التصوير بتقنية HDR…..

 

مقدمة عن تقنية ال HDR كتبتها خصيصا لمجلة ايادي (هنا صورة المقال). احببت ان اشارككم بها بعد مرور وقت على نشرها كما اتفقت مع المحرر(الصديق محمد البازعي).
خلق الله سبحانه وتعالى عين الانسان بمواصفات فريدة وقدرات لم تتمكن كاميراتنا حتى اليوم مضاهاتها. ورغم ان التقنيات تجاوزت عين الانسان في بعض القدرات مثل القدرة على التقريب والتكبير الا ان هناك شوطا طويلا يجب ان تقطعه تلك التقنيات لكي تقارب عين الانسان في مجالات كثيرة أخرى.

وكمثال على هذه القدرات فان عين الانسان قادرة على التقاط صور بدقة عالية جدا (عدد كبير من الميغابيكسل بلغة العالم الرقمي!)  مع ان مساحة الشبكية صغيرة جدا وكذلك انخفاض نسبة التشوه في الصور رغم قصر الطول البؤري للعدسة.  ومن تلك القدرات انخفاض التشوش في الصور رغم حساسية العين العالية ومنها ايضا قدرة العين على التقاط تدرجات ضوئية كبيرة  في مناظر متباينة جدا!

سنتحدث في بقية المقال عن القدرة الأخيرة ولكن في حساس الكاميرا سواء كان فلما أو حساسا رقميا.   ان القدرة على تسجيل (أو عرض) مناظر تحتوي على مناطق متباينة جدا بحيث تحتوي على مناطق الضوء والظلال متباينة بشكل كبير هي ما يطلق عليه المدى الديناميكي (الضوئي) العالي أو باللغة الانجليزية High Dynamic Range  او اختصارا HDR.

وتقنية ال HDR  ستسمعها بالتأكيد بين اوساط المصورين سواء كاتوا فوتوغرافيين (صور ثابتة) ام سينمائيين (افلام سينمائية او حتى تلفزيونية) . فهذه التقنية هي نقلة نوعية في قدرات تقنيات التصوير في الوقت الحاضر ولها مستقبل واعد حتما.

ولكي نفهم ال HDR  بشكل اكبر دعوني اعرض لكم مثالا لكي تتضح الفكرة.

هذه صورة مقاربة لما تراه عين الانسان (بسبب قدرتها على التقاط مناظر متباينة جدا) التقطتها لمسجد السلطان احمد في اسطنبول  :

هنا نفس المنظر كما يبدو عند تصويره باستخدام فلم او حساس رقمي:

وفي المشهد السابق نلاحظ ان الكاميرا لم تستطع التقاط تعريض صحيح للسماء لذلك قمت بتصوير صورة اخرى لكي التقط تعريض صحيح للسماء فكانت هذه النتيجة:

نلاحظ ان الحساس لم يسجل التعريض الصحيح للمسجد والاشجار.  فاذا قمنا بتصحيح التعريض حسب شدة الاستضاءة في السماء فستكون المباني والأشجار داكنة جداً. أما اذا قمنا بتصحيح التعريض حسب شدة الاستضاءة على  المسجد والأشجار فستكون السماء شبه بيضاء وهذا سببه ان المدى الضوئي الديناميكي لحساس الكاميرا منخفض جداً.

نلاحظ انه في كل صورة يظهر عنصر لكن تختفي التفاصيل في العناصر الأخرى وهذا سببه انخفاض المدى الديناميكي للحساس مقابل المدى الديناميكي العالي لعين الانسان.

ان هذا النقص في الفلم او الحساس الرقمي في الكاميرات يفسر تعليقات اغلب القادمين من السفر بان صورهم لا تعكس ماكانوا يرونه بأعينهم!

تم تطوير تقنية ال HDR    لحل هذه المعضلة وهدفها هو تمكين حساسات الكاميرات ذات المدى الديناميكي الضوئي الضحل من التقاط صور كما تراها عين الانسان والتي تتميز بمدى ضوئي عالي فسبحان الله خالق هذه العين التي مازالت تقنيات التصوير تحاول الاقتراب من اعشار قدراتها!

اذن فباستخدام تقنية ال HDR  فانه من المفترض اننا نستطيع الحصول على مدى ضوئي عالي باستخدام الكاميرا، فكيف يمكن ذلك؟

تقنية ال HDR  مبنية على اساس انه يمكننا الحصول على مدى ضوئي ديناميكي عال عن طريق دمج مجموعة من الصور ذات المدى الضئي الضحل. فما لا تستطيع الكاميرا التقاطه دفعة واحدة تستطيع التقاطه على عدة دفعات (كما في الصور الصغيرة اعلاه) ثم يتم دمج الصور رقميا بحيث نحصل على صورة واحدة ذات مدى ضوئي عال.

تخيل اننا دمجنا الصور اعلاه للحصول على جميع تفاصيل المشهد فعلى ماذا سنحصل؟ الجواب بالتأكيد هو اننا سنحصل على صورة مقاربة لما تستطيع عين الانسان التقاطه وهو نفس الصورة في اول الموضوع!

اذن ان المحرك الاساسي وراء ظهور هذه التقنية هو الحصول على مدى ضوئي اعلى يقارب ماتراه عين الانسان ولكن كنتيجة لهذه التقنية فانه يمكننا تجاوز المدى الديناميكي لعين الانسان ايضاً!

لقد تم استخدام صورتين فقط لانتاج الصورة النهائيه وهذا هو ال HDR في ابسط صوره. ان هذه التقنية مازالت في مهدها وتحتوي على مشاكل كثيرة تم حل بعضها ولكن بقي الكثير حتى تصل الى مرحلة النضوج.

من المشاكل الاساسية التي تم حلها هي مشكلة انه عند التقاط الصور فانه من الممكن ان يتغير مكان بعض عناصر الصورة وبالتالي لن نحصل على صورة صحيحة غالبا.  وهذا اقتطاع من صوره ال HDR السابقة تبين مشاكل في جودة الصورة احد اسبابها تحرك اغصان الأشجار بين التعريضين.

تم حل هذه المشكلة عن طريق تقنية تصوير اللقطات في زمن واحد وهذا ماقامت شركة فوجي بتطبيقه في حساساتها  حيث قامت بدمج حساسين رقميين بطريقة متداخلة بحيث يتم تصوير أكثر من صورة في نفس اللحظة وبالتالي لن يكون هناك تغيير في مواقع عناصر الصورة في الصور الملتقطة

حساس Fuji   اسمه Super-CCD  وهو خطوة اولية لتطبيق ال HDR  بشكل عملي. اعتقد ان صناع الكاميرات سيقومون بخطوة مماثلة لماقامت به فوجي في السنوات القادمة. ما يمنع كثير من الشركات من تطبيق هذه التقنية هو انها تقلل من دقة الصور بسبب حشر عدة حساسات في مكان واحد. لمعلومات اكثر حول هذه التقتنيه يمكنم زيارة الرابط التالي:

http://www.almumen.com/log/?p=356

في الأخير احب ان انبه ان مصطلح HDR ينطبق على اي وسط مرئي سواء في عملية التسجيل او عملية العرض اي ان هذه التقنية تنطبق على الشاشات والطابعات كما تنطبق على الحساسات لكن بشكل مختلف قليلاً.

ان مستقبل التقنيات الرقمية واعد جدا وما يحصل اليوم هو مجرد بداية لتطور كبير سيحدث في التقنيات البصرية الرقمية بإذن الله!

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.