ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، ‏‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏ و‏ماء‏‏‏‏

أرشيف مكرم سلامة.. ومهمة مواساة المصريين

1-7-2020 

من أرشيف مكرم سلامة

يسرا الشرقاوى

قبل العودة التدريجية للمصريين إلى شوارع مدنهم وقراهم بعد شهور من العزلة و التباعد ، عادت مهمة مكرم سلامة إلى الواجهة، صاحب أحد أكبر أرشيفات الصور والوثائق المصرية، أن يؤنس وحدتهم ويذكرهم بما كان. فأتى هو بشوارع مصر وصخبها وجمالها إلى قلب كل بيت مصرى. وحيلته فى ذلك، كانت رصيده الثرى من الصور العامر بها أرشيفه الفريد.

يشرح سلامة (73 عاما) للأهرام: «أردت التخفيف عنهم، فنشرت عبر صفحتى بـ (فيسبوك) مجموعات من الصور الموثقة لقديم ملامح المدن والشوارع بمختلف محافظات مصر ، فجاءتنى ردود فعل إيجابية من الناس التى ترحمت على كثير من جمال الماضى».

ورصيد سلامة، المواطن السكندرى ، من التوثيق المصور لشوارع ومدن مصر، ليس إلا القليل من كثير. فهى أحد فروع «أرشيف سلامة» الذى يضم وثائق تاريخية، وكتبا نادرة، وأفيشات سينمائية لأوائل الأفلام، ومئات الآلاف من الصور.

بدأ شغف سلامة بالاقتناء قبل 50 عاما، فيقول: «البداية كانت بهوايتى للتصوير و اهتمامى بجماليات الصورة ، ومن هنا بدأت باقتناء الصور المميزة، والـ ( نيجاتيف ) الخاص بها أو عفريت الصورة كما كان يطلق عليه». وبدأ سلامة فى اقتفاء آثار تجار الفضة، لاستخدامهم « نيجاتيف » الصور فى صناعتهم، وسعيه لإنقاذ كنوز الصور من الضياع.

فيقول: «وزعت رقم هاتفى على تجار الفضة، وكان الاتفاق أن يتم إطلاعى أولا على الوارد الجديد من الـ ( نيجاتيف )، وإذا رأيت انه يليق بالاقتناء، كنت أضاعف لهم القيمة».

واستمرت مطاردات سلامة للصور فى مختلف محافظات مصر ، «من بحرى وحتى أسيوط وقنا»، على حد تعبيره.. ومع تجاوز البدايات، بات شغف سلامة جزءا أساسيا فى حياته وتطور فشمل استهدافه «استوديوهات» التصوير الفوتوغرافى التى كانت تغلق أبوابها وتصفى أعمالها لأسباب مختلفة، والاهم كانت شركات الإنتاج السينمائى وحتى دور السينما، التى كانت تفلس أو يهاجر أصحابها، فيتم بيع محتوياتها دون تمييز خبير بأهمية وثراء هذه المحتويات. فيحكى سلامة: «تعلمت تأسيس شبكة معارف، وكانت هى مساعدى الأول فى تكوين أرشيفى، فتجار الروبابيكيا كانوا يطلعوننى على صفقات تصفية وبيع شركات الإنتاج والاستوديوهات وغيرهما، كنت أذهب فى صحبتهم لانتقاء الوثائق والصور المهمة وشرائها.

كانت هذه الصحبة دليلى إلى تصفية منقولات شقة النجم أنور وجدى فى شارع سليمان الحلبى». ويستعرض سلامة فى حديثه للأهرام ذكرى عدد من الصفقات القريبة إلى قلبه، مثل مجموعة الصور السينمائية للنجمين شادية ومحمد فوزى، والتى جمعها من شركات الإنتاج السينمائى المختلفة.

كما أنه لا ينسى الصدفة التى قادته إلى تكوين «أرشيف الإذاعة» كما يسميه، فى إشارة إلى منقولات أحد استوديوهات التصوير والتى اتضح أن الإذاعة كانت متعاقدة مع صاحبها لتوثيق مختلف حلقات البرامج والمسلسلات الإذاعية بالتصوير الفوتوغرافى.

ويضيف سلامة: «فى إحدى المرات هاتفنى تاجر فى السيدة زينب، وصلته أجولة من الـ ( نيجاتيف )، ولديه عثرت على أصول لصور زيارة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلى الإذاعة».

ولكن الحظ لم يكن دوما حليف سلامة، فهناك صفقات مازال يندم على ضياعها. فيحكى: «ذهبت مرة إلى إحدى شركات الإنتاج التى كانت تصفى أعمالها وقمت بالاطلاع على المتاح من مقتنيات وشراء المرغوب فيه، ولكننى اكتشف لاحقا أن أحد مكاتب الشركة كانت تحوى وثائق من أرشيف السينمائى عبدالحليم نصر ، ولكنى غادرت المكان دون علمى بذلك».

ويشير سلامة بذلك إلى عبدالحليم نصر ، أحد أكبر مديرى التصوير السينمائى فى مصر، والذى اشتغل بالإنتاج واكتشف عددا كبيرا من النجوم قبل وفاته فى 1989.

صفقات تحققت وأخرى لم تتحقق، ولكن النتيجة كانت أرشيفا ثريا يضم أكثر من 35 ألف « نيجاتيف » صورة، وما بين 50 و 60 ألف «أفيش» للأفلام السينمائية، بالإضافة إلى نسخ أصلية لعدد من الأفلام السينمائية وحوالى ألف فيلم وثائقى من فئة «16 مل».

هل يمكن أن يتصرف سلامة فى أرشيفه؟ أجاب المقتنى المصرى بالنفى القاطع، مؤكدا «كل ما يخص مصر لن يخرج برة»، موضحا أنه يفتح بابه على الدوام أمام الباحثين والمهتمين بالتاريخ للاطلاع والاستفادة.

ويختم حديثه: «مصير الأرشيف فى أيدى عائلتى التى تساعدنى حاليا فى عمليات التنظيم والأرشفة ومختلف الوظائف التكنولوجية التى لا أجيدها».

نقلا عن صحيفة الأهرام

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.