‏حمص

مدينة عريقة في القدم، يعود تاريخ بنائها إلى سنة 2300 ق.م وهي مدينة داخلية في سورية، وتعتبر المدينة الثالثة بعد دمشق وحلب، واسمها القديم (ايميسا) والمدينة القديمة مدفونة تحت انقاض المدينة الحالية. قيل أن اسمها مأخوذ من لفظ (حمث( HMOTH وهو اسم القبيلة التي سكنتها قديماً، وقيل أن لفظة (حمص (HOMS آرامية ومعناها (الأرض اللينة الوطء) سميت بذلك لوقوعها في السهل، وقيل أن معنى حمص بالآرامية (اشتد، وسخن، وتخمر) وكان أولاً معنى حمص بالآرامية وصفاً للشمس، ثم صارت اسماً خاصاً بالآله شمس.

روى المؤرخ يوسيفوس أن (حمث بن كنعان) بنى مدينتين وسماهما باسمه، وميز القدماء بين الاثنتين باللقب فقالوا (حمث الكبرى) حمص و(حمث الصغرى) حماة. ثم بدلت التاء صاداً على عادة الآراميين، وقيل أن آرام بن سام أسسها بنفسه كما روى صاحب معالم وأعلام ص 340. وقال ابن فضل اللّه اسمها القديم سوريا (ابن الشحنة: الدرّ المنتخب ص270).

وحمص بلد مشهور قديم كبير مسور، وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عال كبيرة (ياقوت الحموي: معجم البلدان مج2 وص302).

ورد اسم حمص (ايميسا) ضمن ما دوّن على رقم مملكة إيبلا إضافة إلى المشرفة (قطنة) وأسماء دمشق ديماشكي وأيماه(حماه) (إيبلا حاضرة زاهرة من الألف الثالث قبل الميلاد). كما تدلّ ألواح إيبلا التي تعود إلى (2400 ـ 2250 ق.م).

إن تجارتها كانت تمر عبر حمص إلى فلسطين، وأن ملكها آر ـ انيوم عام 2340 ق.م. كان يعيّن حاكم بيبلوس (جبيل) من أهاليها.

ثم مرت حمص وغيرها من المناطق تحت حكم الرومان والعمالقة والأموريين في العصر البرونزي القديم عام 2300 ـ 1900 ق.م والعصر البرونزي الأوسط حيث قدم الحثيون من آسيا الصغرى، وخلال القرنين الخامس عشر والرابع عشر انتشر الحوريون في سوريا ومنطقة حمص مما جعل المصريون يطلقون اسم (خورو) على قسم من سوريا (الموسوعة الألمانية 1966).

بلغت حمص أوج ازدهارها خلال الحكم الروماني، ولمع نجم آله الشمس الذي كان يعبد به الحجر الأسود، وكان كاهن هذا المعبد باسيان وقوراً حكيماً وابنته جوليا دومنا الحمصية الآرامية الجمال، وافرة الذكاء والفطنة، وزوجة القائد الروماني سبتموس سيسفروس ويقال أنه نقل الحجر الأسود من حمص إلى روما تيمناً وأضحى إمبراطوراً من عام 193 ـ 211 م. وهذا مما جعل حمص تشتهر بـ أم الحجارة السود ـ في بناء دورها وأمكنتها التجارية وقصورها إلى يومنا هذا.

وانتقلت إلى حكم الإمبراطورية الرومانية السلالة الحمصية ومنهم (كاركلا 211 ـ 217) و(ايليو طابال 218 ـ 228) والاسكندر (229 ـ 232) وفيليب العربي، وتولى كثير من سكان حمص مناصب الدولة الرومانية الكبرى، وتمتعوا بعضوية مجلس الشيوخ.

وبرز في ما بين عام 1225 ـ 740 ق.م الفينيقيون والآراميون، وكانت معركة قادش الشهيرة بداية انسحاب الحثيين من منطقة حمص، وتقدم الآراميين الذين استوطنوا مكانهم، ونقطة تحول تاريخي لمنطقة حمص إذ انسحب الحثيون تدريجياً وتقدم الآراميون الذين استوطنوا جبال لبنان الشرقية وتحولت حمص إلى منطقة آرامية ما بين (1225 ـ 740 ق.م) واستطاع تغلات فلاصر الاشوري، من دخول حمص بعد قضائه على ملكها (رصين) آخر ملوك الآراميين فيها، ورصين اسم آرامي معناه ثابت، متقن، مكتمل، رصين.

