سويتشيرو هوندا.. “الطالب الفاشل” يؤسس إحدى كبرى شركات السيارات في العالم

سويتشيرو هوندا.. “الطالب الفاشل” يؤسس إحدى كبرى شركات السيارات في العالم

  • من فرط فقر أسرته.. توفي خمسة من إخوته الصغار تباعا نتيجة قلة الطعام وأمراض “سوء التغذية”
  • كان طالبا فاشلا يتهرب من أداء واجباته.. وكان يفضل السير في الشوارع لـ”مشاهدة السيارات” على المدرسة
  • قنبلة من قنابل “الحلفاء” أصابت مصنع “هوندا” الأول.. ثم تعرض المصنع للتدمير تماما بعدما ضربه زلزال
  • كان يمتلك عزيمة لا تُقهر ولا يستسلم أبدا لأي مشكلة.. وكان يرى في كل محنة تأتيه “فرصة من الظلام”
  • هوندا: ارتكبت الكثير من الأخطاء.. النجاح يمثل 1% فقط من عملنا الذي ينتج عن 99% من فشلنا!

 

سويتشيرو هوندا، رجل الأعمال الراحل، والمخترع الياباني الشهير، ومؤسس الشركة التي تحمل اسمه، هو “الطالب الفاشل” الذي استطاع أن يؤسس إحدى كبرى شركات السيارات في العالم، إنه ابن “الحداّد” الفقير الذي أصبح أشهر من إمبراطور اليابان!

ومسيرة حياة هوندا عنوان كبير على الكفاح، فقد كان يمتلك عزيمة لا تُقهر ولا يستسلم أبدا لأي مشكلة، وكان يرى في كل محنة تأتيه “فرصة من الظلام”، بل إنه قال ذات يوم “لقد ارتكبت الكثير من الأخطاء، وأنا أؤكد أن النجاح يمثل 1% فقط من عملنا الذي ينتج عن 99% من فشلنا”!

وُلد هوندا في 17 نوفمبر 1906 في قرية بمقاطعة “هماماتسو” اليابانية النائية، من عائلة كثيرة العدد تعاني فقرا مدقعا، ويقال إنه من فرط فقر أسرته أن توفي خمسة من إخوته الصغار تباعا نتيجة قلة الطعام وأمراض “سوء التغذية”، وكان والده حداّدا رقيق الحال يُصلح الدراجات الهوائية للمارة على الطريق السريع.

الطالب الفاشل

لم يكن الصبي “سويتشيرو” في مطلع حياته شخصا مجتهدا، بل كان طالبا فاشلا يتهرب من أداء واجباته المدرسية، وكان يفضل السير في الشوارع لمشاهدة السيارات والآليات على الذهاب إلى المدرسة، وصارت السيارات عشقه الأول، قال هوندا عن ذلك فيما بعد: “لقد تسمرّت أمام أول سيارة رأيتها في حياتي، وأعتقد أنه في هذه اللحظة وُلدت لدي فكرة اختراع سيارة من تصميمي على الرغم من أنني كنت طالبا فاشلا في تلك الأيام”!

ومن المعروف عن هوندا كُرهه لنظام التعليم والمدارس بشكلها الحالي، فقد كان منذ صغره يؤمن بأن نظام المدارس يقتل الإبداع والاختراع، ويفضّل طريقة “التجربة والخطأ” للتعلم، وهذا بالضبط ما حدث، فقد ترك “سويتشيرو” المدرسة وكان عمره 15 عاما، ثم غادر قريته متوجها إلى العاصمة “طوكيو” حيث أقام بشكل نهائي، وعمل كصبي ثم كعامل في محل لإصلاح السيارات، لمدة 6 سنوات، وتعلم الكثير من أسرار المهنة خلال تلك الفترة، وعاش حياة الكفاف ليدخر المال اللازم لبدء عمله الخاص، قبل أن يقترض أموالا أخرى من البنوك ليفتتح أول محل لتصليح السيارات عام 1928.

وفي العشرين من عمره، بدأت رحلة هوندا عندما عرض حلقة “الكبّاس” التي صممها على شركة “تويوتا”، لكن الشركة كانت بحاجة لأعداد كبيرة، وإلا فلا يمكنها شراء القطعة تلو القطعة، ما اضطر هوندا لتأسيس مصنع صغير لحلقات الكبّاس، ورغم المصاعب الجمّة التي عانى منها لترخيص المصنع بسبب ضعف الموارد الحكومية ورفضها تزويده بالإسمنت، إلا إنه لم ييأس، وابتكر طريقة هو وفريقه لتصنيع الإسمنت محليا وبنى المصنع بالفعل بعد أشهر طويلة من الكفاح.

