مدارس التصوير العالمية (الجزء الاول)
في التسعينات من القرن الماضي كنت اشترك باثنى عشرة مجلة فوتوغرافية والغالبية العظمى كانت امريكية ومنها ما هو من هونغ كونغ, سنغافورة, بريطانيا, كندا, استراليا, (وفرنسا والمانيا) لغات الاخيرتين لا افهمهما ولكن الصورة كانت توحي بالمدرسة التي ينتمون اليها, والمجلات اليابانية اتابعها باستمرار.
ان ماضي فن الرسم والنحت لكل امة له الاثر الكبير في تكوين المدرسة الفوتوغرافية لها, في اوروبا مثلا تكثر لوحات الرسم الشخصية (portrait) ولوحات الفقراء والمزارع والاكواخ ناهيك عن اللوحات التي كان عليها إقبال من الاغنياء وهي لوحات العُريّ ويلحظ هذا بالتماثيل بشكل لا ريب فيه.
المدرسة الاوروبية لها خاصيتها ولكنها متأثرة بشكل كبير بالمدرسة الامريكية واخص بالذكر البريطانية يمكن بسبب اللغة إذ لا تتكلف في الترجمة.
المدرسة الامريكية هي اكبر المدارس على الاطلاق, حين غزا الغرب الامريكيتان ولكي ينقلوا ما شاهدوا من جمال في الطبيعة الشاسعة والارض الخصبة متمثلة ببحيراتها علاوة على الجبال الخضراء الشامخة والمروج الشاسعة, فكانوا يرسمونها وفيها الانهر تصب في البحيرات والجبال الخضراء ولمساحات الشاسعة من الاراضي والسماء لن تجد لوحة واحدة تخلو سمائها من الغيوم لتبين انها بلاد خير.
هذه الحقبة اثرت كثيراً على فن الرسم وخاصة في امريكا نفسها, وعندما جاء عصر التصوير الفوتوغرافي بقيت الجبال جبال والبحيرات بحيرات والسماء سماء وتلمس هذا جيداً في صور انسيل آدامز (Ansel Adams), واصبح فن الرسم هو الاساس او المرجع في التصوير الفوتوغرافي كما واُخذت منه قوانينه الضيقة والتي لا تتناسب كثيراً مع عالم التصوير الفوتوغرافي الرحب.
وبهذا اصبح الفوتوغرافي الامريكي يقلد اللوحات الفنية التي تربى على رؤيتها منذ نعومة اظفاره لتصبح جزءً من نسيج مخيلته مما ترسخ في الاذهان فكرة ثابتة عن الصورة, فإذا ما جاء منظر خلاب يدخله ويدخل الجبال ان وجد ويدخل السماء ويدخل بالصورة ما هب ودب ما يخطر على البال وما لا يخطر على البال وهذا بدون ادنى شك يعطي الصور قوة كبيرة لغزارة في التكوين والمضمون ولكن على حساب الجمال, وهكذا اصبح معظم الصور الامريكية متشابهة المحتوى والتكنيك إن لم يكن مكرر.
ليس كل ما يوحي بالقوة جميل, لذا ان قوة الصورة هذه لم يأت من فن المصور بل هي الجبال عظيمة ولتي لها رهبتها في قلوب الخلق وكذلك السماء اما من النواحي الفنية فهي مجرد صور مكررة بعدسات مختلفة, خالية من الرقة ورقة الجمال بل رهبة في غالب الاحيان. لما في الصورة وليس لفن التصوير فيها.
اما المدرسة العربية فهي غير موجودة اصلاً واعزو سبب ذلك هو تحريم الرسم في الشريعة الاسلامية, الايرانيون والاتراك رسموا لوحات تمثل الحروب لشحذ الهمم لذا سكت عنها علمائم.
المدرسة العربية وبدون ادنى شك هي امريكية وبإمتياز لأسباب عدة اذكر منها: عدم وجود مدرسة رسم اصلاً (حيث كان جُل إهتمامها في الزخرفة والمعمار الاسلامي), وسبب اخر ان كثيراً من العرب لا يحتاج الى ترجمة الكتب الامريكية لاجادتهم للغتها علاوة على ان الاستعمار له تاثير لا يمكن نكرانه.
لن يتوانا الفوتوغرافي العربي والذي يقلد المدرسة الامريكية بعلمٍ او بدون علم المبالغة في إدخال السماء في اية صورة (لمنظر عام) يمكنه ان يشاهد السماء اثناء تصويرها, ناهيك عن الجبال ان وجدت بعدسة ذو زاوية عريضة (wide-angle lens) وعليه قس.
المدرسة الآسيوية والتي ايضاً جائت من تاريخهم في فن الرسم والتي تعتمد على الزاوية العريضة عمودياً, تجد معظمها لوحات طولية (panorama) تحوي على اجمل جزء من المنظر, اجزاء من الجبال واجزاء من الانهر والبحيرات مما يجعلها صورة تمثل اجمل ما في الطبيعة, وبالمناسبة لم اشاهد اية لوحة رسم فيها اي جزء من السماء سواء بغيوم او بدون غيوم, فهم لا يحبون الامطار لكثرتها في الغالب.
المدرسة الآسيوية هي الاجمل والادق والاكثر روعة مع التطوير المستمر, لا تسمح لأي جزء قد يسيء الى الصورة بان يأخذ اي حيز ولو سيزيدها قوة ورهبة, كأن يُختار اجمل غصن في الشجرة ويُصوَّر او اجمل جزر من جبل او اكثر او جزء من مسكن, ومن يعد الى اعمالي سيجد انني متأثر بالمدرسة الآسيوية.
لكني اخالفها بان تكون البانوراما حكراً على العمودية (الطولية) فقط, إذ ارى انه بالامكان ان تكون افقية من الحفاظ على اختيار الاجمل في المنظر اي الالتزام بأُسس المدرسة الآسيوية.
المدرسة الاسيوية الفنية (الرسم والنحت) اسستها الصين ونشرتها الى الدول المجاورة حتى اليابان, اما من اكمل هذه المسيرة في التصوير الفوتوغرافي فهم اليابانيون ونجحوا بإمتياز وخصوصاً الدقة المفرطة في إختيار المنظر او اجزائه.
سوف اعرض ثلاث صور اخرى ولكن بشكل متقطع تمثل المدرسة الآسيوية بشكل عام واليابانية بشكل خاص تُبين فيها الصور البانوراما العمودية مع امكانية البانوراما الافقية مع الحفاظ على اسيويتها.
المقاس الاساسي للصورة 6600X3264 Pixel

مع تحيات الفوتوغرافي
محمود المحمود

((((يرجى توخي الامانة في نقل الموضوع)))

لا يتوفر وصف للصورة.
Mahmoud Al-Mahmoud Art Photography

الموضوع بقلم: محمود المحمود

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.