العلم وراء السينوغرافيا- فبراير 2019-كتبه: علا محمد

عيش داخل عوالم من القصص، ونستخدم القصص لتشكيل هذه العوالم. والناس يحبون القصص؛ فالقصة الجيدة دائمًا ما تكون مسلية أيضًا. والقصص هي مجموعة من التقنيات والأدوات التي تحول المعلومات إلى العاطفة؛ عن طريق ترجمة عناصر البيانات من أجل التواصل مع الجمهور. ومن ثم، فإن القصة وصف كتابي للمحتويات السردية  للمعرض أو المتحف؛ فهي تضيف السياق إلى التصميم. وأما الحكي، فيمكن أن نجده في الصورة والحركة والإيقاع؛ وأما السرد فهو يتصل فقط باللغة؛ ويتعلق بطريقة تقديم الحكي.

ينطوي وضع «القصة» في التصميم على عنصرين رئيسيين، وهما: الموضوع والسرد. وتكمن مهمة المصمم في ترجمة القصص والأهداف التي غالبًا ما تكون معقدة الفكر لتجربة العرض، لتزج بالزائر إلى تجربة كاملة من المحتوى. ويمكن تعرف أساليب مختلفة عند استخدام سرد القصص في فراغ العرض.

ومن هذه الأساليب اعتماد لغة مسرحية وسينوغرافية لإثراء جماليات تصميم المعارض المعاصرة؛ من خلال دراسة مفاهيم المسرحية، وكيفية كتابة المعرض، وإعادة تخيله كمسرح. ومنها أيضًا تعزيز فراغ العرض باستخدام هذه الأدوات السردية الجديدة المبنية على تقنيات مبتكرة تشبه مجموعة المسرح؛ حيث تكون الشخصيات الرئيسية هي الأشياء نفسها، ومجموعة كاملة مع المؤثرات الخاصة والحيل المسرحية المصممة لإمتاع المتفرج والزائر، والحفاظ على اهتمامه دائمًا من خلال رحلته داخل المعرض.

يمكن تعريف علم السينوغرافيا بأنه فن تنسيق الفضاء المسرحي والتحكم في شكله؛ بهدف تحقيق أهداف العرض المسرحي، الذي يشكل إطاره الذي تجري فيه الأحداث. ومن ثم، فالسينوغرافيا هي تصوير للفضاء المسرحي، وتشكيله عبر تأثيثه بمجموعة من العلامات السمعية والبصرية؛ بهدف توضيح معاني النص الدرامي.

تقوم السينوغرافيا بترجمة المحتوى إلى بيئات ثلاثية الأبعاد يمكن الوصول إليها جسديًّا؛ مما ينتج ما يسمى «الفراغات السردية». والفراغ السردي هو تركيبة شاملة تستخدم وتنفذ أدوات متنوعة لإعداد المسرح؛ من أجل توليد موضوعات مسرحية ومؤثرة وعاطفية. ومن ثم، فإن الفراغ السردي يشكل بيئة يمكن الوصول إليها جسديًّا تعمل كوسيلة لنقل المعلومات أو العواطف. فهو يمكِّن الزائر من المشاركة، وهكذا تظل الانطباعات لفترة أطول في ذاكرة الزوار.

تستخدم السينوغرافيا مجموعة متعددة الأوجه من أدوات إعداد المشهد لمختلف التخصصات الإبداعية، مثل: الهندسة المعمارية، والتصميم الداخلي، والتصوير، والضوء، والصوت، وتصميم الوسائط، والأداء، والفنون الجميلة، وفن التركيب، والمسرح، والأوبرا، والسينما. ونظرًا للتفاعل بين التخصصات المختلفة والمعالجة الديناميكية للفراغ، فإن السينوغرافيا قادرة على إنشاء فراغات تجريبية يمكن استكشافها جسديًّا، وتتميز بتجربة جمالية، وتوجه متزايد للزائر.

تمثل «متغيرات السينوغرافيا» ‒ وهي المحتوى والهدف والمساحة والمتلقي، بالإضافة إلى الدراما ‒ الأساس ونقطة انطلاق كل خطوة لتطوير مفهوم المعرض، الذي يتم إنشاؤه باستخدام المحتوى والتصميم الشامل. وهي:

  1. يمثل «العنصر» المصدر أو الشيء الأصيل، حامل المعاني وراوي القصص.
  2. يمثل «المحتوى» السرد العام، ورواية القصص، والمؤامرة، والرسالة.
  3. يحدد «الفراغ» خطوط المكان؛ إنه يمثل السرد، ومساحة العرض المصممة، والمسرحية.
  4. «المتلقي» هو المرسل إليه الرئيسي أو الزائر؛ ويعتمد إدراكه على علاقته بالأشياء، والمحتوى، والفضاء، والتصوير السينمائي، والدراما.
  5. تمثل «الدراماتورجي» أو فن التأليف المسرحي الخيوط الإرشادية من خلال المعرض وهيكل تجربة الزوار.

تصنع السينوغرافيا دراماتيكية فراغية رائعة ومصممة للرقص. وتمكن أدوات السينوغرافيا المصمم من إنشاء تجربة خيالية تحفز كل الحواس. هذا، وتقدم عروض السينوغرافيا الحديثة سلسلة من الاستراتيجيات المختلفة لتقديم العناصر والمحتوى؛ مما يأتي بمنظور جديد ومثير للدهشة في تصميم المعارض.

قاعة الاستكشاف بمركز القبة السماوية العلمي وتظهر فيها المعروضات باستخدام الحكي

وتعدُّ «الاستراتيجيات» الركيزة الثالثة في السينوغرافيا بعد «المتغيرات» و«أدوات السينوغرافيا»؛ إذ إنها تصنع المشهد وتكمل المتغيرات والأدوات، وتدمجها. وتشمل استراتيجيات المسرح إعادة السياق، والمعلومات حسب الطلب، والمقارنة، وإعادة الإعمار، والتفكيك، والتكبير، والتحويل، والاستكشاف، والتحويل الفراغي، والخرائط.

تستكشف فراغات العرض سلسلة من العروض المسرحية والسينوغرافيا. ويتيح الفكر المسرحي الفرص لتجربة السرد والصور المرئية لإنشاء إمكانيات جديدة لعرض الأفكار في فراغات العرض. وهكذا، فإن السينوغرافيا تهدف إلى تحفيز مشاركة الجمهور وتفاعله مع فراغ العرض من خلال عروض جذابة.

المراجع

https://www.museums-exhibiting-europe.dehttp://retailnext.nethttp://www.worldsciencefestival.com

*المقال منشور بمجلة كوكب العلم، خريف 2018 «العلم والفن».

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.