وحصل الشاب في السنة نفسها على براءة اختراع لتصميمه مكابح معدنية للسيارات، بعد أن كانت مصنوعة من الخشب، وكانت هذه الفكرة هي نقطة انطلاقه الأولى إلى عالم الابتكار، حيث سجل أكثر من 470 ابتكارا و150 براءة اختراع باسمه.

بدأ هوندا عام 1938 بتصميم قطع غيار سيارات مبتكرة ومنها “الكباّسات” لحساب شركة “تويوتا” اليابانية، وكانت الحرب العالمي الثانية التي دخلت اليابان طرفا فيها قد بدأت، وفي تلك الفترة أسس الرجل مصنعا صغيرا ليقوم بهذا العمل لمصلحة الشركات، لكن قنبلة من قنابل “الحلفاء” أصابت المصنع وأوقفته عن العمل.

ولم يجد المواد الخام اللازمة لصناعة قطع الغيار، فخطرت على باله فكرة عبقرية، حيث نهض من جديد، وجنّد فريقـه فأخذوا يجمعون علب البنزين الفارغـة التي كانت المـقـاتـلات الأمريكية تتخلـص منها خلال الحرب، وأطـلـق على هذه العلب اسم “هدايـا الرئيس ترومـان” لأنها وفرت لـه المـواد الأوليـة التي يحتاجها للعمليـات الصناعيـة التي يقوم بهـا، وهي مواد لـم تكـن متوافـرة فـي اليـابـان آنــذاك.

وأشرف هـونـــدا مـن خـلال مصنعه عـلى إنـتــــــــــاج الصـمـامــات التي طـلبتهـا “تـويـوتـــا”، لقـد اقـترب النجـاح. وفي هذه الأثـناء من التـرقــب السعـيـد لمشاهدة أول باكـورة إنتاج المصنع، وقع زلـزال دمّـر المصنع تدميراً كـامــلاً، وهكذا أصيب المخترع الذي كان في التاسعة والثلاثين من عمره، بالكارثة تلو الأخرى.

وجراء ذلك، أصبح هوندا بعد كفاح مرير مُعدما تماما بعد أن تعرض كل شئ من حوله للتدمير، لكنه استطاع أن يقف على قدميه مرة أخرى بعد دخوله سوق الدراجات النارية بمحض المصادفة، فقد عانى هوندا من انقطاع البترول في نهاية الحرب العالمية ولم يستطع قيادة سيارته، فساعدته قريحته على ربط دراجته الهوائية بمولد صغير عثر عليه في مخلفات المصنع، وكان يعمل على الكيروسين الذي كان متوفرا في ذلك الوقت بكثرة.

ونال هذا الاختراع إعجاب أصدقائه فطلبوا منه تصميم 12 دراجة نارية من هذا النوع، فأيقن هوندا أنه هناك سوقا كبير لاختراعه هذا، لكنه لم يجد المال الكافي لإنشاء مصنع، وكانت خطته أن يناشد أصحاب محلات الدراجات في اليابان وعددهم 18 ألف شخص أن يهبوا لمساعدته، وأخذ يكتب لهم خطابات تلو الخطابات ليبلغهم بأنه يسعى إلى لعب دور في إعادة بناء اليابان المُدمرة مجددا من خلال قوة الحركة التي يمكن لاختراعه أن يوفرها، واستطاع إقناع 5 آلاف من هؤلاء البائعين بأن يقدموا رأس المال اللازم له، فأسس شركته الثانية عام 1948، وحصل على براءة اختراع لتصميم الدراجات النارية.

وبحلول عام 1958 كان مصنع هوندا قد أصبح أكبر مصنع للدراجات النارية في اليابان، واجتذبت هذه الدراجة المبتكرة آلاف المراهقين والإناث، فقد كانت نقلة نوعية في هذا المجال، وكان سعرها مناسبا، لذلك اندفع الملايين من كل الأعمار في كل أنحاء العالم لشراء دراجة “هوندا” النارية.

