هاري ترومان - ويكيبيديا
هاري ترومان
من ويكيبيديا
هاري ترومان (بالإنجليزية: Harry S. Truman)‏؛ (8 مايو 1884 – 26 ديسمبر 1972)، هو الرئيس الثالث والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية، تولى المنصب من 12 أبريل 1945 حتى 20 يناير 1953، كان ترومان يشغل منصب نائب الرئيس الأمريكي لمدة 82 يومًا ثم تولى الرئاسة خلفاً للرئيس فرانكلين روزفلت الذي توفي في المنصب، وكان عضواً في مجلس الشيوخ الأمريكي عن ولاية ميسوري (1935-1945)، أشرف ترومان على إنهاء الحرب العالمية الثانية واستسلام كلٍ من ألمانيا النازية واليابان، كما أمر بإطلاق قنبلتي هيروشيما وناجازاكي في أغسطس 1945، وعمل على إنشاء منظمة حلف شمال الأطلسي في عام 1949، كذلك بدأت في عهده الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، كما ساهم في التدخل العسكري في الحرب الكورية عام 1950.
نشأته وحياته الأولى
ولد ترومان في ميسوري، وقضى معظم شبابه في مزرعة عائلته. خدم ترومان كضابط مدفعية في معركة في فرنسا في وحدة الحرس الوطني، ثم التحق بالجيش الأمريكي وخاض الحرب العالمية الأولى. بعد الحرب امتلك دكان خردوات وانضم للفرع السياسي للحزب الديموقراطي في كانزاس سيتي، ميزوري. ثم خاض الانتخابات المحلية في مقاطعته، وفي عام 1934 أصبح عضوًا في مجلس الشيوخ الأمريكي واستمر فيه لفترة طويلة، وتولى رئاسة لجنة في مجلس الشيوخ سميت “لجنة ترومان” والتي أكسبته شهرة بارزة في هذه الفترة، حيث استطاعت كشف العديد من عمليات إهدار واحتيال وفساد في اتفاقيات أثناء الحرب العالمية الثانية.
في عام 1945 خاض الانتخابات الرئاسية كنائب للرئيس فرانكلين روزفلت وفازا بها إلا أن الرئيس فرانكلين توفي وهو في المنصب، وقام ترومان بأداء القسم وتولى المنصب بشكل رسمي، كانت الحرب في أوروبا على وشك الانتهاء واستسلمت ألمانيا بعد اسابيع قليلة من تولي ترومان الرئاسة، كان متوقعا أن تستمر الحرب مع اليابان لسنة أخرى أو أكثر، ولكن قرار ترومان بتنفيذ الهجوم النووي على هيروشيما وناجازاكي أدى إلى نهاية سريعة للحرب، وبسبب ذلك تعرض للكثير من الانتقادات، كانت رئاسته نقطة تحول في العلاقات الخارجية لأمريكا، حيث بدأ سياسة خارجية عالمية بالتعاون بين الولايات المتحدة مع حلفائها الاوربيين وقام بإنشاء الناتو في عام 1949، كما أعلن عن ” خطة ترومان للاحتواء” للتصدي للمد الشيوعي في العالم، ساهم ترومان في تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، وأعلن قيام مشروع مارشال لإعادة بناء أوروبا بنحو 13 بليون دولار، وبعد نهاية الحرب بدأت توتر العلاقات مع السوفييت خاصة في حصار برلين عام 1949 وبدأت الحرب الباردة، وعندما غزت كوريا الشمالية (الشيوعية) كوريا الجنوبية (الديمقراطية) في عام 1950، بعث على الفور القوات الأمريكية للتدخل في الحرب بعد أن حصل على موافقة الأمم المتحدة.
تعرض ترومان للعديد من الانتقادات خلال عهده، خاصة في انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 1948، وفضيحة سقوط شبكات الشيوعية داخل إدارته، وظهور بوادر للفساد في إدارة ترومان والمرتبط بأعضاء في مجلس الوزراء وكبار موظفي البيت الأبيض، والتي كانت قضية جوهرية أثرت في تدني شعبيته وعدم دخول الانتخابات لفترة ثالثة، أثرت أيضاً هذه المشاكل على الحملة الانتخابية الرئاسية للمرشح الديموقراطي وخليفته أدلاي ستيفنسون عام 1952، مما أدى إلى خسارته أمام المرشح الجمهوري دوايت أيزنهاور، تعد فترة ترومان من أكثر الفترات جدلاً بين المؤرخين والأكاديميين نظراً لارتفاع شعبيته في بدايه حكمه ثم تدنت بشكل قياسي في نهايتها، وبعد 20 عامًا من انتهاء فترة حكمه تحولت إلى شكل أكثر إيجابية، وكان ترومان قد أعلن اعتزاله الحياة السياسية تماماً عقب خروجه من البيت الأبيض وقام بكتابة مذكراته، وتوفي في 26 ديسمبر 1972 ودفن في المكتبة والمتحف الرئاسي في مدينة كانساس سيتي بولاية ميزوري.
وُلد هاري ترومان في 8 مايو عام 1884 في لامار بولاية ميزوري، وهو الطفل الأكبر لجون اندرسون ترومان (1851-1914) ومارثا إلين يانج ترومان (1852-1947). اختار والداه اسم هاري تيمناً باسم أحد اقاربه وهو هاريسون “هاري” يانج (1846-1916). اختاروا حرف “إس” كأسم أوسط له ليرضوا اجداده أندرسون شيب ترومان وسولومون يانج وهي ممارسة شائعة بين الاسكتلنديين والأيرلنديين. وله أخ وأخت وهما: جون فيفيان (1886-1965) وُلد بعد هاري بعامين ومارى جاين (1889-1978).
كان جون ترومان مزارعاً وتاجر ماشية، عاشت العائلة في لامار حتى أصبح هارى بعمر عشرة شهور، فانتقلوا إلى مزرعة قريبة من هاريسونفيل، ميزوري. انتقال العائلة الآخر كان إلى بيلتون، ميزوري، وفي عام 1887 إلى مزرعة جده وجدته 600 فدان (240 هكتار) في غراندفيو، ميزوري. عندما كان ترومان في السادسة من عمره، انتقل والداه إلى إنديبندنس، ميزوري، لذلك استطاع أن يحضر في مدرسة مشيخية الكنيسة يوم الأحد. لم يحضر ترومان مدرسة تقليدية حتى ثمانى سنوات.
كان ترومان مهتماً بالموسيقى والقراءة والتاريخ في صباه، وكانت والدته تشجعه على ذلك، والتي كانت أقرب الأشخاص له وكان يستشيرها بشكل دائم. كان يستيقظ في الخامسة كل صباح لكي يتدرب على البيانو الذي كان يدرسه مرتين في الاسبوع حتى أصبح بعمر خمسة عشر عاماً.
انضم ترومان إلى المؤتمر الوطنى الديموقراطى عام 1900 في قاعة المؤتمر في كانزاس سيتي، ميزوري كان والده لديه اصدقاء كثيرون كانوا نشطاء في الحزب الديموقراطى وساعدوا هارى في شبابه لكى يكسب موقعه السياسى.
بعد التخرج من مدرسة الاستقلال الثانوية (الآن هي مدرسة وليام كريسمان الثانوية) عام 1901، عمل ترومان كناظما في اتشيسون توبيكا في السكك الحديدية، ونام في مخيمات المتشردين قرب خطوط السكك الحديدية، ثم عمل بعد ذلك في سلسلة من الوظائف الكتابية، وكان يعمل لفترة وجيزة في غرفة البريد في مدينة كانساس سيتى ستار. عاد إلى مزرعة جراندفيو في عام 1906، وبقي فيها حتى دخوله الجيش في عام 1917. خلال هذه الفترة، تودد إلى بيس ترومان وتقدم لخطبتها في عام 1911 ولكنها رفضته، لكن ترومان تقدم لخطبتها مرة أخرى، وسعى باهتمام لكسب مزيد من المال من أجل تحسين مستوى معيشته.
ترومان هو آخر رؤساء أمريكا الذين لم يحصلوا على شهادة جامعية، ففي عام 1901 ذهب اصدقائه من المدرسة الثانوية لجامعة الولاية وسجل ترومان في كلية سبالينج التجارية، كلية إدارة اعمال في كانساس سيتى، ولكنه بقى لفصل دراسى واحد فقط. في الفترة من 1923-25 وأخذ دورات ليلية لشهادة القانون في كلية القانون في كانساس سيتى (الآن هي مدرسة القانون بجامعة ميسوري في كانساس سيتى)، ولكنه ترك الدراسة بعد أن خسر وظيفته الحكومية.
الحرب العالمية الاولى
تقدم ترومان للالتحاق بالجيش وكان هذا الأمر يمثل حلم طفولته، لكن تم رفض قبوله في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في غرب بوينت وذلك بسبب ضعف البصر، ثم جُند في الحرس الوطنى بولاية ميسوري في عام 1905، وخدم حتى عام 1911 في بطارية مدفعية مقرها مدينة كانساس سيتى. كان بصره غير مقبول 20/50 في عينه اليمنى و20/400 في اليسار. تقدم مرة أخرى للالتحاق بالجيش ونجح في الفحص الطبي عن طريق حفظ مخطط العين.
مع بداية المشاركة الأمريكية في الحرب العالمية الاولى عاد ترومان إلى الحرس، بالرغم من إنه كان الذكر الوحيد في العائلة ومعفي من التجنيد. تم تعيينه كظابط برتبة ملازم أول لبطارية مدفعية، قبل أنتشار الجنود في فرنسا تم إرسال ترومان إلى مخيم دونفياننفورت ستيل قرب لوتون أوكلاهوماللتدرب. كان يدير مقصف المخيم مع إدوارد جاكوبسون، وهو كاتب في متجر ملابس عرفه من كانساس سيتى، تحت قيادة هذين الرجلين عاد المقصف لتحقيق ارباح جيدة واستطاع أن يربح 10.000 دولار في ستة أشهر. في فورت ستيل ألتقى ترومان بليوتينانت جاميس بندرجست أبن شقيق توماس جوزيف (توم) بندرجست وهو زعيم سياسي في كانساس سيتي، الاتصال به كان له تأثير عميق على حياة ترومان في وقت لاحق.
تمت ترقية ترومان إلى رتبة نقيب، أصبح ترومان قائد بطارية في يوليو 1918 في فوج المدفعية في فرنسا، كانت وحدته الجديدة هي: بطارية 129 مدفعية ميدان، ضمن اللواء 16 في فرقة المشاة 35، كان معروفاً بالانضباط ولكن لم يحظى بشعبية في البداية. خلال هجوم مفاجئ من قبل الألمان في جبال الفوج بدا الجنود في الفرار، استخدام الألفاظ النابية التي تعلمها بينما كان يعمل في السكك الحديدية بسانتا، فوجئ الجنود بسماع ترومان يستخدم تلك الطريقة فقاموا بطاعته فورا، بطارية ترومان قامت تقدم الدعم للواء التابع لجورج باتون خلال عملية ميوز أرجون-الهجومية في 11 نوفمبر، 1918 كانت وحدته المدفعية أطلقت بعض الطلقات الأخيرة في الحرب العالمية الاولى نحو المواقع الألمانية قبل تأثير الهدنة في الساعة 11 صباحا، تحت قيادة ترومان في فرنسا لم تفقد البطارية رجل واحد، وحصل مع رجاله على كأس المحبة بعد عودتهم من فرنسا.
كانت الحرب تجربة تحويلية التي جلبت الصفات القيادية لترومان، على الرغم من بداية 1917 كمزارع ولم يكن ناجحا في العديد من المشاريع التجارية، لكن سجل ترومان الحربى منحه دعم قوي لدخول الحياة السياسية فيما بعد في ولاية ميسوري.
زواجه وأبناؤه
في نهاية الحرب العالمية الأولى عاد ترومان إلى مدينة إندبيندانس بميسوري، وتزوج من بيس واليس في 28 يونيو، 1919. وكان لدى الزوجان طفلة واحدة مارى مارجريت (17 فبراير 1924 – 29 يناير 2008). قبل زواج ترومان بقليل، قام هو وجاك وبسون بفتح محل خردوات في 104 غرب الشارغ الثاني عشر في وسط مدينة كانساس سيتى، ورغم تحقيق نجاح ملحوظ في البداية إلا أنه أفلس بعد فترة بسبب فترة الركود عام 1921. لم يقم ترومان بتسديد الديون الأخيرة من هذا المشروع حتى عام 1934
حياته السياسية
قاضي في مقاطعة جاكسون
ظل جاك وبسون وترومان أصدقاء مقربين، وكان جاك وبسون يتحدث مع ترومان عن الصهيونية التي لعبت دورًا كبيرًا في وقت لاحق في الولايات المتحدة، ولعل هذا كان سبباً رئيسياً في قيامه لاحقاً بدعم والاعتراف بدولة إسرائيل. في عام 1922 انُتخب ترومان قاضيًا في محكمة مقاطعة الحى الشرقي من مقاطعة جاكسون، ميزوري بعد مساندة الديمقراطي توم بندرجست بمدينة كانساس.
