تأثير سرعة الغالق العالية على تجميد السرعة

هكذا يكون بين يديّ المصور وسيلتان للتحكم بالتعريض. آلة التصوير الجيدة تسمح بتغيير التعريض من سرعة 1/8000 وفتحة f22 إلى سرعة 50 ثانية وفتحة f1.4 . ويمكنكم أن تتخيلوا أن هذا يعني تغييراً في التعريض قدره 1:100,000,000 وطبعاً, من النادر جداً الوصول إلى هذه الحدود المتطرفة, فدرجات سطوع المشهد العادي لا يمكن أن تصل إلى مراحل الاختلاف هذه. ولكن, اعتماداً على المشهد يمكن أن يلجأ المصور إلى استعمال فتحة عدسة واسعة مع سرعة غالق قصيرة أو فتحة عدسة ضيقة مع سرعة غالق عالية. سرعة الغالق القصيرة تستعمل مع المواضيع النشطة لتجميد حركتها, وكلما زادت سرعة الموضوع, لزمنا سرعة غالق أعلى (زمن أقصر), وبخلاف ذلك يمكن أن نحصل على صورة مهزوزة وميوعة في الموضوع. سرعة الغالق القصيرة تقلل من كمية الضوء الواصل إلى الفيلم, وبالتالي ينبغي تعويض الفرق عن طريق زيادة فتحة العدسة. من ناحية أخرى, يمكن أن تفرض الظروف على المصور استعمال فتحة عدسة ضيقة (للحصول على أكبر عمق مجال ممكن), حينها ينبغي التعويض عن طريق زيادة زمن التعريض. عمق المجال Depth of field نشرحه على المثال التالي: بضبط العدسة على موضوع يبعد عن الكاميرا مسافة 3 أمتار على سبيل المثال, نستطيع الحصول على صورة الموضوع واضحة وذات حدة بروز عظمى, ولكننا نلاحظ أيضاً أن الأشياء الواقعة بالقرب منه, سواء في الأمام أو الخلف تتمتع بحدة بروز sharpness مقبولة. إذاً يمكننا القول أن عمق المجال هو المسافة بين السطوح, التي تقع فيها الأجسام الأكثر قرباً من العدسة والأكثر بعداً عنها والتي تتمتع بحدة بروز معقولة. عمق المجال يعتمد على فتحة العدسة, كلما كانت فتحة العدسة أضيق, كان عمق المجال أوسع.

أحياناً, يحتاج المصور إلى اختيار فتحة عدسة واسعة, كي يتمكن من استعمال سرعة غالق عالية, بهدف تجميد السرعة, أو لتقليل عمق المجال, وطمس الأشياء الموجودة في خلفية المشهد كي لا تسرق الاهتمام من الموضوع الرئيس أو تشتت انتباهه. وقد يحتاج المصور إلى استعمال فتحة عدسة ضيقة, لزيادة عمق المجال, وإظهار الأشياء الموجودة في خلفية الصورة بوضوح, وهنا عليه اختيار سرعة غالق بطيئة لتمرير كمية كافية من الضوء.

تصادف المصور حالات تتطلب توسيع فتحة العدسة وزيادة زمن التعريض, لتمرير كمية ضوء كافية في ظروف الإضاءة المنخفضة, أو العكس, تضييق العدسة لزيادة عمق المجال, وفي نفس الوقت, زيادة سرعة الغالق لتجميد حركة الموضوع. وقد يوفق المصور في وضع الحلول المناسبة, أو يفشل, إذا كانت الظروف الضوئية غير مواتية. في الحالة الأخيرة يمكن التحول إلى استعمال أفلام الحساسية العالية (ISO 400 أو ISO 800).

كنت قد ذكرت ان تدرج السرعات وتدرج فتحات العدسة مبنيان على قاعدة المضاعفة. هذا يعني أن التعريض عند سرعة 1/125 وفتحة f11 مكافئ للتعريض على سرعة 1/60 وفتحة f16 , وكذلك مكافئ للتعريض عند سرعة 1/250 وفتحة f8. هذه التكافئية تقودنا إلى مبدأ هام يدعى “الإنابة المتبادلة”, وهو يعني أن كل تعريض من التعريضات المذكوره أعلاه, يكافئ التعريضات الأخرى ويمكن أن يحل محلها دون إخلال بقيمة التعريض, وهذا المبدأ معتمد في جميع أجهزة قياس التعريض.

مبدأ “الإنابة المتبادلة” شائع جداً, وعلى درجة عالية من الموثوقية, ولكن ليس بصورة مطلقة, خاصة عند التصوير على الأفلام الملونة. ذلك أن هناك عاملاً هاماً غير الكثافة العامة ينبغي أخذه بعين الاعتبار وهو نقل اللون Color transfer. عند استعمال الأفلام الملونة العادية, يأخذ المبدأ بالاختلال مع سرعات غالق أسرع من 1/1000 من الثانية أو أبطأ من ثانية واحدة. ويكون نطاق سرعات الغالق المثالية للأفلام الملونة (خاصة السلايد) ضيق جداُ ويتراوح ما بين 1/60 – 1/250 من الثانية فقط. لذا إذا كنت تطمع بالحصول على مستوى نقل لون عالٍ, حاول العمل ضمن هذا النطاق من سرعات الغالق. الأمر يختلف مع أفلام الأبيض والأسود حيث نطاق السرعات واسع جداً, وليس هناك من محددات صارمة كما هو الحال في الأفلام الملونة. من هنا يمكننا القول أن مبدأ “الإنابة المتبادلة” يتمتع بموثوقية مطلقة عند العمل مع الأفلام أحادية اللون.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.