بدأ ازدهار الشركة عام 1961، وكانت تشحن 100 ألف دراجة إلى الولايات المتحدة سنويا، وفي 1968 وصل مجموع الدراجات المشحونة إلى أمريكا مليون دراجة. وفي أوساط الثمانينات من القرن الماضي كانت “هوندا” قد استحوذت على 60% من حصة السوق العالمي من الدراجات لأنها كانت ببساطة “في متناول الجميع”.

“السيد عاصفة”!

دخل هوندا، الطموح، عالم السيارات عام 1962 عندما بدأ بتصميم سيارات للسباق، على الرغم من معارضة وزارة الصناعة اليابانية لذلك، بسبب كثرة مصانع السيارات في البلاد، لكنه لم يأبه، ودخل سوق السيارات فعليا عام 1970، وبتصميمه وعزمه استطاع أن يتخطى الجميع وينجح، بل ويحلق عالميا.

كما استطاع هوندا أن يغزو السوق الأمريكي من نقطة ضعفه، وهي إنتاج محركات تحافظ على البيئة حسب مواصفات الحكومة الأمريكية، ولم يكن أحد من العمالقة في صناعة السيارات من أمثال “جنرال موتورز وفورد وتويوتا ومرسيدس وبي إم دبليو”، قد نجح في اختراع محرك يفي بهذا الغرض، ولكن هوندا أحرج الجميع عندما قام باختراع أول محرك مقاوم للتلوث البيئي، وطرح أولى سياراته ذات المحرك الجديد عام 1975 تحت اسم “سيارة المدينة”، فلاقت السيارة نجاحا باهرا فور طرحها في السوق.

كان هوندا ثورياً في مجاله، ولم يكن محبوباً من قبل مجتمع مُصنعي السيارات في اليابان، خاصة عندما وقعت أزمة النفط العالمية في نهاية عام 1973، بعد حرب أكتوبر، وقرر مصنعو السيارات اليابانيون رفع الأسعار وتخفيض الإنتاج، أما هو فكان الوحيد الذي رفض هذه الفكرة وحاربها، وفعل العكس، أي أنه ضاعف الإنتاج وخفض الأسعار، واستطاع بذلك أن يصبح “رقم واحد” في السوق!

وهكذا، بجرأته وخياله الواسع، استطاع هوندا أن يتجاوز أزمة البترول التي مرت عصيبة على كل الشركات في عالم السيارات، وأن يحقق فيها نسبة مبيعات فاقت كل التصورات، فكعادته، كان يرى في كل محنة تأتيه “فرصة من الظلام”.

وتواصلت نسبة مبيعات هوندا في الارتفاع، حتى أصبحت في عام 1983 أسرع الشركات تطورا في عالم السيارات، وحققت سياراته أعلى نسب المبيعات لأعوام متتالية، وتفوق على أقرانه في الولايات المتحدة وفي اليابان، بل في العالم برمته آنذاك.

وعُرف الرجل بين موظفيه بـ”السيد عاصفة”، لأنه كان ينفجر غضبا عندما يقوم أي موظف بعمل أحمق، كما عُرف عنه كونه مبدعا، وخلّاقا ويكره الروتين بشدة، ويحب الجديد، ويفضل المخاطرة والتجربة، وكان ثوريا كذلك في قراراته الإدارية، ولكنه كان يمتلك عزيمة لا تقهر، ولا يستسلم أبدا لأي مشكلة.

ويعد هوندا مخاطراً من الدرجة الأولى، إذ كان يقود سيارات السباق بنفسه، وبسرعة جنونية، وأوشك ذات مرة أن يلقى حتفه في حادث وقع خلال أحد السباقات، وظل تحت العلاج المستشفى لمدة 3 أشهر بعد الحادث، ونصحه الأطباء بعدم الاشتراك في السباقات مرة أخرى، ومع ذلك تعلم قيادة الطواّفة “الهليكوبتر” عندما كان في الستين من عمره.

وبعد رحلة من الكد والاجتهاد والتعب، تقاعد هوندا من رئاسته لشركته في عام 1973، وكان عمره وقتها 63 عاما، بعد مرور نحو ربع قرن على تأسيس الشركة. وبعد التقاعد، كرس حياته للخدمات العامة، وحصل على وسام رفيع من إمبراطور اليابان، وعلى تقدير خاص من غرفة صناعة السيارات الأمريكية.

