب التحكم بهذه اللقطه وعلى سبيل المثال : في المشاهد الافتتاحيه من فيلم “الضـيء” ظهر خيال الهيلكوبتر بينما يتم تصوير سيارة جاك تورينس (جاك نيكولسن) كما في اللقطه الاخيره ظهرت بوضوح تحركات مروحه الهيلكوبتر فوق الكاميرا !!. فيقع هذا العمل على عاتق المصور السينمائي واللذي يجب ان يتفادى هذه الاخطاء كدخول اغراض غير مستلزمه ومرغوبه في مجال التصوير والتي تؤثر على المشاهد بشكل سلبي.

المصور السينمائي هو المسؤول عن تحديد الاضاءه, حركات الكاميرا وزاويه التصوير – ويعمل مع المخرج على انتقاءها وضمان جماليه المشهد لرؤيه المخرج بتقديم القصه.. وهو رئيس طاقم التجهيز والتحكم بالاضاءه – وبمثابة المخرج في هذا المجال. في بعض الاحيان يسمح المخرج للمصور السينمائي بالعمل مسـتقلاً ولكن غـالباً المخرج يحدد اية تقنيات سوف تدخل وموضع الكاميرا (حتى احياناً يقوم بتصوير مشاهد خاصه بنفـسه). وفي الغالب يحاول كل من المخرج والمصور السينمائي التوافق للحصول على بصريه ممتازه للمتفرج.. وكثيراً ما يحاولان تقديم اسلوب مغاير كتجريد الفيلم من الالوان.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.