ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏بدلة‏‏‏

الأديب هلال الراهب في ذكرى رحيله

ولد هلال الراهب في قرية «مشقيتا» – اللاذقية عام 1933 في أسرة فقيرة وكان والده مصاباً بالصم والبكم معاً، فآمن بالفطرة بأهمية العلم، كان عاجزاً عن الحديث مع أولاده الكثر، ومن بينهم الروائي الكبير هاني الراهب، بغية إرشادهم إلى أهمية فعل الخير وتجنب الشر.
دخل الطفل هلال الراهب إلى كتّاب القرية، وتعلم هناك فك الحروف وتهجيتها وتركيب الجمل المبسطة، ومن خلال حفظه للسور القصيرة في القرآن الكريم التي بهرته، وتشاء المصادفة السيئة وحدها، أن يصاب شقيقه المناضل «بحالة صرع» كادت تفقده الوعي، نتيجة تعرضه للضرب الشديد على رأسه من قبل السلطة العسكرية الفرنسية، فيخرجه والده من الكتّاب، ليبقى مرافقاً لشقيقه الذي افتتح ورشة صغيرة لخياطة الملابس الرجالية في اللاذقية، فكانت فرصة طيبة لأديبنا الراهب لأن يتعلم مبادئ فن الخياطة، وباختصار فإن الراهب لم يعش طفولة حقيقية سعيدة، بل عاش طفولته في أجواء من الحرمان والقهر، والبكاء على شقيقه كلما داهمته «نوبة الصرع».‏
وفي الرابعة عشرة من عمره، يعاوده الحنين للعودة إلى متابعة تحصيله الدراسي، فابتدأ بالتحضير لنيل الشهادة الابتدائية، فحصل عليها بيسر، ما شجعه على متابعة الدراسة من أجل الحصول على شهادة «البروفيه»، فنالها عام 1950، و كان في الثامنة عشرة من عمره، مع الإشارة إلى أنه كان لايزال يرافق شقيقه المريض.‏
ويبدو أن حصوله على الشهادة الإعدادية أتاح له العمل في وزارة المعارف بصفة «وكيل معلم»، دون أن يغيب عن ذهنه رفع مستواه التعليمي، عن طريق الاستعداد الجدي «لنيل شهادة البكالوريا»، فكان له ما أراد في صيف عام 1953 .
التحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية في جامعة دمشق، حيث أمضى أكثر من عامين، وفي عام 1955 قبل في الكلية الجوية، للتخرج فيها كطيار حربي، وبعد طيران منفرد زاد عن 80 ساعة، تعرض نتيجة تحليقه إلى ارتفاع شاهق غير مسموح به، إلى ثقب في الأذن أدى إلى تمزيق غشاء طبلة الأذن، فعاد مرة ثالثة إلى الكلية الحربية ليتابع تلقي علومه العسكرية، اختصاص مشاة ومدفعية، فكان الأول على دفعته من بين خريجي عام 1957.‏
وخلال الوحدة السورية- المصرية، نقل إلى القاهرة، وهو برتبة ملازم أول، مع مجموعة من الضباط السوريين البارزين، ممن ينتمون إلى «حزب البعث العربي الاشتراكي».‏
وحين وقع الانفصال الأسود عاد هلال الراهب إلى سورية عن طريق البحر، ليجد نفسه بعد مدة وجيزة مسرحاً من الجيش، ومن جديد وبعزيمة صادقة.‏
يقرر أن يأخذ مكانه في هذه الحياة التي ظلمته كثيراً، فيسافر إلى مدينة أزمير التركية، بقصد تعلم اللغة التركية، ليتاح له دراسة الطب البشري هناك.‏
وبعد مرور ثلاثة أشهر على وجوده في أزمير، تصله رسالة من أحد أعضاء اللجنة العسكرية، تطلب منه الانقطاع عن الدراسة، والعودة إلى سورية على جناح السرعة من أجل موضوع لايحتمل التأجيل، وينفذ الطلب دون تردد، وحين يصل إلى سورية يخبره رفاقه من عسكريين ومدنيين، أنهم بصدد القيام بثورة تقضي على حكم الانفصال، فكانت ثورة الثامن من آذار عام 1963.‏
ويعود الأديب هلال الراهب إلى الحياة العسكرية، برتبة نقيب، وبعد سنوات من العمل العسكري الدؤوب في مواقع مختلفة، يجد نفسه بناء على طلبه في رحاب وزارة الخارجية، ليعمل دبلوماسياً وسفيراً لسورية في العديد من الدول العربية والأوروبية والإفريقية.. إلى أن أحيل على التقاعد.‏
من أعماله :
رواية الاغتراب “جزئين”
خماسية صدر منها ثلاثة أجزاء هي: «ضراح من جماجم» و «مراكب الجبال البحرية» و «الموت شغفاً»

رحل هلال الراهب في 6 حزيران 2012

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏بدلة‏‏‏

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.