ومن أشهر ما قاله”: “عندما أنظر إلى الوراء، الآن، أحس أنني لم أحصد سوى سلسلة من الأعمال الفاشلة، والكثير من الندم، غير أنني في المقابل فخور بما حققته، وعلى الرغم من أنني ارتكبت الكثير من الأخطاء، واحداً تلو الآخر، لكن ليس هناك خطأ أو فشل تكرر مرتين، لذلك، أؤكد لكم أن النجاح يمثل 1% فقط من عملنا الذي ينتج عن 99% من فشلنا”!

وفي الخامس من أغسطس عام 1991، أسلم هوندا الروح عن 85 عاما، متأثرا بفشل كبدي، وتاركا وراءه الكثير من الإنجازات والنجاحات والدروس والعبر. فلم يكن أحد يعتقد أن الطفل الفقير المعدم والآتي من قرى اليابان البعيدة، والمسلح فقط بالطموح والأحلام والعزيمة والإصرار، يمكنه أن يغزو العالم بأفكاره وابتكاراته ومنتجاته، والتي غيرت العالم إلى الأفضل، وجعلت اسم هوندا المغمور اسماً يعرفه كل الناس في كافة أرجاء الكرة الأرضية.

سويتشيرو هوندا

سويتشيرو هوندا
(باليابانية: ゲイ)‏  تعديل قيمة خاصية (P1559) في ويكي بيانات
Honda Souichiro zaikai 1964.jpg

معلومات شخصية
الميلاد 17 نوفمبر 1906
  تعديل قيمة خاصية (P569) في ويكي بيانات
هاماماتسو  تعديل قيمة خاصية (P19) في ويكي بيانات
الوفاة 5 أغسطس 1991 (85 سنة)
  تعديل قيمة خاصية (P570) في ويكي بيانات
طوكيو  تعديل قيمة خاصية (P20) في ويكي بيانات
سبب الوفاة فشل الكبد  تعديل قيمة خاصية (P509) في ويكي بيانات
مواطنة
Flag of Japan.svg

اليابان  تعديل قيمة خاصية (P27) في ويكي بيانات

عضو في الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم الهندسية  تعديل قيمة خاصية (P463) في ويكي بيانات
أبناء هيروتوشي هوندا  تعديل قيمة خاصية (P40) في ويكي بيانات
الحياة العملية
المهنة شخصية أعمال،  ومهندس،  ورائد أعمال  تعديل قيمة خاصية (P106) في ويكي بيانات
مجال العمل هوندا  تعديل قيمة خاصية (P101) في ويكي بيانات
الجوائز

ميدالية الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين (1980)

JPN Kyokujitsu-sho 1Class BAR.svg

الوشاح الأكبر لرهبانية الشمس المشرقة  تعديل قيمة خاصية (P166) في ويكي بيانات

سويتشيرو هوندا 本田 宗一郎(ـ17 نوفمبر 19065 أغسطس1991) هو مهندس و صناعي ياباني.

ولد في مقاطعة هماماتسو . و هو مؤسس شركة هوندا سنة 1948 و ترك رئاسة الشركة سنة 1973. يعتبر سيكيرو مثالا للناس الذين كانوا يقبعون في الفقر المدقع و تحولوا بفضل طموحهم الكبير جداً إلى أشخاص من أغنياء العالم.

