“رياض ديار بكرلي”…صاحب دراما البدايات

 إدريس مراد

الاثنين 20 نيسان 2020

ركن الدين

دخل المخرج “رياض ديار بكرلي” عالم الشاشة الصغيرة عن حبّ، حاملاً معه ثقافةً عميقةً وقراءة المسرح والعمل فيه، وامتلك الخبرة الكافية ليوقّع باسمه أجمل المسلسلات والبرامج كماً ومضموناً.

تكبير الصورة

مدوّنةُ وطن “eSyria” التقت بتاريخ 10 نيسان 2020 “عبد عيسى” الباحث والمهتم بالشأن الدرامي ليتحدث عن الفنان الراحل “رياض ديار بكرلي” قائلاً: «تشكّلت لديه رغبات ثقافية في سن مبكرة، حيث أسس جريدة متواضعة وهو في الصف الأول ثانوي تحت اسم “ندوة فكر وفن”، وانبثق من جمعية ثقافية إلى جانب عدد من أصدقائه منهم “محمود جبر”، “عدنان حبال”، و”عدنان قرجولي”، ولم تهتم هذه المجموعة فقط بالثقافة بل بالمسرح أيضاً حيث قدمت عروضاً مسرحية في منزل “قرجولي” بمساعدة أهل المنزل، فبنوا خشبة من طاولات المطبخ والستائر وما هو متوافر، ومن هنا بدأ ميله للمسرح والتمثيل، وكان ذلك في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، وأول ظهور له في الإذاعة جاء من خلال برنامج “الطلبة” كضيف بإحدى حلقاته، وبدأ بعده اهتمامه بالمسرح من خلال حضوره لعروض الفنان “عبد اللطيف فتحي”».

وأضاف: «حين تأسيس التلفزيون السوري عام 1960 عُين “ديار بكرلي” فيه كمدير استديو، ومسؤولاً عن البث المباشر، وهذه المهمة كانت صعبة جداً، وأداها على أكمل وجه، وفي إحدى الأيام كان برنامج “نادي الأطفال” الذي تقدمه الإعلامية القديرة “هيام الطباع” على الهواء، دخل الفنان الراحل “عبد اللطيف فتحي” إلى الاستديو بالخطأ، وهذا لم يرق لـ”ديار بكرلي”، ودار نقاش بينه وبين “فتحي”

تكبير الصورة
من مسلسل تلك الأيام

انتهى بخلاف، وكان سبباً لنقله من مكانه إلى الإخراج من قبل مدير التلفزيون “صباح القباني” كشكل لإرضاء الطرفين، وفي الحقيقة جاءت هذه العقوبة كمنعطف في مسيرته، حيث دخل عالم الإخراج لبرنامج تلفزيونية حينذاك، فقدم في أواسط الستينيات برامج منوعة مثل “قصة مثل”، “حكاية شهرزاد”».

وقال أيضاً: «أوفد “ديار بكرلي” عام 1962 إلى “ألمانيا” لدورة الإخراج، عاد ولديه حماس كبير لتقديم شيء جديد، وفور عودته قدم أول عمل درامي له باسم “الأستاذ تريلم” من تأليف “حكمت محسن” في ذات العام، وأداء كل من “تيسير السعدي، “علي الرواس”، “هالة شوكت” وغيرهم، كما أخرج أغلب برامج المسابقات التي قدمها “خلدون المالح”، ومن ثم خماسية “الدوارة” من تأليف الكاتب “منيف حسون”، وفي عام 1969 قدم سباعية بعنوان “البصارة”، وفي أوائل السبعينيات أخرج عملاً مهماً بعنوان “بريمو” عن نص للكاتب “أحمد قبلاوي” ومن تمثيل مجموعة كبيرة من الفنانين منهم “هاني الروماني، رفيق السبيعي”.

اتّبع “ديار بكرلي” طريقة جميلة بتجهيز العمل تبدأ بتدريبات الطاولة والقراءة من النص، ومن ثم جلسة أخرى دون وجود ورقة النص أي قراءة من الذاكرة، ومن ثم مع الحركة وبعد عدة تدريبات، يبدأ التصوير، ما يخلق الألفة بين العمل والمؤدي، وتالياً يؤدي الممثل الشخصية بروحه، وهذه الأشياء تجعل

تكبير الصورة
بداياته في الإذاعة

إيصال الشخصية بصدق إلى المتلقي».

وأنهى “عيسى” حديثه قائلاً: «حين انتقل التلفزيون إلى الملوّن اعتبر نقلة نوعية في المضمون والشكل، فأخرج “طقوس الحب والكراهية” كأول عمل يخرج من الاستديو إلى التصوير الخارجي، وتضمن ممثلين كباراً مثل “سلوم حداد”، “عباس النوري”، و”نادين”، وغيرهم، وأعقبها أعمال أخرى ما زالت في الذاكرة كمسلسل “أخوة” بجزأيه، من تأليف الكاتبة والمخرجة “رويدا الجراح”، وهذا المسلسل جاء كنمط احتذى به الكثيرون كدراما العائلة، ومن الأعمال التي لا تنسى أيضاً مسلسل “ورود في تربة مالحة”».

“سليمان قدور” المخرج في إذاعة “دمشق” قال: «في بداية الستينيات اشتغل المخرج “رياض ديار بكرلي” على أكثر من برنامج، فحقق نجاحاً باهراً مثل برنامج “سمر على ساعة من الزمن”؛ تخللته مشاهد درامية وغنائية استعراضية، وبرنامج آخر بعنوان “سلامات” يشبه الأول من حيث المضمون، وكان من مؤسسي نقابة الفنانين في “سورية”، كما أسس تجمعاً تحت اسم “تجمع المخرجين التلفزيونيين”، وساهم هذا التجمع بإيصال المخرجين إلى المجلس المركزي للنقابة لطرح مشاكل هذه الفئة الفنية التي كان لها دور في تنمية الدراما. انتخب “ديار بكرلي” لعدة دورات كعضو في المجلس المركزي، وبدا خير مثال للدفاع عن طموحات وطروحات زملائه وتطور المسيرة الفنية في التلفزيون بعيداً عن الشخصنة والشللية».

“نعيم السالم” الإداري

تكبير الصورة
رياض ديار بكرلي

في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والقريب من “ديار بكرلي” قال: «حضوره وطاقته الإيجابية زرعا الثقة في نفوس كل من تعامل معه، بدا رجلاً خلوقاً ولطيفاً وهادئاً، نظرته فيها ذكاء وحماس، وذهنه متفتح لمعرفة التفاصيل».

يشار إلى أنّ المخرج “رياض ديار بكرلي” من مواليد عام 1936 “ركن الدين”، ومن من مسلسلاته أيضاً “شخصيات على الورق، تلك الأيام، الأخوة، الخطوات الصعبة…”، توفي بدمشق عام 2019، تاركاً خلفه إرثاً فنياً كبيراً.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.