لم يُعاد انتخاب ترومان في عام 1924، حيث خسر في مواجهة الجمهوريين بقيادة الرئيس كالفين كوليدج، قضى نحو عامين في بيع إطارات السيارات ولكنه كان مقتنع بأن مجال الخدمة العامة كان أكثر أماناً لرجل يقترب من منتصف العمر، خاصة أنه لم يكن ناحجا في القطاع الخاص، قام بندرجست بدعم أنتخاب ترومان في عام 1926 كقاضى لمحكمة المقاطعة واعُيد أنتخابه من جديد في عام 1930. نسق ترومان “الخطة العشرية”التي ساهمت في تزويد مقاطعة جاكسون وكانساس سيتى بمشاريع أعمال عامة جديدة، بما في ذلك سلسلة واسعة من الطرق، وإنشاء مبنى محكمة المقاطعة بتصميم وايت اند وايت.
في عام 1933، تم تسمية ترومان كمدير ميسوري لبرنامج إعادة التوظيف الفيدرالية (جزء من إدارة الأعمال المدنية) بناءً على طلب من مدير عام البريد جيمس فارلى. وكان هذا مقابل دعم بندرجست لتسليم تصويت مدينة كانساس لـفرانكلين روزفلت في الأنتخابات الرئاسية لعام 1932، كان بندرجست ذو نفوذ قوي وكان مسئول على رعاية الوظائف الفدرالية في ميسوري، خلقت إيضا العلاقة بين ترومان وروزفلت بمساعدة هارى هوبنز في إكسابه المزيد من النفوذ، وواسهم في دعم ترومان المتعطش للتعمق أكثر في الحياة السياسية.
عضو في الكونغرس
بعد خدمته كقاضى، أراد ترومان الترشح للأنتخابات اللبلدية أو الكونغرس، ولكن بندرجست رفض ذلك لاعتقاده ان ترومان من شأنه أن يخدم سيرته المهنية في بعض الوظائف على مستوى المحافظة، وبالرغم من ذلك دعم بندرجست ترومان على مضض بأعتباره المرشح الديموقراطى لآنتخابات 1934 في مجلس الشيوخ الأمريكي لميسوري.
خلال الأنتخابات التمهيدية في الحزب الديموقراطي، هزم ترومان اثنين من أعضاء الكونغرس وهما: جون كوكران وجايكوب مليجان، مع دعم قوى من مقاطعة جاكسون، التي كانت عنصراً حاسماً في ترشيحه، كما الاتصالات التي قام بها على مستوى الولاية والمقاطعة ساعدته في تحقيق ذلك، وبعد خوض انتخابات مجلس الشيوخ استطاع ترومان هزيمة منافسه الجمهورى والسيناتور المنتخب وقتها روكسو باترسون بما يقرب من 20 نقطة.
بعد دعم بندرجست له للفوز في انتخابات مجلس الشيوخ، كان ترومان على علاقه تعاون معه وساهم في إعطاءه قرارات رعاية، ورغم هذا التعاون إلا أن ترومان كان محافظاً في هذا الجانب لمراعاة ضميره، ودافع في وقت لاحق عن قرارات الرعاية بقوله انه قدم القليل من الترضيات إلا أ، ه ساهم في تحقيق العديد من الانجازات في فترة ولايته الأولى كعضو مجلس الشيوخ الامريكى، تكلم ترومان عن جشع الشركات ومخاطر المضاربة في وول ستريت والمصالح المالية الأخرى وتحقيق الكثير من النفوذ في الشئون الوطنية، تم تجاهله إلى حد كبير من قبل الرئيس روزفلت، وواجه صعوبات في الحصول على فرصه للذهاب للبيت الأبيض. في عام 1940 كان كلا من وكيل وزارة العدل الأميركية موريس مليجان والمحافظ السابق لويد ستارك قد نافسوا ترومان في الأنتخابات التمهيدية للحزب الديموقراطى، إلا أن بندرجست قد تعرض للسجن بسبب التهرب من ضريبة الدخل عن العام السابق مما ساهم في ضعف مركز ترومان، وظل في منصبه كعضو في مجلس الشيوخ، مدعيا ان القضاة الجمهوريين يساهمون في تضعيف إدارة الرئيس روزفلت وقام زعيم حزب سانت لويس “روبرت هانيجان” بدعم ترومان بشكل حاسم لنيل بطاقة الترشح عن الحزب الديموقراطي، كانت الأصوات المناهضة لبندرجست في الأنتخابات التمهيدية الديموقراطية في مجلس الشيوخ انقسمت بين كان ستارك ومليجان، وفاز ترومان عن طريق 8000 صوت. وفي أنتخابات التجديد النصفي نوفمبر، أستطاع ترومان هزيمة الجمهورى مانفيل ديفيس بنسبة 51% إلى 49%.
في أواخر عام 1940، ترأس ترومان للجنة الشئون العسكرية بمجلس الشيوخ، وسافر إلى عدد من القواعد العسكرية، كانت فضائح الفساد والتربح الذي رأها أدى إلى فتح باب التحقيق في هذه الانتهاكات بينما كانت الولايات المتحدة تستعد لخوض الحرب. وتم تشكيل لجنة مستقلة لأجراء تحقيق رسمي تحت قيادة ترومان وسميت بلجنة ترومان وساهمت هذه التحقيقات في دعم إدارة الرئيس روزفلت وإنقاذه من الانتقادات من قبل مجلس النواب، ساهمت هذه اللجنة في ان تجعل من ترومان شخصية وطنية فائقة الشهرة حيث ساهمتأنشطة لجنة ترومان في إثبات عدم جدوى مشروع ” الرجال ذو الدولار الواحد في السنة” الذين عينتهم الحكومة وأثبت عدم فاعليتها، قام قام بالتحقيق في مشروع سكنى ببنايات رديئة في نيو جيرسى لعمال الحرب. وذكرت اللجنة أنها أنقذت ما يصل إلى 15 مليار دولار، وساهمت هذه الأنشطة في وضع صورة ترومان على غلاف مجلة تايم. وفقا لمحضر مجلس الشيوخ التاريخى عن هذه اللجنة، أنها ساهمت في محى صورة ترومان السيئة في الفترة السابقة والتي كانت تعتبره شخص يقوم بتنفيذ خدمات لرجال السياسة في مدينة كانساس، ولم يكتسب أي سيناتور هذا الكم من المكاسب السياسية أكبر من رئاسة لجنة التحقيق الخاصة مما فعل هارى ترومان.
انتخابه كنائب الرئيس
كان نائب الرئيس هنرى والاس على الرغم من شعبيته بين الناخبين، لكن كان ينظر إليه على أنه بعيد عن افكار الحزب ويميل إلى مستشارى روزفلت مما ساهم في التفكير لترشيح نائب آخر خاصة أن الأمريكيون كانوا بشعرون أن روزفلت قد لا يعيش لفترة رابعة، ومع انتهاء الفترة الرئاسية كان عدد كبير من قيادات الحزب الديمقراطي أرادوا عدم ترشيح والاس لفترة جديد كنائب الرئيس قال روزفلت لقادة الحزب أنه سيقبل إما ترومان أو قاضى المحكمة العليا للولايات المتحدة وليام دوجلاس، فضل قادة الولاية والمدينة ترومان بقوة، ووافق روزفلت. ترومان نفسه لم يقم بحملة لمنصب نائب الرئيس على الرغم أنه رحب بالاهتمام كدليل على أنه قد أصبح أكثر من عضو مجلس الشيوخ من.
وتم ترشيح ترومان والتي أطلق عليها “تسوية ميسوري الثانية”، وكانت ردود الأفعال جيدة حيث تلقى ترومان 432-99 تأييد في المجمع الانتخابي في الأنتخابات، وأستطاع هزيمة المرشح الجمهوري توماس ادموند ديوي من نيويورك والحاكم جونبريكى من أوهايو، وأدى ترومان اليمين الدستورية في منصب نائب الرئيس في 20 يناير عام 1945.
و كانت فترة منصب نائب الرئيس الوجيزة لنرومان هادئة نسبياً، نادرا ما تواصل مع روزفلت وألتقى الرئيس ونائب الرئيس وحدهما مرتين فقط خلال تواجدهم معا في المكتب. في واحدة من أول أفعاله في منصب نائب الرئيس، خلق ترومان شيء بعض الجدل عندما حضر جنازة بندرجست ، لكنه نحى هذه الانتقادات جانياً وقال ببساطة، “لقد كان صديقى دائماً وأنا إيضاً كنت دائما صديقه” وقال أنه نادرا ما ناقش الشئون المالية أو السياسية الداخلية مع روزفلت وكان يجهل حول المبادرات الرئيسية المتعلقة بالحرب ومشروع مانهاتن السرى للغاية، الذي كان على وشك أختبار أول قنبلة ذرية في العالم.
و بقى ترومان في منصب نائب الرئيس لمدة 82 يوما فقط عندما توفى الرئيس روزفلت في 12 أبريل عام 1945. ففي هذا اليوم أجتمع ترومان مع مجلس الشيوخ كما هو معتاد وتأجلت الدورة فقط لهذا اليوم وبينما كان في مكتب رئيس مجلس النواب سام رايبيرن تلقى رسالة عاجلة للذهاب فوراً إلى البيت الأبيض، أفترض ترومان أن الرئيس روزفلت يرغب في اللقاء معه، ولكن إليانور روزفلت أبلغته بأن زوجها قد توفى بعد اصابته بنزيف حاد في المخ، كان ترومان قلق على السيدة روزفلت وسألها إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يفعله بالنسبة لها، والتي أجابت، “هل هناك أى شيء يمكننا القيام به بالنسبة لك؟ أنت الآن وحيد وستواجه ورطة كبيرة!”.
توليه الرئاسة 1945-1953
الفترة الأولى (1945-1949)
نهاية الحرب في أوروبا
بعد وقت قصير من توليه اليمين الدستورية، قال ترومان للصحفيين: يا أولاد، إذا قمتم بالصلاة في أي وقت مضى أدعوا لى الآن. أنا لا أعرف يا أولاد إذا سقطت عليكم حمولة من القش. ولكن عندما قالوا لى ماذا حدث بالأمس، شعرت كأن القمر، والنجوم، وجميع الكواكب سقطت على.
لدى تسلمه الرئاسة، طلب ترومان من جميع أعضاء مجلس وزراء روزفلت أن يبقوا في أماكنهم، وقال لهم أنه كان متقبلا لنصائحهم، ولكنه أرسى مبدأ المركزية لأدارته: وقال أنه سيتخذ القرار وحده، وهو يساندوه. على الرغم من أن ترومان قد أخُبر باختصار بعد ظهر يوم 12 أبريل أن الحلفاء لديهم سلاح جديد ومدمر للغاية، لم يكن حتى 25 أبريل أن وزير الحرب هنري ستيمسون أخبره بالتفاصيل. أستفاد ترومان من فترة شهر العسل في أعقاب وفاة روزفلت، ومن نجاح قوات الحلفاء (الحرب العالمية الثانية) في أوروبا، في ختام الحرب هناك. وأعرب ترومان عن سروره لتكمنه من إصدار إعلان يوم نهاية الحرب الأوروبية في 8 مايو عام 1945، بعيد ميلاده الـ 61.
في أعقاب أنتصار الحلفاء، سافر ترومان إلى أوروبا لمؤتمر بوتسدام، كان هناك عندما علم أن أختبار ترينيتي لتلوث القنبلة الذرية الأولى في 18 يوليو كانت ناجحة. ولمح إلى جوزيف ستالين أن الولايات المتحدة كانت على وشك استخدام نوع جديد من الأسلحة ضد اليبانيين. على الرغم من أن هذه كانت المرة الأولى أن يعطى السوفييت معلومات رسميا عن القنبلة الذرية، كان ستالين على علم فعلا بمشروع القنبلة الذرية، بعد أن علم عن ذلك (من خلال التجسس) بفترة طويلة قبل أن يعلم ترومان نفسه.
القنبلة النووية واستسلام اليابان
في أغسطس، بعد أن رفضت الحكومة مطالب الاستسلام الإمبراطوري، أذن ترومان بألقاء القنبلة الذرية على اليابان. على الرغم من أنه لم يُعرف كم الأنفجار مُدمر أو ما بعده سيكون، ترومان، مثل معظم الأمريكيين، كان لا يميل إلى أن يكون رحيما تجاه اليابانيين في أعقاب سنوات طويلة من الحرب . وذكر ترومان دائما أن قراره لقصف اليابان حفظ الحياة على كلا الجانبين: كانت التقديرات العسكرية لغزو الجزر اليابانية الرئيسية أنه يمكن أن يستغرق عاما والخسائر تتراوح من 250.000 إلى 500.000 خسائر أمريكية. كان يعلم أيضاً أن البرنامج قد يكلّف من ملياري دولار، وهكذا لم يكن يميل إلى التخلى عن البديل الذي قد ينهى الحرب بسرعة. قصف هيروشيما في 6 أغسطس وناجازاكى في 9 أغسطس عندما كان اليابانيين بطيئون في الاستسلام، أمر ترومان بغارة جوية تقليدية ضخمة على طوكيو في 13 أغسطس: وافقوا على استسلام اليابان في اليوم التالي.