وبقيت حمص تحت سيطرة الآشوريين ما بين عام 737 و331 ق.م ثم اجتاحها الكلدانيون والفرس ودخلت حكم الاسكندر المقدوني سنة 331 ق.م ثم خضعت تحت حكم السلوقيين عام 330 ـ 90 ق.م باسم ايميسا، ثم تحت حكم المملكة التدمرية (246 ـ 273 م) وبقيت حمص بعد دمار مملكة تدمر إلى سيادة المسيحية ودخول الإسلام (272 ـ 633) ثم فتحها العرب بقيادة أبو عبيدة ابن الجراح (ربوع محافظة حمص: د. عماد الدين الموصلي ص من 101 ـ 145).

وأصبحت حمص إحدى مراكز الجند العربي الرئيسية وهي الكوفة والبصرة في العراق ودمشق وحمص في الشام والفسطاط في مصر.

أما القبائل العربية التي تستوطن بادية حمص قبل هذا التاريخ فإنها أخذت تستوطن المدينة المتحضرة فتشكل منهم ومن أبناء عمومتهم الآراميين شعب واحد متحد غلب عليه الطابع العربي.

ثم خضعت للنير العثماني فترة طويلة من الزمن، قدّمت شهداء كثيرين منهم العلامة الشيخ عبد الحميد الزهراوي والمحامي النابغ رفيق رزق سلوم والدكتور الضابط عزة الجندي الذين استشهدوا عام 1916.

شيّدت في حمص أبنية دينية كثيرة من مساجد ومقامات في مراحل العصر الإسلامي، كما شيدت فيها كنائس ومعابد خلال العهود القديمة والإسلامية الوسيطة المتأخرة أهمها: 

الجامع النوري الكبير: كان هيكلاً للشمس ثم حوله القيصر ثيودوسيوس إلى كنيسة ثم حول المسلمون نصفه إبان الفتح العربي إلى جامع وبقي النصف الآخر كنيسة للمسيحيين، ولكن المتوكل العباسي أمر بتأديب النصارى العرب الذين ثاروا مع مواطنيهم المسلمين العرب على القائد العباسي فصلب رؤساءهم وادخل القسم الثاني من البيعة إلى الجامع (الطبري مج11 ص50). ثم تهدم هذا المسجد بالزلزال في أيام نور الدين الشهيد فأعاد بناءه سنة 1129 على شكله الحالي.

وجامع خالد بن الوليد الذي يضم ضريح القائد العربي البطل خالد بن الوليد المتوفى في حمص سنة 641 م. وفيها كثير من المقامات مثل مقام أبو الهول، مقام أبو موسى الأشعري وغيرها.‏

حمص

مدينة عريقة في القدم، يعود تاريخ بنائها إلى سنة 2300 ق.م وهي مدينة داخلية في سورية، وتعتبر المدينة الثالثة بعد دمشق وحلب، واسمها القديم (ايميسا) والمدينة القديمة مدفونة تحت انقاض المدينة الحالية. قيل أن اسمها مأخوذ من لفظ (حمث( HMOTH وهو اسم القبيلة التي سكنتها قديماً، وقيل أن لفظة (حمص (HOMS آرامية ومعناها (الأرض اللينة الوطء) سميت بذلك لوقوعها في السهل، وقيل أن معنى حمص بالآرامية (اشتد، وسخن، وتخمر) وكان أولاً معنى حمص بالآرامية وصفاً للشمس، ثم صارت اسماً خاصاً بالآله شمس.

روى المؤرخ يوسيفوس أن (حمث بن كنعان) بنى مدينتين وسماهما باسمه، وميز القدماء بين الاثنتين باللقب فقالوا (حمث الكبرى) حمص و(حمث الصغرى) حماة. ثم بدلت التاء صاداً على عادة الآراميين، وقيل أن آرام بن سام أسسها بنفسه كما روى صاحب معالم وأعلام ص 340. وقال ابن فضل اللّه اسمها القديم سوريا (ابن الشحنة: الدرّ المنتخب ص270).

وحمص بلد مشهور قديم كبير مسور، وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تل عال كبيرة (ياقوت الحموي: معجم البلدان مج2 وص302).

ورد اسم حمص (ايميسا) ضمن ما دوّن على رقم مملكة إيبلا إضافة إلى المشرفة (قطنة) وأسماء دمشق ديماشكي وأيماه(حماه) (إيبلا حاضرة زاهرة من الألف الثالث قبل الميلاد). كما تدلّ ألواح إيبلا التي تعود إلى (2400 ـ 2250 ق.م).

إن تجارتها كانت تمر عبر حمص إلى فلسطين، وأن ملكها آر ـ انيوم عام 2340 ق.م. كان يعيّن حاكم بيبلوس (جبيل) من أهاليها.