حياته

ولد سيكيرو هوندا في عائلته الفقيرة جداً في مقاطعة هماماتسو البعيدة في اليابان في 17/11/1906 وكان من فرط فقر عائلته أن خمسة من إخوانه توفوا نتيجة سوء التغذية ولانعدام الموارد المادية والاقتصادية. كان والد هوندا حدادا فقيراً يصلح الدراجات الهوائية على الطريق. وساعده هذا المحيط الذي عاش فيه على التعلق بالدراجات. وقد ساعدته إرشادات والده كثيراً في حياتة العملية سيكيرو هوندا الطالب الفاشل الذي يتهرب من أداء واجباتة المدرسية كان كثير النقد والنقمة على النظام الدراسي وأسلوب التعليم. انه يحب التعلم بالممارسة خصوصا من التجربة والخطأ، ويعشق السيارات والآليات ويقول عن ذلك (لقد تسمرت أمام أول سيارة رأيتها، واعتقد بأن هذه اللحظة ولدت لدي فكرة اختراع سيارة من تصميمي على الرغم من أنني كنت ولدا فاشلا في تلك الأيام)). ترك هوندا المدرسة العام 1922 وكان عمره 15 عاما ثم ترك قريتة وتوجه على طوكيو وعمل في محل لتصليح السيارات لمدة 6 سنوات، حيث تعلم الكثير قبل أن يقترض مالا ليفتح أول محل لتصليح السيارات عام 1928. حصل هوندا في السنة نفسها على براءة اختراع لتصميمه مكابح معدنية للسيارات، بعد أن كانت مصنوعة من الخشب. وكانت هذه الفكرة بدايته إلى عالم الابتكار، حيث سجل أكثر من 470 ابتكار وأكثر من150 براءة اختراع باسمه. بدأ هوندا في عام 1938 بتصميم حلقة الكباس التي اغرم بها من خلال عمله في محل تصليح السيارات، لشركة((تويوتا))في اليابان، وكان قد أسس مصنعا صغيرا ليقوم بهذا العمل، لكن قنبلة أصابت مصنعة وشلته عن العمل. وفي عام 1945 دمر المصنع تماما بعدما ضربه زلزال، وأصيب هوندا بالإحباط والخوف بعدما أصبح معدما تماما ودمر كل شيء من حوله. انتهت الصدمة. وقف هوندا مرة أخرى على قدمية بعد دخوله سوق الدراجات النارية بمحض المصادفة. فقد عانى هوندا من انقطاع البترول ولم يستطع قيادة سيارتة، فساعدته قريحته على ربط دراجتة الهوائية بمولد صغير وجده في مخلفات((الموترات))الفائضة، وكان يعمل على الكيروزين الذي كان متوفرا في ذلك الوقت. هذه الطريقة السهلة الأنيقة كانت حلا مهما لهوندا. وقد أعجب هذا الاختراع أصدقاؤه فطلبو منه تصميم 12 دراجة نارية أيقن هوندا أنه يوجد سوق كبير لما أخترعه. أسس هوندا شركته عام 1948 وأعطاها اسم((شركة هوندا)) وحصل على براءة اختراع لتصميم الدراجات النارية. طرح هوندا موديله الأول((]))نسبة إلى((دريم أو حلم)). وطرح موديل((E)) عام1951 وعندما قدم موديل The Super Cub في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1958 كان هوندا قد أصبح أكبر مصنع لدراجات النارية في اليابان، متفوقا على 250 منافسا (50 منهم يابانيون). اجتذب موديل((سوبر كاب))المراهقين والإناث، وكان ذلك نقلة نوعية. وقد حقق هذا الموديل نجاحا باهرا في الولايات المتحدة الأمريكية، بخاصة بعد شعار الحملة الإعلانية الناجح ((ستقابل ألطف الناس عندما تقود دراجة هوندا)). وقد نسي الناس الدراجة الهوائية بسبب الدراجة النارية التي طرحها هوندا. كان سعر الدراجة النارية مناسبا ومكانيكيا، وكانت الدراجة ممتازة، لذلك اندفع الملايين من كل الأعمار لشراء دراجة هوندا النارية بعدما كانت تجتذب الأغنياء فقط. بدأ ازدهار الشركة عام 1961 ،عندما بدأت تشحن 100,000 دراجة نارية إلى الولايات المتحدة الأمريكية. وفي عام 1968 كان مجموع الدراجات المشحونة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مليون دراجة. وفي أوساط الثمانينات كانت شركة هوندا قد أخذت 60 في المئة من حصة السوق. وفي عام 1990 كانت تشحن 3000,000 دراجة في السنة وهكذا حقق هوندا حلمه في عالم الدراجات النارية وقد جعل هذه الدراجة في متناول الجميع