و يقول مؤيدوا قرار ترومان أن، نظرا الدفاع اليابانية عنيدة من الجزر النائية، حفظت التفجيرات مئات الآف من الأرواح التي كانت فُقدت في غزو اليابان للبر الرئيسى. في عام 1954، قال إليانور روزفلت أن ترومان قد “أتخذ القرار الوحيد الذي يمكن أن يتخذه.” وكان استخدام القنبلة ضروريا “لتجنب التضحية الهائلة في الأرواح الأمريكية.”
وقد جادل أخرون أن استخدام الأسلحة النووية كان لا لزوم لها وغير أخلاقية بطبيعتها. كتب ترومان، في وقت لاحق في الحياة، أن، “كنت أعرف ما أفعله عندما توقفت الحرب … لا اشعر بأى ألم و، تحت نفس الظروف، كنت أود أن افعلها مرة أخرى.”
الإضرابات ووالمشاكل الاقتصادية
وأعقب نهاية الحرب العالمية الثانية بانتقال مضطرب من الحرب إلى الاقتصاد السلمي. وكانت تكاليف المجهود الحربي هائلة، وكان ترومان عازماً على خفض النفقات الحكومية للجيش في أسرع وقت ممكن. تسريح الجيش وتقليل حجم مختلف الخدمات يمثل أولوية لتوفير التكاليف. وكان تأثير التسريح على الاقتصاد غير معروف، ولكن المخاوف كانت موجودة أن الأمة تنزلق إلى كساد اقتصادي. كان هناك قدر كبير من العمل الذي يتعين القيام به لتخطيط أفضل السبل للأنتقال إلى أنتاج السلع وقت السلم مع تجنب البطالة الجماعية لقدامى المحاربين العائدين. لم يكن هناك توافق في الآراء بين المسؤلين الحكوميين على ما ينبغى بطبية توجيه الولايات المتحدة الحالة الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية. وبالإضافة إلى ذلك، لم يول روزفلت اهتماما إلى الكونغرس في السنوات الأخيرة، واجه ترومان جسما حيث شكلت مزيج من الجمهورين والديموقراطيين جنوب المحافظة كتلة أنتخابية ضخمة.
تم مواجهة الرئيس بأستفاقة من النزاعات بين العمال والأدارة التي كانت نائمة خلال فترة الحرب، نقص حاد في المساكن والمنتجات الأستهلاكية، وأستياء واسع النطاق مع التضخم، الذي كان عند نقطة واحدة ضرب 6% في شهر واحد. تٌضاف إلى هذه البيئة المستقطبة كانت هناك موجة من الأضرابات التي زعزعت الاستقرار في الصناعات الرئيسية، وأستجابة ترومان لهم كان يُنظر لها عموما بأنها غير فعالة. ومما زاد زيادة سريعة في التكاليف عن طريق الأفراج عن الرقابة على الآسعار على معظم البنود، وسعت العمل الزيادة في الأجور. هناك الأضراب الصلب الخطير في يناير عام 1946 التي شارك بها 800.000 من العمال وهي الأكبر في تاريخ الأمة تلتها اضراب الفحم في أبريل وأضراب السكك الحديدية في مايو. كانت الجماهير غاضبة، مع أغلبية في الأنتخابات لصالح فرض حظر على الأضرابات من قبل العاملين في مجال الخدمات العامة ووقف لمدة سنة على أجراءات العمل. أقترح ترومان تشريع لصياغة العمال المضربين في القوات المسلحة، وفي مظهر الشخصية الدرامية أمام الكونغرس، كان قادرا على أن يعلن تسوية لأضراب السكك الحديدية. مر أقتراحه في مجلس النواب، لكنه فشل في مجلس الشيوخ. وبالنسبة للسلع حيث ظلت هناك رقابة على الأسعار، كان المنتجين في كثير من الأحيان غير مستعدين للبيع بأسعار متدنية بشكل مصطنع: رفض المزارعين بيع الحبوب لمدة شهر في عام 1945 وعام 1946 حتى تم زيادة كبيرة في المدفوعات، على الرغم من أن كانت هناك حاجة ماسة للحبوب، ليس فقط للاستخدام الآدمى، ولكن لدرء المجاعة في أوروبا.
على الرغم من الصراع كان العمل خفيفا لعد تسوية أضراب السكك الحديدية، واصلت خلال رئاسة ترومان. أنخفض تصنيف الرئيس على على موافقة 82% في استطلاعات الرأى في يناير 1946 إلى 52% بحلول يونيو. أدى هذا الأستياء مع سياسات إدارة ترومان إلى خسائر ديموقراطية كبيرة في أنتخابات التجديد النصفى عام 1946، عندما سيطر الجمهوريون على الكونغرس للمرة الآولى منذ عام 1930. وأدرج المؤتمر التمانون مبتدئون جمهوريون الذين قد يصبحوا بارزين في السنوات المقبلة، بما في ذلك سيناتور ولاية ويسكونسن جوزيف مكارثي وعضو الكونغرس في كاليفورنيا ريتشارد نيكسون. عندما أنخفض ترومان إلى 32% في أستطلاعات الرأى، واقترح السيناتور الديموقراطى أركنساس وليام فولبرايت أن يستقيل ترومان: أشار الرئيس في رده أنه لم يهتم بما قاله السيناتور “هالفبرايت”.
تعاون ترومان بشكل وثيق مع قادة الحزب الجمهورى في السياسة الخارجية، على الرغم أنه حاربهم بمرارة على القضايا المحلية. قوة النقابات العمالية فرضت قيود كبيرة بموجب قانون تافت هارتلى، الذي صدر خلال حق النقض لترومان. أعترض ترومان مرتين على خفض معدلات ضريبة الدخل عام 1947. وعلى الرغم من استمرار حق النقض الأولى، تجاهل الكونغرس أعتراضه لخفض فاتورة الضرائب في عام 1948. الأطراف لم تتعاون بشأن بعض القضايا: اصدر الكونغرس قانون خلافة الرئيس لعام 1947، جعل رئيس مجلس النواب بدلا من وزير الخارجية المقبل بجانب الرئيس بعد نائب الرئيس. وهو يستعد لأنتخابات عام 1948، أعلن ترومان عن هويته كديموقراطى في تقليد النيو ديل، الدعوة لتأمين صحي وطني.، ألغاء قانون تالت هارتلى، وبرنامج الحقوق المدنية العدوانية. تؤخذ معا، أنها تشكل كل جدول أعمال تشريعى واسع الذي أُطلق عليه “الصفقة العادلة.” لم تلق مقترحات ترومان استقبالا حسنا من قبل الكونغرس، حتى مع تجدد الأغلبية الديموقراطية في الكونغرس في عام 1948. فقط واحد من فواتير الصفقة العادلة الرئيسية، قانون الأسكان لعام 1949، صدر في أي وقت مضى. من ناحية أخرى، البرنامج الرئيسى في الصفقة الجديدة لا يزال في العملية لا يُلغى، وكانت هناك تحسينات طفيفة وتمديدات في العديد منها.
خطة مارشال وإنشاء الأمم المتحدة
بأعتبارها أميية ويلسون، أيد ترومان بشدة إنشاء الأمم المتحدة، وتسلمت إليانور روزفلت على الوفد لأول الجمعية العامة للأمم المتحدة. مع الأتحاد السوفيتى توسيع نطاق نفوذها من خلال أوروبا الشرقية، أخد ترومان ومستشاريه للسياسة الخارجية موقفا متشددا ضد الأتحاد السوفيتى. في هذا، طابق الرأى العام الأمريكى، الذي جاء بسرعة لعرض السوفييت كنية للسيطرة على العالم.
بداية الحرب الباردة
لتفاصيل أكثر عن هذا الموضوع، انظر الحرب الباردة.
على الرغم من أنه لم يعلن الخبرة الشخصية في المسائل الخارجية، فاز ترومان بدعم الحزبين الجمهورى والديموقراطى على حد سواء لمبدأ ترومان، التي تشكلت بموجب سياسة الأحتواء السوفياتية، ومشروع مارشال، التي تهدف إلى المساعدة في بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية. للحصول على الكونغرس لأنفاق المبالغ اللازمة لأعادة تشغيل الأقتصاد الأوروبى المحتضر، أستخدم ترومان الحجة الأيدولوجية، بحجة أن الشيوعية تزدهر في المناطق المحرومة أقتصاديا. كجزء من إستراتيجية الأمم المتحدة للحرب باردة، وقع ترومان قانون الأمن لعام 1947 وإعادة تنظيم القوات العسكرية عن طريق دمج وزارة الحرب ووزارة البحرية في المؤسسة العسكرية الوطنية (في وقت لاحق وزارة دفاع الولايات المتحدة) وخلق القوات الجوية الأمريكية. وانشأ وكالة المخابرات المركزية ومجلس الأمن القومي الأمريكي.
الاعتراف بأسرائيل
أستغرق ترومان وقتا طويلاً للتفكير في الشرق الأوسط، وكان قد قرأ العديد من الكتب حول التاريخ القديم والأحداث ذات الصلة في الكتاب المقدس. كان متعاطفا للساعين لوطن إجباري يهودى في الانتداب البريطاني على فلسطين. كعضو في مجلس الشيوخ، كان قد أكد لزعماء اليهود تأيده للصهيونية، وخلال اجتماع حاشد في عام 1943 في شيكاغو دعا إلى وطن لليهود الذين نجوا من النظام النازى. كانت فكرة إنشاء وطن قومى لليهود في فلسطين ذات تأييد شعبية على نطاق واسع في الولايات المتحدة، والدعم اليهودى كان المفتاح في الأنتخابات الرئاسية المقبلة. ومع ذلك كان مسؤولى وزارة الخارجية يترددون في الإساءة إلى العرب، الذين كانوا يعارضون إنشاء دولة يهودية في وسطهم. حذر وزير الدفاع جيمس فورستال ترومان من أهمية النفط العربي من السعودية في حرب أخرى: أجاب ترومان أنه سيقرر سياسته بشكل معتدل، ليس النفط فقط. وعلاوة على ذلك، عندما تم استدعاء الدبلوماسيين من الشرق الأوسط لتقديم المشورة لترومان وعززت وجهة النظر العربية. وقال ترومان لهم أنه كان هناك عدد قليل من العرب بين ناخبيه.
وافق صناع السياسة الأمريكية في 1947-48 أن أعلى هدف للسياسة الخارجية كان أحتواء التوسع السوفييتى كما كشفت الحرب الباردة. من وجهة نظر العديد من المسؤولين، كانت فلسطين قضية ثانوية تأتي بعد قضايا المناطق الأوروبية في اليونان، تركيا، وإيران نظراً للصراع مع الشيوعية. وشعر ترومان بالضجر من كل من السياسات الملتوية في الشرق الأوسط واللإلحاح من قادة اليهود خلال فترة ولايته، والتي كانت بعيدة عن جدول أعماله واستشهد في وقت لاحق كما هو الحال في قراره الأعتراف بالدولة اليهودية على نصيحة من شريكه أعماله القديمة إدى جاكوسون وهو يهودى غير متدين الذي كان يثق به ترومان جدا. أدلى ترومان على قرار الأعتراف بإسرائيل على الرغم من اعتراضات وزير الخارجية جورج مارشال، الذي كان يخشى أن ذلك سيضر بالعلاقات مع الدول العربية. أعتقد مارشال أن التهديد الآقصى للولايات المتحدة والأتحاد السوفيتى ويخشى أن النفط العربي سوف يضيع من الولايات المتحدة في حالة الحرب: حذر ترومان أن الولايات المتحدة كانت “تلعب بالنار بدون أى شيء لأخمادها”. أعترف ترومان بدولة إسرائيل في 14 مايو عام 1948، بد أحد عشر دقيقة من وثيقة إعلان قيام دولة إسرائيل.
كتب ترومان في وقت لاحق:
هاري ترومان كان هتلر قد قتل اليهود يمينا ويسارا. لقد رأيت ذلك وأحلم بهذا حتى يومنا هذا. اليهود بحاجة إلى وطن يجمعهم ، وكان موقفى بأن الحكومة الأمريكية لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدى في السماح لضحايا جنون هتلر من بناء حياة جديدة. هاري ترومان
أزمة حصار برلين
لتفاصيل أكثر عن هذا الموضوع، انظر حصار برلين.