ثم مرت حمص وغيرها من المناطق تحت حكم الرومان والعمالقة والأموريين في العصر البرونزي القديم عام 2300 ـ 1900 ق.م والعصر البرونزي الأوسط حيث قدم الحثيون من آسيا الصغرى، وخلال القرنين الخامس عشر والرابع عشر انتشر الحوريون في سوريا ومنطقة حمص مما جعل المصريون يطلقون اسم (خورو) على قسم من سوريا (الموسوعة الألمانية 1966).

بلغت حمص أوج ازدهارها خلال الحكم الروماني، ولمع نجم آله الشمس الذي كان يعبد به الحجر الأسود، وكان كاهن هذا المعبد باسيان وقوراً حكيماً وابنته جوليا دومنا الحمصية الآرامية الجمال، وافرة الذكاء والفطنة، وزوجة القائد الروماني سبتموس سيسفروس ويقال أنه نقل الحجر الأسود من حمص إلى روما تيمناً وأضحى إمبراطوراً من عام 193 ـ 211 م. وهذا مما جعل حمص تشتهر بـ أم الحجارة السود ـ في بناء دورها وأمكنتها التجارية وقصورها إلى يومنا هذا.

وانتقلت إلى حكم الإمبراطورية الرومانية السلالة الحمصية ومنهم (كاركلا 211 ـ 217) و(ايليو طابال 218 ـ 228) والاسكندر (229 ـ 232) وفيليب العربي، وتولى كثير من سكان حمص مناصب الدولة الرومانية الكبرى، وتمتعوا بعضوية مجلس الشيوخ.

وبرز في ما بين عام 1225 ـ 740 ق.م الفينيقيون والآراميون، وكانت معركة قادش الشهيرة بداية انسحاب الحثيين من منطقة حمص، وتقدم الآراميين الذين استوطنوا مكانهم، ونقطة تحول تاريخي لمنطقة حمص إذ انسحب الحثيون تدريجياً وتقدم الآراميون الذين استوطنوا جبال لبنان الشرقية وتحولت حمص إلى منطقة آرامية ما بين (1225 ـ 740 ق.م) واستطاع تغلات فلاصر الاشوري، من دخول حمص بعد قضائه على ملكها (رصين) آخر ملوك الآراميين فيها، ورصين اسم آرامي معناه ثابت، متقن، مكتمل، رصين.

وبقيت حمص تحت سيطرة الآشوريين ما بين عام 737 و331 ق.م ثم اجتاحها الكلدانيون والفرس ودخلت حكم الاسكندر المقدوني سنة 331 ق.م ثم خضعت تحت حكم السلوقيين عام 330 ـ 90 ق.م باسم ايميسا، ثم تحت حكم المملكة التدمرية (246 ـ 273 م) وبقيت حمص بعد دمار مملكة تدمر إلى سيادة المسيحية ودخول الإسلام (272 ـ 633) ثم فتحها العرب بقيادة أبو عبيدة ابن الجراح (ربوع محافظة حمص: د. عماد الدين الموصلي ص من 101 ـ 145).

وأصبحت حمص إحدى مراكز الجند العربي الرئيسية وهي الكوفة والبصرة في العراق ودمشق وحمص في الشام والفسطاط في مصر.

أما القبائل العربية التي تستوطن بادية حمص قبل هذا التاريخ فإنها أخذت تستوطن المدينة المتحضرة فتشكل منهم ومن أبناء عمومتهم الآراميين شعب واحد متحد غلب عليه الطابع العربي.

ثم خضعت للنير العثماني فترة طويلة من الزمن، قدّمت شهداء كثيرين منهم العلامة الشيخ عبد الحميد الزهراوي والمحامي النابغ رفيق رزق سلوم والدكتور الضابط عزة الجندي الذين استشهدوا عام 1916.

شيّدت في حمص أبنية دينية كثيرة من مساجد ومقامات في مراحل العصر الإسلامي، كما شيدت فيها كنائس ومعابد خلال العهود القديمة والإسلامية الوسيطة المتأخرة أهمها:

الجامع النوري الكبير: كان هيكلاً للشمس ثم حوله القيصر ثيودوسيوس إلى كنيسة ثم حول المسلمون نصفه إبان الفتح العربي إلى جامع وبقي النصف الآخر كنيسة للمسيحيين، ولكن المتوكل العباسي أمر بتأديب النصارى العرب الذين ثاروا مع مواطنيهم المسلمين العرب على القائد العباسي فصلب رؤساءهم وادخل القسم الثاني من البيعة إلى الجامع (الطبري مج11 ص50). ثم تهدم هذا المسجد بالزلزال في أيام نور الدين الشهيد فأعاد بناءه سنة 1129 على شكله الحالي.

وجامع خالد بن الوليد الذي يضم ضريح القائد العربي البطل خالد بن الوليد المتوفى في حمص سنة 641 م. وفيها كثير من المقامات مثل مقام أبو الهول، مقام أبو موسى الأشعري وغيرها.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.