وبذلك أصبح جاهزا لاجتياح عالم السيارات. دخل هوندا، الطموح دائما، عالم السيارات عام 1962 عندما بدأ بتصميم سيارات للسباق، على الرغم من معارضة وزارة الصناعة اليابانية، بسبب كثرة مصانع السيارات في اليابان. لكن هوندا لم يأبه، كما أهمل كل ما تنبأ له بالفشل في البداية. ودخل فعليا سوق السيارات عام 1970، وكان قبله لم ينجح أحد منذ عام 1925 بدخول كرايزلر السوق، حيث فشل بعدها أكثر من 10 شركات في النجاح. وبتصميم هوندا وعزمه استطاع أن يتخطى الجميع وينجح ويحلق عالميا. دخل هوندا السوق من نقطة ضعف وهي إنتاج محركات تحافظ على البيئة حسب مواصفات الحكومة الأمريكية ولم يكن أحد من العمالقة في صناعة السيارات مثل: جنرال موتورز، فورد، تويوتا، نيسان، مرسيدس، بي إم دبليو، بورش، قد نجح باختراع محرك يفي بهذا الغرض. وقد أحرج هوندا الجميع عندما قام باختراع أول محرك يقاوم التلوث البيئي(cvcc)وطرح أولى سياراته بالمحرك الجديد عام 1975 الـCivic وتعني المدنية((أي السيارة المدنية))،التي لاقت نجاحا باهرا فور طرحها في السوق. استمر هوندا باستراتيجيته(السهل الممتنع)التي استعملها في صناعة الدراجات. كان هوندا ثورياً ولم يكن محبوباً مجتمع مصنعي السيارات في اليابان، بخاصة عندما حصلت أزمة البترول عام 1974، و قرر مصنعو السيارات في اليابان رفع أسعار السيارات وتخفيض الإنتاج، أما هو فكان الوحيد الذي رفض هذه الفكرة وحاربها، كما فعل(هنري فورد شركة فورد قبلة بخمسين سنة.وكرد على القرار ضاعف هوندا الإنتاج وخفض الأسعار، وأثبت هذا القرار صوابيته، وبالفعل انخفضت أسعار((نيسان))و((تويوتا))40 في المئة، وارتفعت في المقابل مبيعات هوندا 76 في المئة واستمرت في التصاعد. وفي عام 1983 كانت هوندا قد أصبحت أسرع الشركات تطوراً في العالم. كان هوندا في صباه شخصا لعوباً ويعرف بـ((بلايبوي هماماتسو)) قبل أن يتزوج ويرزق بولدين وإبنتين. عرف بين موظفيه بالسيد((العاصفة)) إذ كان ينفجر غضباً عندما يقوم أي موظف بعمل غبي أو أحمق. كان شخصاً عديم الصبر وثورياً، ولكنه كان يمتلك عزيمة لا تقهر ولا يستسلم أبداً لأي مشكلة ،ويقبل الخطأ كجزء من تطوره. ومن أشهر ما قاله((عندما أنظر إلى الوراء، أشعر أنني لم أحصد سوى سلسلة من الأعمال الفاشلة، والكثير من الندم.غير أنني في المقابل فخور بما حققته، وعلى الرغم من أنني قمت بالكثير من الأخطاء، واحداً تلو الآخر، لكن ليس هناك خطأ أو فشل تكرر مرتين.لذلك، أؤكد لكم أن النجاح يمثل 1% من عملنا الذي ينتج عن 99% من فشلنا)). ويعد هوندا مخاطراً من الدرجة الأولى، إذ كان يقود سيارات السباق بصورة جنونية، وأوشك على أن يلقى حتفه في أحد السباقات التي ربحها، وقبع في المستشفى لمدة 3 شهور، وقد نصحه الأطباء بعدم الاشتراك في السباق ومع ذلك تعلم قيادة طائرة((الهليكوبتر))عندما كان في الستين من عمره. حصلت سيارته((هوندا أكورد))على شرف احتلال المركز الأول للسيارات الأكثر مبيعاً في العالم الأعوام 1989،1990،1991،1992 حسب إحصاءات مجلة Car & Track. وفي عام 1993 احتلت((هوندا أكورد))أفضل مركز الولايات المتحدة الأمريكية،يعتبر سويتشيرو هوندا من أعظم قصص النجاح التي بدأت من الفقر المفرط. توفي هوندا في 5/8/1991 في طوكيو تاركاً وراءه الكثير من الإنجازات والنجاحات والدروس والعبر. لم يكن أحد يعتقد أن الطفل الفقير المعدم والآتي من قرى اليابان البعيدة، والمسلح بالطموح والأحلام والعزيمة والإصرار، يمكنه أن يغزو العالم بأفكاره وابتكاراته ومنتجاته، والتي غيرت العالم إلى الأفضل، وجعلت اسم هوندا المغمور وغير المعروف اسماً يعرفه كل الناس في كل أرجاء الكرة الأرضية

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.