في 24 يوليو، عام 1948، حظر الأتحاد السوفيتى الوصوا إلى ثلاثة قطاعات غربية التي سيطر عليها من برلين. ولم يقبل الحلفاء التفاوض ابدا صفقة لضمان أمدادات من قطاعات عميقة داخل منطقة الاحتلال السوفيتى. قائد الاحتلال الأمريكى في ألمانيا، الجنرال لويس د. كلاى، أقترح أرسال عمود مدرعة كبيرة في جميع أنحاء المنطقة السوفيتيية إلى برلين الغربية مع تعليمات للدفاع عن نفسها إذا توقفت أو تعرضت للهجوم. أعتقد ترومان أن من شأنه أن تنطوى على مخاطر على مقبولة من الحرب. قال أنه وافق على خطة لتزويد المدينة المحاصرة عن طريق الجو في 25 يونيو، بدا الحلفاء في حصار برلين، حملة تسليم المواد الغذائية وغيرها من اللوازم، مثل الفحم، وذلك باستخدام طائرة عسكرية على نطاق واسع. لا شيء مثل ذلك قد حدث في أي وقت مضى، وليس لدى أي أمة القدرة عل ذلك، إما منطقيا أو ماديا، لأنجازها. عمل الجسر الجوى، منحت الوصول للرض مرة أخرى في 11 مايو، 1949. مع ذلك، استمر الجسر الجوى لعدة أشهر بعد ذلك. وكان الجسر الجوى لبرلين واحدة من النجاحات السياسة الخارجية الكبيرة لترومان، بل ساعد بشكل كبير في حملته الأنتخابية في عام 1948.
انتخابات عام 1948
وتُذكر الأنتخابات الرئاسية عام 1948 أن أتى من ورائها أنتصار مذهل لترومان. في ربيع عام 1948، بلغ معدل التأييد العام لترومان 36%، كان يعتبر ما يقرب عالميا بأن الرئيس عاجر عن الفوز في الأنتخابات العامة. عناصر “الصفقة الجديدة” داخل الحزب، بما في ذلك أبنه جيمس روزفلت، حاولوا ترجيح الفوز بترشيح الحزب الديموقراطى لجنرال دوايت أيزنهاور، كان شخصية شعبية جدا والذي كان انتمائته السياسية والحزبية غير معروفة تماما. رفض ايزنهاور بشكل قاطع أن يقبل، وألتقى ترومان المعارضين لترشيحه.
في المؤتمر الدولى الديموقراطى عام 1948، حاول ترومان توحيد الحزب من خلال وضع لوحة الحقوق المدنية الغامضة في برنامج الحزب: كان الهدف هو تهدئة الصراعات الداخلية بين الجناحين الشمالي والجنوبي من حزبه. تفوقت الأحداث على جهود الرئيس في إيجاد حل وسط، ولكن، العنوان الحاد الذي قدمه عمدة هيوبرت همفرى من مينيابولس، مينيسوتا، فضلا عن المصالح السياسية المحلية في عدد من زعماء المدن من أقتنع بالاتفاقية أعتماد أقوى للوحدة الحقوق المدنية، الذي وافق عليها ترومان بكل اخلاص، ولكن كل من المندوبين في ولاية ألابامان، وجزء من ولاية ميسيسيبى، أنسحبوا من الاتفاقية في أحتجاج. منزعجا، ألقى ترومان خطاب قبول عدوانية مهاجمة الكونغرس الثمانون، الذي أطلق عليه ترومان “لا تفعل شيء يا كونغرس”، ووعد بالفوز في الأنتخابات و”جعل هؤلاء الجمهوريون يحبون ذلك.”
في غضون أسبوعين من الأتفاقية، اصدر ترومان الأمر التنفيذى رقم 9981، دمج عرقي عنصرى الخدمات المسلحة الأمريكية. أستغرق ترومان مخاطر سياسية كبيرة في دعم الحقوق المدنية، وكان العديد من الديموقراطين المخضرمين يشعرون بالقلق من فقدان دعم ديكسيركارت أن تدمر الحزب الديموقراطى. الخوف بدا جيدا، أعلن حاكم ولاية كالورينا الجنوبية جيمس ستروم ثورموند ترشحه للرئاسة على تذكرة ديكسيكرات وقاد تمردا على نطاق واسع “حقوق الولايات” الجنوبي. وواكب هذا التمرد على الحق من جاب واحد عى اليسار، بثيادة والاس على تذكرة الحزب التقدمى. مباشرة بعد أول اتفاقية روزفلت، وجد الحزب الديموقراطى نفسه يتفكك. الفوز في نوفمبر بدا أحتمال بعيد، مع أن الحزب لم ينقسم ببساطة ولكن أنقسم بثلاثة طرق. لرفيقه، قبل ترومان سيناتور ولاية كنتاكى ألبين و. باركيلى، على الرغم من أنه أراد حقا القاضي دوجلاس الذي رفض الترشح.
وكانت الحملة ملحوظة 21.928 ميل (35.290 كيلو متر) أوديسى الرئاسية. في نداء شخصى للأمة، تقاطع ترومان الولايات المتحدة بالقطار، خطاباته “صافرة الوقوف” جاءت من المنصة الخلفية لمراقبة السيارات فردينايد ماجلان لتمثيل حملته الأنتخابية. ظهوره القتالى، مثل تلك الموجودة في ساحة البلدة من هاريسبورج. ألينوى أسرت مخيلة المشهورين وأجتذبت حشودا ضخمة. ستة محطات في ولاية ميشيغان التي جمعت نصف مليون شخص، مليون شخص كاملا أتضحوا في مدينة نيويورك في موكب الشريط الجديد.
وكانت في معظمها تجمعات عفوية، كبيرة في أحداث عربة قطار ترومان علامة مهمة في لتغيي الزخم في الحملة، ولكن هذا التحول ذهب دون أن يلاحظه أحد تقريبا من قبل في الصحافة الوطنية، التي استمرت فوز الديموقراطى توماس ادموند ديوي النصر الوشيك لحكم مؤكد. وكان سببا واحدا للصحافة “الأسقاط غير دقيق في أستطلاعات الرأى التي أجريت في المقام الأول عن طريق الهاتف في وقت واحد عند كثير من الناس، بما في ذلك الكثير من القاعدة الشعبية لترومان، لم يكن لديهم هاتف. هذا الأنحراف في البيانات يشير إلى وجود قاعدة دعم أقوى لديوى، ما أدى إلى خطأ الإسقاط الغير مقصود وغير المُكتشف التي ساهمت في تصور أحتمالات قاتمة لترومان. كما توقفت ثلاث منظمات كبرى للأقتراع جيدا قبل تاريخ أنتخابات 2 نوفمبر لروبر في سبتمبر، وكروسلى ومؤسسة غالوب في شهر أكتوبر وبالتالى فشلها في قياس الفترة عندما ظهر ترومان قد أرتفع ماضى ديوي.
في النهاية، عقد ترومان قاعدته الغرب أوسطية التدريجية، فاز في معظم الولايات الجنوبية على الرغم من لوحة الحقوق المدنية، وبأعجوبة من خلال الأنتصارات مع ضيق في بضع ولايات حاسمة، ولا سيما ولاية أوهايو، كاليفورنيا، إلينوى.أظهرت النتائج النهائية أن الرئيس قد أمن 303 صوت أنتخابى، ديوى 108، وثورموند 39 صوت أنتخابى فقط. حصل هنرى والاس على لا شيء. وجائ تحديد صورة الحملة بعد يوم الأنتخابات، عندما عقد ترومان بنشوة عالية الصفحة الأولى من تريبيون شياغو مع عنوانا ضخما عليها “ديوي يهزم ترومان.”
الفترة الثانية (1949–1953)
شهدت الفترة الثانية لحكم ترومان بداية بث خطاباته عبر التلفاز لأول مرة في التاريخ، كانت الفترة الثانية صعبة وقاسية بسبب الظروف الدولية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية والتي كان بها العديد من التحديات المرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر مع سياسته لاحتواء الموقف، كان التنافس النووي على أشده مع الاتحاد السوفيتي ، حيث ساهمت شبكات التجسس في الولايات المتحدة في تسريب الأسرار النووية، وقام الاتحاد السوفيتي بإنشاء برنامج نووي اسرع مما هو متوقع، يث قامت بتجربة نووية في 29 أغسطس 1949، مما جعل ترومان يعلن عن تفجير أول قنبلة هيدروجينية في 7 يناير 1953 رداً على ذلك.
الحرب الكورية
لتفاصيل أكثر عن هذا الموضوع، انظر الحرب الكورية.
في 25 يونيو 1950 قام كيم لي سونج زعيم كوريا الشمالية الشعبية بمهاجمة كوريا الجنوبية وبدأت الحرب الكورية، وقام بإرسال البحرية الأمريكية، لم تقم البحرية بأي اشتباكات إلا بعد الحصول على موافقة الأمم المتحدة، والتي وافقت لاحقاً وأصبحت القوات تحت قيادة الجنرال دوغلاس ماك ارثر.
قرر ترومان أنه لم يكن في حاجة إلى تفويض رسمي من الكونغرس، معتبرا أن معظم النواب يؤيدون موقفه، لكن تسبب ذلك في مشاكل له في وقت لاحق، حيث بدأت الخلافات مع الكونغرس وأطلق عليها “حرب السيد ترومان” من قبل أحد النواب، ومع ذلك قام ترومان في 3 يوليو 1950 بإعطاء زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ سكوت ووكر لوكاس مشروع قرار بعنوان ” قرار مشترك للموافقة على الإجراءات المتخذة في كوريا “. وأعرب لوكاس عن تأييده لاستخدام القوة ، وأن العمليات العسكرية ستستمر ولا يوجد ضرورة لإصدار إذن رسمي إلا أنه لم يتوصل إلى إجماع كامل. رد ترومان “انه لا يريد أن تبدو الأمور وكأنها محاولة للالتفاف على الكونغرس واستخدام صلاحيات غير دستورية”، وأضاف أنه يجب أن يحسم الكونغرس هذا الأمر.
بحلول شهر أغسطس عام 1950، كانت القوات الأمريكية تتدفق إلى كوريا الجنوبية تحت رعاية الأمم المتحدة وأصبحت قادرة على تحقيق استقرار الوضع مما ردا على انتقادات حول استعداد الولايات المتحدة لخوض هذه الحرب، وعزل ترومان وزير دفاعه لويس جونسون ليحل محله الجنرال المتقاعد مارشال، قرر ترومان استخدام سياسة “الرد بقوة” رداً على غزو كوريا الشمالية، جيث خاضت قوات الأمم المتحدة بقيادة الجنرال دوغلاس ماك آرثر قاد هجوم مضاد وسجلوا فوزا مفاجئاً ومذهل في معركة إنشون أن ودخلت قوات الأمم المتحدة شمالا باتجاه الحدود نهر يالو مع الصين، وذلك بهدف إعادة توحيد كوريا تحت رعاية الأمم المتحدة.
إلا أن ذلك لم يعجب الجانب الصيني الذي تدخل عسكري وفاجأ قوات للأمم المتحدة وتم الهجوم عليها على نطاق واسع في نوفمبر. اضطرت قوات الأمم المتحدة مرة أخرى إلى الارجع ما دون خط العرض 38، ثم شن هجوم مضاد وبحلول أوائل 1951 أصبحت الحرب في طريق مسدود على خط العرض 38 حيث بدأت. رفض ترومان طلب ماك آرثر لمهاجمة قواعد الإمداد الصينية شمال يالو، ولكن ماك آرثر أرسل خطته لزعيم الجمهوريين في مجلس النواب جوزيف مارتن والذي سرب إلى الصحافة. كان لدى ترومان قلق بالغ حيث يرى أن تصعيد الحرب قد يؤدي إلى فتح الصراع مع الاتحاد السوفيتي الذي كان يجهز الأسلحة وتوفير طائرات حربية لذلك، وفي 11 أبريل 1951، قام ترومان بعزل القائد ماك آرثر من القيادة.
تسببت إقالة الجنرال دوغلاس ماك آرثر في حالة من الرفض والانتقاد الشعبي وتراجعت شعبية ترومان ووجهت دعوات الاتهام له، من بين هؤلاء السيناتور روبرت تافت الذي اثار انتقادات عنيفة ضد ترومان الذي اتهمه أنه لا يريد تحمل نتائج الحرب ويعلق فشله على قادته العسكريين، على الجانب الآخر دعم أخرون موقف ترومان من بينهم إليانور روزفلت، (أرملة الرئيس روزفلت) والتي صفقت لقرار ترومان. وفي هذه الأثناء عاد ماك آرثر إلى الولايات المتحدة وتم استقباله كالأبطال، وألقى خطاباً أمام جلسة مشتركة للكونغرس، والذي وصفه الرئيس أنه “حفنة من الهراءات”.
انتهت الحرب بعد عامين وخلفت أكثر من 30 ألف قتيل من الجنود الأمريكيين وانتهت الحرب رسمياً في عام 1953، وعقب هذه الحرب أنخفضت شعبية ترومان بشكل كبير.
تأسيس حلف الناتو
بعد تصاعد أجواء الحرب الباردة قام ترومان بالموافقة على خطة تسمى (NSC-68)، والذي يستدعي زيادة ميزانية الدفاع إلى ثلاثة أضعافها، وتطبيق سياسة الاحتواء من قبل الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي كرد عسكري على التوسع السوفيتي الفعلي. وتمت صياغة الخطة من قبل بول نيتز بعد استشارة موظفي الدولة والدفاع، وتمت الموافقة عليه رسمياً من قبل الرئيس ترومان كإستراتيجية وطنية رسمية بعد انتهاء الحرب في كوريا، ودعا إلى تعبئة جزئية للاقتصاد الأمريكي لتنفيذ عمليات التسلح بشكل أسرع من السوفييت.
كان ترومان مؤيد قوي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الذي بموجبه تم تنسيق القوات النظامية مع كندا والدول الأوروبية الديمقراطية التي لم سقط تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت المعاهدة المنشئة لها شعبية على نطاق واسع مما سهل من موافقة مجلس الشيوخ في 1949، وقام ترومان بتعيين الجنرال أيزنهاور قائداً لهذا الحلف. وكانت أهداف حلف الناتو هي احتواء التوسع السوفيتي في أوروبا وإرسال رسالة واضحة إلى القادة الشيوعيين أن الديمقراطيات في العالم كانت مستعدة وقادرة على بناء هياكل أمنية جديدة لدعم المثل الديمقراطية، وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ، النرويج، الدنمارك، البرتغال، أيسلندا، وكندا قد وقعوا على المعاهدة ، وأدى هذا التحالف إلى قيام السوفييت بإنشاء تحالف مماثل وهو حلف وارسو.
كان الجنرال مارشال المستشار العسكري للرئيس ترومان قد عارض بعض القرارات بشأن مسائل السياسة الخارجية، مثل قيام الولايات المتحدة ضد تقديم مساعدات عسكرية مباشرة إلى شيانغ كاي شيك وقواته الصينية القومية في الحرب الأهلية الصينية مع خصومهم الشيوعية، كان رأي مارشال مخالف لباقي المستشارين الذين يدعمون قوات شينج حيث أن هذا سوف يتسبب استنزف موارد الولايات المتحدة المخصصة ل أوروبا لردع السوفييت، وعندما استولى الشيوعيون على الحكم وإقاموا جمهورية الصين الشعبية كان هذا الأمر له تأثير على الشئون الداخلية في تايوان، حاول ترومان أن يعمل على توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة والحكومة الجديدة، ولكن ماو لم يرغب في ذلك، مما جعل ترومان يصدر أوامره في 27 يونيو 1950 إلى الأسطول السابع للبحرية الأمريكية بالتوجه إلى مضيق تايوان لمنع أي محاولة نزاع بين الحكومة الشيوعية في الصين وبين الحكومة في تايوان.
أزمة التجسس السوفييتي
في أغسطس 1948، قام ويتكر شامبرز وهو جاسوس سابق للسوفييت وأحد كبار المحررين في مجلة تايم، قد أدلى بشهادته أمام مجلس الأنشطة الغير أمريكية (HUAC) بشأن شبكة تجسس شيوعية كانت تعمل بسرية داخل الحكومة الأمريكية منذ عام 1930، كان شامبرز قد ألقي القبض عليه مع ألجر هيس أحد كبار المسئوليين في وزارة الخارجية. وبالرغم من أن هيس قد نفى هذه التهم ، كانت مسألة التجسس السوفيتية في الولايات المتحدة قد أصبحت أمراً مؤكداً خاصة بعد تمكنها من الحصول على الأسرار النووية والقيام بالفعل بأول تجربة لها عام 1949 بالإضافة إلى سقوط الحكومة الصينية وصعود الشيوعيين، ومع ذلك كان ترومان غير مؤيد لهذه الآراء. إلا أن هيس قد أدين في يناير عام 1950 بتهمة شهادة الزور تحت القسم، وتمت شامبرز في المحاكمة الشهيرة التي سميت بـ”ذر الرماد في العيون”، وفي عام 1956 بعد ست سنوات من إدانة ألجر هيس بشهادة الزور نفى ترومان في مقابلة تلفزيونية أن يكون ألجر هيس شيوعي.
بعد إدانه هيس ثم الكشف عن أن أحد علماء القنبلة الذرية البريطانيين كلاوس فوكس كان جاسوساً لصالح السوفييت، بالإضافة إلى أعضاء حاليين وسابقين في HUAC، وهو ما دفع بعضوي الكونغرس نيكسون وكارل مندت بالتنديد بسياسة ترومان وإدارته خاصة في مسألة التجسس السوفيتية. كما ألقى السناتور مكارثي خطاب في “يوم لينكولن” متهماً وزارة الخارجية بإيواء الشيوعيين، وأستغل هذه الأزمة للحصول على الشهرة والعديد من المكاسب السياسية، وتحولت قضية مناهضة الشيوعية إلى ورقة سياسية ساهمت في نجاح بعض المرشحين الجمهوريين في مجلس الشيوخ عام 1950.
كانت مسألة وجود عملاء سوفيتيين داخل الحكومة محل شك لدي 78% من الشعب الأمريكي في استطلاعات الرأي عام 1946، وهو ما كان يعد أيضاً ورقة رابحة في حملة أيزنهاور في الأنتخابات الرئاسية عام 1952، وكان ترومان يعاني من هذا المأزق السياسي مما جعل معظم قراراته تتسم بالصرامة وأكثر تطرفاً ضد الشيوعيين لأنه كان يخشى من وجود المزيد من العملاء وهو ما قد يؤثر سلباً على الحزب الديمقراطي، وفي عام 1949 وصف ترومان القادة الشيوعيين الأمريكين الذين تم إرسالهم للمحاكمة بأنهم “خونة”، في عام 1950 استخدم ترومان حق الفيتو للأعتراض على قانون ماكاران الأمن الداخلي إلا أن الكونغرس قام بتمرير القانون، ووصف ترومان برنامج الولاء الذي كان متبع أنه كان خطأ “فادحا”.
تجديد البيت الأبيض
في عام 1948 كانت التقارير الهندسية قد كشفت أن البيت الأبيض أصبح في حالة متهالكة، خاصة بعد مرور 130 عام على إنشاءه، ولم يصدر اعلان العام عن المشاكل الهيكلية الخطيرة في البيت الأبيض حتى بعد فوزه في الانتخابات عام 1948، بعدها أصدر ترومان الأوامر بالقيام بعمليات التجديد والترميم، وتم إخلاء البيت الأبيض فيما عدا الجناح الغربي وانتقل إلى منزل بلير، حاول ترومان إضافة شرفة تحمل اسمه في الرواق الجنوبي، إلا ان هذا كان محل استهجان بسبب أنها سوف تتسبب في تشوية المظهر الخارجي ، واستمر العمل في الفترة من ديسمبر 1949 حتى مارس 1952.
محاولة إغتياله
في الأول من نوفمبر عام 1950 ، قام اثنين من القوميين من بورتو ريكو هما: جريزليو توريسولا وأوسكار كولازو بمحاولة اغتيال ترومان في بلير هاوس ، كانت أزمة أستقلال بورتريكو هي الدافع لقيامهم باغتيال ارئيس الأمريكي ، حيث كان هناك أصوات إطلاق نار مما افزع الرئيس خلال نومه ، وعندما ظهر في الشرفة قام أحدهم بإطلاق النار عليه، وكاد الهجوم أن يسفر عن قتل الرئيس لولا أن أحد المارة صرخ له بالأحتماء، كان توريسولا قد أصيب بشدة بعد تبادل إطلاق النار مع الحراس ، وقام أحد الحراس قبل وفاته بإطلاق النار عليه وقتله، أما كولازو فتم إلقاء القبض عليه بتهمة القتل وحكم عليه بالإعدام في عام 1952. إلا أن ترومان خفف الحكم إلى السجن مدى الحياة. كانت هذه الحادثة قد سلطت الأضواء على أهمية مسألة بورتو ريكو والاستقلال، وفي عام 1952 سمح ترومان بعمل استفتاء في بورتوريكو لتحديد وضع علاقتها مع الولايات المتحدة، وصوت ما يقرب من 82% من الناخبين صوتوا لصالح الدستور الجديد للدولة المستقلة تكون تابعة أسمياً للولايات المتحدة.
أزمة الفحم والحديد
كانت الولايات المتحدة تعاني من أزمة عمل ناجمة عن خلافات مريرة بشأن ضوابط الأجور والأسعار، ولذلك أصدر ترومان تعليمات لوزير التجارة تشارلز سوير بالسيطرة على عدد من مصانع الصلب في البلاد في أبريل 1952 وإدارتها، كان ترومان قد استند إلى سلطته كقائد عام وضرورة الحفاظ على إمدادات الصلب لإنتاج الذخائر لاستخدامها في الحرب في كوريا. المحكمة العليا وجدت أن إجراءات ترومان غير دستورية ، ومع ذلك وعلى عكس نظام فصل السلطات، اقرت المحكمة في حكمها عام 1952 في قضية شركة يونج ستون للحديد ضد سيوير والتي حكمت بأن قرار ترومان لم يستند إلي أي إجراء تشريعي من قبل الكونغرس، مما تسبب في حرج بالغ للرئيس ترومان
فضائح الفساد
في عام 1950 قام مجلس الشيوخ بالتحقيق في اتهامات عديدة بالفساد بين كبار المسؤولين في الإدارة، وبعضهم تلقى معاطف الفرو وأجهزة منزلية في مقابل خدمات للأخرين، وهناك عدد كبير من العاملين في مكتب الإيرادات الداخلية قد تلقوا رشاوى، وفي عام 1950 تم إقالة واستقالة أكثر من 166 موظف، كما قام النائب العام بإقالة المدعي الخاص في أوائل 1952 لكونه غيورا جداً، كما قام ترومان بإقالة ماك جراث المتحدث الرسمي، وفي عام 1951، قام وليام بويل صديق ترومان منذ فترة طويلة ورئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية بالاستقالة بعد اتهامه بالفساد المالي.
قام ترومان بإطلاق خطة لإعادة التنظيم والإصلاح الحكومي وقد وافق الكونغرس عليها، وبالرغم من ذلك ظلت قضايا الفساد من القضايا الرئيسية في الانتخابات الرئاسية عام 1952.
وفي 6 ديسمبر 1950، كتب الناقد الموسيقي بول هيوم مراجعة نقدية لحفل موسيقي لابنة الرئيس مارغريت ترومان أنها تمتلك صوت رائع لكن لا يمكنها أن تغني بشكل جيد، فقام كتب هاري ترومان بالرد بشكل لاذع عليه ووصف نقده بالردئ وأنه شخص يحبط من عزيمة الآخرين، تعرض ترومان إلى عاصفة من الانتقادات بسبب هذا التعليق، إلى أنه قال بالرد ووصف ان تعليقه كان لكونه أب مشفق على أبنته وليس بصفته رئيس للدولة.
الحقوق المدنية في عهده
في عام 1947 قُدم تقرير من قبل إدارة الرئيس ترومان بعنوان (ضمان الحقوق) ضمن جدول أعمال مفصل عشر نقاط من الإصلاحات الحقوق المدنية خاصة تجاه السود. في فبراير 1948، قدم الرئيس أجندة الحقوق المدنية إلى الكونغرس الذي اقترح إنشاء العديد من المكاتب الفدرالية المخصصة لقضايا مثل حقوق التصويت وممارسات التوظيف العادلة، أثار هذا عاصفة من الانتقادات من جانب الديمقراطيين الجنوبيين ولكن ترومان رفض تقديم تنازلات، قائلا: “أنا أصولي من الولايات الجنوبية ، ولكن معدتي أضطربت بشدة عندما علمت أن الجنود الزنوج الذين عادوا من الحرب تم ركلهم من شاحنات الجيش في ولاية ميسيسيبي وتعرضوا للضرب”. حكايات من سوء المعاملة والعنف والاضطهاد الذي تعاني منه العديد من المحاربين القدامى الأمريكيين من أصل أفريقي لدى عودتهم من الحرب العالمية الثانية اثارت غضب ترومانبشدة، مما دفعه لإصدار الأمر التنفيذي 9981 في يوليو 1948، والذي ينص على إلغاء التمييز العنصري في الجيش الأمريكي.
صدر أمر تنفيذي آخر في عام 1948، وتنص على تجريم التمييز ضد الأشخاص المتقدمين لشغل وظائف الخدمة المدنية على أساس عرقي. وثالثا في عام 1951، أنشأ لجنة مناهضة التمييز العرقي.
انتخابات 1952
في عام 1951، تم إقرار التعديل رقم 22 في دستور الولايات المتحدة ، والذي ينص على: قصر المدة الرئاسية على فترتين فقط ، وفي حالة تولى نائب الرئيس للمنصب (في حاله خلوه بسبب وفاة الرئيس أو تغيبه أو غيره) فان هذه الفترة تحتسب كفترة رئاسية، ووفقاً لمبدأ (شرط الجد Grandfather clause) فإن هذا التعديل لا ينطبق على الرئيس شاغل المنصب، مما يعني ان ترومان كان يحظى بفرصة لإعادة انتخابه لفترة رئاسية ثالثة.
في عام 1952 أجريت أنتخابات نيو هامبشاير التمهيدية للحزب الديموقراطي لاختيار شخصية يتم ترشحيها كنائب مع الرئيس ترومان، حيث كان نائب الرئيس ألبين باركلي طاعن في السن، لم يكن هناك أي مرشح يرغب في الترشح. الخيار الأول كان رئيس المحكمة العليا فريد فينسون إلا أنه رفض خوض الانتخابات. ثم كان أدلاي ستيفنسون حاكم ولاية إلينوي إلا أنه رفض، واستبعد ترومان السيناتور كيفافوير حيث كان يكرهه، لأنه كانه يعتبره شخصية انتهازية كسب شهرته من خلال تحقيقات فضائح إدارة ترومان. وكان ترومان يأمل في تجنيد الجنرال أيزنهاور كمرشح الحزب الديمقراطي، ولكن وجده مهتم أكثر في السعي بترشيح الحزب الجمهوري. وفقا لذلك قام ترومان بإدخال اسمه في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير، لكن ترومان وجد أنه لا يحظى بشعبية عالية، وبعد 18 أيام أعلن الرئيس أنه لن يترشح لولاية أخرى. كان ترومان في نهاية المطاف استطاع إقناع ستيفنسون بالترشح، وحصل على تأييد الحزب الديمقراطي.
حظي أيضاً ايزنهاور بترشيح الحزب الجمهوري مع السيناتور نيكسون كنائبة له، وشنت حملة واسعة ضد فشل ترومان في قضايا: “كوريا – الشيوعية – الفساد”، وتعهدوا بتنظيف ما أسموه “الفوضى في واشنطن” ووعد بالعودة مجدداً إلى كوريا”، استطاع أيزنهاور هزيمة ستيفنسون في الانتخابات الرئاسية عام 1952 لينهي بذلك 20 عامًا من سيطرة الرؤساء الديمقراطيين، كان ترومان وايزنهاور يحظيان بصداقة جيدة، وفي عام 1953 قام أيزنهاور بأداء القسم ومراسم التنصيب لتنتهي بذلك فترة رئاسة ترومان للولايات المتحدة.
ما بعد الرئاسة
بعد انتهاء فترة رئاسته عاد ترومان الي مسقط رأسه في ميسوري، وأقام في منزل والاس مع زوجته ووالدته، وبمجرد الخروج من المكتب، قرر ترومان بسرعة أنه لا يرغب في شغل أي منصب في شركات تجارية، معتبرا أن الاستفادة من هذه الفرص المالية من شأنه أن يقلل من سلامة أعلى منصب في البلاد، رفض أيضا بعض العروض التجارية حيث كانت مشاريعه التجارية السابقة قد ثبت فشلها، ولم يكن لديه مدخرات شخصية ونتيجة لذلك واجه أزمة مالية، حيث أنه بعد أن خرج من البيت الأبيض كان دخله الوحيد هو معاش الجيش: 112,56 $ شهريا وحصل على مكافأة الأعضاء السابقين في الكونغرس والمحاكم الاتحادية ضمن باقة التقاعد، ولم يكن له معاش على فترة عمله الرئاسية أو عمله كعضو سابق في مجلس الشيوخ.
حصل ترومان على قرض شخصي من بنك ميسوري بعد وقت قصير من مغادرته منصبه، وقرر خوض تجربة سلفه الراحل يوليسيس غرانت الذي واجه أيضاً نفس المشكلة المالية بعد تقاعده. وقام بالاتفاق على نشر مذكراته إلا أن الكتاب لم ينشر إلا بعد وفاته، وكان قد امتنع عن ذكر أي تفاصيل عن البيت الأبيض في أي تفاصيل. لمذكراته، تلقى ترومان مبلغ مالي يقدربـ 670,000 $ إلا أ، ثلث هذا المبلغ كان سيتم استقطاعه في الضرائب بالإضافة إلى 37000 $ سيتم دفعها إلى مساعديه، حظيت هذه المذكرات بالنجاح التجاري والنقدي، وقد نشرت في مجلدين في 1955 و1956 وهما مذكرات هاري ترومان: قررات العام، ومذكرات هاري ترومان: سنوات من التجربة والأمل.
إحدى الصحف عن الرئيس السابق في عام 1957 نقلاً عن زعيم الاغلبية بمجلس النواب جون ماكورماك “بالواقع لم يكن ترومان قادرا على بيع بعض الممتلكات التي ورثها، فكان يبحث عن وسيلة فعالة للإعاشة، وهذا الأمر ليس في اي حرج”، وفي العام التالي أصدر الكونغرس قانون الرؤساء السابقون والذي يمنح معاش 25,000 $ سنويا لكل رئيس السابق، وأنه من المرجح أن الوضع المالي ترومان لعب دورا في سن هذا القانون، الرؤساء السابقون على قيد الحياة ومنهم هربرت هوفر حصل أيضاً على المعاش، على الرغم من أنه لم يكن في حاجة إلى المال، ولكنه خشي أن يرفض حتى لا يسبب ذلك حرج لترومان.
وكان سلفه فرانكلين روزفلت قد نظم مكتبته الرئاسية الخاصة، ولكن التشريعات الخاصة الرؤساء لم يكن ينص بها هذا الأمر، ولذلك عمل ترومان على حشد التبرعات الخاصة لبناء المكتبة الرئاسية له، وفي عام 1957 قال ماكس سكيدمور في كتابه عن حياة الرؤساء السابقين، أشار إلى أن ترومان كان رجلا يقرأ جيدا، وخاصة في التاريخ، وأضاف سكيدمور أن أوراق التشريع الرئاسي وتأسيس مكتبته “كان تتويجا لاهتمامه في التاريخ. إلى جانب أنها تشكل إسهاما كبيرا في الولايات المتحدة كواحد من أعظم الرؤساء السابقين”.
قام ترومان بدعم محاولة الثانية لترشيح أدلاي ستيفنسون في عام 1956، على الرغم من انه كان يفضل حاكم نيويورك الديمقراطي دبليو أفريل هاريمان، وتابع حملات المرشحين لمجلس الشيوخ الديمقراطي لسنوات عديدة، وبعد أن تخطى عمر الثمانون تم تكريم ترومان في واشنطن وألقى كلمة في مجلس الشيوخ، تعرض للسقوط في منزله في أواخر عام 1964 وانخفضت حالته البدنية. وقام الرئيس ليندون جونسون في عام 1965 باقتراح قانون الرعاية الصحية، وقدم أول ورقتين للرعاية الطبية لترومان وزوجته باس تكريماً لمجهوداته في الرعاية الصحية الحكومية أثناء توليه المنصب.
وفاته
في 5 ديسمبر 1972 تم نقل ترومان إلى مستشفى كانساس سيتي للبحوث لإصابته باحتقان الرئة والتهابات رئوية. إلا أن حالته ساءت بشدة وتوفي في تمام الساعة 07:50 يوم 26 ديسمبر عن عمر يناهز ثمانية وثمانين سنة. اختارت باس ترومان إقامة الجنازة والتأبين لزوجها في إحدى المكتبات عوض إقامة جنازة رسمية في واشنطن. بعد أسبوع من الجنازة، حضرت شخصيات أجنبية ومسؤولين من واشنطن حفل تأبين في الكاتدرائية الوطنية في العاصمة. توفيت باس في 1982، ودفت مع زوجها في مكتبة ومتحف هاري ترومان الرئاسي في ميزوري.
مأثره وتراثه
مأثره
شهدت فترة ترومان العديد من الأحداث أبرزها الحرب الباردة وأحداث الازدهار والكساد داخل الولايات المتحدة، أتسمت فترة رئاسته بالثبات رغم قدوم العديد من الأحداث وعندما ترك منصبه في عام 1953، كان ترومان واحد من الرؤساء الأقل شعبية في التاريخ، كان بشعبيته من 22% في استطلاع مؤسسة غالوب من فبراير 1952 أقل من ريتشارد نيكسون 24% في أغسطس 1974 بعد استقالته،وسجلت انخفاض شعبية ترومان رقماً قياسياً استمر حتى عام 2008 في عهد جورج دبليو بوش التي سجلت أسوء انخفاض على الإطلاق في تاريخ الرئاسة الأمريكية.
الشعور العام الأمريكي نحو ترومان كان متأرجح مع مرور السنين، في وقت مبكر من عام 1962، أظهر استطلاع شمل 75 مؤرخ أجراه آرثر شليزنجر ، تم تصنيف ترومان بين رؤساء كأحد العظماء بشكل تقريبي، الفترة التي أعقبت وفاته كانت محل جدل بين كل من المؤرخين والجمهور، حيث كانت شعبية تزداد مع حدوث الأزمات في حرب فيتنام وفضيحة ووترغيت، وكانت وفاته بمثابة موجة جديدة من الاهتمام بالفترة السياسية له، ففي أوائل ومنتصف زادت شعبية ترومان كثيراً عما كانت عليه في عام 1948، وظهر هذه المرة كبطل شعبي بعدما شعر الموطنين بمدى بالجدية والنزاهة والمسئولية مقارنة برئيس مثل نيكسون. وساعد على ذلك نشر كتاب الذكريات الذي كتبه ترومان مع الصحفي ميرل ميلر بداية عام 1961، ولكنه أتفق على عدم النشر إلا بعد وفاة ترومان.
كان ترومان محل انتقاد حتى في الأيام الأخيرة له، خاصة بعد نشرالتقارير عن وجود أنشطة التجسس في الحكومة الأمريكية، وخلص السيناتور الديمقراطي باتريك موينيهان دانيال أن ترومان كان “قليلة الحيلة بشكل كبير” بشأن خطر الشيوعية الأمريكية، وفي عام 2010 خلص المؤرخ الونزو هامبي أنهاري ترومان يظل “الرئيس المثير للجدل”.
تسبب سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991 إلى ظهور تيار من المدافعين عن ترومان ، وفقاً لسيرة روبرت داليك، “مساهمته في الانتصار في الحرب الباردة دون نشوب نزاع نووي مدمر رفعه إلى مكانة عظيمة جداً”. ونشر عام 1992 سيرة لترومان من قبل ديفيد ماكولوغ والذي عزز وجهة نظر ترومان تجاه سياساته.
التكريم والنصب التذكارية
في عام 1975، تم إنشاء منحة ترومان كبرنامج الاتحادي لتكريم طلاب الجامعات في الولايات المتحدة الذين يتفانون في الخدمة العامة، وفي عام 2004 تم إنشاء زمالة هاري ترومان في العلوم الأمن القومي والهندسة لمرحلة ما بعد الدكتوراه لمدة ثلاث سنوات في مختبرات سانديا الوطنية. وفي عام 2001 قامت جامعة ميسوري بإنشاء مدرسة هاري ترومان الشؤون العامة والممارسات الحكومية، وقام فريق النمور الرياضي التابع لجامعة ميزوري يتسمية التميمة الخاصة بالفريق بـ “ترومان النمر”، وكان المقر الرئيسي لوزارة الخارجية والذي تم بناءه في الثلاثينيات بدون اسم قد أطلق عليه اسم مبني هاري ترومان.
على الرغم من محاولة ترومان للحد من نفوذ القوات البحرية والتي سميت بثورة 1949 في البحرية، تم إطلاق اسمه على حاملة طائرات وهي يو اس اس هاري ترومان (CVN-75) في 7 سبتمبر 1996، وكانت دفعة مدفعية الميدان الـ129 حملت اسم هاري ترومان تقديراً تقديرا لخدمته كقائد بطارية أثناء الحرب العالمية الأولى.وفي عام 1984، منح ترومان بعد وفاته ميدالية الكونغرس الذهبية، وفي عام 1991تم إنشاء تمثال نصفي مجسم له ومعروض بشكل دائم في بهو ولاية ميسوري الرئيسي.
في عام 1956 سافر ترومان مع زوجته إلى أوروبا، وفي بريطانيا حصل على درجة الدكتوراه الفخرية في القانون المدني من جامعة أكسفورد، والتقى مع وينستون تشرشل، وفي عام 1959 حصل على جائزة 50 عاما من قبل الماسونيين، وكان ترومان أيضا عضو في جمعية أبناء الثورة الأمريكية.وتم اختيار هاري ترومان مرتين عام 1945 و1949 كشخصية العام وفقاً لمجلة التايم
هناك بعض المواقع الأخرى أطلق عليها اسم ترومان وهي:
الموقع التاريخي الوطني هاري ترومان والذي يقع في بيت والاس بولاية ميسوري.
الموقع التاريخي لمسقط رأس هاري ترومان وهو المنزل الذي ولد فيه ترومان وأمضى 11 شهرا في لامار بولاية ميسوري.
المكتبة الرئاسية ومتحف هاري ترومان.
البيت الأبيض الصغير هاري ترومان والذي كان يقضي ترومان فيه عطلات الشتاء في كي ويست، فلوريدا.
Man in suit sitting behind desk with sign that says "The buck stops here"
هاري ترومان - ويكيبيديا


قصة نجاح: جامع القمامة الذي أصبح مليونيرًا | جائزة سيدتي للإبداع والتميز441 James Byrnes Photos and Premium High Res Pictures - Getty Images
قصة نجاح: جامع القمامة الذي أصبح مليونيرًا | جائزة سيدتي للإبداع والتميز
بالفيدو قصة تحول عامل النظافة هاري وين Harry Wayne الى اغنى اثرياء العالم -  مدونة منقدر علي بوشناق
كيف تحول هارى وين من عامل نظافة لواحد من أغنى رجال أعمال أمريكا؟
يعتبر رجل الأعمال الأمريكي هارى وين أحد النماذج الناجحة للشخصيات العصامية الذي بدأ حياته من تحت الصفر بعدما تحول من جامع قمامة إلى جامع مليارات وأحد اثرياء وأكبر رجال الأعمال في الولايات المتحدة الأمريكية، بلغت ثروته حوالي 2.4 مليار دولار.
كثير المشاكل
ولد هاري وين في عام 1937 في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية من أصول هولندية ولم يحظ بقدر كافي من التعليم ولعل اسلوب حياته وهو صغير لم يكن يبشر بأي نجاحات حيث انه كان كثير المشاكل في المدرسة كما انه كان مشاغباً على المستوي الاسري بالإضافة الى انه عاش في اسرة مفككة حيث ان والدة ووالدته قد تطلقا وعمره لم يتخط الخامسة عشرة.
تعرف على أكثر المراكز المالية جذباً على مستوى العالم
وبناء على تلك الاحداث قرر هاري ان يترك الدراسة التي يكن راغبا فيها ومن ثم قرر العمل ليساعد امه على النفقات وبالفصل حصل على وظيفة سائق سيارة ولكنه تركها وعمل في احدى محطات البنزين وعندما كبر التحق بالجيش الأمريكي ولكنه خرج منه بعد ستة أشهر لأنه لم يجد غايته فيه، وبعدها تزوج ليبدأ رحلته في البحث عن عمل ليرعى أسرته ومن الأعمال التي عملها أنه كان مسؤولا عن جلب عملاء لشركة قمامة وكانت مهمته استقطاب عملاء جدد لإحدى شركات جمع النفايات.
افتتح شركة خاصة
وبعد أن تعلم وين خبايا العمل في شركات القمامة، واكتسب الخبرات في هذا المجال، قرر أن يفتح شركة خاصة به لتجميع القمامة، وفي عام 1962 تمكن من إقناع صديق للعائلة يملك سيارة جمع قمامة بأن يبيعه سيارته المستعملة، وكذلك بعض العملاء الذين ينقل لهم قمامتهم، مقابل 5 آلاف دولار اقترضها من والد زوجته.
وفي هذه الأثناء عرف هاري اجتهاده وين فكان يستيقظ في الثانية والنصف صباحا ليقود سيارة القمامة حتى الظهيرة، بعدها يغير ملابسه ويذهب ليدق على أبواب سكان الحي ليجعلهم يتعاملون معه.
من هو أعلى مغني هيب هوب أجراً في العالم في 2017؟
حبه لعمله
كما اشتهر عن هاري ضميره الزائد في عمله وحبه لعمله وأنه على استعداد دائما في ان يشترك في اي عمل وينجح به
كما اشتهر برؤيته للفرص واستغلالها، ولذا كان يعيد استثمار الأرباح في شراء شركات جمع القمامة المنافسة.
وتصادف أن قريبه الذي يدير شركة جمع القمامة، كان يحقق نتائج جيدة في إدارته للشركة التي تتوسع في مدينة شيكاغو، وكان الخيار هو توحيد الجهود والاندماج وفي عام 1968 قرر الاثنان دمج الشركتين في شركة أسموها إدارة النفايات وكانت رؤية الشريكين هي الانتشار على مستوى الولايات المتحدة كلها، عن طريق تمويل التوسع عبر طرح أسهم الشركة الجديدة في البورصة.
شراء المنافسين
استمر هاري في سياسته القائمة على شراء المنافسين، حتى إنه بعد عام واحد من طرح أسهم الشركة الجديدة في البورصة في 1971، كان قد استولى على 133 شركة جمع قمامة صغيرة، وكانت العوائد الإجمالية للشركة 82 مليون دولار ويعمل لديها 60 الف عامل وتخدم 600 ألف عميل. كل هذا تحقق خلال 10 سنوات من بدء عمله على أول سيارة القمامة.
تأجير أشرطة الفيديو
وبعد النجاح الذي حققه في مجال جمع النفايات قرر هاري الاستثمار في مجالات أخرى كمجال تأجير أشرطة الفيديو وكذلك في مجال السيارات ففي عام 1984، وبعدما أصبح هاري نائب رئيس الشركة، استقال منها ليجرب أشياء أخرى. في عام 1987، عرض صديق لهاري عليه أن يشاركه في إدارة سلسلة محلات يديرها هذا الصديق، اسمها بلوكباستر فيديو وتعمل في مجال تأجير أشرطة الفيديو والتي كانت رائجة جدا في هذا الوقت.
استطاع هاري جمع 18 مليون دولار من مستثمرين ومساهمين، واشترى نصيب صديقه، ليكون المالك الأوحد لسلسلة محلات بلوكباستر، والتي كانت تتكون من 8 محلات فقط موزعة في جنبات مدينة شيكاغو.
بيع السيارات
وبعد مرور عامين على هذا الاستحواذ، طرح هاري أسهم السلسلة في البورصة، واستثمر عوائد هذا الطرح في شراء المنافسين، محلات تأجير شرائط الفيديو الأخرى.
ما لا تعرفه عن عملة الدوجكوين الرقمية.. ظهرت كمزحة وسميت بعملة الكلب الإلكترونية
تشييد الفنادق
وبعد بيع الشركة، وفي عام 1996 عاد هاري لتكرار ما يجيد فعله، أسس سلسلة وكالة بيع سيارات أسماها أوتو نيشن والتي تطورت بسرعة لتضم أكثر من 370 فرعا في الولايات المتحدة، ثم توسع خارجها أيضا.
ولم يخمد طموح هاري أبدا برغم الاموال التي حصدها كان طموحة مثل البركان النشط الذي لا يخمد حيث
اتجه الى تشيد سلسلة من الفنادق بلغ عدادها 500 فندق وكالعادة قام ببيعها في عام 2004 وبعد الثروة ة الهائلة التي قام هاري بجمعها قرر هاري ان يعود لنشاطه الاول ”جمع النفايات “.
وبدأ شركة جديدة تطورت ونمت لتكون ثالث أكبر شركة جمع نفايات في الولايات المتحدة، لتندمج مع الشركة الأم التي أنشأها وباعها أثناء هذا السجل الحافل، اشترى هاري بعض الأندية الرياضية، وحقق نتائج جيدة معها.وفي يوم 22 من مارس من العام 2018 توفي عن عمر يناهز 80 عاما.

“هاري وين”.. جامع القمامة المليونير

سلمى ياسين 11 ديسمبر، 2018 

في غضون عشر سنوات، من بدء عمل الشاب الأمريكي -غير المتعلم- “هاري وين” سائقًا لسيارة نفايات بإحدى الشركات، تمكن من امتلاك إحدى أكبر شركات جمع النفايات بالولايات المتحدة الأمريكية، والتي استحوذت -فيما بعد- على عشرات الشركات الأخرى العاملة في القطاع نفسه؛ حتى تخطَّت بأرباحها حاجز الـ82 مليون دولار عام 1971.

البداية:
ولد هاري وين عام 1937 بمدينة شيكاغو الأمريكية، وعانى من بعض المشكلات الأسرية التي لم تمكنه من استكمال دراسته.

العمل منذ الصغر:
بعد أن فقد هاري فرصته في التعليم، توجه -وهو في سن الخامسة عشرة- للعمل كسائق سيارة خاصة، وعامل في محطات الوقود، وغيرها من الأعمال.

جامع القمامة:
بعد زواج هاري، عمل لدى شركة جمع قمامة، وكانت وظيفته قيادة سيارة القمامة، بالإضافة إلى جلب عملاء للشركة لجمع القمامة.

مشروع خاص:
على الرغم من عدم امتلاك هاري خبرات علمية أو عملية، إلا أنه اكتسب خبرة عامين في مجاله، دفعته للتفكير في تأسيس مشروع خاص في مجال القمامة، فدشن في عام 1962، شركة متخصصة في جمع القمامة.

التمويل:
لم يكن هاري يمتلك رأس مال كبيرًا لجلب مستلزمات العمل بالشركة؛ فاقترض 5 آلاف دولار من أحد أقاربه؛ لشراء سيارة قمامة مستعمله من أحد أصدقائه.

الإصرار على النجاح:
كان هاري يؤمن بأن الاجتهاد هو السبيل الوحيد للوصول إلى أعلى المراتب في جميع المجالات؛ فكان يحرص على الانتظام في عمله والتفاني فيه؛ حتى لمع اسم شركته بمدينة شيكاغو في غضون فترة وجيزة.

إدارة النفايات:
في الوقت الذي بدأت فيه شركة هاري تنمو، حققت شركة نفايات أخرى مملوكة لأحد أقربائه، كثيرًا من النجاحات والأرباح في الفترة ذاتها؛ ما دفع المالكان إلى عقد شراكة تسهم في تضافر الجهود فيما بينهما، والارتقاء بمستوى الشركة الجديدة إلى القمة.
وفى عام 1968، اتخذ هاري قراره بدمج الشركتين الناجحتين ضمن كيان واحد باسم: “إدارة النفايات”.

بداية الصعود:
أدى العمل التعاوني بين الشركتين إلى نجاح منقطع النظير؛ ما عزز طرح أسهم الشركة الجديدة في البورصة؛ فزاد انتشارها؛ حتى استحوذت على 133 شركة صغيرة أخرى تحت مظلة مؤسسته الجديدة.

82 مليون دولار
بعد عشر سنوات فقط من حياة هاري المهنية، وثلاث سنوات من أول عملية دمج لشركته الخاصة، تخطت أرباح الشركة حاجز الـ 82 مليون دولار، وارتفع عدد الموظفين إلى 60 ألف عامل، وزاد عدد عملائها عن 600 ألف عميل.

صفات ريادية
1. النجاح ليس حكرًا على مجال بعينه: لا تمثل المهن المتواضعة عائقًا أمام النجاح. وهذا ما أثبته هاري الذي اقتحم عالم ريادة الأعمال من مجال القمامة؛ حتى وصل فيه إلى أعلى المراتب، وصار أحد كبار رجال الأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية.

2. الخروج من منطقة الراحة: لم يطل هاري المكوث داخل الـ comfort zone أو منطقة الراحة المتمثلة في عمله كموظف بإحدى شركات القمامة مقابل تقاضيه راتبه الشهري المعتاد، بل نهض -بعد عامين فقط- لخوض غمار المخاطرة، واكتساب خبرة جديدة في مجال ريادة الأعمال، وامتلاك مشروعه الخاص.
3. الذكاء: يعد الذكاء أحد أهم سمات رائد الأعمال؛ فحتى إن لم يتمكن من الحصول على قدر كافٍ من التعليم؛ فبإمكانه تحقيق نجاحات لا مثيل لها، فقط من خلال التصرف بحنكة في مختلف المواقف.

وقد تجلى ذلك في قرار “هاري” بتدشين شركته الخاصة بعد اكتسابه خبرة كافية في مجال القمامة، ثم بدأ سلسلة الاندماجات التي قادته نحو التربع على القمة.

4. الشراكة وعدم الاستئثار بالنجاح: أدى قرار هاري بدمج شركته في شركة أحد أقاربه؛ لزيادة نجاحهما وضمان مزيد من التكاتف والتعاون والاستفادة من خبرات بعضهما البعض، إلى إيصال شركته إلى مستوى آخر من النجاح والتقدم لم يكن ليتأتى في حال استئثار كلا المالكين بالنجاح الذاتي.
وفي السياق ذاته، ينبغي على رائد الأعمال -قبل الشروع في عمليات الشراكة- التحقق من كون الشريك على قدر عالٍ من التعاون والثقة والأمانة والمهنية.

من فريد ظفور

مصور محترف حائز على العديد من الجوائز العالمية و المحلية في مجال التصوير الفوتوغرافي.